، والمراد بالحمد فى الحديث الحمد اللفظى، قال الطبرانى، والديلمى، والبيهقى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يقول الله تبارك وتعالى: إنى والإنس والجن فى نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيرى، وأرزق ويشكر غيرى ".
[2.173]
{ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أهل به لغير الله } الحصر إضافى فيه إلى السائبة وما معها، لا حقيقى، لأنه قد حرم أيضا الغصوب والمسروق وأجرة الزنا وأجرة الكهانة والربا وغير ذلك، وأما الموقوذة والمتردية االنطيحة وما أكل السبفع فداخلة فى الميتة إن لم تدرك ذكاتها قبل الموت، وإن أدركت فمن الحلال، والحصر حصر القلب بالنسبة إلى من أحل الميتة وما معها، وحرم السائبة وما معها، وحصر أفراد بالنسبة إلى ما حرمه بعض المؤمنين من اللذات، بأن شدد عليهم فقد منعهم أنفسهم منها تحريما، فنهاهم بهذا الحصر، ففى كل من التحريم والمنع تحجيز، فيكون من عموم المجاز، ثم الحكم وشراءهن ورهنهن والإجارة بهن، وإصداقهن، والغسل بهن، والاستصباح وهو حي، قال أبو داوود، والترمذى، وحسنه عن أبى واقد الليثى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، وهم يجبون الأسنمة ويقطعون أليات الغنم، ما قطع، أى وهو حى، من البهيمة وهى حية فهو ميتة، واستثنى الحديث السمك والجراد إذ قال:
" أحلت لكم ميتتان "
، وزعم بعض أن ما مات من الحوت والجراد حرام، وعموم الحديث يرده، واستثنى الحديث أيضا الجلد، فإنه أزيل ودكه بدباغ أو غيره حل ظاهرا وباطنا، واستثنى من الدم الكبد والطحال، وخص ذكر لحم الخنزير بالذكر لأنه معظم ما يؤكل، ولأنهم يستعظمون تحريمه، وغيره تبع له، وكله حرام حتى عظامه وجلده وشعره، وقيل بحل شعره، وحل خنزير البحر على الصحيح، ومعنى أهل به رفع الصوت به، وذلك أن يذكر الصنم أو غيره عند ذكاته وحده، أو مع الله، فيحرم ما ذكر عليه المسيح، وقيل حل لأن الله عز وجل أباح ذبائح أهل الكتاب، وقد علم أنهم يخلطون، ويحرم ما ذكى للجن اتقاء بهم لمريض، أو عند حفر بئر، أو بناء دار، بأن يذبح فى الموضع الذى يحفر نفسه، أو فى الدار نفسها، أو فى موضع مجاور لهما لذلك، والرفع ذكر للواقع فى الجاهلية، فما ذبح لغير الله حرام، ولو أسر ذكر غير الله أو ذكره فى قلبه، والإهلال مأخوذ من الهلال، إذ يرفع الصوت به إذا رئى، ثم أطلق على رفع كل صوت، وكل ما نهى عن قتله فى الحديث من نحو الصرد والهدهد فذبحه للأكل أو المنفعة حلال، والآية تشمله { فمن اضطر } افتعل من الضر، وهو متعد لواحد كأصله، ألا تراه مبنيا للمفعول مع أن نائب الفاعل غير ظرف ولا مصدر، وطاؤه عن تاء، لتوافق الضاد فى الجهر، الافتعال هنا للمبالغة، كأنه قيل من ضره الله ضرا عظيما بالجوع حتى خاف به الموت أو العمى أو الصمم أو البكم أو الشلل أو نحو ذلك مما لا يحتمل { غير باغ } بالسفر فى معصية أو منع حق، أو نشوز عن زوج أو سيد، أو خروج عن المسلمين، أو منع مضطر آخر عن أن يشاركه { ولا عاد } معل، كغاز وقاض، من المداوة، أو