آل الجرباء في التاريخ والأدب
آل الجرباء في التاريخ والأدب
জনগুলি
مقدمة الكتاب
الحمد لله رب العلَمْين، وصلى الله على محمد.
فيمَا بين عام ١٣٧٣ - ١٣٧٨هـ كنت أسمع أخبار عبد الكريم الجرباء " أبو خوذه " وصفوق الجرباء، على لسان محمد بن يحيان ﵀ وبعض من يفدون إلى شقراء في رمضان ممن يتلقفهم الَوْالد ﵀. وبقي من أذكارهم العاطرة ظلٌ في ذاكرتي كأعقاب الحُلَمْ ومنذ سنة عندمَا بدأت تأليف كتابي " ديوان الشعر العامي " تلقفت عن آل الجرباء كغيرهم من الأسر أشتاتًا من هنا وهناك لتكون ذخيرتي في تفسير هذا الشعر فحسب، ولَمْ أَدْرِ أن هذه الشذرات ستكون بحثًا منهجيًا عن أُسرة آل الجرباء، وقد نشرته إفادات متفرقة في الجزء الثاني من " ديوان الشعر العامي " ثم زودني شيخي حمد الجاسر بإفادات جديدة من كتاب " مطالع السعود " لابن سند، وإفادة واحدة من مجلة " لغة العرب " التي يصدرها أنستاس الكرملي ثم ناولني مَا ينقصني من كتاب " عشائر العراق " وهو الجزء الأول الذي توسع في الحديث عن آل الجرباء مع تصحيحاته لَمْسودات هذا البحث إلى معلَوْمَات أخرى تجمعت عندي فآثرت إفراد آل الجرباء ببحث مستقل. ولا ريب أن الَوْمضات عنهم في كتب التاريخ والأنساب لا تعطي صورة كاملة، فاستعنت - بعد الله - بالرواية الشفهية والشعر العامي في تتميم هذه الصورة. وفاتني من الَمْصادر كتاب " عشائر الشام " لَوْصفي ذكريا. وأُسرة آل الجرباء من الأُسر التي تفتخر بلادنا بأمجادها عندمَا رحلت إلى العراق وسوريا، فكانت بناءً وطنيًا في هذين القطرين، وكونت أدبًا نجديًا هناك، ونشرت عادات وتقاليد البلد الذي رحلت منه، إلا إن ممَا لا يُحْمَدُ للشمَامرة هناك الإخلالُ بالأمن، وإعادة سنة السلب والنهب والثارات الجاهلية. روى عبد الجبار الراوي أن فرحان باشا بن صُفُوق الجرباء قال لأهل قرية الَمْشاهدة بالعراق وقد أعجبته ضخامة أجسامهم: لَمْاذا لا تغزون؟ فقالَوْا: لا نحسن الغزو ولا نستطيعه. فقال: اغزوا من هو أطقع منكم!! ومن معاناتي لهذا البحث بدا لي أنَّ مَا كان مغمورًا من تاريخنا يمكن أن يشبع بملاحظات عناصر أرجو أن يعنى بها شيخنا حمد الجاسر، ومن نهج لهم الَمْسلك ممن سيأتون بعده. وهذه العناصر تتلخص في التالي: ١ - الاعتناء بتاريخ وأنساب وآداب الأقطار الأخرى، حيث ارتحال الأُسر والبوادي. وتعاقب الأحداث الأخرى يربط نجدًا بغيرها، فربمَا وجدنا في تواريخ الحجاز عن نجد مَا لا نجده في كتب تاريخ نجد.
الزَّولْ زَوْلِهْ والْحَلايَا حَلاَيَاهْ ... والفِعِلْ مَا هُو فِعْل ضَافي الْخَصَايِلْ
***
جانا من " الْعارِض " ركَيْبٍ يِهِيْفِ ... يِتْلَوْن ابن عَرُّوْجْ مِقْدِم بِني لاَمْ
وأَكثر مَا نجده عند أَهل نجد قولهم: ابن عَروْج آخر ملوك بني لام. وتظل القصة عندنا كالأسطورة فترمي بنا الَمْصادفات إلى كتب أهل العراق فنجد في كتاب " أَنساب العشائر العربية في النجف الأَشرف " لناجي وداعة الشريس توثيقات تاريخية تؤكد الرواية الأَدبية النجدية. فقد ذكر الشريس أُسرةً في النجف تعرف بآل شُكْرٍ، من آل حَدِيدِ الأَحسائي، وهو شكر بن محمد بن شكر بن حمود ابن علي الأَحسائي من أَحفاد يوسف بن حَديد بن عَرُّوْج من آل غَزِّيِّ من الْفُضُوْل من بني لاَمٍ. وكتاب الشريس ليس من نوع التخرصات التي توجد عند مؤرخينا ونَسَّابينا، فقد اعتمد على أَوراق أَوقاف ومواريث كوقفية لآل ثابت، مؤرخة في ٩٨٠هـ ووقفية للحاج ناصر ابن علي الأَحسائي، مؤرخة في ١١٧٤هـ ووقفية لشكر بن حمود آل حَديد، مؤرخة في ١٢٢٥هـ. ونقل عن كتاب " أَنساب العرب " لسمير عبد الرزاق القطب أَن حديد بن عروج آخر من بقي في نجد من عشيرة آل غِزي من الفضول، وذكر عنه أَن رئاسة حديد بعد عجل ابن حنيتم، وقد تولى بعده محمد بن حديد. وقد أَفدت من هذا الكتاب في ربط سلسلة النسب بين آل فارس وآل رشيد وآل علي. وسيستفاد منه في ربط السلسة لبعض الأُسر الَمْتحضرة من البوادي. فَضَمَّ مِثْلِ هذه الإفاداتِ يُبَلَوْرُ ويمحِّصُ بعضَ معلَوْمَات النسابين والَمْؤرخين في نجد.
1 / 1
٢ - الاكتفاء بمَا نشر من كتب الأَنساب والرحلات ومعاجم البلدان إِلى حدود القرن الرابع واستحياء مَا بعد ذلك ممَا يضيف معلَوْمَات ولا يكررها. وقد أحسن الشيخ حمد صنعًا في نشره لقسم من " مسالك الأَبصار " رغم أَنه أَفاد منه النسابون الذين جاؤا بعد ابن فضل الله. ولقد أفاد الشيخ حمد من كتاب ابن رسول إِفادت هو الَمْصدر الَوْحيد فيها. وحبذا لَوْ استمرت العناية بكتب الأَنساب لَمْا بعد القرن الرابع والاحتفاء بكل مَا تأخر عصره ممَا هو قبل كتابات الَمْعاصرين. وأتوقع أَن كتاب مجمع الأَنساب لابن قدامة الَمْتوفي سنة ٦٢٠هـ ربمَا أَفاد جديدًا وهكذا كل مَا تأخر عصره.
٣ - العناية بالشعر العامي، بلهجة أهل نجد منذ نشأته إلى استقرار الجزيرة في عهد الَمْلك عبد العزيز، لتفسير التاريخ وتعميقه وقد لَمْست هذه الفائدة في الأَسفار الستة التي أَنهيتها من كتاب " الشعر العامي ".
٤ - الاتصال مباشرة بالأُسر النجدية والأَعيان من أَفخاذ البوادي للإِفادة من وثائق أَوقافهم ومواريثهم.
٥ - الاضطلاع بدليل " ببلَوْجرافي " عن تاريخ الجزيرة وأَنسابها وأَعلامها من كتب التاريخ والتراجم والرحلات والأّنساب لاسيمَا كتب التراجم في القرن الثامن إلى آخر الثالث عشر.
1 / 2
ولقد سمعت من شيخي إبراهيم العثمَان أَحد سلاطين الَمْمَاليك - ولعله أَحال إلى أَحال إِلى أَحد كتب الَمْقريزي - طلب مقابلة بعض أَعيان نجد وأَحالني إِلى رحلة ابن الَمْجاور عن نص من الشعر العامي فوجدته كمَا قال. ووجدت في تاريخ العصامي لَمْحمد بن جدوع في مدح بركات بن إبراهيم الشريف من نوع الشعر العامي القديم الذي دونه ابن يحيى ونشره ابن حاتم. ووجدت في أنساب أهل عمَان مَا وصلت به تاريخ بعض الأسر الحاكمة في البحرين وذلك في السفر الأول من كتابي عن الشعر العامي. وعلَمْت علَمْ اليقين من قصيدة للكليف " الجليف " أن مقرن ابن غصيب استرد ملك الأحساء من آل مغامس وأن الأتراك استولَوْا على الأحساء والحكام من آل أجود كمَا قال ابن بشر وغيره، وإنمَا أخطاء ابن بشر في التاريخ فحسب. وعلى أي حال فالَمْشروع الببلجرافي لهذه النتف يعين طلبة العلَمْ على تجلية تاريخهم الَمْغمور لا سيمَا بعد انفتاح العامة على خزانات الَمْخطوطات، وتيسر التصوير. وقد كنا منذ عقد من الزمن نرى إحالة الَمْؤرخ إلى مخطوط من كبرى الَمْناقب. وآل الجرباء من أُمراء الجبل ومن قبيلة عريقة في هذا الَمْوطن فقد ذكر النسابون أن قبيلة طيْ خرجت من اليمن على إثر خروج الأزد منه، ونزلَوْا سَمِيْرَاءَ وفيدًا في جوار بني أسد ثم غلبوا بني أسد على أجا وسَلَمْى فعرفا فيمَا بعد بجبلي طيء. وذكر ابن سعيد أنهم أصحاب الرئاسة في العرب في عصره بالعراق والشام. ورئاستهم في بني ربيعة بن حازم من أحفاد سلسلة بن غنم من أحفاد فطرة بن طيء، فقد ورثوا أرض غسان والشام ومن أشهر أسرهم آل عيسى بن مهنا بن فضل بن ربيعة أثنى عليهم ابن فضل الله العمري كثيرًا. وكان شيخنا حمد الجاسر ألف عن آل فضل كتابًا في صغره وحدثني مشافهة أن عقب آل فضل باقون حتى الآن بالأردن. وشمر بطن من طيء ولكنها في العصور الَمْتأخرة أصبحت مجمع البطون الطائية مع أخلاط أخرى دخلت فيها بالحلف. وقد نسب ابن دخيل آل علي وآل رشيد إلى آل فضل ولا سند له إلا أنهم حلَوْا محلهم في الَمْكان والإمَارة أمَا كتب الأنساب فدلت على أنهم من مذحج. فإن صح أن عَبْدَةَ بن شمر - كمَا نقل عن الكتاب الَمْنسوب لابن قدامة - فلا ريب أن زعمَائهم آل ضيغم من جنب من مذحج وقد دخلَوْا في عَبْدَةَ. وآل ضيغم إلى آخر القرن السابع الهجري لايزالَوْن في الجنوب في بلاد مذحج. ويظهر - استئناسا بالأسمَاء - أن آل علي وآل رشيد من ذرية شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف بن جابر بن علي الذي ذكره ابن رسول. ولعل بين جدهم الأدنى عرار بن شهوان وشهوان بن منصور جدًّا اسمه فارس بن طعان استئناسًا بنص عن آل فارس كمَا سيأتي بيانه. وإنمَا نسبتهم إلى فارس بن طعان لأن آل خليل هم أبناء خليل بن جاسر بن علي بن عطية من آل جعفر، وقد ذكر الشريس أن آل فارس وآل خليل بطن واحدة وابن فارس محمد كان حيًاّ عام ١١٠٩.ثم ذكر أن آل صادق من ذرية عبد الله بن محمد بن علي من آل فارس. فإذا كان آل صادق أبناء عم آل علي وكانوا من آل فارس بن طعان فآل علي من ذرية فارس. وكلهم من آل جعفر وقد ذكر ابن بسام أن آل جعفر من الضياغم. ولهذا كله رجحت أن لآل علي وآل رشيد جدًا اسمه فارس ابن طعان إمَا من أحفاد عرار بن شهوان وإمَا بين عرار بن شهوان وشهوان بن منصور بن ضيغم. وعلى أي حال فإقحام فارس بن طعان في نسب آل رشيد استنتاج يظل مجرد احتمَال. وفي نص ابن رسول أن لَمْنيف بن ضيغم بن منيف بن جابر ولدًا اسمه راشد وله حفيد اسمه عمير بن أحمد بن راشد. وفي الكتاب الَمْجهول الَمْؤلف الذي نقل عنه الشيخ حمد الجاسر أخبار الدُّهم الشهوانيات في مخطوطته عن الخيل أن شهوان أبا عرار أو راشد عم عمير. فيحتمل أن يكون عرار حفيدًا لَمْنيف بن ضيغم. ويحتمل أن يكون من ذرية شهوان بن منصور بن ضيغم. وعلى أي حال فتوارث اسم شهوان وعمير وراشد يؤكد أن عرار بن شهوان وعمير بن راشد من أحفاد منيف بن ضيغم. وآل الجرباء هم زعمَاء شمر ورؤساء الجبل وأبعد ذكر لهم وجدته عن وفاة اثنين منهم عام ١١٠٠هـ وعام ١١٠٣هـ وقد رحلَوْا من نجد عام ١٢٠٥هـ بعد هزيمتهم أمَام ابن سعود فبنوا زعامتهم في العراق وسوريا. وعَبْدَةَ أكبر قبائل شمر من قبيلة جنب من مذحج فهم أبناء عم عبيدة من قحطان. ومن عَبْدَةَ الجربان وآل علي وآل رشيد. قال شاعر من
1 / 3
عبيدة من قحطان: دة من قحطان:
ان سَلْتْ عَنَّا يَالسُّوَيْطِي قَحَاطِيْنْ ... عَوَاصْمٍ، واللِّيْ حْذَانَا لفَايِق
حِنَّا وْعَبْدَةَ والضَّيَاغِمْ بْجَدَّيْنْ ... لَطَّامة يَوْمَ اللقا كلِّ مَايِق
وأمراء الجبل بعد الجربان آل علي، وفي التاريخ لهم اضطراب كثير، وقد طمر الدارسون العهد الأول من إمَارة عيسى بن علي، ممَا ترتب عليه الخلط بين أحداث عبد الله ابن رشيد في عهد عيسى الأول وعهد صالح بن عبد الَمْحسن وعهد عيسى بن علي للَمْرة الثانية. وقد حققت ترتيب ولايتهم على هذا النحو: ١ - عبد الَمْحسن بن فايز بن محمد بن عيسى بن علي بن علي بن عطية. وهو أمير الجبل في عهد الإمَام عبد العزيز بن محمد وقد دخل في طاعته عام ١٢٠١هـ.
