ونسيت أن الله أخرج آدما
منها إلى الدنيا بذنب واحد
[2.39-40]
{ والذين كفروا } فى قلوبهم أى بها بآياتنا { وكذبوا بآيتنا } فى ألسنتهم، وهى القرآن وسائر كتب الله العظيم، وهى آيات أى علامات على وجود الله، وكمال قدرته وصدق الأنبياء، ويدخل فى الأول من أنكر الله، أو سميت الآية لأنها علامة على معناها، أو لأنها جماعة حروف وكلمات، خرج القوم بآياتهم أى بجماعتهم، أو لأنها علامة على الانقطاع عما قبلها وعما بعدها، باعتبار والتمام لا باعتبار المعنى، لأن المعنى كثيرا ما يتم بآيتين أو آيات، أو لأنه يتعجب من إعجازها يقال فلان آية من الآيات { أولئك أصحب النار } ملابسوها { هم فيها خلدون } لا تفنى ولا يفنون، ولا يخرجون، خاطب الله مشركى العرب ومنافقتهم، وقد يكون الخطاب على عموم الناس، ثم خاطب اليهود خصوصا فقال:
{ يبني إسراءيل } عبد الله يعقوب، واللفظان عبريان، أو أسر القوة أى قوة الله، أو أسرى ليلا مهاجرا إلى الله، أو أسر جنيا لوجه الله كان يطفىء سراج بيت المقدس، وعلى الثلاثة إبل لفظ عبرى، معناه الله، وما قبله عربى كما قيل فى تلمسان تلم بمعنى تجمع، عربى، وسان اثنان بلغة البربر، أى جمعت حسن البر والبحر أو اتفقت اللغتان العربية والعبرية، وقيل إسر صفوة، أو إنسان، أو مهاجر والمراد بنو إسرائيل الموجودون حال نزول الآية { اذكروا نعمتي } اذكروها فى قلوبكم لتشكروها بتعظيم القلب ومدح اللسان وعمل الجوارح، ولا تكتفوا بمجرد حضورها فى القلب واللسان { التي أنعمت } أنعمتها. أى أنعمت بها، أو ضمن معنى أثبت، وقد أجيز حذف الرابط بلا شرط إذا علم، وهى النتيجة من فرعون، وفرق البحر والإحياء بعد موت، وتظليل الغمام، والمن والسلوى، والعفو، وغفران الخطايا، والتوراة والماء من الحجر، والصحف مجموعهن نعمة، تتضمن نعما، أو الإضافة للحقيقة أو النعمة اسم مصدر أى اذكروا إنعامى بذلك، وذلك لآبائهم، وما كان فخرا لآبائهم فهو فخر لهم، كما أنه نسب إليهم ما فعل آباؤهم من السوء لرضاهم عنهم مع السوء من قولهم سمعنا وعصينا، وأرنا الله جهرة، ولن نصبر على طعام واحد، واتخاذ العجل وتبديل الذين ظلموا وتحريف الكلم، والتولى بعد ذلك، وقسوة القلب والكفر بالآيات، وقتل الأنبياء. { عليكم وأوفوا بعهدي } ما عهدت إليكم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم أخذه من موسى، وأخذه موسى عليكم، قال الله جل وعلا: ولقد أخذ الله ميثق بنى إسرائيل، إلخ. والعهد إنزال نبوءته ورسالته صلى الله عليه وسلم فى التوراة { أوف بعهدكم } بما عهدته لكم من الجنة على الوفاء بعهدى { وإيي } ارهبوا، يقدر العامل هكذا، مؤخرا للحصر، أى خافونى وحدى على ترك الإيفاء بعهدى، والشاغل الياء المحذوفة فى قوله { فارهبون } فى جميع أحوالكم، وفى نقض العهد، وفى أن تنزل نعمة عليكم كآبائكم، وكأنها مذكورة، إذ وجدت نون الوقاية المكسورة لها والفاء الفاصلة للتأكيد، أو يقدر إياى ارهبوا، تنبهوا فارهبون، وعليه فحذف ارهبوا الله دلالة عليه لا على رسم الاشتغال، والرهبة الخوف أو مع التحرز.
