" دعى الصلاة أيام أقرائك "
، رواه أبو داود والنسائى عن عائشة، رضى الله عنها أو الطهر، لقوله تعالى: { فطلقوهن لعدتهن } ، إذ لا يشرع الطلاق فى الحيض، أى عند عدتهن فثلاثة قروء عبارة عن لقوله تعالى: { فطلقوهن لعدتهن } ، فينتج أن القرء طهر، وأجيب أن المعنى طلقوهن مستقبلات لعدتهن وهى الحيض الثلاثة، والقرينة حديث طلاق الأمة تطليقتين، وعدتها حيضتان، وحديث، دعى الصلاة أيام أقرائك، وبأن مدار استبراء الرحم الحيض لا الطهر، فإن الانتقال من الحيض إلى الطهر يدل على انسداد فم الرحم، وهو مظنة العلوق، فإذا جاء بعده الحيض علم عدم انسداده، وليست اللام للتوقيت، وبأن بعض الطهر ليس طهرا، وإلا كفى من الطهر الثالث أيضا جزء فإن لم يحسب الطهر الذى طلق فيه لزم ثلاثة أطهار وبعض طهر، وإن حسب فطهران وبعض طهر، والشافعى يقول بطهرين وبعض الطهر الذى طلق فيه، ولا يرد على غير مذهبه أن الحيضة التى وقع فيهما الطلاق إن اعتبرت حيضة كانت ثلاث حيض وبعض حيضة، لأنا نقول بحب الحيضة الرابعة تامة، لأن الحيضة الواحدة لا تقبل التجزؤ ، فلزم مضى البعض الذى وقع فيه الطلاق ضرورة لا باعتبار أنه مما وجب بالعدة، والكلام فى العدة التى تعقب الطلاق، لا فى التى وقع فيها الطلاق، وحديث البخارى ومسلم فى قصة ابن عمر مرة فليراجعها... الخ الذى رجحوه فى الثانى لا فى الأول، واختار القروء على الأقراء لكثرتهن بكثرة المطلقات { ولا يحل لهن أن يكتمن } لتفويت الرحمة وإلحق الولد بغير الأب { ما خلق الله فى أرحامهن } من الحيض والولد، ووجه كون الحيض فى الرحم، أنه يجتمع فيها الدم ثم يخرج، ولا يخفى أن المطلقات المذكورات ذوات قروء، لقوله: ثلاثة قروء، فكيف يكون الولد فى أرحامهن فنقول: إذا كتمن الحمل حكمنا بأنهن من ذوات القروء أو الضمائر للمطلقات مطلقا فى ضمن المقيد، كالاستخدام البديعى، وفى الوجهين بعد، فإن قلنا ما فى أرحامهن من الحيض والحمل معا، وتحريم الكتم عليهن إيجاب للعمل بما قلن إن لم يتبين كذبه ينظر الأمينات، فهن مؤتمنات، وإلا كان حرج عظيم، فيتعلق بقولهن ما بعلق إلى حيض من تحريم وطء، وما يحرم بالوطء وغير ذلك كعتق وعدم طلاق، وفى الأثر، سئل عزان بن الصقر رحمه الله عن المطلقة إذا ادعت أنها حامل، قال: تنظر إليها الأمينات نسوة، فإن قلن إنها حامل فلها النفقة ولو كان الطلاق ثلاثا أو بائنا، وإن لم يقلن إنها حامل فلا نفقة لها بعد العدة، ولها النفقة فى عدة غير الثلاث والبائن، وإن وضعته فى وقت يحكم عليه فيه بالولد وقد طلبت النفقة ولم يعط فعليه أن يعطيها نفقتا منذ طلقها، وإن اشتبه على النساء فلم يقلن إنها حامل ولا غير حامل فطلبت هى النفقة وقالت إنى حامل فلها النفقة إلى سنتين، فإن جاءت بولد فى السنتين فالولد له ولا ترد له النفقة وإن جاءت بالولد بعد السنتين فالولد لها وترد عليه النفقة، وإن لم تلده، وقالت فسد فى بطنى فلا نفقة لها بعد السنتين، ولا يرجع عليها بما أنفق عليها، لأنه يمكن أن يكون كما قالت، وليس كما قال بعض: إن الآية شاملة للبكورة الثيوبة وعيب الفرج فتصدق فى ذلك، لأنا نقول: ذلك مما ينكشف للأمينات فينظرن، أهى بكر أم ثيب، ويمسسن، وكذا