بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(الْحَمد لله) الَّذِي علمنَا من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شَهَادَة تنجي قَائِلهَا يَوْم الْعرض وَأشْهد أَن مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي خصّه بجوامع الْكَلم فِي الْمقَال وَجمع فِيهِ كل خلق وَخلق حسن فَاسْتَوَى على أكمل الْأَحْوَال [ﷺ] وعَلى آله وَأَصْحَابه الْأَشِدَّاء الرُّحَمَاء الَّذين اشبهوا فِي الْهِدَايَة بهم نُجُوم السَّمَاء وعَلى الْأَئِمَّة الْأَعْلَام والأولياء الْكِرَام (وَبعد) فَأنى لما شرحت فِيمَا مضى الْجَامِع الصَّغِير من حَدِيث البشير النذير كوى قلب الْحَاسِد لما اسْتَوَى فجهد أَن يَأْتِي لَهُ بنظير فَرجع إِلَيْهِ بَصَره خاسئا وَهُوَ حسير فَلَمَّا آنس من نَفسه الْقُصُور وَالتَّقْصِير عمد إِلَى الطعْن فِيهِ بالتطويل وَكَثْرَة القال والقيل فلقطع أَلْسِنَة الحسدة المتعنتين وقصورهم الراغبين وَخَوف انتحال السارقين أَمرنِي بعض المحبين أَن أختصر اللَّفْظ اختصارا وأقتصر فِي الْمعَانِي على مَا يظْهر جهارا فعمدت أختصر وطفقت أقتصر ثمَّ عنّ لي أَنه كَيفَ يَلِيق إهمال هاتيك النكت البديعة اللطيفة والتحقيقات المنيعة الشَّرِيفَة لخوف السارقين والمنتهبين وقصور الأغبياء والمتغنين فَإِن لم ينْتَفع بِهِ الحاسدون والقاصرون فسينتفع بِهِ المنصفون الكاملون وَأَن انتحل مِنْهُ عتاة خائنون فَمن خوان الْكِرَام ينتهبون ولمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ فَرَأَيْت إبْقَاء الأَصْل على حَاله حذرا من إِضَاعَة هاتيك الْبَدَائِع الروائع الَّتِي هِيَ خُلَاصَة أبكار الْعلمَاء وعصارة أنظار الْفُضَلَاء وَأَن يكون هَذَا شرحا ثَانِيًا وجيزا فدونك يَا طَالب الِاخْتِصَار والاقتصار شرحا كَأَنَّهُ سبيكة نضار وَمَعَ ذَلِك فِيهِ طرف من الظّرْف ونبذة من الْأَدَب من وقف عَلَيْهَا وقف وَمَعَ وصفي لَهُ بذلك مَا أبرئه وَلَا نَفسِي من ريب وَلَا أبيعه بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب وَلَا أدّعي فِيهِ كَمَال الاسْتقَامَة وَلَا أَقُول بِأَنَّهُ كَأَصْلِهِ جمع سَلامَة بل أعترف بالقصور وأسأل الله الغفور الْعَفو عَمَّا طَغى بِهِ الْقَلَم فكم جرى بِهَذِهِ السطور فأحرج على من عثر على هفوة أَو كبوة أَن يرقع خرقه ويفتق رتقه
1 / 2
وَيصْلح خلله ويسترز لله فَمن تجنب الْإِنْصَاف وَنظر بِعَين الانحراف وَطلب عَيْبا وجدّ وجد وَمن افْتقدَ زلل أَخِيه بِعَين الرِّضَا فقد فرحم الله امْرأ غلب هَوَاهُ وَعمل بالإنصاف وعذرني فِي خطا كَانَ مني وزلل صدر عني فالكمال محَال لغير ذِي الْجلَال والمرء غير مَعْصُوم وَالنِّسْيَان فِي الْإِنْسَان غير مَعْدُوم (وسميته) التَّيْسِير بشرح الْجَامِع الصَّغِير وَالله سُبْحَانَهُ الْمَسْئُول أَن يَجْعَل مقاساتي فِيهِ كَأَصْلِهِ لوجهه الْكَرِيم ويثيبني عَلَيْهِ بجنات النَّعيم (بِسم الله) أؤلف أَو افْتتح متبرّكا أَو مستعينا (الرَّحْمَن) المتفضل بِإِرَادَة الْخَيْر بِكُل الْخلق (الرَّحِيم) مريده للْمُؤْمِنين (الْحَمد) أَي كل أَفْرَاده أَو ماهيته وَحَقِيقَته وَهُوَ الْوَصْف بالجميل على الْجَمِيل الصَّادِر بِالِاخْتِيَارِ حَقِيقَة أَو حكما على جِهَة التَّعْظِيم (لله) أَي مُخْتَصّ بِهِ فَلَا فَرد مِنْهُ لغيره فَحَمدَ غَيره كالعارية إِذا لكل مِنْهُ وَإِلَيْهِ لِأَنَّهُ مبدأ كل جميل وَالْجُمْلَة لإنشاء الْحَمد وَأَرْدَفَ التَّسْمِيَة بِالْحَمْد اتبَاعا لكتاب الحَدِيث بل لكتاب الْقَدِيم وَإِشَارَة إِلَى أَنه تَعَالَى حيّ قَادر مُرِيد عَالم إِذْ الْحَمد لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا من هُوَ كَذَلِك وامتثالا لحديثي الِابْتِدَاء والتعارض مَدْفُوع بِحمْل الِابْتِدَاء على الْعرفِيّ الممتدّ أَو المُرَاد الِابْتِدَاء بِأَحَدِهِمَا لِأَن الْحكمَيْنِ إِذا تَعَارضا وَلم يعلم سبق وَلَا نسخ يحمل على التَّخْيِير كَمَا قرّر فِي الْأُصُول ذكره الْعَلامَة مرشد الشِّيرَازِيّ (الَّذِي) لِكَثْرَة جوده ورأفته بِنَا (بعث) أرسل (على رَأس) أَي أوّل أَو على (كل مائَة سنة) من المولد النَّبَوِيّ أَو الْبعْثَة أَو الْهِجْرَة (من) أَي مُجْتَهدا وَاحِدًا أَو متعدّدا (يجدّد لهَذِهِ الأمّة) أَي الْجَمَاعَة المحمدية وَالْمرَاد أمّة الْإِجَابَة بِقَرِينَة إِضَافَة الدّين إِلَيْهِم فِي قَوْله (أَمر دينهَا) أَي مَا اندرس من أَحْكَام شريعتها (وَأقَام) نصب وسخر (فِي كل عصر) أَي زمن (من يحوط هَذِه الْملَّة) أَي يتَعَاهَد هَذِه الطَّرِيقَة الإسلامية ويبالغ فِي الِاحْتِيَاط لحفظها (بتشييد أَرْكَانهَا) أَي بإعلاء أعلامها وَأَحْكَام أَحْكَامهَا وَرفع منارها (وتأييد سننها) أَي تقويتها (وتبيينها) للنَّاس أَي توضيحها لَهُم (وَأشْهد) أَي أعلم وَأبين (أَن لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق فِي الْوُجُود (إِلَّا الله وَحده) تَأْكِيد لتوحيد الذَّات (لَا شريك لَهُ) تَأْكِيد لتوحيد الصِّفَات (شَهَادَة يزيح) أَي يزِيل (ظلام الشكوك صبح يقينها) أَي أشهد بِهِ شَهَادَة ثَابِتَة جازمة يزِيل نور اعتقادها ظلمَة كل شكّ وريب فَهُوَ اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ لكَون نطقه بِالشَّهَادَةِ ناشئا عَن جزم قلب (وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا) عطف بَيَان لَا صفة وَلَا بدل اسْم مفعول من التَّحْمِيد وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْحَمد سمى بِهِ لِكَثْرَة خصاله الحميدة (عَبده) قدّمه لِأَن وصف الْعُبُودِيَّة أشرف الْأَوْصَاف (وَرَسُوله) إِلَى كَافَّة الثقلَيْن (الْمَبْعُوث لرفع) أَي لأجل إعلاء (كلمة الْإِسْلَام) وَهِي كلمة التَّوْحِيد (وتشييدها) أَي أَحْكَامهَا وإعلائها وتوثيق عراها (وخفض) أَي وَلأَجل إهانة وإذلال (كلمة الْكفْر) من دَعْوَى الشَّرِيك لله وَنَحْو ذَلِك (وتوهينها) أَي إضعافها وتحقيرها أَي ﵀ رَحْمَة مقترنة بتعظيم وَسلمهُ من كل آفَة مُنَافِيَة لغاية الْكَمَال وَكلمَة على هُنَا مجرّدة عَن المضرّة كَمَا فِي فتوكل على الله فَلَا يرد أنّ الصَّلَاة بِمَعْنى الدُّعَاء وَإِذا اسْتعْمل الدُّعَاء مَعَ كلمة على كَانَ للمضرّة وَالْجُمْلَة لإنشاء طلب الرَّحْمَة وَالسَّلَام وَإِن كَانَ بِصُورَة الْخَبَر (وعَلى آله) أَي أَقَاربه الْمُؤمنِينَ من بني هَاشم وَالْمطلب أَو أتقياء أمّته قَالَ الْعَلامَة الدوانيّ فِي حَاشِيَة شَرحه لهياكل النُّور آل الشَّخْص مَا يؤل إِلَى ذَلِك الشَّخْص وَآل الْمُصْطَفى من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب النّسَب أَو بِحَسب النِّسْبَة أمّا الأوّل فهم الَّذين حرمت عَلَيْهِم الصَّدَقَة وهم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب
1 / 3
وأمّا الثَّانِي فهم الْعلمَاء إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الصُّورِي أَعنِي علم التشريع والأولياء والحكماء المتألهون إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الْحَقِيقِيّ أَعنِي علم الْحَقِيقَة وكما حرم على الأوّل الصَّدَقَة الصورية حرم على الثَّانِي الصَّدَقَة المعنوية أَعنِي تَقْلِيد الْغَيْر فِي الْعُلُوم والمعارف الإلهية فآل النبيّ من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب نسبه لِحَيَاتِهِ الجسمانية كأولاده النسبية وَمن يحذو حذوهم من أَقَاربه الصورية أَو بِحَسب نسبته لِحَيَاتِهِ الْعَقْلِيَّة كأولاده الروحانية من الْعلمَاء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة النبوّة سَوَاء سَبَقُوهُ زَمَانا أَو لحقوه وَلَا شكّ أنّ الثَّانِيَة آكِد من الأولى وَالثَّانيَِة من الثَّانِيَة آكِد من الأولى مِنْهُمَا وَإِذا اجْتمع النسبتان بل النّسَب الثَّلَاث كَانَ نورا على نور كَمَا فِي الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين من العترة الطاهرة (وَصَحبه) اسْم جمع لصَاحب بِمَعْنى الصحابيّ وَهُوَ من لقِيه بعد النبوّة وَقبل مَوته مُؤمنا بِهِ (لُيُوث الغابة) اسْتِعَارَة لمزيد شجاعتهم جمع لَيْث وَهُوَ الْأسد والغابة شجر ملتف أَو نَحوه تأوي إِلَيْهِ الْأسود وَزَاد قَوْله (وَأسد عرينها) دفعا لتوهم احْتِمَال عدم إِرَادَة الْحَيَوَان المفترس بِلَفْظ اللَّيْث إِذْ اللَّيْث