[2.41]
{ وءامنوا } يا بنى إسرائيل، وقيل العلماء والرؤساء منهم ككعب بن الأشرف { بما أنزلت } على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن وسائر الوحى { مصدقا } أنا فهو حال من التاء، والأولى أنه حال من الهاء المحذوفة؛ أى أنزلته أو من ما { لما معكم } من التوراة والإنجيل، أى صدقته بما أنزلته أو مصدقا له ما أنزلت، لأن القرآن جاء مطابقا للتوراة والإنجيل فيما ذكر الله فيهما من نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ورسالته، وسيرته، ومن وصف القرآن، والقصص، والمواعظ، والتوحيد والدعاء إليه، والعبادة والنهى عن المنكر حتى إن اتباعهما موجب للإيمان به، وبما جاء به { ولا تكونوا أول } أى مثل أول { كافر به } أول فريق كافر أو لا يكون واحد منكم أول إنسان كافر به من أهل الكتاب، فيتبعكم من بعدكم ومن معكم، فيكون عليكم إثم كفركم ومثل إثم من تبعكم، وقد سبقكم فى الكفر قريش وسائر العرب ولا تكونوا مثلهم، وإنكم أحق وأول من يؤمن لما تتلون فى التوراة والإنجيل من الإخبار به، أو الهاء لما معكم، فكفركم بالقرآن كفر بما معكم من التوراة والإنجيل، والعرب لم تسبقكم بالكفر بهما، بل بالكفر بالقرآن، والواو الثانية من أول منقلبة عن همزة، من وأل إذا لجأ، وفيه معنى السبق والتبادر، وقيل من آل بمعنى وجع، وقيل أصل شاذ لا فعل له، إذ لا توجد كلمة فاؤها وعينها واو، وما قيل من أن فعله ول بيان لا سماع، وقيل وزنه فوعل، ويرده منع صرفه { ولا تشتروا } ضد البيع، استعارة عن تستبدلوا { بئايتي } الآيات التى فى التوراة والإنجيل الدالات على ما أنزلت على محمد؛ بأن تخفوها أو تمحوها أو تبدلوها أو تفسروها بغير تأويلها { ثمنا } مثمنا { قليلا } هو ما تعطيكم سفلتكم مبنيا على ذلك التغيير، وعلى رياستكم به، وفى الموسم وأزمان الثمار، فترك الآيات بتلك الأوجه ثمن اشتروابه مثمنا، هو ما يعطون، أو ثمنا بمعنى عوضا، وكل من الثمن والمثمن ثمن ومثمن، من حيث أن كلا عوض، أو تشتروا تستبدلوا من حيث إن الاستبدال أعم من الشراء، فذلك مجاز مرسل للإطلاق والتقييد، وما يأخذونه كثير، لكنه بالنسبة إلى ما تركوا من الدنيا قليل، وبخ الله اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتم، وبيع الدين، والتحريف وقولهم هذا من عند الله، ونحن أبناء الله، ويد الله مغلولة، وقتل أنفسهم، وإخراج فريق من ديارهم، والحرص على الحياة، وعداوة جبريل واتباع السحر { وإيي فاتقون } مثل إياى فارهبون.
[2.42]
{ ولا تلبسوا الحق } لا تخلطوه وهو ما فى التوراة والإنجيل { بالبطل } هو خلاف الحق من أنفسهم خلطوه بالحق تفسيرا وكتابة فهو بعد كلام حق وقيل كلام آخر حق، سواء زادوه بينهما فقط، أو أسقطوا كلاما بينهما وجعلوا مكانه باطلا { وتكتموا } أى ولا تكتموا، أو مع أن تكتموا جزما بالعطف، أو نصبا فى جواب النهى { الحق } كصفة محمد صلى الله عليه وسلم، وقتل المحصن، إذا سئلوا أنكروا وجود ذلك فى التوراة، وكرر الحق للتأكيد، إذ لم يضمر له، أو لأن المراد بالأول غير صفته صلى الله عليه وسلم، ورجم المحصن { وأنتم تعلمون } أنه حق، أو تعلمون أنه موجود فى التوراة، أو البعث والجزاء، أو أنكم لابسون كاتمون، وتقولون لا يوجد، وذلك قبيح ولو لم تعلموا، فكيف وقد علمتم، أو وأنتم من ذوى العلم، هكذا فلا يقدر له عمل فى محذوف.
[2.43]
অজানা পৃষ্ঠা