তায়্যিনুল আসওয়াক ফি আখবারিল আশিক
تزيين الأسواق في أخبار العشاق
قيل ذكر أخوه سليمان بحضرة الرشيد فقال الأصمعي، كان رجلًا نهمًا، إذا قدم إليه السماط لا يصبر حتى يبرد بل يتناول اللحم بكمه، وأما أخوه يزيد فكان يسقط في الخمر بثيابه، فقال الرشيد للأصمعي ما أعلمك بالناس، والله إن ثيابهما عندي وإن الدهن في أكمام سليمان وأثر الخمر في ثياب يزيد، ولما استمر على حاله وكان قد ولى الخلافة أثر عمر بن عبد العزيز ﵁ وقد اعتاد الناس العدل والاصلاح ثقل عليهم حاله وتعطلت الحاجات فضجوا فدخل عليه مسلمة أخوه فعنفه ولامه ووعظه وذكره عدل عمر. وقيل أنه قال من نفسه، والله ما عمر بأحوج إلى الله مني فهجر الجواري والشراب أيامًا.
وقال لمسلمة أرجو أن لا تعتبني بعد اليوم، ثم جلس للناس فثقل ذلك على حبابة فأرسلت إلى الأحوص فعمل شعرًا واستحضرت معبدًا فلحنه ثم احتالت على أسماعه الخليفة قيل عارضته وهو خارج إلى الصلاة، وقيل رشت خادمًا مقربًا منه فأوقفها بحيث يسمع وأنشدته فطرب وقال مروا مسلمة أو قال صاحب الشرط فليصل بالناس ولعن من يلومه في ذلك وعاد فاعتكف على ما كان عليه، وقيل إن الذي أمره بالكف عن ذلك مولى خراساني، كان ذا رتبة عنده، وأنه قال له سأحضرك معهن وأقول أنك عمي، فإن عنفتني رجعت وفعل فشعرن به وقمن يضربنه فوقاه يزيد ثم قال له أدوم على ذلك أم لا فقال دم فاستمر والشعر الذي أنشده الأحوص هو هذا:
ألا لا تلمه اليوم أن يتلبدا ... فقد غلب المحزون أن يلجلدا
بكيت الصبا جهدي فمن شاء لامني ... ومن شاء آسى في البكاء وأسعدا
وإني وإن فندت الصبا في طلب الصبا ... لا علم أني لست في الحب أوحدا
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجرًا من يابس الصخر جلدا
فما العشق إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
وعهدي بها صفراء رود كأنما ... نضى عرق منها على اللون عسجدا
مهفهفة الأعلى وأسفل خلقها ... جرى لحمه من دون أن يتخددا
من المدمجات اللحم خدّا كأنها ... عنان صناع مدمج الفتل عضدا
كأن ذكيّ المسك منها وقد بدت ... وريح الخزامى عرفه ينفح الندا
وإني لأهواها وأهوى لقاءها ... كما يشتهي الصادي الشراب المبردا
فقلت ألا يا ليت أسماء أصقبت ... وهل قول ليت جامع ما تبدّدا
علاقة حب كان في زمن الصبا ... فأبلى وما يزداد إلا تجدّدا
نظرت رحاب الموقرات فكم أرى ... أكاريس يحتلون خاخًا فمنشدا
فأوفيت في نشز من الأرض يافع ... وقد يسعف الايفاع من كان مقصدا
كريم قريش حين ينسب والذي ... أقرت له بالملك كهلًا وأمردا
وليس عطا من كان منه بمانع ... وإن جل عن أضعاف أضعافه غدا
أهان تلاد المال في الحمد أنه ... أمام هدى يجري على ما تعوّدا
تردّى بمجد من أبيه وجدّه ... وقد أورثا بنيان مجد مشيدا
ولو كان بذل المال والجود مخلدا ... من الناس إنسانًا لكنت المخلدا
فأقسم لا انفك ما عشت شاكرًا ... لنعماك ما طار الحمام وغردا
1 / 98