أَيْضا نوع من العنكبوت والعرينة مأوى الْأسود (هَذَا) أَي الْمُؤلف الْحَاضِر فِي الْعقل (كتاب) أَي مَكْتُوب (أودعت) صنت وحفظت (فِيهِ من الْكَلم) بِفَتْح فَكسر جمع كلمة كَذَلِك (النَّبَوِيَّة) أَي المنسوبة إِلَى النَّبِي (ألوفا) بِضَم أوّله جمع ألف وَأَرَادَ بالكلم الْأَحَادِيث وبالنبيّ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ مُحَمَّد قيل وعدّته عشرَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ (وَمن الحكم) بِكَسْر فَفتح جمع حِكْمَة وَهِي اسْم لكل علم وَعمل صَالح (المصطفوية) أَي المنسوبة إِلَى الْمُصْطَفى أَي الْمُخْتَار (صنوفا) أَي أنواعا من الْأَحَادِيث فَإِنَّهَا متنوعة إِلَى مواعظ وَغَيرهَا (اقتصرت فِيهِ على الْأَحَادِيث الوجيزة) أَي القصيرة فَلم أتجاوزها إِلَى الطَّوِيلَة إِلَّا نَادرا (ولخصت فِيهِ من معادن الْأَثر) بِالتَّحْرِيكِ أَي الْمَأْثُور يَعْنِي الْمَنْقُول عَن النبيّ (ابريزه) أَي خالصه وَأحسنه شبه أصُول الحَدِيث بالمعادن وَمَا أَخذه مِنْهَا بِالذَّهَب الْخَالِص وَجمعه لَهَا بالتخليص (وبالغت) أَي تناهيت فِي الِاجْتِهَاد (فِي تَحْرِير التَّخْرِيج) أَي اجتهدت فِي تَهْذِيب عزو الْأَحَادِيث إِلَى مخرجها من أَئِمَّة الْفَنّ والتحرير والتهذيب (فَتركت القشر وَأخذت اللّبَاب) أَي تجنبت الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة وأتيت بِالصَّحِيحِ وَالْحسن والضعيف المتماسك (وصنته) أَي حفظت هَذَا الْجَامِع (عَمَّا) أَي عَن إِثْبَات حَدِيث (تفرد بِهِ) أَي بروايته راو (وَضاع) للْحَدِيث على النبيّ (أَو كَذَّاب) أَي كثير الْكَذِب فِي كَلَامه وَإِن لم يعرف بِالْوَضْعِ (ففاق بذلك) أَي بِسَبَب ذَلِك (الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع) أَي علاهم فِي الْحسن والكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع وَهُوَ إِيرَاد متون الْأَحَادِيث مجرّدة من الْأَسَانِيد مرتبَة على الْحُرُوف (كالفائق) فِي اللَّفْظ الرَّائِق للعلامة ابْن غَنَائِم جمع فِيهِ أَحَادِيث الرَّقَائِق (والشهاب) بِكَسْر أوّله للْقَاضِي أبي عبد الله القضاعيّ (وحوى) جمع وَضم (من نفائس) جمع نفيسة لَا نَفِيس (الصِّنَاعَة الحديثية) أَي المنسوبة للمحدّثين (مَا لم يودع قبله) أَي قبل تأليفه (فِي كتاب) من الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي ذَلِك النَّوْع (ورتبته على حُرُوف المعجم) أَي حُرُوف التهجي (مراعيا) أَي ملاحظا فِي التَّرْتِيب (أوّل الحَدِيث فَمَا بعده) أَي محافظا على الِابْتِدَاء بالحرف الأوّل وَالثَّانِي من كل كلمة أولى من الحَدِيث واتباعهما بالحرف الثَّالِث وَهَكَذَا وَفعلت ذَلِك (تسهيلا على الطلاب) لعلم الحَدِيث أَي تيسيرا عَلَيْهِم (وسميته
1 / 4
الْجَامِع الصَّغِير) أَي سميته بِمَجْمُوع الْمَوْصُوف وَالصّفة وَمَا أضيف إِلَيْهِمَا (من حَدِيث البشير النذير) أَي الْبَالِغ فِي كل من الوصفين غَايَة الْكَمَال ثمَّ بَين وَجه التَّسْمِيَة بقوله (لِأَنَّهُ مقتضب) أَي مقتطع (من الْكتاب الْكَبِير) حجما وعلما (الَّذِي) صفته فِي الحَدِيث على ذَلِك النَّحْو و(سميته جمع الْجَوَامِع) لجمعه كل مؤلف جَامع (وقصدت) أَي طلبت (فِيهِ) أَي فِي الْكتاب الْكَبِير (جمع الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بأسرها) أَي بجميعها وَهَذَا بِحَسب مَا طالع عَلَيْهِ المُصَنّف لَا بِاعْتِبَار مَا فِي نفس الْأَمر (وَهَذِه رموزه) أَي إشاراته الدَّالَّة على من خرّج الحَدِيث من أهل الْأَثر (خَ للْبُخَارِيّ) صَاحب أصح الْكتب بعد الْقُرْآن (م لمُسلم) بن الْحُسَيْن بن الْحجَّاج الْقشيرِي النَّيْسَابُورِي (ق لَهما) فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورين (د لأبي دَاوُد) سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي الشافعيّ (ت لِلتِّرْمِذِي) بِكَسْر الْفَوْقِيَّة وَالْمِيم أَو بضمهما أَو بِفَتْح فَكسر مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بِفَتْح السِّين من كبار الْأَعْلَام (ت للنسائي) أَحْمد بن شُعَيْب الخراسانيّ الشافعيّ (هـ لِابْنِ مَاجَه) مُحَمَّد بن يزِيد وماجه لقب لِأَبِيهِ (٤ لهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة) أبي دَاوُد وَمن بعده (٣ لَهُم إِلَّا بَان مَاجَه حم لَا حمد فِي مُسْنده) الإِمَام أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل نَاصِر السّنة الصابر على المحنة الَّذِي قَالَ فِيهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ غسل وَجه السّنة من غُبَار الْبِدْعَة وكشف الْغُمَّة عَن عقيدة الْأمة (عَم لِابْنِهِ) عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد (فِي زوائده) أَي زَوَائِد مُسْند أَبِيه وَهُوَ نَحْو وَربع مُسْند أَبِيه فِي الحجم (ك للْحَاكِم) مُحَمَّد بن عبد الله بن حَمْدَوَيْه الضبيّ أحد الْأَعْلَام (فَإِن كَانَ فِي مُسْتَدْركه) على الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي قصد فِيهِ جمع الزَّوَائِد عَلَيْهِمَا مِمَّا هُوَ على شَرطهمَا أَو أَحدهمَا أَو هُوَ صَحِيح (أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره كتاريخه (بَينته) بِأَن أصرح باسم الْكتاب الْمُضَاف إِلَيْهِ (خد للْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب) أَي فِي كتاب الْأَدَب الْمُفْرد لَهُ وَهُوَ مَشْهُور (تخ لَهُ فِي التَّارِيخ) أَي الْكَبِير إِذْ هُوَ الْمَعْهُود عِنْد الْإِطْلَاق وَيحْتَمل غَيره وَله ثَلَاثَة تواريخ (حب لِابْنِ حَيَّان) مُحَمَّد بن حبَان التَّمِيمِي البستي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي صَحِيحه) الْمُسَمّى بالتقاسيم والأنواع (طب للطبرانيّ) سُلَيْمَان اللَّخْمِيّ أحد الْحفاظ الرحالين المعمرين وثقوه (فِي الْكَبِير) أَي فِي مُعْجَمه الْكَبِير المُصَنّف فِي أَسمَاء الصَّحَابَة (طس لَهُ فِي الْأَوْسَط) أَي فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط الَّذِي أَلفه فِي غرائب شُيُوخه (طص لَهُ فِي الصَّغِير) أَي أَصْغَر معاجيمه الثَّلَاثَة (ص لسَعِيد ابْن مَنْصُور فِي سنَنه) هُوَ أَبُو عُثْمَان الخراسانيّ وَيُقَال الطالقانيّ ثِقَة ثَبت (ش لِابْنِ أبي شيبَة) عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة الْعَبْسِي الْكُوفِي صَاحب الْمسند (عب لعبد الرَّزَّاق فِي الْجَامِع) هُوَ عبد الرَّزَّاق بن نَافِع أَبُو بكر أحد الاعلام وَكَانَ يتشيع (ع لأبي يعلى فِي مُسْنده) محدّث الجزيرة أَحْمد بن عليّ بن الْمثنى التَّمِيمِي ثِقَة ثَبت (قطّ للدارقطني) نِسْبَة إِلَى الدَّار والقطن ركب الاسمان مِنْهُ عَليّ بن عمر الْبَغْدَادِيّ الشافعيّ أَمَام زَمَانه (فَإِن كَانَ فِي السّنَن أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيرهَا من تصانيفه كالأفراد والعلل (بَينته) أَي أضفته إِلَى الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (فر للديلمي فِي مُسْند الفردوس) الْمخْرج على كتاب الشهَاب الْمُرَتّب على هَذَا النَّحْو والفردوس لعماد الْإِسْلَام أبي شُجَاع الديلمي وَمُسْنَده لوَلَده أبي مَنْصُور شهردار بن شيرويه (حل لأبي نعيم) أَحْمد بن عبد الله الأصفهانيّ الصُّوفِي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي الْحِلْية) أَي فِي كتاب حلية الْأَوْلِيَاء وطبقات الأصفياء (هَب للبيهقي) الْحَافِظ الْكَبِير أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة (فِي) كتاب (شعب الْإِيمَان) بِكَسْر الْهمزَة كتاب نَفِيس غزير الْفَوَائِد (هق لَهُ فِي السّنَن) الْكُبْرَى الَّذِي قَالَ السُّبْكِيّ لم يؤلف
1 / 5