ما أمكن، { إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر } أو لم يؤمن، لأن الكافر مخاطب بالفروع، وإنما ذكر الإيمان إشارة إلى أن الكتم ينافيه، وإلى أنه لا يجترىء عليه من آمن، وإلا كان منافقا، وأنه من اجترأ عليه فكأنه غير مؤمن { وبعولتهن } أزواجهن المطلقون، جمع بعل، شذوذا، أو مصدر، أى أهل بعولتهن، أى نكاحهن، يقال، باعلها: أى جامعها، والأول أولى { أحق } أى أحقاء، فهو خارج عن التفضيل، إذ لا حق لها ولا لغيرها من الرجال فى الرجعة، أو باق عليه، أى أحق ما يمكن فعلهم الرحمن دون الفرقة، أو هم أحق بالرجعة من المرأة فى طلب الفرقة، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم:
" أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
{ بردهن } برجعتهن، ولو أبين، ويشهدون على الرجعة فيخبرهن الشهود ليمحن أنفسهن لهم، وإن لم يعلمن بالطلاق راجعوهن بالشهود ولو بلا إخبار { فى ذلك } متعلق برد أو بأحق، أى فى ذلك التربص أو زمانه، وهو مقدار العدة، وبعد ذلك يكون الأمر بأيديهن، إن شئن تزوجنهم وإلا فلا { إن أرادوا } أى الأزواج المطلقون { إصلحا } بينهم وبينهن ولم يريدوا إضرارهن، وذلك حث على الإصلاح بالرجعة، ولو قصدوا الإضرار لصحت الرجعة أيضا، ولو ظلموهن بقصد إطالة العدة، ولا مفهوم مخالفة فى قوله إن أزادوا لتحقق الفائدة الأخرى، وهى الحث { ولهن } أى للنساء على أزواجهن من الحقوق مطلقا بلا شرط طلاق ورجعة { مثل الذى } لهم من الحقوق { عليهن بالمعروف } وفى ذلك احتباك، إذ حذف من الأول لفظ عليهم لدلالة لفظ عليهن فى الثانى، وحذف من الثانى لفظ لهم لدلالة لفظ لهن فى الأول، كأنه قيل، ولهن عليهم مثل الذى لهم عليهن بالمعروف شرعا، يعاشروهن ويعاشرنهم بحسن العشرة وترك الضرار ويعطونهن حقوقهن من النفقة والكسوة والسكنى والجماع وغير ذلك، ويعطينهم المطاوعة فى الفراش وعدم الخروج إلا بإذن ونحو ذلك، والآية عامة لمن اتفق فيهم وفيهن، ولما اختلف كما رأيت، كأنه قيل، لهن حقوق عليكم كما لكن حقوق عليهن، قال صلى الله عليه وسلم:
" ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فراشكم من تكرهون، ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن "
، رواه الترمذى وصححه، والنسائى، وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص، وعن ابن عباس رضى الله عنهما إنى لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لى، لأن الله تعالى يقول: ولهن... الخ، ومما لهن ألا تعجل القيام عنها إذا جامعها حتى تقضى حاجتها { وللرجال } الأزواج، ولفظ الرجال إشارة إلى أن للرجل فضلا على المرأة ولو لم يكن زوجا لها، ولذلك لم يقل لهم { عليهن درجة } مرتبة رفيعة فوق مرتبتهن وشرف، لأن حقوقهم فى أبدانهن لا يجئن الخروج والتصرفات إلا بإذنهم، وحقهم فى الجماع أعظم من حقهن عليهم فيه، وهم قوام وحرس عليهن، وكأنهن إماء لهم بالمهر، حتى إن لهم منهن عن النفل، وعليهن طاعتهم { والله عزيز } لا يرده شىء عن الانتقام ممن خالف أحكام الزوجين أو غيرهما، ولا يفعل إلا الحق { حكيم } فعله، كله عدل، لأنه عالم بعواقب الأمور والمصالح.