٢ - محمد بن عبد الَمْحسن تولى عام ١٢٠١هـ.
٣ - عيسى بن علي تولى عام ١٢٣٤هـ.
٤ - صالح بن عبد الَمْحسن تولى عام ١٢٤٩هـ.
٥ - ابن رشيد تولى عام ١٢٥٠هـ.
٦ - عيسى بن علي تولى مرة ثانية عام ١٢٥٣هـ.
ثم طرده عبد الله بن رشيد في نفس العام، وبذلك انتهت إمَارة آل علي. وهذا الترتيب جاء بعد تحقيق وتدقيق ومناقشات. وبعد آل علي جاء آل رشيد، وقد كتب الدكتور عبد الله الصالح العثيمين ضميمة غاية في التحقيق، والتدقيق بعنوان " نشأة إمَارة آل رشيد " نشرتها:عمَادة شؤون الَمْكتبات بجامعة الرياض " عام ١٩٨١م وطبعتها " مطابع الشرق الأوسط بالرياض " وقد تطرق في هذه الضميمة لأمراء الجبل قبل عبد الله بن رشيد. وضميمة الدكتور العثيمين دراسة رائدة في تناول تاريخنا الَمْحلي، من ناحية الاستنباط والإفادة من الشعر العامي ومَا كتبه الأجنبون. وكانت عناية الدكتور العثيمين بالتاريخ قصدًا، وبالشعر العامي تبعًا، ولقد تناولت تاريخ عبد الله بن الرشيد في السفر الثاني من كتابي " تاريخ نجد في عصور العامية " بعكس هذا الَمْنهج وهو أنني قصدت الشعر العامي واتكأت على التاريخ تتميمَا للدراسة من الشعر. ولَمْا قارنت مَا كتبته بمَا كتبه الدكتور العثيمين رأيت في مصادره سعة لي، وفي تخريجاته واستنباطاته معالَمْ اهتديت بها. ورأيت في ضميمة الدكتور العثيمين شيئًا يجب استدراكه دون أن يُخل بِأصالة بحثه ودقته. ورأيت في بحثي شيئًا يجب أن يضم إلى بحث الدكتور ليكون مكتملًا بحسب الأداة التي يملكها الباحث في هذا العصر. ومن الَمْستحسن أن آتي بنبذة عن آل علي الذين خلفوا آل الجرباء في الزعامة فقد أسلفت في الحديث عن آل الجرباء أنهم من عَبْدَةَ من شمر، وأن عَبْدَةَ من آل ضيغم. وآل رشيد أبناء عم آل علي الأقربين، وقد سلسل الدكتور ابن عثيمين نسب الأمير محمد بن عبد الَمْحسن هكذا: محمد بن عبد الَمْحسن بن فايز بن محمد بن عيسى بن علي ابن علي الكبير الذي يلتقي فيه نسب هذه الاسرة مع نسب آل رشيد. ولَمْ يذكر الدكتور مصدره. وقال سليمَان الدخيل عن عبد الله الرشيد: عبد الله علي بن رشيد بن خليل بن عطية. وخليل أخوعلي جد آل علي. ونقل الدكتور العثيمين عن ورقة عند نايف آل علي بحائل: عبد الله بن علي بن حمد بن رشيد بن خضير بن خليل ابن ياسر بن علي بن عطية. قال العثيمين: ومَا ذكره ضاري يتفق مع ورقة نايف، إلا أن حمدًا أبٌ لرشيد، لا ابنًا له. وقال ابن بشر عن جبر عم عبد الله بن رشيد: جبر بن رشيد بن علي. قال أبو عبد الرحمن: يظهر لي أن عليا الكبير هو جد آل صادق بالنجف فجدهم الحاج أحمد كان حيًا سنة ١١٨٥هـ وهو ابن عبد الله بن محمد بن علي من شمر عَبْدَةَ. ويظهر أن عليا الكبير بن عطية ينتهي نسبه إلى فارس ابن طعان جد آل فرس بالنجف. قال الشريس عن آل فارس: أحد فروع آل جعفر من قبيلة شمر عَبْدَةَ الطائية القحطانية وقد ذكرهم العزاوي في كتابه " عشائر العراق " البدوية وهم آل خليل بطن واحدة قال أبو عبد الرحمن: وسياق النسب من هذه النصوص لهذه الأسر يتسق على هذا الَمْشجر.
فارس بن طعان من ذريته علي الكبير بن عطية محمد جد آل صادق علي عيسى جد آل علي جاسر جد آل رشيد
1 / 4
وعلى هذا الأساس يصح القول بأن آل رشيد من آل علي كمَا قال الدخيل، وأنهم أبناء عم آل علي كمَا يقول الجمهور. هذا أكثر مَا رأيته في سلسلة النسب. أمَا عموم كتب الأنساب فتذكر آل رشيد من آل خليل من الجعافرة من الدغيرات من آل يحيا من عَبْدَةَ من شمر. وقال يوسف البسام: وآل حعفر من الضياغم من شمر عَبْدَةَ. ورأيت عبد الله الخالد الحاتم يذكر أن عرار بن شهوان آل ضيغم، جد الرشيد، أمراء جبل حائل،انه عاش سنة ٨٥٠ هـ. وإلى ذلك مال شيخنا حمد الجاسر في كتابه " جمهرة أنساب الأسر الَمْتحضرة " فنسبهم إلى آل ضيغم، ونقل عن كتاب " طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب " عمر بن يوسف ابن رسول " ... - ٦٩٤ هـ " أن آل ضيغم كانوا إلى آخر القرن السابع الهجري لا يزالَوْن في الجنوب في بلاد مذحج " بلاد قحطان الآن بمنطقة إمَارة عسير " وسمَاهم آل منيف ونسبهم إلى جنب. وجدهم منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر بن علي ابن عبد الرب بن ربيع بن سليمَان بن عبد الرحمن بن روح ابن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك. ويقال إنهم من نزار - من عنز بن وائل بن قاسط، دخلَوْا في نسب جنب، لأن أمهم عبيدة بنت مهلهل بن ربيعة التغلبي تزوجها روح بن مدرك. ولهم أشعار في رحلتهم ذكر قطعًا منها الشيخان العبودي والجنيدل في معجميهمَا والشيخ حمد الجاسر في كتابه الخطي " معجم الخيل ". وقد ألَمْحت إلى شيء من ذلك في السفر الأول من كتابي عن الشعر العامي. ونسبة آل رشيد إلى آل ضيغم واردة في الشعر العامي. قال عبد الله بن رشيد يبكت جمَاعته:
من باب خَدَّام إِلى باب شدَّادْ ... واللِّيْ اعْتَزَى بالضَّيْغَمِيَّة تطليه
وقال مخلد بن هديرس يمدح عبد الله بن رشيد:
الضيغمِي منْ حاْيلٍ عطَّ الاَنْجَاد ... دَزَّ السبور وقام يجْمَعْ نواحيه
وقال علي الْقَبالي التميمي:
الضيغمي كل الَمْراجل بعِّبهْ ... وحنَّا نْلَقِّطْ مَا وقَعْ بالتَّرابِ
وقال ابن هديرس:
أَبو طلال الضَّيْغمي فرز الاَوْلاَد ... زَبْزُومْ غَلْبا باللقا، ينطح التيه
وقال منيع القعود يمدح عبد العزيز بن متعب الرشيد:
تهزَّا بالضَّياغِم، يا سمىَّ الكلب سدحان ... تهزا بالضياغم، والضياغم للعدوعِلَّهْ
وفال سليمَان بن جمهور.