أحد مثله (عد لِابْنِ عدي) الْحَافِظ عبد الله بن عدي الجرجانيّ (فِي) كِتَابه (الْكَامِل) الَّذِي أَلفه فِي معرفَة الضُّعَفَاء (عق للعقيلي) فِي كِتَابه الَّذِي صنفه (فِي الضُّعَفَاء) أَي فِي بَيَان حَال رجال الحَدِيث الضَّعِيف فالضعفاء جمع ضَعِيف (خطّ للخطيب) أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي (فَإِن كَانَ) الحَدِيث الَّذِي أعزوه إِلَيْهِ (فِي التَّارِيخ) أَي تَارِيخ بَغْدَاد الْمَشْهُور (أطلقت) الْعزو إِلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره من تأليفاته الْمَشْهُورَة (بَينته) بِأَن أعين الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَالله أسأَل) لَا غَيره كَمَا يُؤذن بِهِ تَقْدِيم الْمَعْمُول (أَن يمنّ) أَي ينعم عليّ (بقبوله) مني بِأَن يثيبني عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة (وَأَن يجعلنا) أَتَى بنُون العظمة إِظْهَارًا لملزومها الَّذِي هُوَ نعْمَة من تَعْظِيم الله لَهُ بتأهيله للْعلم امتثالا لقَوْله تَعَالَى وأمّا بِنِعْمَة رَبك فحدّث (عِنْده) عندية إعظام وإكرام لَا مَكَان (من حزبه) بِكَسْر الْحَاء خاصته وجنده (المفلحين) الكاملين فِي الْفَلاح الفائزين بِكُل خير المدركين لما طلبُوا الناجين مِمَّا هربوا (وحزب رَسُوله) أَي اتبع الله وَاتِّبَاع رَسُوله المقرّبين لَدَيْهِ الغالبين على من سواهُم أنّ حزب الله هم الغالبون المفلحون
(إِنَّمَا الْأَعْمَال) أَي لَا صِحَة أَولا كَمَال للأعمال إِلَّا (بِالنِّيَّاتِ) قَالَ بعض الْمُحَقِّقين أصل إِنَّمَا أَن يكون الحكم الْمُسْتَعْمل فِيهِ مِمَّا يُعلمهُ الْمُخَاطب وَلَا يُنكره أَي من شَأْنه أَن لَا يجهله وَلَا يُنكره حَتَّى إِن إِنْكَاره يَزُول بِأَدْنَى تَنْبِيه فنبه الْمُصْطَفى بِهَذِهِ الْكَلِمَة على أنّ هَذَا الحكم لَا يحْتَاج إِلَى نظر بل يَكْفِيهِ أدنى تأمّل والأعمال والنيات جمع محلى بِاللَّامِ للكثرة ومفيد للاستغراق مَعَ إِفَادَة قصر الْمسند عَلَيْهِ على الْمسند وَمَعْنَاهُ كل عمل بنية فَلَا عمل إِلَّا بنية إِذْ الْجمع إِذا قوبل بِجمع يحمل على التَّوْزِيع وَقيل أنّ إِنَّمَا تفِيد تَأْكِيد الْحصْر إِذْ هُوَ مُسْتَفَاد من تَعْرِيف الْجمع وَيجوز أَن تكون إِنَّمَا أَيْضا للحصر وَلَا حجر فِي اجْتِمَاع الْأَدِلَّة على مَدْلُول وَاحِد كَمَا فِي شرح الْمِفْتَاح للشريف والنيات جمع نِيَّة وَهِي انبعاث الْقلب نَحْو مَا يرَاهُ مُوَافقا لغَرَض من جلب نفع أَو دفع ضرّ وَهَذَا اللَّفْظ مَتْرُوك الظَّاهِر لأنّ الذوات غير منتفية إِذْ تَقْدِير إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لَا عمل إِلَّا بنية وَالْغَرَض أنّ ذَات الْعَمَل الْخَالِي عَن النِّيَّة مَوْجُودَة فَالْمُرَاد نفي أَحْكَامهَا كالصحة والفضيلة وَالْحمل على الصِّحَّة أولى لِأَنَّهُ الأَصْل فَلَا يَصح عمل إِلَّا بنية وَإِنَّمَا لم تشْتَرط فِي إِزَالَة خبث لِأَنَّهَا من قبيل التروك ﴿وَإِنَّمَا لكل امْرِئ﴾ أَي رجل ومؤنثه امْرَأَة ﴿مَا نوى﴾ أَي مَا حصل لإِنْسَان من الْعَمَل إِلَّا مَا نَوَاه فالم يُنَوّه لَا يعتدّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ من عمله الِاخْتِيَارِيّ القصدي إِلَّا مَا نَوَاه من خير وشرّ نفيا واثباتا فالإثبات لَهُ مَا نَوَاه وَالنَّفْي لَا يحصل لَهُ غير مَا نَوَاه فَلَيْسَ هَذَا تكْرَار فإنّ الأوّل دلّ على أنّ صَلَاح الْعَمَل وفساده بِحَسب النِّيَّة الْمُقْتَضِيَة للإيجاد وَالثَّانِي على أنّ الْعَامِل ثَوَابه على عمله بِحَسب نِيَّته إِن قصد لله وَللَّه وَإِن قصد للدنيا فلهَا فَقَط (فَمن كَانَت هجرته) أَي انْتِقَاله من بِلَاد الْكفْر (إِلَى الله وَرَسُوله) قصدا وعزما (فَهجرَته) بِبدنِهِ وجوارحه (إِلَى الله وَرَسُوله) ثَوابًا وَأَجرا فَلَمَّا كَانَت الْهِجْرَة لَهَا مبدأ وباعث من الْقلب ومصدر وَغَايَة فِي الْجَوَارِح كَانَ مصدرها وغايتها فِي الْخَارِج تبعا لمبدئها فِي الْقلب (وَمن كَانَت هجرته لدُنْيَا) بِضَم أوّله وَالْقصر بِلَا تَنْوِين وَاللَّام للتَّعْلِيل أَو بِمَعْنى إِلَى (يُصِيبهَا) أَي يحصلها شبه تَحْصِيلهَا عِنْد امتداد الأطماع نَحْوهَا بِإِصَابَة الْغَرَض السهْم بِجَامِع سرعَة الْوُصُول وَحُصُول المُرَاد (أَو امْرَأَة ينْكِحهَا) جعلهَا قسيما للدنيا مُقَابلا لَهَا تَعْظِيمًا لأمرها لكَونهَا أَشد فتْنَة فأو للتقسيم وَهُوَ أولى من جعله عطف خَاص على عَام لَا لما قيل من أنّ لفظ دنيا نكرَة وَهِي لَا تعم فِي الْإِثْبَات مَدْفُوع بِأَنَّهَا فِي سِيَاق الشَّرْط تعم بل
1 / 6
لتصريح ابْن مَالك فِي شرح الْعُمْدَة بأنّ عطف الْخَاص على الْعَام يخْتَص بِالْوَاو (فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ) وَإِن كَانَت هجرته بِصُورَة وَالْهجْرَة إِلَى الله وَرَسُوله وذم قَاصد أَحدهمَا وَإِن قصد مُبَاحا لكَونه خرج لطلب فَضِيلَة ظَاهرا وأبطن غَيره وَفِيه أنّ الْأُمُور بمقاصدها وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْخمس الَّتِي ردّ بَعضهم جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام الَّتِي تزيد على سَبْعمِائة وَقد تَوَاتر النَّقْل عَن الْأَئِمَّة فِي تَعْظِيم هَذَا الحَدِيث حَتَّى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَيْسَ فِي الْأَحَادِيث أجمع وأغنى وَأكْثر فَائِدَة مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد هُوَ ثلث الْعلم (ق ٤ عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عمر ابْن الْخطاب) الْعَدوي أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ وَزِير الْمُصْطَفى (حل قطّ) وَكَذَا ابْن عَسَاكِر (فِي غرائب) الإِمَام الْمَشْهُور صدر الصُّدُور (مَالك) بن أنس الأصبحيّ (عَن أبي سعيد) سعد بن مَالك بن سِنَان الأنصاريّ الخدريّ (ابْن عَسَاكِر) حَافظ الشأم أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الدمشقيّ الشافعيّ (فِي أَمَالِيهِ) الحديثية من رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم (عَن أنس) بن مَالك الأنصاريّ خَادِم النبيّ (الرشيد) بن (الْعَطَّار) الْحَافِظ رشيد الدّين أَبُو الْحُسَيْن يحيى الْمَشْهُور بِابْن الْعَطَّار (فِي جُزْء من تَخْرِيجه) وضعفوا سَنَده (عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي عبد الرَّحْمَن بن صَخْر على الْأَصَح من ثَلَاثِينَ قولا
حرف الْهمزَة
(آتى بَاب الْجنَّة) أَي أجئ بعد الِانْصِرَاف من الْموقف إِلَى أعظم المنافذ الَّتِي يتَوَصَّل مِنْهَا إِلَى دَار الثَّوَاب وَهُوَ بَاب الرَّحْمَة أَو التَّوْبَة يَوْم الْقِيَامَة فعالة تفهم فِيهَا التَّاء الْمُبَالغَة وَالْغَلَبَة وَهِي قيام أَمر مستعظم (فأستفتح) أَي أطلب فتح الْبَاب بالقرع (فَيَقُول الخازن) أَي الْحَافِظ للجنة وَهُوَ رضوَان (من أَنْت) أجَاب بالاستفهام وأكده بِالْخِطَابِ تلذذ بمناجاته (فَأَقُول مُحَمَّد) أكتفي بِهِ وَإِن كَانَ الْمُسَمّى بِهِ كثيرا لِأَنَّهُ الْعلم الَّذِي لَا يشْتَبه (فَيَقُول بك) قيل الْبَاء مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ بعْدهَا ثمَّ هِيَ إمّا سَبَبِيَّة قدمت للتخصيص أَي بسببك (أمرت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول والآمر الله (أَن لَا أفتح) الْبَاب (لأحد) من الْخلق (قبلك) لَا بِسَبَب آخر أَو صلَة للْفِعْل وَأَن لَا أفتح بدل من الضَّمِير الْمَجْرُور أَي أمرت بِفَتْح الْبَاب لَك قبل غَيْرك من الْأَنْبِيَاء (حم م) فِي الْإِيمَان (عَن أنس) بن مَالك
(آخر من يدْخل الْجنَّة) أَي من الْمُوَحِّدين لأنّ الْكفَّار مخلدون (رجل) هُوَ مُخْتَصّ بِالذكر من النَّاس (يُقَال لَهُ) أَي يُسمى (جُهَيْنَة) بِضَم فَفتح اسْم قَبيلَة سمى بِهِ الرجل (فَيَقُول أهل الْجنَّة) الَّذين هم فِيهَا حِينَئِذٍ (عِنْد) بِتَثْلِيث الْعين (جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين) أَي الْجَازِم الثَّابِت المطابق للْوَاقِع من أَنه هَل بَقِي فِي جَهَنَّم أحد يعذب من الْمُوَحِّدين أم لَا (خطّ فِي) كتاب (رُوَاة مَالك) بن أنس من وَجْهَيْن (عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب الْعلم الْفَرد أحد العبادلة الْأَرْبَعَة والْحَدِيث ضَعِيف من طريقيه يل قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بَاطِل كَمَا هُوَ مُبين فِي الشَّرْح
(آخر قَرْيَة) من الْقرى الْجمع سميت بِهِ لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهَا (من قرى الْإِسْلَام خرابا بِالْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّة علم لَهَا بالغلبة فَلَا يسْتَعْمل مُعَرفا إِلَّا فِيهَا (ت) فِي أَوَاخِر جَامعه (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث جُنَادَة وَذكر فِي الْعِلَل أَنه سَأَلَ عَنهُ البُخَارِيّ فَلم يعرفهُ وتعجب مِنْهُ