[2.229]
{ الطلق مرتان } واحدة بعد أخرى أو دفعة، ولو خالف السنة فى الدفعة، فالآية على أن الطلاق لا يكون أكثر من ثلاثة، لا فى بيان الأفضل، وإن كان فيه فمرتان، من تثنية التكثير كلبيك وكرتين، وعلمتك الكتاب بابا بابا، فالمعنى مرة مرة بلا نهاية، لكن لكل زوج اثنتان، وتثلثة فقط، والثالثة فى قوله { فإمساك بمعروف } دون ضرر { أو تسريح بإحسن } ومعلوم أن الإمساك بعد الطلاق إنما هو بالمراجعة، فإذا راجعها بعد التطليقتين فعليه أن يمسكها بمعروف أو يطلقها الثالثة بإحسان، فلا يراجعها بعد، ولا يتزوجها حتى تنكح زوجا غيره، كأن الرجل إذا طلق وراج قبل تمام المدة فله ذلك ولو آنفا، مقصد رجل ذلك. إذا شارفت التمام راجع، فقال: والله، لا آويك ولا تخلين أبدا، فأنزل الله تعالى ذلك روى أبو داود وابن أبى حاتم والدارقطنى عن أنس، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين الثالثة؟ فقال: أو تسريح بإحسان، قال الحسن بن على لزوجه: أنت طالق ثلاثا، وندم، فقال: لولا أبى سمعت جدى، أو حدثنى أبى عن جدى، أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الإفراد أو ثلاثا مبهمة يعنى بالإبهام أنها بلفظ واحد لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لمراجعتها، والثالثة بمرة واثنتان بمرة بدعة عندنا وعند أبى حنيفة خلافا للشافى، مستدلا بحديث العجلانى الذى لاعن امرأته، فطلقها ثلاثا بمرة بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه، قلنا، لا دليل على تأخره عن نزول الآية، فلعلها ناسخة له، وأيضا يضعفه أنه لا طلاق بعد لعان، ولو كان هذا لا ينهض حجة، روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أن طلاق السنة أن تستقبل الطهر استقبالا، فتطلقها لكل قرء تطليقة "
، وإن طلق اثنتين بلفظين، أو ثلاثة ألفاظ قبل الدخول عدت واحدة، إذ لا عدة عليها، تدركها أخرى فيها، وإن قال تطليقتين طلقتك، أو ثلاثا طلقتك، أو طلقت تطليقتين زوجى، أو فلانة، أو طلقت ثلاثا زوجى أو فلانة وقع الاثنتان أو الثلاث ولو قيل الدخول، وإن أخر تطليقتين أو ثلاثا عن فلانة أو عن زوجى، وقدم الطلاق فواحدة. وعن أبى هريرة وابن عباس: اثنتان أو ثلاث، كأنهما راعيا نيته حين تلفظ بلفظ الطلاق، وله وجه، والنية لها، وقع فى الحكم، طلق ركانة زوجه ألبتة، وقال، والله ما أردت إلا واحدة، فقال صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة. قال: هو ما أردت، فردها، فدخل بالمعروف حسن العشرة وأداء حقوق الزوجية، وبالإحسان كون الطلاق فى الطهر قبل المس، وكونه واحدا أو اثنتين أو ثلاثا بتفريق وجبر قبلها بمال نفلا، وإيصال الصداق وعدم ذكرها بسوء فيها، وعدم تنفير الناس عنها، بل يذكر ما فيها من خير بلا غش بما فيها من سوء، والتسريح عبارة عن أن يقول: طلقتك، أو أنت طالق، وشهر أن التسريح طلاق إذا قال سرحتك وأراد الطلاق، فهو واقع، وهو الصحيح { ولا يحل لكم } أيها الأزواج { أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئا } من الصداق بطلبكم الافتداء أو بدونه { إلا أن يخافآ } أى إلا أن يخاف الزوجان منكمن معشر الأزواج، أى ظنا، أو على ظاهره، والاستثناء مفرغ، أى فى وقت ما إلا خوفهما، أى إلا وقت خوفهما، أو لسبب ما إلا لخوفهما، أو متقطع، أى لكن خوفهما.
অজানা পৃষ্ঠা