مَا صار مثل الضغيمي لاتوارى ... أَقْفَى على عين الَمْادي بالأَدبار
وقال عُبيَد بن علي بن رَشيد:
ضياغم ترخص جلالَه والارقاب ... ودون الرفيق بمَا لهم مَا يشحَّوْنَ
وقال يمدح أَخاه عبد الله:
يتلَوْن شغموم خوالهْ عمَامهْ ... من ضَيْغم مَا دكِّ به عرق الاجْنَابْ
وقال يمدح ابن أَخيه طلالا:
ضِيَاغْم يِرْدُوْنْ حوضَ الزّحَام ... يردون لاَمِنِّهْ غشَى الناسَ الابْدالْ
1 / 5
إِلا أَن العزاوي نقل عن كتاب " مجمع الأَنساب " الذي نسبه لابن قدامة بأَن عَبْدَةَ من شمر. قال أبو عبد الرحمن: وعلى هذا يكون القحطانيون - من غير طيء - هم آل ضيغم دخلَوْا في عَبْدَةَ بالحلف. والَمْعلَوْمَات عن آل على غير مكتملة، ومَا وجد عنهم من معلَوْمَات فيه اضطراب كثير. فالدكتور ابن عثيمين: يرى أَن إِمَارة حائل خلال القرن الثاني عشر الهجري لآل علي الَمْنتمين لآل جعفر. وعد من أُمراء هذا القرن محمدًا الأَول وهو محمد بن عيسى ابن علي أَخو خنساء، أَو السمن العرابي أَمَا الشيخ علي بن سالَمْ فيذكر أَن أَول أُمراء آل علي عبد الَمْحسن بن علي. ثم قال في موضع آخر: وليس عندي بيان وقت ولايتهم وكيف انقرضوا لكنهم من عام ١٢٣٢. قال أبو عبد الرحمن: عبد الَمْحسن كان أمير حائل في عهد الإمَام عبد العزيز بن محمد وقد دخل في طاعة الإمَام عام ١٢٠١هـ وبهذا تكون بدايتهم قبل عام ١٢٠١ ويسقط قول ابن سالم: أنهم من عام ١٢٣٢هـ. أمَا الدكتور العثيمين فقد أسقط عهد عبد الَمْحسن هذا، وقال: إن الأمير في نهاية القرن الثاني عشر هو محمد بن عبد الَمْحسن. قال أبو عبد الرحمن: إنمَا تولى محمد بعد ابنه عبد الَمْحسن في مطلع القرن الثالث عشر. ونقل العثيمين عن كتاب " كيف كان ظهور شيخ الإسلام محمد بن عبد الَوْهاب " لَمْؤلف مجهول: أن حجيلان عام ١٢٠١ قتل رجلًا ساحرًا ونصب محمد بن علي شيخًا في الَمْنطقة. وعلق على ذلك بقوله: ولعل حجيلان أقر محمد بن علي في زعامة الجبل. قال أبو عبد الرحمن: أسلفت نص ابن سالَمْ على أن عبد الَمْحسن كان أمير حائل قبل ابنه، وذكر يوسف البسام: أن حجيلان عين محمدًا بعد وفاة والده عبد الَمْحسن. فهذان النصان بالإضافة إلى نص صاحب كتاب " كيف كان ظهور شيخ الإسلام " يؤيد سبق إمَارة عبد الَمْحسن وليس عند الدكتور العثيمين زيادة علَمْ تنفي ذلك. ويظهر أن شمر دانت لدعوة الشيخ محمد بن عبد الَوْهاب في حياته، وحياة الإمَام محمد بن سعود قبيل سنة ١١٧٨هـ لأن صاحب كتاب " لَمْع الشهاب " ذكر في أحداث هذه السنة أن محمد بن سعود هيأَ عسكرًا مقداره ستة آلاف، بقيادة ابنه عبد العزيز بأمر من محمد بن عبد الَوْهاب، وأرسله إلى طائفة من شمر، كانت قد دخلت في الطاعة قبل ذلك ولَمْا سمعوا بمجيء النجراني وعرعر ارتدُّوا عن حكم ابن سعود، وجعلَوْا يغزون أطرافه، فسار عبد العزيز بالجيش إلى جبل شمر وغزاهم ليلًا فأهلك منهم جمعًا كثيراُ وقد أسر منهم مئتي رجل بل أزيد. أمَا آل علي أنفسهم وحاضرة الجبل فقد دانوا لحكم آل سعود منذ عام ١٢٠١هـ. ولذلك مقدمتان: أولاهمَا: أن قبيلة شمر سنة ١١٩٦ ناصرت سعودون ابن عريعر في حصاره لحجيلان أمير بريدة من قبل آل سعود. وأخراهمَا: أن شمر في الَمْحرم عام ١٢٠١هـ ناصرت ثويني بن عبد الله، في هجومه على نجد، ومحاصرته للقصيم ولحجيلان في بريدة. فلعله نتيجة للَمْقدمة الأولى: كانت غزوة حجيلان عام ١٢٠٠هـ حيث أخذ قافلة لشمر وقتل منهم قتلى كثيرة. ونتيجة للَمْقدمة الثانية بيقين: غزا حجيلان بأمر من الإمَام عبد العزيز بلد شمر وأدخلهم في الطاعة فبايعوا ابن سعود. ومحمد هذا من أشهر أُمراء آل علي. من الأحداث التاريخية في عصره أنه غزا قبيلة الشرارات في الجوف سنة ١٢٠٧هـ ومعه أربع مئة من الإبل وخمسون من الخيل لكن نتيجة غزوته كانت فاشلة. وفي سنة ١٢٠٨ هاجم الجوف وأدخله في طاعة آل سعود، فضم إليه الإمَام سعود بن عبد العزيز ولاية الجوف. وفي سنة ١٢١١هـ اشترك أهل الجبل مع القوات السعودية في صد حملة ثويني. وذكر أن محمدًا غزا ناحية العراق واشتبك مع آل بعيج وقتل منهم خمسين رجلًا. وفي سنة ١٢٢١هـ كان محمد من بين الزعمَاء الَمْرابطين حول الَمْدينة الَمْنورة، بأمر من الإمَام سعود، لإجبار أمير حجاج الشام على العودة إلى بلاده. وفي سنة ١٢٢٥هـ كان أهل الجبل مع الإمَام سعود في غزوه للبلاد الشامية. وفي سنة ١٢٢٨هـ كلف الإمَام سعود محمدًا بمراقبة فرقة من الجيش الَمْصري العثمَاني ليجبرها على الذهاب إلى العراق. وفي سنة ١٢٢٩هـ اشترك محمد مع القوات السعودية في هجومها التأديبي الفاشل على عياد الذويبي الحربي قرب الحناكية. وفي سنة ١٢٣٠هـ كان أهل الجبل مع الإمَام عبد الله بن سعود في القصيم، حين وصل إليها طوسون كمَا كانوا معه لتأديب بعض
1 / 6
البوادي والأهالي بعد انسحاب طوسون. وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر أن حكام حايل آل علي وآل رشيد يسكنون السويفلة، قبل انتقالهم إلى حائل، وقد أوردت نصه في شعر عبد الله بن رشيد خلال الكلام عن قصيدته على قافيتي التاء والراء بوصل الهاء بالسفر الثاني من كتابي " ديوان الشعر العامي ". وفي نص آخر ذكر الجاسر أن عاصمة الأمَارة السافلة " السويفلة " عمرت في القرن الثامن ومَا لبثت أن خربت فعمرت حائل على إثرها. وقال في موضع ثالث عن السمراء: " يقال إنها حائل القديمة وأنها كانت مقر آل علي ". وقال ابن عثيمين: " وكانت مساكن آل علي في أسفل قاعدة الجبل أو مَا يعرف بالسويفلة ". ثم بنى زعمَاؤها لهم قصرًا في مكان يقال له الَوْشيقي على بعد ثلاثة أكيال من مساكنهم الأولى. وبعد ذلك أسس الأمير محمد بن عبد الَمْحسن قصر بَرْزَان الشهير، الذي أصبح فيمَا بعد قصر حكم آل رشيد. يقال إن القصر سُمِّي برزانا لبروزه عن مسكنهم الأول ففي النص السابق ذكر العثيمين أن محمد بن عبد الَمْحسن هو الذي أسس قصر برزان، وقال في موضع آخر: وضع أساس برزان الشهير. وقال الزركلي عن محمد بن عبد الله بن رشيد: أكمل قصر برزان في حائل، وكان عيسى بن علي قد شرع في بنائه ولا أستطيع التوفيق بين هذين النصين إلا بأن يكون محمد بن عبد الَمْحسن أسسه وعيسى أكمله، ومحمد العبد الله رممه ووسعه. ولَمْ يتطرق شيخنا حمد الجاسر إلى علاقة برزان بآل علي وإنمَا قال: قصر كان في مدينة حائل في عهد الإمَارة الرشيدية، ورسم موقعه في كتاب " القول السديد " لابن دخيل، وقد صورت بعض مبانيه في كتاب " مقدمة عن الآثار في الَمْملكة " الذي أصدرته وزارة الَمْعارف عام ١٣٩٦هـ. وذكر هوبر في رحلته: أن عبد الله بن علي بن رشيد اشترى قصر برزان من آل علي. قال أبو عبد الرحمن: إنمَا شهرة قصر برزان في عهد آل رشيد. قال راكان بن حثلين: والأهالي بعد انسحاب طوسون. وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر أن حكام حايل آل علي وآل رشيد يسكنون السويفلة، قبل انتقالهم إلى حائل، وقد أوردت نصه في شعر عبد الله بن رشيد خلال الكلام عن قصيدته على قافيتي التاء والراء بوصل الهاء بالسفر الثاني من كتابي " ديوان الشعر العامي ". وفي نص آخر ذكر الجاسر أن عاصمة الأمَارة السافلة " السويفلة " عمرت في القرن الثامن ومَا لبثت أن خربت فعمرت حائل على إثرها. وقال في موضع ثالث عن السمراء: " يقال إنها حائل القديمة وأنها كانت مقر آل علي ". وقال ابن عثيمين: " وكانت مساكن آل علي في أسفل قاعدة الجبل أو مَا يعرف بالسويفلة ". ثم بنى زعمَاؤها لهم قصرًا في مكان يقال له الَوْشيقي على بعد ثلاثة أكيال من مساكنهم الأولى. وبعد ذلك أسس الأمير محمد بن عبد الَمْحسن قصر بَرْزَان الشهير، الذي أصبح فيمَا بعد قصر حكم آل رشيد. يقال إن القصر سُمِّي برزانا لبروزه عن مسكنهم الأول ففي النص السابق ذكر العثيمين أن محمد بن عبد الَمْحسن هو الذي أسس قصر برزان، وقال في موضع آخر: وضع أساس برزان الشهير. وقال الزركلي عن محمد بن عبد الله بن رشيد: أكمل قصر برزان في حائل، وكان عيسى بن علي قد شرع في بنائه ولا أستطيع التوفيق بين هذين النصين إلا بأن يكون محمد بن عبد الَمْحسن أسسه وعيسى أكمله، ومحمد العبد الله رممه ووسعه. ولَمْ يتطرق شيخنا حمد الجاسر إلى علاقة برزان بآل علي وإنمَا قال: قصر كان في مدينة حائل في عهد الإمَارة الرشيدية، ورسم موقعه في كتاب " القول السديد " لابن دخيل، وقد صورت بعض مبانيه في كتاب " مقدمة عن الآثار في الَمْملكة " الذي أصدرته وزارة الَمْعارف عام ١٣٩٦هـ. وذكر هوبر في رحلته: أن عبد الله بن علي بن رشيد اشترى قصر برزان من آل علي. قال أبو عبد الرحمن: إنمَا شهرة قصر برزان في عهد آل رشيد. قال راكان بن حثلين:
يافَاطْرِي ذِبِّي خَرَايِمْ طِمِيَّهْ ... تَنَحَّرِي بَرْزَانْ زَيْنَ الَمْبانِي
وقال حمود بن عبيد بن رشيد:
فانْ كانِ ابِنْ هِنْدِي نُوَانَا ببرْزَانْ ... فْحِنَّا عَلَى عَرْوَا قصَرْنَا مسِيْرِْ
1 / 7
ظل محمد أميرًا للجبل مَا يقرب من ثلاثة وثلاثين عامَا حيث تولى سنة ١٢٠١ تقريبًا وقتل سنة ١٢٣٤ وسبب ذلك أن إبراهيم باشا لَمْا قضى على دولة آل سعود قام بحملة على أُمراء الَمْناطق الَمْتحمسين للدعوة وأنصارها آل سعود، ولهذا قتل محمدًا وأخاه عليًا عام ١٢٣٤هـ. قال ابن عثيمين: اغتاله الحبشي زعيم رجال إبراهيم باشا حيلة في مقصورة الداحس، ثم حز رأسه وبعث به إلى تركيا ويشير إلى ذلك قول الشاعر:
يَا حَيْف رَاسَ الشَّيْخ تَلْعَب به الْبُوْمْ ... مِتْقَابْلِيْنٍ بَيْنَهُمْ يَجْزرُونِه
أمَا بقية جسده فدفنت في مقبرة الزبارة في حائل، وقد رأيت قبره وقد كتب على أحد شاهديه: " محمد بن علي ﵀ واسكانهو " وأسكنه " دار السلَمْ " السلام ". وعبارة أمير الَمْسلَمْين تفيد أنه كان مشهورًا بالديانة، كمَا تفيد أنه كان عظيمَا وهذا ممَا يؤيد مَا ذكر من حمَاسه لدعوة الشيخ محمد بن عبد الَوْهاب، ومَا كان له من دور في الدولة الَمْعتمدة على دعوته. وقد خلف الأمير محمد بن عبد الَمْحسن أربع بنات إحداهن سلَمْى التي تزوجها عبد الله بن علي بن رشيد. وقال الشيخ علي بن سالَمْ: " فأمَا محمد بن علي فقتله الترك أيام ظهورهم على نجد بقصر برزان بحائل حين حاصروه وأنزلَوْه بالرغم وقتلَوْه ". والآن قبره بمقبرة الزبارة في حائل جثة بلا رأس. هكذا سمعت من والدي ﵀ يقول ذلك، ولا أدري أي سنة كان ذلك فالله أعلَمْ. وقد ذكر الدكتور العثيمين: أن محمد بن عبد الَمْحسن أشار على أهل قفار إبان غزو إبراهيم باشا بأن يبنوا قصرًا يكون جزء منه في مستوى أكثر انخفاضا من سطح الأرض القريبة منه لئلا تؤثر فيه الَمْدافع. وبعد قتل محمد بن عبد الَمْحسن لا نعرف من تولى بعده مباشرة إلا أنه من الَمْؤكد أن عيسى بن علي بن فايز تولى قبل صالح بن عبد الَمْحسن. والبرهان على ذلك مَا يلي: أ - دلالة قصيدة عبد الله بن رشيد الدالية التي رجحت أنها في فترة حكم عيسى الأولى، كمَا بينت ذلك في السفر الثاني من كتابي " ديوان الشعر العامي ".