(آخر من يحْشر) أَي يساق إِلَى الْمَدِينَة والحشر السُّوق من جِهَات مُخْتَلفَة أَو المُرَاد من يَمُوت قَالَ عِكْرِمَة فِي قَوْله إِذا الوحوش حشرت حشرها مَوتهَا (راعيان) تَثْنِيَة رَاع وَهُوَ حَافظ الْمَاشِيَة (من
1 / 7
مزينة) بِالتَّصْغِيرِ قَبيلَة مَعْرُوفَة (يُريدَان الْمَدِينَة) يقصدانها (ينعقان) بِكَسْر الْمُهْملَة (بغنمهما) يزجرانها بأصواتهما ويسوقانها يطلبان الْكلأ (فيجدانها) أَي الْغنم (وحوشا) بِضَم أوّله بِأَن تنْقَلب ذواتها أَو بِأَن تتوحش فتنفر من صيامهما أَو الضَّمِير للمدينة وَالْوَاو مَفْتُوحَة أَي يجدان الْمَدِينَة خَالِيَة والوحوش الْخَلَاء أَو يسكنهَا الْوَحْش لانقراض ساكنيها قَالَ النوويّ وَهُوَ الصَّحِيح والأوّل غلط وَتعقبه ابْن حجر بأنّ قَوْله (حَتَّى إِذا بلغا ثنية الْوَدَاع) يُؤَيّد الأوّل لأنّ وُقُوع ذَلِك قبل دُخُول الْمَدِينَة وثنية الْوَدَاع بِفَتْح الْوَاو وَمحل عقبَة عِنْد حرم الْمَدِينَة سمي بِهِ لأنّ المودعين يَمْشُونَ مَعَ الْمُسَافِر إِلَيْهَا (خرا) أَي سقطا (على وُجُوههمَا) أَي أخذتهما الصعقة عِنْد النفخة الأولى وَذَا ظَاهر فِي أَنه يكون لإدراكهما السَّاعَة وإيقاع الْجمع موقع التَّثْنِيَة جَائِز وواقع فِي كَلَامهم كَقَوْلِهِم حَيا الله وُجُوههمَا إِذْ لَا يكون لوَاحِد أَكثر من وَجه ذكره ابْن الشجري (ك) فِي الْفِتَن (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ على شَرطهمَا وَأقرهُ الذَّهَبِيّ
(آخر مَا أدْرك النَّاس) من النوس التحرّك أَو لأنّ بَعضهم يأنس بِبَعْض (من كَلَام النُّبُوَّة الأولى) أَي آخر مَا وجدوا مَأْمُورا بِهِ فِي زمن النُّبُوَّة الأولى وَهِي من عهد آدم إِلَى أَن أدركناه فِي شرعنا وَلم ينْسَخ فِي مِلَّة من الْملَل (إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت) إِذا لم تخش الْعَار عملت مَا شِئْت لم يردعك عَنهُ رادع وسيكافئك الله على فعلك فَهُوَ توبيخ شَدِيد أَو هُوَ للتهديد أَي اصْنَع مَا شِئْت فَسَوف ترى غبه أَو هُوَ على حَقِيقَته وَمَعْنَاهُ إِذا كنت فِي أمورك آمنا من الْحيَاء فِي فعلهَا لكَونه على وفْق الشَّرْع فَاصْنَعْ مِنْهَا مَا شِئْت / وَلَا عَلَيْك من أحد وَقد نظم بَعضهم معنى الحَدِيث فَقَالَ
(إِذا لم تصن عرضا وَلم تخش خَالِقًا ... وتستح مخلوقا فَمَا شِئْت فَاصْنَعْ)
وَقَالَ ابْن الْحسن السفلة من لَا يعبأ بِمَا صنع (ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه) تَارِيخ دمشق (عَن أبي مَسْعُود) عقبَة بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة (البدري) الْأنْصَارِيّ
(آخر مَا تكلم بِهِ إِبْرَاهِيم) الْخَلِيل (حِين ألقِي فِي النَّار) الَّتِي أعدّها لَهُ نمروذ وألقاه فِيهَا ليحترق وسنه سِتّ عشرَة سنة على مَا قيل (حسبي الله) أَي كافيني وكافلني هُوَ الله لَا غَيره (وَنعم الْوَكِيل) أَي الموكول إِلَيْهِ وَنعم كلمة مُبَالغَة تجمع الْمَدْح كُله (خطّ) فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن يزْدَاد (عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (وَقَالَ) أَي الْخَطِيب (غَرِيب) أَي هُوَ حَدِيث غَرِيب وَهُوَ مَا انْفَرد بِهِ حَافظ وَلم يذكرهُ غَيره (وَالْمَحْفُوظ) عِنْد الْمُحدثين (عَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن أحد العبادلة الْأَرْبَعَة (مَوْقُوف) عَلَيْهِ غير / مَرْفُوع لَكِن مثله لَا يُقَال من قبيل الرَّأْي فَهُوَ حكمه
(آخر أربعاء) بِتَثْلِيث الْبَاء والمدّ (فِي الشَّهْر) من الشُّهْرَة يُقَال أشهر الشَّهْر إِذا طلع هلاله (يَوْم نحس) بِالْإِضَافَة وبدونها أَي شُؤْم وبلاء (مستمرّ) أَي مطرد شؤمه أَي دَائِم الشؤم أَو مستحكمه أَي على من تطير بِهِ واعتقد نحوسته لذاته وَخَافَ مِنْهَا مُعْتَقدًا مَا عَلَيْهِ المنجمون أما من اعْتقد أَنه لَا ينفع وَلَا يضر إِلَّا الله فَلَيْسَ هُوَ بنحس عَلَيْهِ (وَكِيع) بن الجرّاح أَبُو سُفْيَان الرواسِي (فِي الْغرَر) أَي فِي كتاب الْغرَر تأليفه (وَابْن مردوية) أَبُو بكر أَحْمد بن مُوسَى (فِي التَّفْسِير) تَفْسِير الْقُرْآن (خطّ) فِي تَرْجَمَة أبي الْوَزير صَاحب الْمهْدي (عَن ابْن عَسَاكِر) وَهُوَ ضَعِيف بل واه لضعف رِوَايَة سَلمَة بن الصَّلْت وَغَيره
(آدم) من أَدِيم الأَرْض أَي ظَاهر وَجههَا سمي بِهِ لخلقه مِنْهُ (فِي السَّمَاء الدُّنْيَا) الْقَرِيبَة منا (تعرض عَلَيْهِ أَعمال ذرّيته) أَي نَسْله وَلَا مَانع من عرض الْمعَانِي وَإِن
1 / 8
كَانَت أعراضا لِأَنَّهَا فِي عَالم الملكوت متشكلة بأشكال تخصها وَمعنى عرضهَا أَن يراهم بمواضعهم فَيرى السُّعَدَاء من الْجَانِب الْأَيْمن وَغَيرهم من الْأَيْسَر (ويوسف) بن يَعْقُوب (فِي السَّمَاء الثَّانِيَة) وَهُوَ اسْم عبراني (وابنا الْخَالَة يحيى) اسْم أعجميّ أَو عربيّ (وَعِيسَى) بن مَرْيَم معرّب أَصله بالعبرانية يسوع (فِي السَّمَاء الثَّالِثَة وَإِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة) أعجميّ غير مُشْتَقّ وَلَا منصرف قَالَ الجامي فِي شرح الفصوص وَهُوَ أوّل إِنْسَان حصل لَهُ الْعلم بالأعطية الْحَاصِلَة من الْمرتبَة المقضية وتنزلت عَلَيْهِ الْعُلُوم الوهبية (وهرون فِي السَّمَاء الْخَامِسَة ومُوسَى) بن عمرَان (فِي السَّمَاء السَّادِسَة) غير منصرف للعلمية والعجمة (وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّابِعَة) أعجمي معرّب أَصله ابراهام وَزَاد فِي رِوَايَة مُسْند أظهره إِلَى الْبَيْت انْتهى (ابْن مردوية) فِي التَّفْسِير (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث الْإِسْرَاء عِنْد الشَّيْخَيْنِ من حَدِيث أنس لكنه فِيهِ تخَالف فِي التَّرْتِيب
(آفَة الظّرْف) بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون الرَّاء الْكيس والبراعة (الصلف) بِالتَّحْرِيكِ مُجَاوزَة الْقدر يَعْنِي عاهة براعة اللِّسَان وذكاء الْجنان التطاول على الأقران والتمدّح بِمَا لَيْسَ فِي الْإِنْسَان وَالْمرَاد أنّ الظّرْف من الصِّفَات الْحَسَنَة لَكِن لَهُ آفَة رَدِيئَة كثيرا مَا تعرض لَهُ فَإِذا عرضت لَهُ أفسدته فليحذر ذُو الظّرْف تِلْكَ الآفة وَكَذَا يُقَال فِيمَا بعده والآفة بالمدّ العاهة أَو عرض يفْسد مَا يُصِيبهُ (وَآفَة الشجَاعَة الْبَغي) أَي وعاهة شدّة الْقلب عِنْد الْبَأْس تجَاوز الحدّ والتعدّي والإفساد (وَآفَة السماحة المنّ) أَي وعاهة الْجُود وَالْكَرم تعديد النعم على الْمُنعم عَلَيْهِ (وَآفَة الْجمال الْخُيَلَاء) أَي وعاهة حسن الصُّورَة أَو الْمعَانِي الْعجب وَالْكبر والتيه (وَآفَة الْعِبَادَة الفترة) أَي وعاهة الطَّاعَة التواني والتكاسل فِيهَا بعد كَمَال النشاط وَالِاجْتِهَاد (وَآفَة الحَدِيث) أَي مَا يتحدّث بِهِ وينقل (الْكَذِب) أَي الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ (وَآفَة الْعلم النسْيَان) أَي وعاهة الْعلم أَن يهمله الْعَالم حَتَّى يذهب عَن ذهنه (وَآفَة الْحلم) بِالْكَسْرِ (السَّفه) أَي وعاهة الأناة والتثبت وَعدم العجلة الخفة والطيش وَعدم الملكة (وَآفَة الْحسب) بِالتَّحْرِيكِ (الْفَخر) أَي وعاهة الشّرف بِالْآبَاءِ ادّعاء العظمة والتمدّح بالخصال (وَآفَة الْجُود السَّرف) أَي وعاهة السخاء والتبذير والإنفاق فِي غير طَاعَة وَتجَاوز الْمَقَاصِد الشَّرْعِيَّة وَالْقَصْد التحذير من هَذِه العاهات الْمفْسدَة لهَذِهِ الْخِصَال الحميدة (هَب) وَكَذَا ابْن لال (وَضَعفه) أَي البيهقيّ (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَفِيه كَذَّاب
(آفَة) أهل (الدّين) أَو المُرَاد الدّين نَفسه لأنّ شُؤْم كل مِنْهُم يعود على الشَّرِيعَة بالوهن (ثَلَاثَة) من الرِّجَال (فَقِيه) أَي عَالم (فَاجر) أَي مائل عَن الْحق هاتك ستر الدّيانَة (وَإِمَام) أَي سُلْطَان سمي بِهِ لِأَنَّهُ يتقدّم على غَيره (جَائِر) أَي ظَالِم (ومجتهد جَاهِل) أَي وعابد مُجْتَهد فِي الْعِبَادَة جَاهِل بِأَحْكَام الدّين بِأَن لم يعلم الْوَاجِب عَلَيْهِ من الشَّرَائِع الظَّاهِرَة وَخص الثَّلَاثَة لعظم الضَّرَر بهم فالعالم يقْتَدى بِهِ وَالْإِمَام تعتقد الْعَامَّة وجوب طَاعَته والمتعبد يعظم الِاعْتِقَاد بِهِ (فر) عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ ضَعِيف لضعف رِوَايَة نهشل بن سعيد
