তিন পুরুষ এবং এক নারী
ثلاثة رجال وامرأة
জনগুলি
قال: أخشى أن يوقعك سوء الحظ ... تعرفين ما أعني، فقد يتفق أن يكون الذي تعملين عنده أو له خنزيرا فيستغل حاجتك إلى عملك، وأنت مع الأسف ثرثارة طيبة القلب؛ إذا آنست رقة وعطفا من إنسان أقبلت عليه وأفرغت له كل ما في قلبك.
وكان هذا صحيحا، كما عرف الأستاذ بتجربته الشخصية؛ فما كادت تجلس إليه ساعة، وتطمئن إلى عقله وعلمه حتى أطلعته على ما ينبغي أن يستر من دخائل البيوت وأسرارها.
فابتسمت محاسن وقالت بلهجة واشية بمرارة النفس: إذا كان هذا كل ما تخاف، فاطمئن، فقد علمتني ما فيه الكفاية.
فأطرق وقال كأنما يحدث نفسه: هذه وخزة أليمة، وأعترف أني أستحقها، ولكن ما كان جاء عفوا وعلى غير قصد، والحمد لله الذي وقاك - ووقانا - سوء العاقبة، وإنه ليخيل إلي أن كل شيء في هذه الدنيا قضاء وقدر؛ من كان يظن أن الذي لا يحدث إلا في الفلتات النادرة، وفي مرة من كل خمسين ألف مرة، يحدث لنا من أول مرة؟ وعلى الرغم من هذا التحرز والاحتياط؟! سوء حظ ليس إلا، أو قدر جرى به القضاء؛ كنت ذات يوم واقفا في شرفة بيتي، فرفعت عيني إلى البناء المواجه لنا، وهو عمارة ضخمة عالية فرأيت غلاما منحنيا على حافة الشرفة، وكان في الطبقة الرابعة، فذعرت؛ فقد كان نصف الغلام متدليا، وهممت بأن أصيح به ولكن الصوت وقف في حلقي فلم يخرج من فمي شيء، ورأيت أمه مقبلة تعدو، ولكنه انقلب وهوى قبل أن تدركه، تصوري هذا؛ غلام يسقط من الطبقة الرابعة على الرصيف المبني من الحجر، أو من الأسفلت، سيان، وبصرت برجل يمشي على الرصيف وقد قارب أن يكون في طريق الغلام إلى الأرض، فأيقنت أن الغلام سيتفتت عظمه، وأن الرجل سيصيبه أيضا سوء، وتصوري غلاما يقع من هذا الارتفاع على أم رأس رجل، ألا يمكن أن يدق عنقه؟!
وضحك الأستاذ، فجذبته محاسن من كتفه، وسألته بلهفة: وماذا جرى؟
قال وهو لا يزال يرتج من الضحك: جرى؟! جرى؟! لا شيء، نجا الغلام، ونجا الرجل، هل تصدقين هذا؟!
قالت: الحمد لله، ولكن كيف؟ كيف ؟
قال: اسمعي يا ستي، لو كان الغلام وقع من الشرفة إلى الأرض مباشرة لكان قد قتل، ما في هذا شك، ولكن القدر شاء أن تحدث المعجزة؛ فساق هذا الرجل الغافل الذي كان يمشي على الرصيف ولا يدري أن غلاما يهوي، ولم يسقط الغلام على رأس الرجل، وإنما سقط أمامه، على مسافة شبر أو شبرين منه، فاضطرب الرجل ورد رأسه إلى الوراء، ودفع يديه إلى الأمام، وهو لا يدري ماذا يتقي بهما، دفع يديه فدفعتا الغلام، فانقطع خط السقوط وزالت قوته؛ لأن الغلام تحول عن طريق الهبوط؛ كان يهوي من أعلى إلى أسفل، فانتهى هويه باندفاعه في خط أفقي، فلما سقط بعد ذلك على الأرض كان سقوطه من ارتفاع متر أو حوالي ذلك ليس إلا، فلم يضره ذلك، إي نعم، كل شيء في هذه الدنيا قسم وحظوظ وأرزاق؛ هل تعرفين كيف عرفت أباك؟ (وضحك مرة أخرى) قصة لطيفة: كنت سائرا في الطريق وعيني على الأرض، وإذا بكف تلطمني وتكاد تلقيني على الأرض، وكان أبوك هو الذي لطمني، ولم يكن يتعمد ذلك، لكنه - كما تبينت - كان يتحدث ويلوح بيديه، فأصابتني كفه، وأسرف في الاعتذار كما كان يسرف في التلويح بذراعيه، وأبى إلا أن يسقيني شايا في مقهى، وهكذا عرفتك أنت، فهل آمنت أن كل شيء في دنيانا قدر وقسمة؟
فربتت له على كتفه وقالت: ثق أني لا ألومك على شيء، ولكنه لا يسعني إلا أن أشعر بألم ومرارة؛ لأني كنت ضحية هذا القدر؛ فاعذرني إذا فاضت المرارة على لساني.
قال: إني عاذر وشاكر، ولا تحسبي أنك أنت وحدك الضحية - وإن كان أمرك أبين وأوضح؛ فإني أنا أيضا أصبحت إنسانا آخر، ولكن دعي هذا، ولنعد إلى العمل الذي تنشدين.
অজানা পৃষ্ঠা