[3.88]
{ خالدين فيها } فى اللعنة لا تزول عنهم، أى هم أبدا مطرودون عن الخبر مذمومون، أو خالدون فى العقوبة، أوالنار الدلول عليها باللعنة، أما لعنة الله فلا نتصور بلا نار، وأما لعنة الملائكة والناس فكذلك إلحاقا وتبعا لجريانهم على أمر الله، لا بالذات، لجواز أن تكون بغير النار عقلا، والمراد بالناس المؤمنون، وهم الكاملون فى الناسية، العالمون بمقتضى العقل، أو المراد الناس كلهم، فإن أجساد الكفرة كسائر الجماد تلعن العصاة الكفرة، ولا تقل تلعنهم الكفرة، لأنهم يلعنون من حالفهم،
كل حزب ما لديهم فرحون
[المؤمنون: 53]، لأنا نقول، لا اعتبار للعن الكافر، لأنه يلعن الكافر الآخر لمخالفته كفره لا لمخالفة دين الله، ولأن لعن الكافر لغيره لمخالفة دينه يشمل المؤمن، واللعن يكون على الوصف كلعن من يشرب الخمر، وعلى التعيين كما
" مر صلى الله عليه وسلم بحمار وسم فى وجهه، فقال، لعن الله تعالى من فعل هذا "
، ولعن الملائكة قد لا ينفذ، كما يلعنون من خرجت بلا إذن زوجها، فإنها قد تتوب إن قضى الله أن تتوب، وقد يجعل الله لهم علامة ألا يلعنوا من قضى الله له بالتوبة { لا يخفف عنهم العذاب } بأن ينقص بعضه ويدوم باقيه، لا يكون ذلك { ولا هم ينظرون } لا يرحمون، فهو كناية أو مجاز، ولا يهملون بترك العذاب ساعة، من الإنظار بمعنى التأخير.
[3.89]
{ إلا الذين تابوا } من الكفر الأصيل، أو من كفر الردة، فالاستثناء متصل، كأنه قيل، الكفرة ملعونون، كفرا أصيلا أو كفر ردة،، إلا من تاب منهم فلا لعن عليه، فلا حاجة إلى جعله منقطعا { بعد ذلك } الارتداد أو الكفر مطلقا { وأصلحوا } أى اعتقادهم وأعمالهم مع الخالق والمخلوق، أو دخلوا فى الإصلاح { فإن الله غفور رحيم } لهم ولكل مذنب تائب، نزلت الآية فى الحارث بن سويد، كما أخرجه النسائى عن ابن عباس، رضى الله عنهما، ارتد، فلحق بمكة، وندم، فأرسل إلى قومه أن يسألوا النبى صلى الله عليه وسلم، هل له من توبة، فسألوه صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فبعث بها إليه أخوه الحلاس، بضم وتخفيف، وقيل بالتشديد، مع رجل من قومه، فأقبل إلى المدينة تائبا، فقبله النبى صلى الله عليه وسلم، وحسن إسلامه، وخصوص السبب لا ينافى ظوم الحكم المفاد باللفظ العام.
[3.90-91]
{ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا } كاليهود، كفروا بعيسى والإنجيل، ومحمد القرآن بيد بعثه، بعد الإيمان بموسى والتوراة والقرآن ومحمد قبل بعثه، وازدادوا كفرا بمحمد والقرآن زيادة كم، وبالإصرار زيادة كيف، وبالطعن والصد عن الإيمان، ونقض الميثاق بعد بعثه زيادة كم، وكقوم ارتدوا ولحقوا بمكة، وازدادوا كفرا بقولهم: نتربص به ريب المنون، وإن صار غالبا نرجع إليه وننافقه زيادة كيف { لن تقبل توبتهم } لإصرارهم إلى أن غرغروا وعاينوا فتابوا، أو لم يتوبوا إلا بعد الموت، أو المعنى لا يتوبون، لأن توبة المعاينة أو ما بعد الموت كلا توبة، لعدم التكليف، أو المعنى لا توبة لهم فضلا عن أن تقبل، فنفى اللازم بدل نفى الملزوم، كما تقول، لا جحر للضب فى هذه الصحراء، بمعنى لا ضب فيها، وقيل، تاب قوم من أهل الكتاب من ذنوب غير الكفر، فلم تقبل توبتهم، وقيل، قال أصحاب الحارث، نقيم على الكفر حتى إذا شئنا تبنا، فينزل قبولنا كما نزل قبوله { وأولئك هم الضآلون } الراسخون فى الضلال بحيث لا يخرجون، فهم أعظم من أن يقال، الكاملون فى الضلال، والكافر إما تائب توبة نافعة، كقوله تعالى:
অজানা পৃষ্ঠা