(آفَة الْعلم النسْيَان) لما تقرّر (وإضاعته) أَي إهماله أَو إِتْلَافه (أَن تحدّث بِهِ غير أَهله) مِمَّن لَا يفهمهُ وَلَا يعرفهُ فتحديثك بِهِ لَهُ إهمال للْعلم أَي جعلته بِحَيْثُ صَار مهملا أَو إِتْلَاف لعدم معرفتهم بالمحدّث بِهِ وَمن ثمَّ قَالَ حَكِيم صقلك سَيْفا لَيْسَ لَهُ جَوْهَر من سخنه خطأ وحملك الصعب المسنّ على الرياضة عناء وَقَالَ أَبُو تَمام
(السَّيْف مَا لم يلف مِنْهُ صقيل ... من سخنه لم ينْتَفع بصقال)
1 / 9
وَقيل لحكيم يُؤَدب شَيخا مَا تصنع قَالَ أغسل مسحا لَعَلَّه يبيض وَقَالَ أَبُو تَمام وَقد رأى عَالما يعلم بليدا (... وَلَو نشر الْخَلِيل لَهُ لعقت ... بلادته على فطن الْخَلِيل)
(ش عَن الْأَعْمَش مَرْفُوعا) إِلَى النبيّ (معضلا) وَهُوَ مَا سقط من رجال إِسْنَاده اثْنَان فَأكْثر على التوالي (وَأخرج) أَي ابْن أبي شيبَة (صَدره فَقَط) وَهُوَ قَوْله آفَة الْعلم النسْيَان (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله الْهُذلِيّ أحد العبادلة الْأَرْبَعَة على مَا فِي صِحَاح الْجَوْهَرِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ غير مَرْفُوع (آكل) بِكَسْر الْكَاف والمدّ أَي متناول (الرِّبَا) بِأَيّ وَجه كَانَ وَخص الْأكل لِأَنَّهُ الْمَقْصد الْأَعْظَم من المَال وَهُوَ بِكَسْر الرَّاء وبقصر وألفه بدل من وَاو وَهُوَ لُغَة الزِّيَادَة وَشرعا عقد على عوض مَخْصُوص غير مَعْلُوم التَّمَاثُل حَال العقد أَو مَعَ تَأْخِير فِي الْبَدَلَيْنِ أَو أَحدهمَا (وموكله) مطعمه (وكاتبه) الَّذِي يكْتب الْوَثِيقَة بَين المترابين (وشاهداه) اللَّذَان يَشْهَدَانِ على العقد (إِذا علمُوا بذلك) أَي بِأَنَّهُ رَبًّا وَبِأَنَّهُ بَاطِل (و) الْمَرْأَة (الواشمة) الَّتِي تغرز الْجلد بِنَحْوِ إبرة وَتَذَر عَلَيْهِ بِنَحْوِ نيلة ليخضر أَو يزرق (والموشومة) الْمَفْعُول بهَا ذَلِك (لِلْحسنِ) أَي لأجل التحسين وَلَا مَفْهُوم لَهُ لِأَن الوشم قَبِيح شرعا مُطلقًا (ولاوي) بِكَسْر الْوَاو (الصَّدَقَة) أَي مَانع الزَّكَاة المماطل بهَا (والمرتدّ) حَال كَونه (أَعْرَابِيًا) بِفَتْح الْهمزَة وياء النِّسْبَة إِلَى الْجمع لِأَنَّهُ صَار علما فَهُوَ كالمفرد (بعد الْهِجْرَة) يَعْنِي والعائد إِلَى الْبَادِيَة ليقيم مَعَ الْأَعْرَاب بعد مهاجرته مُسلما وَكَانَ من رَجَعَ بعد هجرته بِلَا عذر يعد كالمرتد لوُجُوب الْإِقَامَة مَعَ النبيّ لنصرته (ملعونون) مطرودون عَن مَوَاطِن الْأَبْرَار لما اجترحوه من ارْتِكَاب هَذِه الْأَفْعَال القبيحة الَّتِي هِيَ من كبار الآصار (على لِسَان مُحَمَّد) أَي بقوله مِمَّا أُوحِي إِلَيْهِ (يَوْم الْقِيَامَة) ظرف للعن أَي هم يَوْم الْقِيَامَة مبعدون مطرودون عَن منَازِل الْقرب وَختم بِهِ تهويلا وَزِيَادَة فِي الزّجر وَفِيه أنّ مَا حرم أَخذه حرم إِعْطَاؤُهُ وَقد عدّها الْفُقَهَاء من الْقَوَاعِد وفرّعوا عَلَيْهَا كثيرا من الْأَحْكَام وَلَكِن استثنوا مسَائِل مِنْهَا الرِّشْوَة للمحكم ليصل إِلَى حَقه وَفك الْأَسير وَإِعْطَاء شَيْء لمن يخَاف هجوه وَغير ذَلِك (ن) فِي السّير وَكَذَا أَحْمد (عَن ابْن مَسْعُود) وَهُوَ ضَعِيف لضعف الْحَرْث الْأَعْوَر
(آكل) بالمدّ وَضم الْكَاف (كَمَا يَأْكُل العَبْد) أَي فِي الْقعُود لَهُ وهيئة التَّنَاوُل وَالرِّضَا بِمَا حضر فَلَا أتمكن عِنْد جلوسي لَهُ كَفعل أهل الرَّفَاهِيَة (وأجلس) للْأَكْل وَاحْتِمَال الْإِطْلَاق بعيد من السِّيَاق (كَمَا يجلس العَبْد) لَا كَمَا يجلس الْملك فإنّ التخلق بأخلاق العبدية أشرف الْأَوْصَاف البشرية وَقصد بِهِ تَعْلِيم أمّته آدَاب الْأكل وسلوك مَنْهَج التَّوَاضُع وتجنب عَادَة المتكبرين وَأهل الرَّفَاهِيَة (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (ع) كِلَاهُمَا (عَن عَائِشَة) أمّ الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا
(آل مُحَمَّد كل تَقِيّ) أَي من قرَابَته لقِيَام الْأَدِلَّة على أنّ آله من حرمت الصَّدَقَة عَلَيْهِم أَو المُرَاد لَهُ بِالنِّسْبَةِ لمقام نَحْو الدُّعَاء فالإضافة للاختصاص أَي هم مختصون بِهِ اخْتِصَاص أهل الرجل بِهِ وأمّا حَدِيث أَنا جدّ كل تَقِيّ فَقَالَ الْمُؤلف لَا أعرفهُ (طس) وَكَذَا فِي الصَّغِير (عَن أنس) بن مَالك قَالَ سُئِلَ النبيّ من آل مُحَمَّد فَذكره وَهُوَ ضَعِيف لضعف نوح بن أبي مَرْيَم
(آل الْقُرْآن) أَي حفظته الْعَامِلُونَ بِهِ (آل الله) أَي أولياؤه أضيفوا إِلَى الْقُرْآن لشدّة اعتنائهم بِهِ وأضيفوا إِلَى الله تَشْرِيفًا أمّا من حفظه وَلم يحفظ حُدُوده يقف عِنْد أوامره ونواهيه فأجنبىّ من هَذَا التشريف إِذْ الْقُرْآن حجَّة عَلَيْهِ لَا لَهُ كَمَا يفِيدهُ أَحَادِيث تَأتي (خطّ فِي رُوَاة مَالك) من رِوَايَة مُحَمَّد بن بزيع عَن مَالك عَن
1 / 10
الزهريّ (عَن أنس) بن مَالك وبزيع مَجْهُول
(آمروا) بالمدّ وَمِيم مُخَفّفَة مَكْسُورَة (النِّسَاء فِي بناتهنّ) أَي شاوروهن فِي تزويجهنّ ندبا لِأَنَّهُ أدعى للألفة وَأطيب للنَّفس وَلَا يجب اتِّفَاقًا (د) فِي النِّكَاح (هق) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد حسن
(آمروا النِّسَاء) أَي المكلفات (فِي أنفسهنّ) أَي شاوروهنّ فِي تزويجهنّ (فإنّ الثّيّب) فيعل من ثاب إِذا رَجَعَ لرجوعها عَن الزَّوْج الأوّل أَو لمعاودتها التزوّج (تعرب) تبين وتوضح (عَن نَفسهَا) لعدم غَلَبَة الْحيَاء عَلَيْهَا لما سبق لَهَا من ممارسة الرِّجَال (وَإِذن الْبكر) أَي الْعَذْرَاء وَهِي من لم تُوطأ فِي قبلهَا (صماتها) سكُوتهَا وَالْأَصْل وصماتها كأذنها فَشبه الصمات بالأذن شرعا ثمَّ جعل أذنا مجَازًا ثمَّ قدّم للْمُبَالَغَة وَأفَاد أنّ الْوَلِيّ لَا يزوّج موليته إِلَّا بِإِذْنِهَا لَكِن الثّيّب لَا بدّ من نطقها وَالْبكْر يَكْفِي سكُوتهَا لشدّة حيائها وَهَذَا عِنْد الشَّافِعِي فِي غير الْمُجبر أمّا هُوَ فيزوّج الْبكر بِغَيْر إِذْنهَا مُطلقًا لأدلة أُخْرَى وَقَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة عقده بِغَيْر إِذن مَوْقُوف على إجازتها (طب هق عَن الْعرس) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء (ابْن عميرَة) بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم الْكِنْدِيّ صَحَابِيّ مَعْرُوف
(آمن) بالمدّ وَفتح الْمِيم (شعر أُميَّة) تَصْغِير أمة وَهُوَ عبد الله (بن أبي الصَّلْت) بن ربيعَة ابْن وهب بن عَوْف ثقفي من شعراء الْجَاهِلِيَّة مبرهن غوّاص على الْمعَانِي تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة وطمع فِي النُّبُوَّة (وَكفر قبله) أَي اعْتقد مَا يُنَافِي شعره المشحون بِالْإِيمَان بِالْبَعْثِ وَالْحكم والتذكير بآلاء الله وآياته فَلم يَنْفَعهُ مَا تلفظ بِهِ مَعَ جحود قلبه (أَبُو بكر) مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن بشار (بن الْأَنْبَارِي) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون نِسْبَة إِلَى الأنبار بَلْدَة قديمَة على الْفُرَات على عشرَة فراسخ من بَغْدَاد وَهُوَ النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف (فِي) كتاب (الْمَصَاحِف خطّ وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عَبَّاس)
(آمين) اسْم فعل بِمَعْنى استجب مبنيّ على الْفَتْح كأين (خَاتم) بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا (رب الْعَالمين) أَي هُوَ خَاتم دُعَاء الله بِمَعْنى أَنه يمْنَع الدُّعَاء من فَسَاد الخيبة والردّ كَمَا يمْنَع الطابع على الْكتاب فَسَاد ظُهُور مَا فِيهِ من الْغَيْر (على لِسَان عباده الْمُؤمنِينَ) أَي هُوَ طَابع الله على لِسَان عباده لأنّ العاهات والبلايا تنْدَفع بِهِ إِذْ الْخَتْم الطَّبْع أَي الْأَثر الْحَاصِل عَن نقش ويتجوّز بِهِ عَن الاستيثاق من الشَّيْء وَالْمَنْع مِنْهُ (عد طب فِي) كتاب (الدُّعَاء عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ كَمَا قَالَ المُصَنّف فِي حَاشِيَة القَاضِي ضَعِيف لضعف مؤمّل الثَّقَفِيّ
(آيَة الكرسيّ) أَي الْآيَة الَّتِي يذكر فِيهَا الكرسيّ (ربع الْقُرْآن) لاشتمالها على التَّوْحِيد والنبوّة وَأَحْكَام الدَّاريْنِ وَآيَة الْكُرْسِيّ ذكر فِيهَا التَّوْحِيد فَهِيَ ربعه بِهَذَا الِاعْتِبَار (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان (فِي) كتاب (الثَّوَاب) لأعمال (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لضعف سَلمَة بن وردان