ب - ذكر ابن بشر أنه في سنة ١٢٤٣ أو ١٢٤٢هـ وفد عيسى ابن علي بن فايز رئيس جبل شمر على الإمَام تركي وبايع وجعل في بيت مَال الجبل حمد الشويعر. وقد وصفه ابن بشر في عام ١٢٥٣ بأنه رئيس الجبل القديم.
ج - أن الإمَام تركي بن عبد الله لَمْ يعين صالح بن عبد الَمْحسن إلا في سنة ١٢٤٩هـ.
والدكتور العثيمين يستبعد ولاية عيسى بن علي بعد محمد ابن عبد الَمْحسن مباشرة ويتعلل بالتالي: أ - قول ابن بشر عن عيسى " رئيس الجبل " لا يدل على رئاسة سابقة، لأن عادة ابن بشر أن يصف بالرئاسة من سيليها ثم ذكر نمَاذج لذلك.
ب - أن ابن رشيد أخذ الإمَارة من صالح بن عبد الَمْحسن باتفاق الَمْصادر.
ج - أن ابن بشر ذكر صالحًا من أُمراء تركي عند كلامه عن اغتياله.
قال أبو عبد الرحمن: الجواب عن هذا بمَا يلي: ١ - أن ابن بشر يوهم أحيانًا إذ يصف بالرئاسة من سيليها ولَمْ يلها بعد. ولكنه هذه الَمْرة رفع الَوْهم بقوله " رئيس الجبل القديم " فصح أن ابن بشر وصف عيسى بالرئاسة لأنه كان رئيسًا في السابق.
٢ - لا ريب أن ابن رشيد تولى الإمَارة بعد صالح بن عبد الَمْحسن باتفاق الَمْصادر. ولكن الَمْصادر لَمْ تتفق على أن صالحًا تولى بعد محمد بن عبد الَمْحسن مباشرةً، بل نص ابن بشر على أن تركيًا عينه في ١٢٤٩هـ.
٣ - أن ابن بشر لَمْا ذكر وفادته عام ١٢٤٣هـ وصفه بالرئيس والَمْبايعة. فهذا تعريف فعلي للرئيس حقيقة.
٤ - إنمَا ذكر ابن بشر صالحًا أميرًا عند ذكره لأُمراء تركي، لأنه هو الأمير حال وفاة تركي. وابن بشر إنمَا يذكر أُمراء الإمَام حال وفاته، ولا يلتزم ذكر كل من تأمر في حياته. وبهذا يسقط احتمَال الدكتور العثيمين أن عيسى مجرد صاحب نفوذ في عهد الأمير الصالح.
قال أبو عبد الرحمن: وعيسى هذا يحتمل أن يكون: عيسى بن علي بن عبد الَمْحسن بن فايز بن علي. فيكون أبوه عليًا أخا محمد بن عبد الَمْحسن، الذي قتله إبراهيم باشا مع أخيه. ويكون قول ابن بشر: عيسى بن علي بن فايز، من باب الاختصار، وهو أمر مَالَوْف. ويحتمل أن يكون لعبد الَمْحسن بن فايز أخ اسمه علي، فيكون عيسى بن علي بن فايز بن علي. أمَا الدكتور العثيمين فأورد بشأنه التالي:
1 / 8
أ - قول موزل: خلف محمد بن عبد الَمْحسن ابنه عيسى. إذن هو عيسى بن محمد بن عبد الَمْحسن بن فايز بن علي وصاحبنا عيسى بن علي بن فايز. فهمَا اثنان بلا ريب، ومن البعيد أن يكون الاسم الثاني اختصارًا للأول، لأنه لبس غير مَالَوْف في اختصار النسابين والَمْؤرخين. وقد نقل العثيمين عن بعض آل علي الَمْقيمين في حائل أن محمدًا لَمْ ينجب ذكرًا. فهذا دفع لقول موزل بلا ريب.
ب - قول ضاري الرشيد و" هوبير " أن صاحبنا هو عيسى ابن عبيد الله. قال أبو عبد الرحمن: لَمْ نجد علَمْا له أحداث تاريخية بهذا الاسم، ومن الَمْحال أن يكون أمير الجبل عيسى بن عبيد الله فيسميه ابن بشر: عيسى بن علي بن فايز! وقد ذكر العثيمين أنه ذكر في ورقة عند السيد نايف آل علي في حائل أن عبد الله ابن عم لصالح بن عبد الَمْحسن. قال أبو عبد الرحمن: لا ننكر ورود من اسمه عبيد الله أو عيسى في آل علي، وإنمَا ننكر أن يكون عيسى بن عبيد الله هو عيسى بن علي بن فايز الأمير. قال العثيمين: أمَا أُسرة آل علي الَمْوجودين في الَوْقت الحاضر فإنهم من نسل عيسى بن صالح بن عبد الَمْحسن. وكان عيسى هذا طفلًا حين وقعت الأحداث على أبيه، فأخفته أمه حتى استقرت الأمور فيمَا بعد. قال أبو عبد الرحمن: إذن عيسى هذا عصر أهليته للَوْلاية غير عصر عيسى بن علي بن فايز. وبعد عيسى تولى صالح بن عبد الَمْحسن عينه الإمَام تركي عام ١٢٤٩هـ كمَا مر آنفًا ثم عزله الإمَام فيصل سنة ١٢٥٠هـ وعين عبد الله بن رشيد. وقد بينت في السفر الثاني من كتابي " ديوان الشعر العامي " قصة قتل صالح وأن عبيد بن علي بن رشيد هو الذي قتله. وفي عام ١٢٥٣ استولى عيسى بن علي الآنف الذكر على حائل وطرد عبد الله بن رشيد، ثم طرده عبد الله في نفس العام وانتهت بذلك إمَارة علي. ومحمد بن عبد الَمْحسن الذي هو أبرز زعيم من آل علي أورد الدكتور العثيمين نسبه كالتالي: محمد بن عبد الَمْحسن ابن فايز بن محمد بن علي بن علي الكبير. وورد عند ابن بشر: محمد بن عبد الَمْحسن بن فايز ابن علي وتارة محمد بن عبد الَمْحسن بن علي فسياق ابن بشر نحمله على الاختصار.
أمَا الدكتور العثيمين فربمَا اعتمد على وثائق عند آل علي بحائل. وكون محمد هو الأمير بعد والده ليس محل التباس ولكن قال ابن سالَمْ: " أول ملَوْك آل علي عبد الَمْحسن بن علي وبعده ولده صالح بن عبد الَمْحسن وبعده محمد بن علي ". وعلق الَمْارك على ذلك بقوله: وبعد محمد " أي ابن علي " أخو صالح بن علي. فكلَمْه أخو بدون هاء أحدثت لبسًا إلا أن الشيخ حمدًا نقل هذا النص مرة ثانية فأزال اللبس عندمَا قال: فإن الذي تولى الإمَارة بعد محمد بن علي أخوه صالح بن علي على مَا أفادني الأستاذ فهد الَمْارك. وعلى كل حال فالَمْوضوع يحتاج إلى تفصيل ليس هذا محله. قال أبو عبد الرحمن: محمد بن علي قبل أخيه صالح خلافًا لَمْا زعمه ابن سالَمْ. وبعد محمد بن علي: عيسى بن علي قبل صالح بن علي وهذا مَا فات الَمْارك. وزعم ابن سالَمْ أن لعبد الَمْحسن ذكرًا في تاريخ ابن بشر. قال أبو عبد الرحمن: لَمْ يذكره ابن بشر، إنمَا ذكر ابنه محمدًا وصالحًا. ولَمْا كانت إفادتي من الجزء الأول من " عشائر العراق " ومن مجلة " لغة العرب " بعد تحريري لَمْادة هذا البحث فقد آثرت إبقاء بحثي على حاله على أن أجعل نصي " عشائر العراق " و" لغة العرب " ملحقين محققين بآخر الكتاب. وفي ختام هذه التوطئة أُقدم خالص شكري لأُستاذ الجيل حمد الجاسر الذي قدم لي رفده وتوجيهه، وأرجو أن يتم نواقص هذا الكتاب بمَا في مخطوطته عن الخيل من أخبار وأشعار آل ضيغم والله الَمْستعان.
وكتبه لكم أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
الرياض ٩٤١٤٠٢ هـ
ثم أنهى تنقيحه في ٣٠٤١٤٠٢ هـ
آل الْجَرْبَاءِ
٢ - نسبهم، وقصة رحيلهم من الجنوب إلى بلاد الَمْحبلين، ثم رحلتهم إلى العراق وسوريا.
