ثم بهدوء وهي تخفض عينيها: أريد مذكرتي.
تساءل مقطبا: مذكرتك! - إذا سمحت.
تمطت شياطين العبث في نفسه، فقال محتجا: تتهمينني بالسرقة! - كلا، ولكنك عثرت عليها بطريقة ما. - هذا يعني أني سرقتها. - بالله ردها إلي فلا وقت للكلام. - إنك مخطئة. - لست مخطئة. - إني أرفض أن أسمع التهمة مرة أخرى. - لا أتهمك بشيء. رد إلي مذكرتي التي فقدت مني هنا. - لا أعرف مكانها. - سمعتك وأنت تردد ما دون فيها! - لا أفهم. - بل تفهم كل شيء، ولا داعي لتعذيبي. - التعذيب ليس هوايتي. - الليل ينتهي بسرعة.
فسألها مداعبا: أتحاسبك ماما على التأخير؟ - أستاذ، كن جادا ولو دقيقة واحدة. - نحن لا نعرف الجد.
تساءلت في قلق: هل تنوي إفشاء سرها؟ - من أين لي ذلك وأنا لا أدري عنها شيئا؟ - كن لطيفا كالعهد بك. - لست لطيفا، أنا نصف مجنون ونصف ميت. - المدون في المذكرة لا يمثل رأيي فيكم، ولكنه جملة الآراء التي أعدها للمسرحية. - عدنا إلى الألغاز والاتهام. - ما زلت طامعة في كرم أخلاقك. - ما الذي حملك على هذا الظن؟ - أنك رددت كلماتي بالحرف. - ألا تؤمنين بتوارد الخواطر؟ - إني مؤمنة بأنك سترد إلي مذكرتي. - إذن فأنت تتصورين أنك قادرة على أن تفهمي في أيام ما أعجز عنه في أعوام!
وضحك ضحكة خرقت صمت الخلاء فوق النيل، وقال بلهجة جديدة: أفكارك فارغة، صدقيني.
هتفت بارتياح: ها أنت تسلم. - سأردها إليك، ولكنها لا تصلح لشيء. - ما هي إلا ملاحظات مبدئية لم تدرس بعد. - لكنك فتاة رديئة! - الله يسامحك. - جئت لا لصداقة، ولكن للتجسس.
قالت محتجة: لا تسئ بي الظن، إني أحبكم حقا وأرغب في صداقتكم، وفضلا عن هذا وذاك فإنني أومن بأنه يوجد بطل كامن في كل فرد، ولم يكن يهمني معرفة حقيقتكم بقدر أن أخلق منها ما ينفع المسرحية. - لا تجهدي نفسك انتحال الأعذار؛ فإن الأمر في الواقع لا يهمني.
ومد لها يده بالمذكرة وهو يقول: أما الخمسون قرشا فيسرني أن أظل مدينا بها إليك. فتساءلت في انزعاج: ولكن كيف؟ ... أعني ... - كيف سرقتها؟ المسألة غاية في البساطة؛ فنحن نعتبر جميع ما تقع عليه اليد في العوامة من القطاع العام! - بالله أعطني تفسيرا يريح القلب.
فقال ضاحكا: كانت نزوة لا تقاوم. - أكنت في حاجة إليها؟ - أعطيتها بنتا من بنات الليل جاءني بها عم عبده. - إذن كنت في حاجة إليها؟ - كلا، لم يبلغ بي الفقر هذا الحد. - إذن لماذا أخذتها؟ - وجدت في استغلالها على ذلك الوجه نوعا من القربى إليك! - الحق أني لا أفهم. - ولا أنا. - ولكني بدأت أشك في منهجي كله. - من الأفضل ألا يكون لك منهج على الإطلاق.
অজানা পৃষ্ঠা