(آيَة مَا بَيْننَا) أَي الْعَلامَة المميزة بَيْننَا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (وَبَين الْمُنَافِقين) الَّذين آمنُوا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم (أَنهم لَا يتضعلون) لَا يكثرون (من) شرب مَاء بِئْر (زَمْزَم) كَرَاهَة لَهُ بَعْدَمَا علمُوا ندب الشَّارِع شربه والإكثار مِنْهُ وَهُوَ أشرف مياه الدُّنْيَا والكوثر أشرف مياه الْآخِرَة (تخ هـ ك) من حَدِيث إِسْمَعِيل بن زَكَرِيَّا عَن عُثْمَان بن الْأسود (عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك أَن كَانَ عُثْمَان سمع من ابْن عَبَّاس فَهُوَ على شَرطهمَا فَقَالَ الذَّهَبِيّ لَا وَالله مَا لحقه انْتهى لَكِن قَالَ ابْن حجر الحَدِيث حسن
(آيَة الْعِزّ) أَي القوّة والشدّة والصلابة وَالْمرَاد أنّ الملازم على تلاوتها يصير قَوِيا شَدِيدا أَو المُرَاد الْآيَة الَّتِي تسمى آيَة الْعِزّ (وَقل الْحَمد لله) أَي الْوَصْف بالجميل لله (الَّذِي
1 / 11
لم يتَّخذ ولدا) أَي لم يسم أحدا لَهُ ولدا وأمّا التولد فَمَا لَا يتصوّره عقل (وَلم يكن لَهُ شريك) أَي مشارك (فِي الْملك) فِي الألوهية (وَلم يكن لَهُ وليّ) نَاصِر موَالِيه (من) أجل (الذل) أَي المذلة ليدفعها بمناصرته ومعاونته فَلم يحالف أحدا وَلَا ابْتغى نصْرَة أحد لأنّ من احْتَاجَ إِلَى نصْرَة غَيره فقد ذل لَهُ وَهُوَ القاهر فَوق عباده (وَكبره تَكْبِيرا) أَي عظمه عَن كل مَالا يَلِيق بِهِ تامّا عامّا أَو اعرف وَصفه بِأَنَّهُ أكبر من أَن يكون لَهُ ولد أَو شريك أَو وليّ من الذل (حم طب عَن معَاذ بن أنس) الْجُهَنِيّ وَضَعفه الزين الْعِرَاقِيّ والهيتمي
(آيَة الْإِيمَان) كَلَام إضافي مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره (حب الْأَنْصَار) أَي عَلامَة كَمَال إِيمَان الْإِنْسَان أَو نفس إيمَانه حب مؤمني الْأَوْس والخزرج لحسن وفائهم بِمَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ من إيوائه وَنَصره على أعدائه زمن الضعْف والعسرة (وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار) صرح بِهِ مَعَ فهمه مِمَّا قبله لاقْتِضَاء الْمقَام التَّأْكِيد وَلَا دلَالَة فِي ذَا على أَن من لم يُحِبهُمْ غير مُؤمن إِذْ الْعَلامَة ويعبر عَنْهَا بالخاصة تطرد وَلَا تنعكس فَلَا يلْزم من عدم الْعَلامَة عدم مَا هِيَ لَهُ أَو يحمل البغض على التَّقْيِيد بالجهة فبغضهم من جِهَة كَونهم أنصار النَّبِي لَا يجامعه التَّصْدِيق (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك
(آيَة) أَي عَلامَة (الْمُنَافِق ثَلَاث) أخبر عَن آيَة بِثَلَاث بِاعْتِبَار إِرَادَة الْجِنْس أَي كل وَاحِد مِنْهَا آيَة ولأنّ مَجْمُوع الثَّلَاث هُوَ الْآيَة (إِذا حدث كذب) بِالتَّخْفِيفِ أَي أخبر بِخِلَاف الْوَاقِع (وَإِذا وعد) أخبر بِخَبَر فِي الْمُسْتَقْبل (أخلف) أَي جعل الْوَعْد خلافًا بِأَن لَا يَفِي بِهِ (وَإِذا ائْتمن) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي جعل أَمينا وَفِي رِوَايَة بتَشْديد الْمُثَنَّاة فَوق (خَان) تصرف على خلاف الشَّرْع وَنقص مَا ائْتمن عَلَيْهِ وَلم يؤدّه وَالْمرَاد النِّفَاق العملي أَو الْإِنْذَار والتخويف والاعتياد والاطراد (ق ت ن) فِي الْإِيمَان (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب الصّديق وَغَيره
(آيَة) بِالتَّنْوِينِ (بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين) نفَاقًا عمليا (شُهُود) أَي حُضُور أَي ترك حُضُور (الْعشَاء وَالصُّبْح) أَي صلاتهما جمَاعَة فَإِنَّهُم (لَا يستطيعونهما) لِأَن أَحدهمَا ترك لطعم النّوم ولذته وَالْآخر شُرُوع فِي النّوم وفترته وَلَا يُؤثر ذَلِك الكسلان الْمُنَافِق وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى يراؤن النَّاس وَهَذِه حَالَة الْمُنَافِقين وأمّا المخلصون المتمكنون فِي إِيمَانهم فتطيب لَهُم هَذِه المشاق لتوقعهم الدَّرَجَات الْعلَا واستلذاذهم المتاعب لذَلِك تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا (ص عَن سعيد بن الْمسيب) بِفَتْح الْيَاء عِنْد الْأَكْثَرين وتكسر على قلَّة (مُرْسلا) وَسَببه أَنه يَوْمًا الصُّبْح فَقَالَ أشاهد فلَان قَالُوا لَا فَقَالَ فلَان قَالُوا لَا فَذكره
(آيتان) تَثْنِيَة آيَة (هما قُرْآن) أَي من الْقُرْآن (وهما يشفيان) الْمُؤمن وتنزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء (وهما مِمَّا يحبهما الله) بِدَلِيل أَنه أنزلهما من كنز تَحت الْعَرْش وَالْقِيَاس يُحِبهُ الله أَو يُحِبهَا إِذْ التَّقْدِير وهما من الشَّيْء الَّذِي أَو الْأَشْيَاء الَّتِي وَالظَّاهِر أَن التَّثْنِيَة من تصرف بعض الروَاة وهما (الْآيَتَانِ من آخر) سُورَة (الْبَقَرَة) وَقد ورد فِي عُمُوم فضائلهما مَا لَا يُحْصى وَالْقَصْد هُنَا بَيَان فضلهما على غَيرهمَا والحث على لُزُوم تلاوتهما وَفِيه ردّ على من كره أَن يُقَال الْبَقَرَة أَو سُورَة الْبَقَرَة بل السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة وَفِيه أَن بعض الْقُرْآن أفضل من بعض خلافًا للْبَعْض (فر عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف إِبْرَاهِيم بن يحيى
(ائْتِ الْمَعْرُوف) أَي افعله (واجتنب الْمُنكر) أَي لَا تقر بِهِ وَالْمَعْرُوف مَا عرفه الشَّرْع أَو الْعقل بالْحسنِ وَالْمُنكر مَا أنكرهُ أَحدهمَا لقبحه عِنْده (وَانْظُر) أَي تأمّل (مَا يعجب أُذُنك) يَعْنِي الَّذِي يَسُرك سَمعه
1 / 12
ويعظم فِي قَلْبك وقعه (أَن يَقُول لَك الْقَوْم) أَي فِيك (إِذا قُمْت من عِنْدهم) يَعْنِي فَارَقْتهمْ أَو فارقوك من ثَنَاء حسن وَفعل جميل ذكروك بِهِ عِنْد غَيْبَتِك (فأته) أَي افعله والزمه (وَانْظُر الَّذِي) أَي وتأمّل الشَّيْء الَّذِي (تكره أَن يَقُول) أَي يَقُول (لَك الْقَوْم) أَي فِيك وَإِنَّمَا عبر بقوله لَك لِأَنَّهُ إِذا بلغه فَكَأَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ (إِذا قُمْت من عِنْدهم) من وصف ذميم كظلم وشح وَسُوء خلق (فاجتنبه) لقبحه وَنبهَ بذلك على مَا يستلزمه من كف الْأَذَى وَالْمَكْرُوه عَن النَّاس وَأَنه كَمَا يحب أَن ينتصف من حَقه يَنْبَغِي إِذا كَانَ لأحد عِنْده حق أَن ينصفه من نَفسه (خد و) الْحَافِظ مُحَمَّد (بن سعد) فِي الطَّبَقَات (وَالْبَغوِيّ) فِي مُعْجَمه (والباوردي) بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَآخره دَال مُهْملَة نِسْبَة لبلدة بِنَاحِيَة خُرَاسَان أَبُو مَنْصُور (فِي) كتاب (الْمعرفَة) معرفَة الصَّحَابَة (هَب) كلهم (عَن حَرْمَلَة) كَذَا خرّجه (ابْن عبد الله بن أَوْس) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وَكَانَ من أهل الصّفة قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا تَأْمُرنِي بِهِ فَذكره (وَمَاله غَيره) أَي لم يعرف لحرملة رِوَايَة غير هَذَا الحَدِيث وَهُوَ ضَعِيف لضعف عبد الله بن رَجَاء
(ائْتِ حرثك) أَي مَحل الْحَرْث من حليلتك وَهُوَ قبلهَا إِذْ هُوَ لَك بِمَنْزِلَة أَرض تزرع (أَنى شِئْت) أَي كَيفَ وَمَتى وَحَيْثُ شِئْت لَا يحظر عَلَيْك من جِهَة دون جِهَة وسع الْأَمر إزاحة لِلْعِلَّةِ فِي إتْيَان الْمحل المنهيّ عَنهُ وَهُوَ الدبر (وأطعمها إِذا طعمت) بتاء الْخطاب لَا التَّأْنِيث وَكَذَا (واكسها إِذا اكتسيت) قيل وبتاء التَّأْنِيث غلط (وَلَا تقبح الْوَجْه) أَي لَا تقل أَنه قَبِيح أَولا تقل لَهَا قبح الله وَجهك أَي ذاتك (وَلَا تضرب) ضربا مبرحا مُطلقًا وَلَا غير مبرح بِغَيْر إِذن شَرْعِي كنشوز (د عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جدّه) مُعَاوِيَة ابْن حميدة الصحابيّ الْقشيرِي وَهُوَ ضَعِيف لضعف بهز