نسب آل الجرباء
1 / 9
من الَمْتفق عليه بين النسابين أن آل الجرباء من عَبْدَةَ من شَمَّر. ومنهم قسم دخلَوْا في سنجارة من شمر، ولا يزالَوْن ألان في سوريا بزعامة ميزر الجرباء شيخ الفداغة، ودهام الجرباء شيخ الخرصة. وشمر بطن من ثعل بن عمرو من طيء كمَا قال ابن الكلبي. وهي اليوم من كبريات القبائل العربية. ولَمْا تكلَمْ ابن لَعْبُون عن شمر أَبي القبيلة قال: وقد غلبت هذه النسبة شمر على أَهل جبل طيء من البادية وبعض الحاضرة والظاهر أَنهم كلهم ليسوا من نسله، ولا يبعد أَن ينسب إِليه غير من يجتمع معه في عمود نسبه من سائر طيء وكذلك من خالطهم أَو نازلهم من جار أَو حليف قد ينسب إليهم، مع تطاول الأَزمَان قال أَبو عبد الرحمن: إِذنْ عَبْدَةَ من أَكبر قبائل شمر الطائية حلفًا، وهي من قبيلة جنب الَمْذحجية نسبًا. فهم أَبناء عم عبيدة من قحطان. قال شاعر من عبيدة من قحطان:
إِنْ سَلْتَ عَنَّا يَالسُّوَيْطِي قَحَاطِيْن ... عَوَاصْمٍ واللِّي حذَانَا لفَايِقْ
حنَّا وعَبْدَةَ والضَّياَغمْ بجَدَّيْن ... لطَّامْة يومْ اللّقا كُلِّ مَايقْ
1 / 10
فأَمَا عن عموم طيء فقد ذكر النسابون أَن قبيلة طيء خرجت من اليمن على إِثر خروج الأَزد منه، ونزلَوْا سَمِيراء وفَيْدَ، في جوار بني أَسد، ثم غلبوا بني أَسد على أَجاءٍ وسَلَمْى فعرفا فيمَا بعد بجبلى طيء. وذكر ابن سعيد أصحاب الرياسة في العرب في عصره بالعراق والشام. ورئاستهم في بني ربيعة بن حارم، من أحفاد فطرة بن طي، فقد ورثوا أرض غسان والشام، ومن أشهر أُسرهم آل عيسى بن مهنا بن فضل بن ربيعة، أثنى عليهم ابن فضل الله العمري كثيرًا وكان شيخنا حمد الجاسر أَلفَ عن آل فضل كتابًا في صغره، وحدثني مشافهة أًن عقب آل فضل باقون حتى الآن بالأُردن. وشَمَّرُ بطن من طيء، ولكنها في العصور الَمْتأخرة أَصبحت مجمع البطون الطائية مع أَخلاط أُخرى دخلت فيها بالحلف وقد نسب ابنُ دَخِيْلٍ آل علي وآل رشيد إِلى آل فضل، ولاسند له إلا أَنهم حلَوْا محلهم في الَمْكان والإمَارة، أَمَا كتب الأَنساب فدلت على أَنهم من مذحج. فإن صح أن عَبْدَةَ من شمر - كمَا نقل عن ابن قدامة - فلا ريب أن زعمَاءهم آل ضيغم من جنب من مذحج، وقد دخلَوْا في عَبْدَةَ. وآل ضيغم إلى آخر القرن السابع الهجري، لا يزالَوْن في الجنوب في بلاد مذحج. ويظهر - استئناسًا بالأسمَاء - أن آل علي وآل رشيد من ذرية شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف بن جابر بن علي، الذي ذكره ابن رسول في كتابه " طرفة الأصحاب ". ولعل بين جدهم الأدنى عرار بن شهوان وشهوان بن منصور جدًا اسمه فارس بن طعان استئناسًا بنص ظن آل فارس كمَا سيأتي بيانه. وإنمَا نسبتهم إلى فارس بن طعان لأن آل خليل هم أبناء خليل بن جاسر بن علي بن عطية من آل حعفر، وقد ذكر الشريس أن آل فارس وآل خليل بطن واحد، وابن فارس محمد كان حيًا عام ١١٠٩هـ. ثم ذكر أن آل صادق من ذرية عبد الله بن محمد بن علي من آل فارس، فإذا كان آل صادق أبناء عم آل علي وكانوا من آل فارس بن طعان فآل علي من ذرية فارس. وكلهم من آل جعفر، وقد ذكر ابن بسام أن آل جعفر من الضياغم. ولهذا كله رجحت أن لآل علي وآل رشيد جدًا اسمه فارس ابن طعان إمَا من أحفاد عرار بن شهوان، وإمَا بين عرار بن شهوان، وشهوان بن منصور بن ضيغم. وعلى أي حال، فإقحام فارس بن طعان في نسب آل رشيد استنتاج يظل مجرد احتمَال. وفي نص ابن رسول أن لَمْنيف بن ضيغم بن منيف بن جابر ولدًا اسمه راشد وله حفيد اسمه عُمير بن أحمد بن راشد. وفي الكتاب الَمْجهول الَمْؤلف الذي نقل عنه الشيخ حمد الجاسر أخبار الخيل الدُّهْم الشهوانيات في مخطوطته عن الخيل أن شهوانًا أبا عرار أخو راشد عم عمير. فيحتمل أن يكون عرار حفيدًا لَمْنيف بن ضيغم. ويحتمل أن يكون من ذرية شهوان بن منصور بن ضيغم. وعلى أي حال، فتوارث اسم شهوان وعُمير وراشد يؤكد أن عرار بن شهوان وعمير بن راشد من أحفاد منيف بن ضيغم. وقال ابن مغيرة عن الجربان وعن عموم نسب عَبْدَةَ: وآل السيح بطن من شمر، وهم بطون وأفخاذ، منهم الجربان البطن الثالث من شمر عَبْدَةَ: وهم بنو ضيغم ابن معاوية بن الحارث بن منبه بن يزيد بن حرب بن عُلَةَ ابن جلد بن مذحج أخو طيء. وكان معاوية بن الحارث من جنب والَمْلك في بيت جنب، وهو الذي استجار به مهلهل أخو كليب، وتزوج ابنة مهلهل واسمها عبيدة، وإليها تنسب قبائل من جنب، فولدت له أبا القبيلة ضيغمَا. ومن بني ضيغم عَبْدَةَ هؤلاء وكانت لهم الرئاسة على قبائل شمر من طيء بن علي "؟ ". وكانت رئاسة جبل طيء قديمَا لجديلة بطن من طيء ثم صارت في بني نبهان ثم صارت في الجربان. ثم صارت في عَبْدَةَ في آل جعفر. قال أبو عبد الرحمن في كلام ابن مغيرة: هذا تصحيف وتداخل، وسأضم إليه نصًا لابن رسول لعله يزيل شيئًا من غموض ابن مغيرة. قال شيخنا حمد الجاسر: جاء في كتاب " طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب " للسلطان عمر بن يوسف ابن رسول الَمْتوفى سنة ٦٩٤: نسب آل منيف وهم آل ضيغم وآل رشيد من جنب، وهم الَمْعرفون بالَمْعضة. وهو منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر بن علي بن عبد الرب بن ربيع بن سليمَان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك. ويقال: إنهم من بَكيل، إلا أنهم حالفوا عنس من مذحج فسموا جَنْبًا وقيل: إنهم من نزار من عَنْزِ بن وايل بن قاسط ابن هنب بن أفصا بن دُعْمِيِّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة ابن نزار بن معد بن عدنان. دخلَوْا في
1 / 11
نسبسب جنبٍ، لأن أُمهم عبيدة بنت مهلهل بن ربيعة التغلبي، من تغلب بن وائل أخي عنز بن وائل، تزوجها روح بن مدرك من بعد معاوية بن عمرو ابن معاوية بن الحارث الجنبي. وإخوتهم من أُمهم آل عايذ، وآل رشيد، وبنو قيس، وآل سفر، وآل الصلت، وأصحابهم، يسمون الأبطن، من ولد هذا معاوية الجنبي فنسبوا إليهم. فآل ضيغم بن منيف وأولاده ثمَانية: منيف وشكر وعيسى وعلي ومنصور وشيبان وعامر وحارث. قال أبو عبد الرحمن: من نص ابن رسول ونص ابن مغيرة يتضح التالي: جنبٍ، لأن أُمهم عبيدة بنت مهلهل بن ربيعة التغلبي، من تغلب بن وائل أخي عنز بن وائل، تزوجها روح بن مدرك من بعد معاوية بن عمرو ابن معاوية بن الحارث الجنبي. وإخوتهم من أُمهم آل عايذ، وآل رشيد، وبنو قيس، وآل سفر، وآل الصلت، وأصحابهم، يسمون الأبطن، من ولد هذا معاوية الجنبي فنسبوا إليهم. فآل ضيغم بن منيف وأولاده ثمَانية: منيف وشكر وعيسى وعلي ومنصور وشيبان وعامر وحارث. قال أبو عبد الرحمن: من نص ابن رسول ونص ابن مغيرة يتضح التالي: ١ - أن عَبْدَةَ لا تنتسب إلى شمر بالرجوع إلى الجد شمر، وإنمَا يجتمعون مع شمر في أدد بن زيد، والد طيء الذي من ذريته بنو شمر، ومَالك الذي من ذريته عَبْدَةَ. وبين أهل النسب خلاف هل " مذحج " لقب لَمْالك بن أدد أم هو اسم لأُم طيء ومَالك.
