قال في الحاكم عن قتادة وعمر: شيئان فعلهما رسول الله من غير استئذان: إذنه للمنافقين وأخذ الفدية من الأسارى، فعاتبه الله تعالى، وكان ذلك صغيرة من النبي - عليه السلام- ؛ لأن قوله تعالى: {عفا الله عنك} دلالة على الخطيئة، وكذلك قوله: {لم أذنت} وقيل: لم يكن ذنبا ولكن تركا للأفضل، فالمعنى لم أذنت بترك الأفضل.
وقوله تعالى: {عفا الله عنك} جيء به لتعظيمه كما يقال: عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي ، والأول عن أبي علي وغيره.
وقوله تعالى: {حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين} يعني بالوحي أو بالفحص، والمراد فإذا تبين لك الذين صدقوا فلك أن تأذن، إن قيل: إذا كانت المعاذير صادقة سقط النفير عنهم من غير استئذان فكان الإذن منه لا يفيد ؟ ولعل جوابه أن إذنه - عليه السلام- بيان لإذن الله،
وقد قال المنصور بالله في المهذب من ترك الجهاد مع الإمام، واعتل بأنه يعين بالمال، أو أنه قد وقع له إذن من الإمام سقطت عدالته وحكم بخطئه، فحصل من هذا وجوب الفحص على الإمام، وأن إذنه لا يفيد من لا عذر له، ومن كان له عذر استغنى عن إذن الإمام.
قوله تعالى:
{لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين، إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون}.
ثمرة ذلك:
التحريض على الجهاد والمدح على من حرص عليه، وذم من حاص عنه ، وذلك لأنه تعالى بين حال المؤمنين وشدة حرصهم على الجهاد بأنه ليس من عادتهم الاستئذان وهو طلب الإذن، لكن للمفسرين في معنى ذلك قولان:
الأول: محكي عن ابن عباس والأصم وأبي علي.
পৃষ্ঠা ৫