তিন পুরুষ এবং এক নারী
ثلاثة رجال وامرأة
জনগুলি
ثم خطب غيرها؛ فصنع كما صنعت، وإن كانت هي البادئة، والبادئ أظلم، ولا جناح عليه، ولكنه يحسن أن تطوى تلك الصفحة القديمة طيا ليس له من نشر، ولما لم يكتب له أن يكون مع محاسن أكثر توفيقا، كفر بالمرأة، واعتقد أنها مبنية على الغدر، وأنها حول قلب، لا وفاء لها ولا عهد، وأن من الخير أن يظل حياته مستفردا واحدا.
وصار يتسلى عما ساءه من زمانه بالاختلاف مع إخوانه إلى المراقص ودور اللهو الأخرى، إلى أن كان يوم أقيمت فيه حفلة راقصة لمساعدة معهد خيري، فذهب مع صاحب له، فانتحيا ناحية وراحا يرمقان الناس - والنساء على الخصوص؛ فما كان بين الرجال تفاوت يذكر، وكلهم يرتدي ما يسمى ثياب السهرة، أما النساء فكانت ثيابهن وزينتهن معرض أزياء وأذواق.
وإنه لجالس يدير عينه في هذا الحشد الذي لا يسكن إلا ليموج، وإذا بسميرة داخلة على ذراع فتى وسيم قسيم يشق بها الجمع، ويقبل على الناحية التي هو فيها، وكانت مرتفعة بضع درجات، فكأنما شك في خاصرته سيف، فانتفض واقفا، واندفع هاربا بغير تفكير، فعلقت قدمه بطرف البساط فانكب على وجهه، وهوى على الدرجات، وأصابت سن إحداها ساقه، فهاضتها، فبقي منطرحا لا يقدر على حركة.
وكان صاحبه قد دهش، ثم أفاق، فلما رآه طريحا خف إليه، وكان خلق كثير قد اجتمع حوله وحف به، فجعل صاحبه يدفع الناس ويفرقهم عنه، حتى وصل إليه، فألفى سميرة - وإن كان لا يعرف أن اسمها سميرة - جاثية على ركبتيها، وقد أحاطت ظهره بيسراها وأراحت رأسه على صدرها، وهي تدعو الناس - وتشير إليهم بيمناها - أن يتفرقوا ليتنفس.
وجثا صاحبه مثل جثوها، وقال وهو يمد يديه ليرفعه عن صدرها: عنك يا هانم، وشكرا لك.
قالت: لا لا لا، هذا شأني أنا، ما شأنك أنت؟! اذهب عنا، تعال يا نسيم واحمله معي.
قال صاحبه: إني معه، وأنا صديقه.
قالت: قلت لك إن هذا شأني أنا، ألا تفهم؟! تعال يا نسيم.
فدنا منهما نسيم وقال: بل هو شأن الإسعاف الذي يمثل آل نسيم روحه في كل موقف يدعو إليه. وأشار إلى خادمين واقفين ينظران مع الناظرين، ويزيدان الزحام والضيق ولا يصنعان شيئا، وقال: إن وقفتكما جميلة، ولكني مضطر أن أحرم الجمهور جمال هذا المنظر، فهل لكما أن تتفضلا بمعاونتي على حمله إلى السيارة، شكرا، لم يخب أملي في شهامتكما.
وحملوه برفق إلى السيارة، وكانت سميرة لفرط اضطرابها تعترض طريقهم وتدور حولهم، وتسير مرة أمامهم ومرة خلفهم، وتارة عن يمينهم وأخرى عن يسارهم كالكلب الوفي، حتى أرقدوه في السيارة، وقعد على الأرض فيها معه نسيم، واتخذت هي مقعد القيادة، وانطلقت إلى بيتها وخلفت صاحبه على الرصيف فاغرا فمه كالأبله.
অজানা পৃষ্ঠা