٢ - أن قبائل عَبْدَةَ من ذرية ضيغم بن معاوية بن الحارث وأُم ضيغم عبيدة بنت مهلهل. إلا أن أبا حزم جعل زوج عبيدة من أحفاد معاوية بن الحارث فقال: ومن بني يزيد بن حرب بن علة ابن جلد بن مَالك " مذحج ": معاوية بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن منبه بن يزيد بن حرب بن علي الذي تزوج بنت مهلهل بن رييعة التغلبي بنجران ومهرها أدمَا فقال في ذلك أبوها
أَنْكَحَهَا فَقْدُهَا اْلأَرَاقِمَ، في ... جَنْبٍ وَكَانَ الْحِبَاءُ مِنْ أَدَمِ
لَوْ بِأَبَانَيْنِ جَاءَ يَخْطِبُهَا ... ضُرِّجَ مَا أَنْفُ خَاطِبٍ بِدَمِ
1 / 12
٣ - سبب دخول عَبْدَةَ في جنب أنهم من ذرية ضيغم بن معاوية بن الحارث وحده منبه بن يزيد بن حرب أحد الأخوة الذين شملتهم التسمية بجنب. قال ابن حزم: ولد يزيد بن حرب بن عُلَةَ بن جَلْدِ ابن مَالك " مذحج ": منبه والحارث، والغلي، وسنحان، وهفان، وشِمران، تحالف هؤلاء الستة على ولد أخيهم صُدَاء ابن يزيد، فسموا جَنْبًا، مع بني عمهم بني سعد العشيرة بن مَالك بن عُلَةَ بن جلد بن مَالك، وهو مذحج. ونقل العزاوي عن كتاب " مجمع الأنساب " أن عَبْدَةَ من شمر. قال أبو عبد الرحمن: ونص ابن مغيرة يوافق نص السلطان عمر بن يوسف بن رسول. وقد جاء في هذا النص أن آل ضيغم كانوا إلى آخر القرن السابع - وهو عصر ابن رسول - لا يزالَوْن في الجنوب في بلاد مذحج، ونسبهم إلى جنب، وذكر وجهًا آخر في نسبتهم إلى عنز بن وائل من نزار، وأنهم دخلَوْا في جنبٍ لأن أُمهم عبيدة بنت مهلهل تزوجها روح بن مدرك. ولا ريب أن الَمْعروف الآن بين عَبْدَةَ انتسابهم إلى ضيغم، وعلى ذلك شواهد من الشعر العامي. وقد أفادني شيخي علامة الجزيرة حمد الجاسر - حفظه الله - أن شارل هوبر نقل عن عبيد بن علي بن رشيد خبر انتقال أجداده من الجنوب إلى الجبلين بمَا يشبه قصة انتقال طيء من وادي طَرِيْبٍ في الجنوب إلى الجبلين. فهذا يعني تسليم آل رشيد بأنهم آل ضيغم. وقد نقلت الليدي آن بلنت عن محمد بن رشيد أن شمرًا الذين في الجزيرة وشمرًا أتباعه يعدون أنفسهم أقرباء قرابة رحم وقال: إن دمَاء خيولنا واحدة. قال أبو عبد الرحمن: وثمة رأي طريف ينسب الجربان إلى آل فضل وهو مَا جاء في كتاب " كنز الأنساب " نقلا عن مجلة " لغة العرب " البغدادية بعنوان بنو تغلب العدنانية. ثم إنني سألت بعد ذلك أحد الشيوخ الكبار وهو الشيخ مجول الجرباء، رئيس عشاير شمر عن تغلب وهل لها بقية موجودة في الديار الشمَالية فلَمْ يذكر لي من ذلك شيئًا، بل تعذر عليه تعيين البطن معتذرًا عن ذلك بتغير الأسمَاء عليه، ولَمْ ينف بالَمْرة وجود بقية منهم، فلَمْا ذكرت له الفضول طابت نفسه، وارتاح لهذا الاسم كثيرًا، وكأنه كان نائمَا فاستيقظ ثم قال: إنه قريب من الصواب، ثم فكر هنيهة وقال: بل هو الصواب عينه، وعد لي منهم مطلق وبُنَيَّةَ الجرباء، رؤساء شمر أي الجد الأول الَمْؤسس لإمَارة شمر في جبل طيء، وكان ذلك في حين نبوغ أول رجالها الَمْشهورين بهذا الاسم. وذكر بعد ذلك أشياء تدل على صدق قوله، ثم قال: الفضول اندمجوا في القبائل، وتشتتوا في البلاد، وأورد أدلة عديدة على تأييد كلامه هذا. وقال أبو عبد الرحمن: هذه إفادة انتسختها من أوراق شيخي حمد الجاسر ثم راجعت مجلة " لغة العرب " فوجدت كاتب هذا البحث الأستاذ سليمَان الدخيل ﵀. يذكر أن سالَمْا الجرباء جد مطلق وبُنَيَّةَ الجرباء. قال أبو عبد الرحمن: ويا ليت الدخيل أورد هذه الأدلة العديدة؟! وعلى أي حال فهذا العاصي أحد مشايخ آل الجرباء يلَمْح إلى أصل رحلتهم بهذا البيت من إحدى أُحْدِيَّاتِه على الخيل:
ترْ لاَبِتِكْ غَوْشَ الْيِمَنْ ... مَا هُم مجمَّعْ مِنْ بَلَدْ
رحلة الضياغم من الجنوب إلى الشمَال
ولرحلة الضياغم من الجنوب إلى الجبلين شواهد من مَاثور العامة، ومن نصوص الَمْؤرخين كنص ابن رسول. وعن هذه الَمْرحلة قال الدكتور العثيمين مَا موجزه: كانت عشيرة عَبْدَةَ تسكن إحدى جهات جنوب الجزيرة، ثم هاجرت حتى حلت بجبل شمر، وهذه الهجرة منذ أكثر منذ أربعة قرون. وكان أُمراءُ الجبل قبل هجرة عَبْدَةَ من قبيلة زُبيد، فتغلبت عَبْدَةَ عليهم حتى أجلَوْهم،،وآخر زعمَائهم بَهِيْجُ، وفي ذلك يقول أحد شعراء شمر فيمَا بعد:
قَبْلك بَهِيْجِ حَدَّروه السَّنَاعِيْس ... من عِقْدِةَ اللِّي مَا يْحَدَّرْ قَنَاهَا
1 / 13
قال أبو عبد الرحمن: يفهم من هذا النص أن رحيل عَبْدَةَ من الجنوب إلى جبل طيء في الشمَال كان في حدود القرن العاشر وهكذا يفهم من نص للشيخ العبودي سيأتي. ويفهم من نص لابن حاتم - سيأتي - أن رحيلهم في منتصف القرن التاسع. ولَوْ استطعنا أن نصل نسب عرار بن شهوان بن صيغم بضيغم بن منيف الذي ذكره ابن رسول لاستطعنا تحديد التاريخ لرحيلهم بشكل أدق. ولَوْ افترضنا أن عرارًا هو عرار بن شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف لكان رحيلهم في أول القرن الثامن الهجري تقريبًا، لأن ابن رسول الَمْتوفي سنة ٦٩٤ ذكر أن ذرية منيف ابن ضيغم لا تزال في الجنوب وعلى ضوء ذلك نجعل عصر كل فرد من سلسلة النسب منذ عرار إلى منيف ثلاثين عامَا ونضم الناتج إلى سبعة قرون توفى ابن رسول في نهايتها. وعن رحيلهم ذكر الشيخ سعد بن جُنَيْدِل قصيدةً لفارس ابن شهوان الضيغمي، ذكر أنه رسم طريق ارتحال قبيلته من بلادهم إلى نجد، ورتب منازل طريقهم ترتيبًا دقيقا قال فيها يذكر الْقُوَيْع:
وْلَيْلٍ في السِّرْدَاحْ لاعَلّهَ الْحَيَا ... هشِيْمِه وَقِّاف وْحَمْضِهْ بَادْ
وْوَطَّيْتهَا وَادي الْقُوَيْع تَعمِّدْ ... تَمَنَّيْتهَا لَوْلا الْهَيَامِ بْلادْ
ولَيْلٍ بَالْحَدْبَا لاَعِمِرْ جَالْهَا ... شَدَّوْا وْخَلَوْا في الَمْرَاحْ سُوَادْ
وقال في موضع آخر: وقال شاعر من الضياغم وهو يرسم طريق هجرتهم:
ليل في الْقِمْرا ولَيْلٍ في الرَّكَا ... ولَيْلٍ في حَزْمَ الْحَصَاةِ شْدَادْ
ولَيْلَةْ وَرَدْنَا مَاسَل وْمِوَيْسِلْ ... وْجِيْهَ الَمْغَارِفْ كِنِّهِنّ جْدَاد
ثم ذكر بعد هذين البيتين ثلاثة الأبيات الآنفة الذكر وذكر في موضع آخر أنهمَا لفارس بنم شهوان الضيغمي وقد مر به قومه في طريق هجرتهم إلى شمَال نجد. وذكر شيخنا حمد الجاسر مؤلفًا حديثاُ - ولَمْ يذكر اسمه ولا اسم مؤلفه - تحدث عن نجائب من الخيل تدعى الُّهْمَ الشهوانيات. قال الشيخ حمد: جاء في هذا الَمْؤلف: شهوان عبيدة أي من قحطان وسميت باسم راعيها شهوان أبو عرار أخو راشد عم عمير. ثم قال: وأورد أخبارًا عن هذه الخيل وشعرًا لشهوان أبو عرار جاء فيه:
لَنا مَنْزل مَا بَيْنَ الافْلاج والْحَسَا ... ومَا بَيْنَ صنْعا والسّليل وحود
إلى حَوْدَرُوا يَبْغُونَ الاَسْعَار بالقرى ... حَدَرْنَا على مِثْلَ الْغمَامَ السوْدْ
كبار الشُّوادِي مَيرنَا منْ زْرُوْعها ... غَرَايْرٍ بلا حَطَبْ ولا وُقوْد
إالى حافها سبع الخلا بات جايع ... بباطنها مثل النسور لبود
تمنيب من حطمَات الليالي لعلنا ... ندرك بعض يا أبو ربيع حمود
ان صار مَالك من دراعيك نجده ... فشر بك باعضاد الرجال يكود
وقال الشيخ حمد: إنه أورد أشهارًا لعرار بن شهوان وأخبارًا تتعلق بخيله. وذكر الشيخ محمد العبودي معركة بين آل ضيغم وسلطان مَارد، قتل فيها حُميدان بن راشد بن ضيغم، ابن عم عرار ابن شهوان، وسلطان مَارد معًا. وقال في ذلك عمير بن راشد قصيدة مطلعها:
تَهَيَّا لْنَا عِنْدَ أبْرَقَ السَّيْحْ عَرْكَةْ ... تَمَنَّى بْهَا حضارَ الرجال غيَابْ
وحدد عصر هذا الشعر بأنه بعد عصر الشاعر جرير بحوالي تسعة قرون. ويذكر الأستاذ عبد الله بن خالد الحاتم أن عرار بن شهوان آل ضيغم جد آل رشيد أُمراء حائل وأنه عاش سنة ٨٥٠هـ. وذكر له قصيدة يتشوق فيها إلى نجد، ويفهم منها أن ابن عمه عمير بن راشد موجود بنجد، فممَا ورد من هذه القصيدة قوله:
يقول عرارٍ قول من ضَلّ مُوْقِف ... عَلى الدار يَرْثِي بالدموعَ الذِّرَايف
قَلِيْلَ الجداَ منْ دِمْنِه هدّ رَسْمَهْ ... مَزاعِيج هُوْجَ الذَّارْيَاتَ الْعواصِفْ
لَكِنّي بْها مَا ريْتْ خِيمْ ظلايلْ ... مَحَتْهَا صروفٍ للْعَوادِي قَرَايف
إلى أن قال:
فَلاَ وَاعَلاَ لَوْلاَ التَّمَنِّي سمَاجهْ ... أَوْقَف بنَجْد آمن غير خايف
1 / 14
وَالْقى عُمَيْرٍ بَالْعْذَيْبَهْ مُوَقِّفْ ... على شَلْشل بيْضَ الجمَال الشَّرايفْ