(ائْتُوا الْمَسَاجِد) جمع مَسْجِد وَهُوَ بَيت الصَّلَاة حَال كونكم (حسرى) كسكرى جمع حاسر أَي كاشف يَعْنِي بِغَيْر عمائم (ومعصبين) ساترين رؤسكم بِالْعِصَابَةِ أَي الْعِمَامَة (فَإِن العمائم) جمع عِمَامَة بِكَسْر الْعين (تيجان الْمُسلمين) مجَاز على التَّشْبِيه أَي هِيَ كتيجان الْمُلُوك (عد عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(ائْتُوا) وجوبا (الدعْوَة) بِالْفَتْح وتضم وَالْمرَاد وَلِيمَة الْعرس لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَة عِنْدهم حَالَة الْإِطْلَاق (إِذا دعيتم) إِلَيْهَا وتوفرت شُرُوط الْإِجَابَة وَهِي نَحْو عشْرين فالوليمة لَهُ سنة والإجابة إِلَيْهَا عِنْد توفر الشُّرُوط وَاجِبَة أمّا غير الْعرس من الولائم الْعشْرَة الْمَشْهُورَة فإتيانها مَنْدُوب (م عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ائتدموا) إرشادا أَو ندبا أَي كلوا الْخبز (بالزيت) المعتصر من الزَّيْتُون والادام مَا يؤتدم بِهِ يعمّ الْمَائِع وَغَيره (وادّهنوا) بِالتَّشْدِيدِ (بِهِ) أَي اطلوا بِهِ بدنكم بشرا وشعرا يَعْنِي وقتا بعد وَقت لَا دَائِما للنَّهْي عَن الادّهان والترجل الأغبا فِي حَدِيث آخر (فَإِنَّهُ يخرج) أَي ينْفَصل (من شَجَرَة) أَي من ثَمَر شَجَرَة (مباركة) لِكَثْرَة مَا فِيهَا من القوى النفاعة وَيلْزم من بركتها بركَة مَا يخرج مِنْهَا (هـ ك) وَقَالَ على شَرطهمَا (هق) من حَدِيث معمر بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه (عَن عمر) بن الْخطاب وَذكر التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ أَنه مُرْسل وَأنكر كَونه عَن عمر
(ائتدموا) أَي أصلحوا الْخبز بالادام فَإِن أكل الْخبز بِدُونِ ادام وَعَكسه ضار فَالْأولى الْمُحَافظَة على الائتدام (وَلَو بِالْمَاءِ) الَّذِي هُوَ مَادَّة الْحَيَاة وَسيد الشَّرَاب وَأحد أَرْكَان الْعَالم بل رُكْنه الْأَصْلِيّ (طس) وَكَذَا أَبُو نعيم والخطيب (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ لَا يَصح
(ائتدموا من) عصارة (هَذِه الشَّجَرَة) شَجَرَة الزَّيْتُون وَقَوله (يَعْنِي
1 / 13
الزَّيْت) مدرج من كَلَام بعض الروَاة بَيَانا لما وَقعت الْأَشْجَار عَلَيْهِ (وَمن عرض عَلَيْهِ طيب) بِنَحْوِ إهداء أَو ضِيَافَة فَلَا يردّه كَمَا يجِئ فِي حَدِيث لخفة الْمِنَّة فِي قبُوله وَإِذا قبله (فليصب) أَي فليتطيب يُقَال أصَاب بغيته نالها (مِنْهُ) ندبا فَإِنَّهُ غذَاء الْأَرْوَاح الَّتِي هِيَ مَطِيَّة القوى وَهُوَ خَفِيف الْمُؤْنَة والْمنَّة (طس عَن ابْن عَبَّاس) رمز المُصَنّف لضَعْفه
(ائتزروا) أَي البسوا الْإِزَار (كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة) فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء أَو غَيرهَا فَرَأى بصرية (تأتزر عِنْد) عرش (رَبهَا إِلَى أَنْصَاف) جمع نصف (سوقها) بِضَم فَسُكُون جمع سَاق وَالْمرَاد النَّهْي عَن إسبال الْإِزَار وأنّ السّنة جعله إِلَى نصف السَّاق فَإِن جَاوز الْكَعْبَيْنِ وَقصد الْخُيَلَاء حرم وَالْمَلَائِكَة جمع ملك من الألوكة بِمَعْنى الرسَالَة وهم عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين أجسام لَطِيفَة نورانية قادرة على التشكل بأشكال مُخْتَلفَة وَعند الْحُكَمَاء جَوَاهِر مجرّدة علوِيَّة مُخَالفَة للنفوس الإنسانية بِالذَّاتِ وَعند جُمْهُور النَّصَارَى النُّفُوس الناطقة الفاضلة البشرية الْمُفَارقَة للأبدان ورؤية الْمُصْطَفى لَهُم تدل للأوّل (فر) من حَدِيث عمرَان الْقطَّان عَن الْمثنى (عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جدّه) عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أحد العبادلة الْأَرْبَعَة وَعمْرَان الْقطَّان ضعفه الذهبيّ
(ائذنوا للنِّسَاء) اللَّاتِي لَا تخافون عليهنّ أَو منهنّ فتْنَة (أَن يصلين بِاللَّيْلِ) أَي وَمَا ألحق بِهِ وَهُوَ مُتَعَلق بقوله أَن يصلين (فِي الْمَسْجِد) ندبا إِذْ لَو كَانَ للْوُجُوب لَكَانَ الْخطاب لهنّ لَا لبعولتهن (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ائذنوا للنِّسَاء) أَن يذْهبن (بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِد) للصَّلَاة وَهَذَا عَام فِي كلهَا وَعلم مِنْهُ وَمِمَّا قبله بِمَفْهُوم الْمُوَافقَة أَنهم يأذنون لهنّ بِالنَّهَارِ أَيْضا لِأَن اللَّيْل مَظَنَّة الْفِتْنَة تَقْدِيمًا لمَفْهُوم الْمُوَافقَة على مَفْهُوم الْمُخَالفَة وَالْأَمر للنَّدْب بِاعْتِبَار مَا كَانَ فِي الصَّدْر الأوّل من عدم الْمَفَاسِد أما بعد ذَلِك فَحَدِيث آخر وَلِهَذَا قَالَت عَائِشَة لَو علم رَسُول الله مَا أحدث النِّسَاء بعده لمنعهنّ من الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل (حم م د ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَرَوَاهُ عَن البُخَارِيّ أَيْضا خلافًا لما يُوهِمهُ صَنِيع المُصَنّف
(أَبى الله) أَي امْتنع أَو لم يرد (أَن يَجْعَل لقَاتل الْمُؤمن) بِغَيْر حق (تَوْبَة) أَي إِن اسْتحلَّ أَو هُوَ زجر وتهويل أما كَافِر غير ذمِّي وَنَحْوه فَيحل بل يجب قَتله (طب والضياء) الْحَافِظ ضِيَاء الدّين الْمَقْدِسِي (فِي) الْأَحَادِيث (المختارة) مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (عَن أنس) بن مَالك قَالَ فِي الفردوس صَحِيح
(أَبى الله أَن يزرق عَبده الْمُؤمن) أَي الْمُؤمن الْكَامِل كَمَا يُؤذن بِهِ إِضَافَته إِلَيْهِ (إِلَّا من حَيْثُ لَا يحْتَسب) أَي من جِهَة لَا تخطر بِبَالِهِ وَلَا تتخالج فِي آماله وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب والزرق إِذا جَاءَ من حَيْثُ لَا يتَوَقَّع كَانَ أهنأ وأسرّ (فر عَن أبي هُرَيْرَة) لكنه قَالَ من حَيْثُ لَا يعلم (هَب عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَالَ أَعنِي الْبَيْهَقِيّ ضَعِيف بِمرَّة انْتهى
(أَبى الله) أَي امْتنع (أَن يقبل عمل صَاحب بِدعَة) بِمَعْنى أَن لَا يثيبه على مَا عمله مَا دَامَ متلبسا بهَا (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يدع) أَن يتْرك (بدعته) وَنفى الْقبُول قد يُؤذن بانتقاء الصِّحَّة كَمَا فِي خبر لَا يقبل الله صَلَاة أحدكُم إِذا أحدث حَتَّى يتَطَهَّر وَقد لَا كَمَا هُنَا والبدعة مَا أحدث بعد الصَّدْر الأوّل وَلم يشْهد لَهُ أصل من أصُول الشَّرْع (هـ وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة) والديلمي (عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه ضعف
(أَبى الله أَن يَجْعَل للبلى) بِالْكَسْرِ وَالْقصر والألم والسقم (سُلْطَانا) سلاطة وشدّة ضنك (على بدن عَبده) إِضَافَة إِلَيْهِ للتشريف (الْمُؤمن) أَي على الدَّوَام فَلَا يُنَافِي وُقُوعه أَحْيَانًا لتطهيره
1 / 14
وتمحيص ذنُوبه أَو المُرَاد أَن الأَرْض لَا تَأْكُل بدنه (فر عَن أنس) بن مَالك وَفِيه كَذَّاب
(ابتدروا) بِكَسْر الْهمزَة (الْأَذَان) أَي سابقوا إِلَى فعله (وَلَا تبتدروا الْإِمَامَة) أَي لِأَن الْمُؤَذّن أَمِين وَالْإِمَام ضمين وَمن ثمَّ ذهب النَّوَوِيّ إِلَى تفضيله عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لم يُؤذن الْمُصْطَفى لشغله بشأن الأمّة وَلِهَذَا قَالَ عمر لَوْلَا الخليفى لأذنت (ش عَن يحيى بن أبي كثير) أَي مَنْصُور واليمامي (مُرْسلا) أرسل عَن أنس وَغَيره وَله شَوَاهِد
(ابْتَغوا) اطْلُبُوا بجدّ واجتهاد (الرّفْعَة) الشّرف وعلوّ الْمنزلَة (عِنْد الله) أَي فِي دَار كرامته قَالَ لَهُ بَعضهم وَمَا هِيَ قَالَ (تحلم) بِضَم اللَّام (عَمَّن جهل) أَي سفه (عَلَيْك) بِأَن تضبط نَفسك عِنْد هيجان الْغَضَب عَن سفهه (وَتُعْطِي من حَرمك) مَنعك مَا هُوَ لَك لأنّ مقَام الْإِحْسَان إِلَى الْمُسِيء ومقابلة إساءته بِالْإِحْسَانِ من كَمَال الْإِيمَان المؤدّية إِلَى الرّفْعَة فِي الدَّاريْنِ (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف الْوَازِع بن نَافِع
(ابْتَغوا الْخَيْر عِنْد حسان) جمع حسن محرّكا (الْوُجُوه) لِأَن حسن الْوَجْه يدل على الْحيَاء والجود والمروأة غَالِبا أَو أَرَادَ وُجُوه النَّاس أَي أكابرهم (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد) وَكَذَا ابْن أبي الدُّنْيَا (عَن أبي هُرَيْرَة) بِسَنَد ضَعِيف
(أَبَد) بِفَتْح فَسُكُون أَمر (المودّة لمن وادّك) أَي أظهر الْمحبَّة الشَّدِيدَة لمن أخْلص حبه لَك (فَإِنَّهَا) أَي الْخصْلَة أَو الفعلة هَذِه (أثبت) أَي أدوم وأرسخ والودّ خَالص الْحبّ وَالْأَمر للإرشاد (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة (طب) كِلَاهُمَا (عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ) عبد الرَّحْمَن أَو الْمُنْذر قَالَ الهيتمي فِيهِ من لم أعرفهم
