[الأنبياء: 73، النور: 37] { جزاء المحسنين } أحسنوا النظر فى الدلائل النقلية والحسية فآمنوا وعملوا واتقوا، وأحسنوا بالإيمان والعمل والتقوى، أو اعتادوا الإحسان في الأمور، والمراد عموم المحسنين أو هؤلاء المذكورون، فمقتضى الظاهر جزاؤهم فأظهر ليصفهم بأن ذلك منهم إحسان.
[5.86-87]
{ والذين كفروا } من أهل الكتاب وغيرهم { وكذبوا بآياتنا } في القرآن { أولئك أصحاب الجحيم } ترهيب بعد ترغيب روى أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الناس يوما ووصف القيامة فرقوا وبكوا فاجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون هو وأبو بكر وعلى وعبد الله ابن مسعود وعبد الله بن عمر وأبو ذر وسالم مولى أبى حذيفة والمقداد وسلمان ومعقل بن مقرن واتفقوا أن يترهبوا ويلبسوا المسوح ويجيبوا مذاكرهم ويصوموا ولا يفطروا ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء ولا الطيب وأن يسيحوا فى الأرض، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فأتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه، فقال لامرأته: أحق ما بلغنى عن زوجك وأصحابه، فكرهت أن تكذب وكرهت أن تفشى سر زوجها، فقال يا رسول الله: إن كان قد أخبرك عثمان فقد صدق، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء عثمان أخبره بذلك، فأتى هو وأصحابه إليه صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أخبر أنكم اتفقتم على كذا. فقالوا: بلى يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير، أى ولم نرد الردة إلى أهل الكتاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنى لم أمر بذلك، وإن لأنفسكم عليكم حقا ولأزواجكم حقا، فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا وآتوا النساء وكلوا الطيبات وتطيبوا، فإنى أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأكل اللحم والدسم ولآتى النساء وآكل الطيبات وأتطيب فمن رغب عن سنتي فليس منى، ثم جمع الناس وخطبهم وقال: ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب وشهوات الدنيا، وإنى لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا، فإنه ليس فى دينى ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع، وإن سياحة أمتى ورهبانيتهم الجهاد، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الديارات والصوامع "
وأيضا قال بعض الصحابة: أقوام الليل أبدا إلا ما شاء الله وهو على، وبعض أصوم أبدا وهو بلال، إلا العيدين. وعثمان بن مظعون يقول لا أنكح أبدا فأنزل الله تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } من اللذائذ وهؤلاء الصحابة أرادوا أن يحرموها على أنفسهم فإنه من حرم حلالا كفر، ومن حجر على نفسه فقد شدد على نفسه وظلمها، وليس المراد لا تفتوا الناس بتحريمها كما زعم بعض، بل المراد النهى عما شددوا به على أنفسهم، وأيضا يبعده ما يأتى من الأمر بالأكل { ولا تعتدوا } إلى الحرام وجب المذاكر وما ذكر معه، قيل والإسراف في الطيبات { إن الله لا يحب المعتدين } بالإفراط والتفريط.
[5.88-89]
{ وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } لذيذا، لما مدح النصارى بالتقشف عن الدنيا وشهواتها زجر المسلمين عن إفراطهم، ثم نهاهم عن التفريط بالاعتداء فدين الله بين ذلك لا إفراط ولا تفريط، وكان صلى الله عليه وسلم يحب لحم مقدم الشاة، ويأكل ثريد اللحم ويحب الحلوى ويمدح الحلوى وثريد اللحم ويأمر بأكل الحلوى، وقال صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى لم يأمرنى بالرهبانية "
وقال صلى الله عليه وسلم:
অজানা পৃষ্ঠা