ومن الأخبار التي يتناقلها السمَار مَا حدثني به الشيخ إبراهيم ابن عثمَان أن فارس بن شهوان سكن معه والده بوادي الدواسر، فكان يعطي جارته من صيده وغنائمه، فتطور ذلك إلى أن أظهرت له الَوْد، فلَمْ يستجب لذلك، إكرامَا لجاره، فلَمْا رأت انصرافه عنها أظهرت لَوْالده أنه يُسِيْءٌ إليها، فلَمْا التآثر في وجه والده رحل مع من خف معه من قومه وممَاليكه، فأرسل شهوان عَبْدَةَ عمَارًا ليرافق فارسًا، ويعرف اتجاهه، فلَمْا أحس فارس بمرافقة عمَار له صار يأخذ بيض نعام، فكلَمْا نزل منزلًا أظهر بيضة وملأها مَاءً، ووضع بجنبه تمرًا ودفنها تحت مبرك ناقته حتى نزل منزلًا قريبًا من ظفار سمى فارسا باسمه. وبعد ذلك أمر عمَارًا أن يعود إلى والده، ووصف له مدافن بيض النعام، لتكون له زادًا ومعالَمْ لطريقه، وقال بهذه الَمْناسبة قصيدة مطلعها:
عَمَار عَلِّك عن ذَا تنثني ... من يَمّ شْهوان عزيز جار
ويزيدنا عبد الجبار الراوي تفصيلًا فيذكر أن شمرًا قتلت بهيجا شيخ العبيد فهاجرت العبيد إلى جزيرة العراق. وقد أشارت شَمَّرُ على بهيج أن يدخل على شيوخ شمر، ويصالحهم فأبى ذلك وقال:
يقول بهيج بن ذبيانٍ مثايلْ ... ودَمْعِه على الاملاك دُوْنَ الشَّلايلْ
جَلَوْنَا عنْ ديارنا الْعَذِبَّات شَمَّرْ ... قَرَاح وبرْدِ مَا، يدْاوي الغلايِلْ
ونَحَّيْنا رقاب الْقُوْد عنهم وغربنا ... وعين الزُّبَيْديُّات لنجد مَايِلْ
لاَ صارْ مَا عِدْل يُعادِلْ عَدِيْلَهْ ... مَا ينقعد بالدارْ والشَّيْلْ مَايلْ
ولاَ صَارْ مَاحقَّ الفتى بِذرَاعِهْ ... هَبَّيْتْ يا حُكْم يِجِى بَالدَّاخايِلْ
صبَّار على الزهدة بِسُوّ فعلهم ... بالنسب مَا يوجد لهم بالقبايِلْ
لئام لَوْ حَجَّجُتُهُمْ كعبة الرضا ... يجازونك عنها البايرات الفسايِلْ
رحيل آل الجرباء إلى العراق
1 / 15
وآل الجرباء هم زعمَاء شمر ورؤساء الجبل، وأبعد ذكر لهم وجدته عن وفاة اثنين منهم عام ١١٠٠هـ وعام ١١٠٣هـ وقد رحلَوْا من نجد عام ١٢٠٥هـ بعد هزيمتهم أمَام ابن سعود فبنوا زعامتهم في العراق وسوريا. قال حسين خزعل: وكانت الرئاسة العامة لشمر في اُسرة الجرباء من بطن سِنْجَارة، وقد أجلاهم الأمير سعود ابن عبد العزيز عن ديارهم عام ١٢٠٥هـ بعد أن نازلهم قرب مدينة حائل وقتل مصلط بن مطلق. وسار مطلق من جبل شمر إلى العراق وبر الشام، ورافق أحمد باشا الجزار إلى الحج، ثم أقام في بادية السمَاوة من العراق. أمَا عن رحيل آل الجرباء فيذكر عباس العزاوي أن آل محمد الجرباء أُمراء شمر برئاسة فارس الجرباء مَالَوْا إلى العراق في أوائل القرن الثالث عشر الهجري. ويزيدنا يوسف البسام تفصيلًا فيقول: ويعرف رؤساء شمر السابقون بآل محمد وآخرهم فارس الجرباء وقد لقب بالجرباء نسبة لأُمه التي ابتليت بمرض الجدري، واصبحت جرباء على أثر هذا الَمْرض. وعلى عهد الأمير محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى وابنه الإمَام عبد العزيز نزح فارس الجرباء من جبل شمر واستوطن بادية الجزيرة في العراق بين دجلة والفرات، وذلك بعد أن انقطعت الأمطار مدة طويلة وأجدبت الأرض. وعلى أثر نزوح فارس الجرباء تبعه الكثير من شمر واستقروا في العراق ولا يزالَوْن حتى الآن وتولى أمر جبل شمر آل علي. وذكر عبد الجبار الراوي أن نجدًا أصابها محل، فاضطر شيخ عشيرة شمر فارس إلى الهجرة مع أربعين بيتًا من قومه، طلبًا للَمْرعى، حتى وصل إلى جزيرة العراق، فنزل جارًا على عشائر العبيد، ثم ذكر قصة شبه خرافية، لا سيمَا مَا يتعلق برثاثة شمر في حين أنه من الَمْعروف عند أهل نجد شهرة قبائل الشمَال - وبالأخص الشمَامرة - باللباس الأنيق والَمْظهر الباذخ. وذكر في موضع آخر أن أول من رحل من نجد إلى الجزيرة في العراق هو فارس الجرباء، وأنه الرئيس الأول لآل محمد ثم ذكر بنيه وأحفاده. وذكر أن فارسًا لقب بالجرباء نسبة إلى أُمه، التي ابتليت بالجدري، فسميت به وإن كانت قد شفيت من هذا الَمْرض. قال أبو عبد الرحمن: ولا بأس من سياق هذه القصة التي أوردها الراوي. قال: أصاب نجدًا محل، اضطر شيخ عشيرة شمر حينئذ فارسًا إلى الهجرة مع أربعين بيتًا من بيوت الشعر، طلبًا للَمْرعى، ومضى سائرًا حتى بلغ الجزيرة، فنزل قصيرًا " أي مجاورًا " على عشائر العبيد، التي أضافته، وأولَمْت له وليمة كبيرة دعت إليها رئيس عشائر طيء والجبور، وكان الَمْهاجرون من شمر في ثياب رثة، يعلَوْها الَوْسخ، بحيث اشمَازَّ الَمْدعوون منها فتناولَوْا الطعام على كره منهم، وقد خُيِّل إليهم أن هؤلاء الَمْهاجرين هم من عشيرتي صُلُبة، أو هُتيم اللتين يعدهمَا البدو من العشائر الحقيرة، ولَمْا شعر فارس شيخ شمر بمَا بدا على وجوه رؤساء العبيد وطيء والجبور، من الاشمئزاز، أراد أن يثبت لَمْضيفيه أنه هو وعشيرته من النبل والكرم بحيث يضرب بهمَا الَمْثل، فقرر أن يقابل الَوْليمة بمثلها، ودعا رؤساء العبيد وطيء والجبور، لتناول الطعام عنده، إلا أن هؤلاء ترددوا في قبول الدعوة، اعتقادًا منهم بأن هؤلاء ليسوا أهلًا لإجابه دعوتهم، وحضور وليمتهم، ولكنهم بعد لأْيٍ أجابوا الدعوه على مضض، فرأوا الَمْناسف - جمع منسف وهو مَا يوضع فيه الطعام - وقد ملئت بالطعام واللحم، إذ نحر لهم جُزُرَا، وكانت الَمْناسف من الضخامة بحيث علقت بها السكاكين لتساعد كبار السن على تقطيع اللحوم. وضخامة الَمْناسف تدل عند البدو دلالة قاطعةً على عظمة صاحبها، ولذلك حسبوا لهؤلاء النازلين ألف حساب، خوفًا على أنفسهم، لاعتقادهم أن وراء هذه الَمْناسف عشائر كبيرة العدد، فقرروا أن يغتالَوْا فارسًا وجمَاعته قبل أن تصل إليه عشائره. كانت وليمة الشيخ فارس باعثةً للشيوخ الثلاثة على التآمر لقتل فارس ورهطه، كمَا أسلفنا، إلا أن فارسًا شعر بالَمْؤامرة، فطلب من نسائه أن يخلعن حليهن، ويقدمنه إلى نساء الرؤساء الثلاثة هدية، على أن يتوسطن عند أزواجهن للحيلَوْلة دون الفتك به وبأعوانه، فلبين الطلب، ووعدنهن خيرًا، فلَمْا أقبل الليل لَمْ تفرش نساء زعمَاء عبيد وطيء والجبور الفرش - وهي عند العرب علامة يستدل منها الرجال على حدوث أُمور خطيرة -، فسئلن عن السبب، فطلبن الأمَان للَمْهاجرين
1 / 16
النازلين
1 / 17
فأُعطين الأمَان، وأُجبن إلى مَا أَردن، فمدت الفرش وهكذا تمكنت جمَاعة فارس من الاستيطان في الجزيرة، والاستقرار فيها، ثم إن فارسًا قطع نمَاذج من جميع الأعشاب والحشائش التي تنبت في الجزيرة، وملأ منها زكيبةً وأرسلها مع أعوانه إلى عشيرته في نجد، قاصدًا بذلك إخبارهم بأنواع الحشائش الَمْمتازة للرعي، في الأرض التي نزح إليها، حاثا إياهم على اللحاق به، فمَا لبثت عشائر شمر أن لبت طلبه، ورحلت إليه جمَاعات، لا تقل كل جمَاعة منها عن خمسين بيتًا، فتكاثرت شمر، وحدث مَا كان يخشاه رؤساء العبيد وطيء والجبور، فأورث هذا الأمر نزاعًا بين هؤلاء بالاتفاق مع الصايح من جهة وبين شمر من جهة أخرى، على أرض الجزيرة التي نزلَوْها، ونشب قتال دام تسعين يومَا، انتصرت فيه شمر، وأجبرت عشائر الصايح والعبيد وطيء على الجلاء، عن أمَاكنها في الجزيرة، فعبرت الصايح دجلة، متجهة نحو الحويجة، فاتخذتها منازل لها، وانتقلت طيء من مكانها، وجعلت مساكنها غرب سنجار، أمَا الجبور فقد سكنوا منطقة الخابور، وهكذا خلا الجو لشمر في الجزيرة، وتمت لها السيطرة على أطرافها ونواحيها، حتى آل بها الأمر إلى أن تفرض نوعًا من الضرائب يسمى " الخوة " تأخذها من كل عشيرة تنزل منطقتها، واضطر كل من يعبر الجزيرة إلى أدائها صاغرًا، وظلت هذه " الخوة " نافذة الَمْفعول، وشملت جميع القرى الَمْجاورة للبادية. ولَمْا تألفت الحكومة العراقية، بدأت قواتها النظامية تكافح هذه " الْخُوَّة " بكل مَا أُوتيت من قوة، إلا أنها لَمْ تتمكن من استئصال شأْفتها وقطع دابرها بالَمْرة. وقد بذلت جهودًا كثيرة لإنشاء مركز حكومي في الجزيرة حتى تم ذلك في السنة الأُولى من تسلَمْى زمَام مديرة الشرطة العامة، كمَا سبق أَن أَلفت في بادية الشامية مثلها قبل ذلك، واستطاعت أَن تمنع الخوة فيها. أَمَا " الْخُوَّة " في حد ذاتها فهي ظريبةس تدفعها العشائر التي تدخل الجزيرة طوعًا أَو كرهًا، وهي مقدار مُعَيّن من الدهن والغنم، يدفع إلى شيخ معين من شَمَّر في كل سنة، وتؤخذ " الخوة " من الَمْستطرق أيضًا، حيث يجب عليه أن يدفع مقدارًا من النقود عن كل جمل يمر بالجزيرة، وكذلك في القرى التي تدفع مَا عليها من الحبوب في كل موسم، وتقسم " الخوة " على شيوخ شمر الذين يعرف كل منهم نصيبه منها، فالشيخ الفلاني يأخذ " الخوة " من الحديديين، والآخر من الجبور أو الَمْستطرقين أو من