العدوان، وهو تجاوز الحد، ومرجعهما واحد، وذلك بقطع الطريق عن المسلمين أو أهل الذمة، أو بأكل فوق ما يمسك الرمق { فلا إثم عليه } فى الأكل من ذلك بقدر ما يوصله أو يحيا به، ولا يأخذ معه من ذلك، والمذهب تحريم الزيادة على ما يمسك الرمق وكذا روى عن أبى حنيفة والشافعى، وقال عبدالله بن الحسن البصرى: يأكل قدر ما يدفع الجوع، وقال مالك يأكل حتى يشبع ويتزود، فإذا وجد الحلال طرحه، وإن تاب الباغى أو العادى حل له تناول من ذلكن وكذا لا يحل لهما التيمم إن فقد الماء، ويصليان به ويقضيان إذا وجدا ماء، وإن تابا لم يقضيا ما صليا بالتيمم بعد التوبة { إن الله غفور } لأوليائه لأنهم يتوبون { رحيم } بأهل طاعته حيث وسع للمضطر، وليس ذلك مختصا بالموحدين، بل يحل لمشرك غير باغ ولا عاد أيضا أن يتناول منها للاضطرار، لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة كأصلها.
[2.174]
{ إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتب } هم علماء النصارى واليهود ورؤساؤهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والمآكل، ويرجون أن النبى المبعوث آخرا منهم، فلما كان من العرب خافوا من ذهاب ما يعطون فكتموا صفاته التى فى التوراة والإنجيل، واهتم أهل الكتاب بأن لا يعلموها من يتعلمها، وبأن يخطوا عليها ، ويكتبوا كتابا، ولا يكتبوها فيه. وبأن يبدلوها بعكسها، وبأن يبدلوها فى التعليم وبكل ما أمكنهم، وهكذا كلما ذكر كتمهم فى القرآن { ويشترون به } بسبب الكتاب أو ما أنزل إذ كتموه أو بكتمانه { ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم } كلها بملئها، ولا فى بعض البطن، لشهرة أنه أكل فى بعض بطنه إذا أكل قليلا، أو أكل فى بطنه إلا ملأه { إلا النار } ما يأكلون فى الدنيا بكتمانهم إلا سبب النار أو موجب النار، فحذف المضاف، ولا يصح أن يكون مجازا بعلاقة التسبب أو المآل، أى إلا ما سيصير نارا، أو أن النار مستعمل فى ذلك المأكول، لأنه لو قيل ما يأكلون فى بطونهم إلا ذلك المأكول بالكتمان أو الصيرورة لم يصح، فإن شرط المجاز أن تصلح موضعه الحقيقة، أو المعنى ما يأكلون يوم القيامة إلا النار، جزاء على ذلك الأكل على الكتمان، فالمضارع للاستقبال على هذا الوجه، وللحال على الوجه الأول، فأكل النار حقيقة، ولا ينافى الحصر أنهم يأكلون الزقوم أيضا لأنه إضافى، أى ما يأكلون لهذا الكتمان والأكل عليه إلا النار، فآكل الزقوم على غيره، أو على الإطلاق، أو أكل النار مجاز عن إحراق باطنهم، أو عد الزقوم أيضا نارا، أو الكلام تمثيل، شبه هيئة الراشى والمرتشى والرشوة بهيئة الأكل والنار وآكلها { ولا يكلمهم الله يوم القيمة } كناية عن غضبه عليهم، أو تعريض بحرمانهم، لكنهم من الكرامة التى يؤتيها المؤمنين، لعدم كتمانهم، ومن جملتها الكلام الموحى إليهم من الله بالبشرى والرضى، أو المراد لا يكلمهم بخير كما يكلم المؤمنين، وذلك بالوحى، وإلا فمطلق الكلام، واقع لقوله تعالى:
فوربك لنسألنهم أجمعين
[الحجر: 92] وقوله:
অজানা পৃষ্ঠা