قرى الَمْوصل أو من غنم التجار التي ترسل إلى سورية. وهكذا لا يفلت أحد من أيدي جباة هذه الضريبة. ولَمْ تزل عشائر شمر في تكاثر وازدياد، منذ استيلاء السعوديين على حائل عاصمة ابن الرشيد، حيث هاجر عدد كبير من عشيرة عَبْدَةَ من نجد إلى الجزيرة في العراق ويؤلف هؤلاء الآن القسم الأكبر من شمر عَبْدَةَ. ومن أشهر رؤساء عَبْدَةَ النازحين إلى العراق الشيخ عقاب العجل، رئيس فرقة الأحية من عَبْدَةَ، وسبب نزوحه وهجرته هو عدم اعتراف شمر بشيخ أو زعيم في حائل إلا إذا كان من آل الرشيد. هذا، وأغلب عشائر منطقة حائل عاصمة ابن الرشيد القديمة من شمر، في الَوْقت الحاضر. قال أبو عبد الرحمن: لي على هذه النصوص تتميمَات واستدراكات على هذا النحو: أُعطين الأمَان، وأُجبن إلى مَا أَردن، فمدت الفرش وهكذا تمكنت جمَاعة فارس من الاستيطان في الجزيرة، والاستقرار فيها، ثم إن فارسًا قطع نمَاذج من جميع الأعشاب والحشائش التي تنبت في الجزيرة، وملأ منها زكيبةً وأرسلها مع أعوانه إلى عشيرته في نجد، قاصدًا بذلك إخبارهم بأنواع الحشائش الَمْمتازة للرعي، في الأرض التي نزح إليها، حاثا إياهم على اللحاق به، فمَا لبثت عشائر شمر أن لبت طلبه، ورحلت إليه جمَاعات، لا تقل كل جمَاعة منها عن خمسين بيتًا، فتكاثرت شمر، وحدث مَا كان يخشاه رؤساء العبيد وطيء والجبور، فأورث هذا الأمر نزاعًا بين هؤلاء بالاتفاق مع الصايح من جهة وبين شمر من جهة أخرى، على أرض الجزيرة التي نزلَوْها، ونشب قتال دام تسعين يومَا، انتصرت فيه شمر، وأجبرت عشائر الصايح والعبيد وطيء على الجلاء، عن أمَاكنها في الجزيرة، فعبرت الصايح دجلة، متجهة نحو الحويجة، فاتخذتها منازل لها، وانتقلت طيء من مكانها، وجعلت مساكنها غرب سنجار، أمَا الجبور فقد سكنوا منطقة الخابور، وهكذا خلا الجو لشمر في الجزيرة، وتمت لها السيطرة على أطرافها
1 / 18
ونواحيها، حتى آل بها الأمر إلى أن تفرض نوعًا من الضرائب يسمى " الخوة " تأخذها من كل عشيرة تنزل منطقتها، واضطر كل من يعبر الجزيرة إلى أدائها صاغرًا، وظلت هذه " الخوة " نافذة الَمْفعول، وشملت جميع القرى الَمْجاورة للبادية. ولَمْا تألفت الحكومة العراقية، بدأت قواتها النظامية تكافح هذه " الْخُوَّة " بكل مَا أُوتيت من قوة، إلا أنها لَمْ تتمكن من استئصال شأْفتها وقطع دابرها بالَمْرة. وقد بذلت جهودًا كثيرة لإنشاء مركز حكومي في الجزيرة حتى تم ذلك في السنة الأُولى من تسلَمْى زمَام مديرة الشرطة العامة، كمَا سبق أَن أَلفت في بادية الشامية مثلها قبل ذلك، واستطاعت أَن تمنع الخوة فيها. أَمَا " الْخُوَّة " في حد ذاتها فهي ظريبةس تدفعها العشائر التي تدخل الجزيرة طوعًا أَو كرهًا، وهي مقدار مُعَيّن من الدهن والغنم، يدفع إلى شيخ معين من شَمَّر في كل سنة، وتؤخذ " الخوة " من الَمْستطرق أيضًا، حيث يجب عليه أن يدفع مقدارًا من النقود عن كل جمل يمر بالجزيرة، وكذلك في القرى التي تدفع مَا عليها من الحبوب في كل موسم، وتقسم " الخوة " على شيوخ شمر الذين يعرف كل منهم نصيبه منها، فالشيخ الفلاني يأخذ " الخوة " من الحديديين، والآخر من الجبور أو الَمْستطرقين أو من قرى الَمْوصل أو من غنم التجار التي ترسل إلى سورية. وهكذا لا يفلت أحد من أيدي جباة هذه الضريبة. ولَمْ تزل عشائر شمر في تكاثر وازدياد، منذ استيلاء السعوديين على حائل عاصمة ابن الرشيد، حيث هاجر عدد كبير من عشيرة عَبْدَةَ من نجد إلى الجزيرة في العراق ويؤلف هؤلاء الآن القسم الأكبر من شمر عَبْدَةَ. ومن أشهر رؤساء عَبْدَةَ النازحين إلى العراق الشيخ عقاب العجل، رئيس فرقة الأحية من عَبْدَةَ، وسبب نزوحه وهجرته هو عدم اعتراف شمر بشيخ أو زعيم في حائل إلا إذا كان من آل الرشيد. هذا، وأغلب عشائر منطقة حائل عاصمة ابن الرشيد القديمة من شمر، في الَوْقت الحاضر. قال أبو عبد الرحمن: لي على هذه النصوص تتميمَات واستدراكات على هذا النحو: ونواحيها، حتى آل بها الأمر إلى أن تفرض نوعًا من الضرائب يسمى " الخوة " تأخذها من كل عشيرة تنزل منطقتها، واضطر كل من يعبر الجزيرة إلى أدائها صاغرًا، وظلت هذه " الخوة " نافذة الَمْفعول، وشملت جميع القرى الَمْجاورة للبادية. ولَمْا تألفت الحكومة العراقية، بدأت قواتها النظامية تكافح هذه " الْخُوَّة " بكل مَا أُوتيت من قوة، إلا أنها لَمْ تتمكن من استئصال شأْفتها وقطع دابرها بالَمْرة. وقد بذلت جهودًا كثيرة لإنشاء مركز حكومي في الجزيرة حتى تم ذلك في السنة الأُولى من تسلَمْى زمَام مديرة الشرطة العامة، كمَا سبق أَن أَلفت في بادية الشامية مثلها قبل ذلك، واستطاعت أَن تمنع الخوة فيها. أَمَا " الْخُوَّة " في حد ذاتها فهي ظريبةس تدفعها العشائر التي تدخل الجزيرة طوعًا أَو كرهًا، وهي مقدار مُعَيّن من الدهن والغنم، يدفع إلى شيخ معين من شَمَّر في كل سنة، وتؤخذ " الخوة " من الَمْستطرق أيضًا، حيث يجب عليه أن يدفع مقدارًا من النقود عن كل جمل يمر بالجزيرة، وكذلك في القرى التي تدفع مَا عليها من الحبوب في كل موسم، وتقسم " الخوة " على شيوخ شمر الذين يعرف كل منهم نصيبه منها، فالشيخ الفلاني يأخذ " الخوة " من الحديديين، والآخر من الجبور أو الَمْستطرقين أو من قرى الَمْوصل أو من غنم التجار التي ترسل إلى سورية. وهكذا لا يفلت أحد من أيدي جباة هذه الضريبة. ولَمْ تزل عشائر شمر في تكاثر وازدياد، منذ استيلاء السعوديين على حائل عاصمة ابن الرشيد، حيث هاجر عدد كبير من عشيرة عَبْدَةَ من نجد إلى الجزيرة في العراق ويؤلف هؤلاء الآن القسم الأكبر من شمر عَبْدَةَ. ومن أشهر رؤساء عَبْدَةَ النازحين إلى العراق الشيخ عقاب العجل، رئيس فرقة الأحية من عَبْدَةَ، وسبب نزوحه وهجرته هو عدم اعتراف شمر بشيخ أو زعيم في حائل إلا إذا كان من آل الرشيد. هذا، وأغلب عشائر منطقة حائل عاصمة ابن الرشيد القديمة من شمر، في الَوْقت الحاضر. قال أبو عبد الرحمن: لي على هذه النصوص تتميمَات واستدراكات على هذا النحو:
1 / 19
أ - ليس من البعيد أن آل محمد لقبوا بآل الجرباء لأن أُمهم أُصيبت بالجدري، إلا أن فارساُ ليس أول من لقب بذلك كمَا زعم يوسف البسام والراوي، لأنني وجدت هذا اللقب مستعملا قبل مولد فارس بن محمد الجرباء بعشرات السنين، فقد ذكر مؤرخو نجد في أحداث سنة ١١٠٠هـ قتل عمَار الجرباء. وذكروا في أحداث سنة ١١٠٣هـ أو ١١٠٤ قتل مصلط الجرباء.
ب - لَمْ يرحل آل الجرباء بسبب الَمْحل، بل رحلَوْا بسبب هزيمتهم أمَام آل سعود كمَا سيأتي بيان ذلك في الأحداث التاريخية. ولَمْ يرحلَوْا بزعامة فارس وإنمَا رحلَوْا بزعامة أخيه مطلق، يصحبه أخوه فارس وقرينيس. ولكن الَمْؤرخين العراقيين لَمْا رأوا أن الإمَارة في ذرية فارس ظنوا أن شمرًا رحلت بزعامته. وإنمَا كان فارس زعيمَا قبل ابنه صفوق ولعل من أحفاده فارس الَمْذكور في عهد محمد بن عبد الله بن رشيد.
ج - سكنوا في جزيرة العراق بين ثلاثة أنهر وهي دجلة من الشمَال والشرق والفرات من الجنوب والخابور من الغرب. ونزح قسم آخر إلى جزيرة سوريا جنوب الفرات غربي الخابور. ومشايخ عشائر سنجارة في سوريا أبناء عم آل محمد وتعدادهم في عَبْدَةَ على الأصح الَمْشهور.
د - منذ رحل آل محمد بقوا هناك بقاء استقرارٍ، أمَا عشائرهم فهم لا يزالَوْن رُحلًا بين العراق ونجد، إلا أن أقاربهم الأدنين بقوا هناك، كمَا أن جمهرة عَبْدَةَ بقيت هناك أيضًا، إلا من لَمْ يؤثر العودة إلى جزيرة العراق بعد عودتهم إلى نجد. وعن قصة عودتهم إلى نجد بعد رحيلهم إلى الجزيرة نجد إشارتين: أولاهمَا: في سنة ١٢٢٤هـ بعد انهزام شمر أمَام الظفير، في جزيرة العراق كاتبوا الإمَام سعودًا فأذن لهم وظهروا إلى نجد.
وأُخراهمَا: سنة ١٢٣١هـ بعد قتل زعيمهم بُنَيَّةَ بن قرينيس، جلَوْا من الجزيرة ونازلَوْا قومهم في الجبل.
هـ - ذكر يوسف البسام في النص الآنف الذكر أن فارس الجرباء نزح من جبل شمر، واستوطن بادية الجزيرة في العراق، وذلك بعد أن انقطعت الأمطار مدة طويلة، وعلى أثر نزوح فارس تبعه الكثيرون من شمر واستقروا في العراق وذلك في عهد الإمَام محمد بن سعود وابنه عبد العزيز. ووصف فارسًا بأنه آخر آل محمد رئاسة في نجد. قال أبو عبد الرحمن: إنمَا كانت رحلتهم في آخر عهد الإمَام عبد العزيز حيث أجلاهم ابنه سعود، ولَوْلا أنه قال " واستقروا " لقلت: يحتمل أن شمرًا رحلت مع فارس بسبب الجدب في عهد محمد بن سعود ثم رحلت جالية في عهد سعود.
1 / 20