(ابدا) بِالْهَمْز وبدونه (بِنَفْسِك) أَي قدّم نَفسك بِمَا تحتاجه من مُؤنَة وَغَيرهَا (فتصدّق عَلَيْهَا) لِأَنَّك الْمَخْصُوص بِالنعْمَةِ الْمُنعم عَلَيْك بهَا (فَإِن فضل) بِفَتْح الضَّاد (شَيْء) بَعْدَمَا تحتاجه لنَفسك (فلأهلك) أَي هُوَ لزوجك للُزُوم نَفَقَتهَا لَك وَعدم سُقُوطهَا بمضيّ الزَّمَان (فَإِن فضل عَن أهلك شَيْء فلذى قرابتك) لأَنهم فِي الْحَقِيقَة مِنْك فَإِن حمل على التَّطَوُّع شَمل كل قريب أَو على الْوَاجِب اخْتصَّ بِمن تجب نَفَقَته مِنْهُم على اخْتِلَاف الْمذَاهب (فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك شَيْء فَهَكَذَا وَهَكَذَا) أَي بَين يَديك وَعَن يَمِينك وشمالك كِنَايَة عَن تَكْثِير الصَّدَقَة وتنويع جهاتها (ن عَن جَابر) بن عبد الله السّلمِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ مُسلم أَيْضا
(ابدأ بِمن تعول) أَي تمون يَعْنِي بِمن تلزمك مُؤْنَته من زَوْجَة وَقَرِيب وَذي روح ملكته فقدّمهم على غَيرهم وجوبا (طب عَن حَكِيم بن حزَام) الْأَسدي وَفِيه من لَا يعرف
(ابدؤا) أَيهَا الأمّة فِي أَعمالكُم (بِمَا) أَي الَّذِي (بَدَأَ الله بِهِ) فِي الْقُرْآن فَيجب عَلَيْكُم الِابْتِدَاء فِي السَّعْي بالصفا وَذَا وَإِن ورد على سَبَب لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ (قطّ) من عدّة طرق (عَن جَابر) ابْن عبد الله وَصَححهُ ابْن حزم
(أبردوا بِالظّهْرِ) أَي أدخلوها فِي الْبرد بِأَن تؤخروها عَن أوّل وَقتهَا إِلَى أَن يصير للحيطان ظلّ يمشي فِيهِ قَاصد الْجَمَاعَة (فإنّ شدّة الحرّ) أَي قوته (من) بعض أَو ابْتِدَاء (فيح) بِفَتْح فَسُكُون (جَهَنَّم) أَي غليانها وانتشار لهبها وَالْأَمر للنَّدْب وَله شُرُوط مبينَة فِي الْفُرُوع (خَ هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (حم ك) وَصَححهُ (عَن صَفْوَان بن مخرمَة) الزُّهْرِيّ (ن عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (طب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (عد عَن جَابر) بن عبد الله (هـ عَن الْمُغيرَة) بن شُعْبَة بِضَم الْمِيم وتكسر قَالَ الْمُؤلف وَذَا متواتر
(أبردوا) ندبا أَو إرشادا (بِالطَّعَامِ) باؤه للتعدية أَو زَائِدَة أَي تناولوه بَارِدًا (فَإِن الْحَار) تَعْلِيل لمشروعية التَّأْخِير (لَا بركَة فِيهِ) لإنماء وَلَا زِيَادَة وَالْمرَاد نفي الْخَيْر الإلهي (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ك عَن جَابر) بن عبد الله
1 / 15
(وَعَن أَسمَاء) بنت أبي بكر (مسدّد) فِي الْمسند (عَن أبي يحيى طس عَن أبي هُرَيْرَة حل عَن أنس) ابْن مَالك قَالَ أَتَى النَّبِي بصحفة تَفُور فَرفع يَده مِنْهَا ثمَّ ذكره
(أَبْشِرُوا وبشروا) أَي أخْبركُم بِمَا يسركم وأخبروا (من وراءكم) بِمَا يسرّهم (أَنه) أَي بِأَنَّهُ (من شهد أَن) مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة أَي أَنه (لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق فِي الْوُجُود (إِلَّا الله) الْوَاجِب الْوُجُود (صَادِقا) نصب على الْحَال (بهَا) بِالشَّهَادَةِ أَي مخلصا فِي إِتْيَانه بهَا بِأَن يصدّق بِقَلْبِه وَلسَانه (دخل الْجنَّة) أَن مَاتَ على ذَلِك وَلَو بعد دُخُوله النَّار وَالْمرَاد قَالَ ذَلِك مَعَ مُحَمَّد رَسُول الله (حم طب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَرِجَاله ثِقَات كَمَا قَالَه الهيتمي
(أبعد النَّاس من الله) أَي من كرامته وَرَحمته (يَوْم الْقِيَامَة) خصّه لِأَنَّهُ يَوْم كشف الْحَقَائِق (الْقَاص) بِالتَّشْدِيدِ أَي الَّذِي يَأْتِي بالقصص أَي يتتبع مَا حفظ مِنْهَا شَيْئا فَشَيْئًا (الَّذِي يُخَالف إِلَى غير مَا أَمر بِهِ) أَي الَّذِي يُخَالف مَا أَمر الله بِهِ أَو مَا أَمر هُوَ النَّاس بِهِ من الْبر وَالتَّقوى فيعدل عَنهُ لجراءته على الله بتكذيبه قَوْله فعله وَلعدم النَّفْع بِهِ فَإِنَّهُ لَا يدْخل الْقلب إِلَّا مَا خرج من الْقلب وَمن لَا ينفعك لحظه لَا ينفعك وعظه والصادق يتَكَلَّم بِلِسَان فعله أَكثر مِمَّا يتَكَلَّم بِلِسَان قَوْله وأمّا من خَالف فعله قَوْله فلفظه لَا ينفع لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بهواه فَكَلَامه منطمس النُّور وَلِهَذَا قَالَ الْأَعْلَام نور الْكَلَام على قدر نور الْقلب وَنور السّمع على قدر نور الْقلب (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ ضَعِيف لضعف راوية عَمْرو السكْسكِي
(أبْغض الْحَلَال) أَي الشَّيْء الْجَائِز الْفِعْل (إِلَى الله الطَّلَاق) من حَيْثُ كَونه يؤدّى إِلَى قطع الْعِصْمَة المؤدّى إِلَى التناسل الَّذِي بِهِ تكْثر هَذِه الأمّة المحمدية (د هـ ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وروى مُرْسلا وَرجح على الْمسند
(أبْغض الْخلق) أَي الْخَلَائق (إِلَى الله من) أَي مُكَلّف (آمن) أَي صدق وأذعن وانقاد لأحكامه (ثمَّ كفر) أَي ارْتَدَّ من بعد إيمَانه (تَمام) فِي فَوَائده (عَن معَاذ) بن جبل
(أبْغض الرِّجَال) وَكَذَا الخناثي وَالنِّسَاء وخصهم لغَلَبَة اللدد فيهم (إِلَى الله الألدّ) بِالتَّشْدِيدِ أَي الشَّديد الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ (الْخصم) كفرح أَي المولع بِالْخُصُومَةِ الماهر فِيهَا الْحَرِيص عَلَيْهَا (ق ت ن عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَحْمد أَيْضا
(أبْغض الْعباد) بِالتَّخْفِيفِ جمع عبد وَيجوز تشديده جمع عَابِد لَكِن الْأَقْرَب الأوّل لبعده عَن التَّكَلُّف (إِلَى الله من كَانَ ثوباه) تَثْنِيَة ثوب (خيرا من عمله) يَعْنِي من لِبَاسه كلباس الْأَبْرَار وَعَمله كعمل الْفجار كَمَا قَالَ (أَن تكون ثِيَابه ثِيَاب الْأَنْبِيَاء) أَي مثل ثِيَابهمْ (وَعَمله عمل الجبارين) أَي كعملهم جمع جَبَّار وَهُوَ المتكبر العاتي (عق فر عَن عَائِشَة) وَفِي الْبَاب غَيرهَا أَيْضا
(أبْغض النَّاس إِلَى الله) أَي أبْغض عصاة الْمُؤمنِينَ إِلَيْهِ إِذْ الْكَافِر أبْغض مِنْهُم (ثَلَاثَة) أحدهم (ملحد) أَي مائل عَن الْحق (فِي) حق (الْحرم) الْمَكِّيّ بِأَن يفعل مَعْصِيّة فِيهِ لهتكه حرمته مَعَ مُخَالفَته لأمر ربه فَهُوَ عَاص من وَجْهَيْن (ومبتغ فِي الْإِسْلَام سنة الْجَاهِلِيَّة) أَي وطالب فِي مِلَّة الْإِسْلَام إحْيَاء مآثر أهل زمن الفترة قبل الْإِسْلَام (ومطلب) بِالتَّشْدِيدِ من الإطلاب (دم) أَي إِرَاقَة دم (امْرِئ) مثلث الْمِيم أَي رجل أَو إِنْسَان (بِغَيْر حق) بِأَن يكون ظلما (اليهريق) بهاء مَفْتُوحَة أَي يُصِيب (دَمه) يَعْنِي يزهق روحه بِأَيّ طَرِيق كَانَ وَخص الصب لِأَنَّهُ أغلب وَالثَّلَاثَة لجمعهم بَين الذَّنب وَمَا يزِيد بِهِ قبحا من الْإِلْحَاد وَكَونه فِي الْحرم وإحداث بِدعَة وَكَونهَا من أَمر الْجَاهِلِيَّة وَقتل نفس بِلَا مُوجب (خَ عَن ابْن عَبَّاس) وَلم يُخرجهُ مُسلم
(ابغوني) أَي اطلبوني طلبا حثيثا (الضُّعَفَاء) من يستضعفهم النَّاس لرثاثة حَالهم
1 / 16
(فَإِنَّمَا ترزقون وتنصرون) تعانون على عدوّكم (بضعفائكم) أَي بسببهم أَو ببركة دُعَائِهِمْ (حم م حب ك) فِي الْجِهَاد (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم وأقروه
(أبلغوا) أوصلوا (حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع) أَي لَا يُطيق (إبلاغ حَاجته) بِنَفسِهِ لي أَو إِلَى ذِي سُلْطَان (فَمن أبلغ سُلْطَانا) أَي إنْسَانا ذَا قوّة واقتدار على إِنْفَاذ مَا يبلغهُ (حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع إبلاغها) دينية أَو دنيوية (ثَبت الله تَعَالَى قَدَمَيْهِ) أَي أقرّهما وقوّاهما) على الصِّرَاط) الجسر الْمَضْرُوب على متن جَهَنَّم (يَوْم الْقِيَامَة) لِأَنَّهُ لما حرّكهما فِي إبلاغ حَاجَة هَذَا الْعَاجِز جوزى بِمِثْلِهَا جَزَاء وفَاقا (طب) وَكَذَا أَبُو الشَّيْخ (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَفِيه من لَا يعرف
(ابْنُوا الْمَسَاجِد) ندبا مؤكدا (واتخذوها) اجْعَلُوهَا (جما) بِضَم فتشديد أَي اجْعَلُوهَا بِلَا شرف فَإِن اتِّخَاذ الشّرف مَكْرُوه لكَونه من الزِّينَة الْمنْهِي عَنْهَا (ش هق عَن أنس) بن مَالك رمز المُصَنّف لحسنه وَفِيه انْقِطَاع
(ابْنُوا مَسَاجِدكُمْ جما) ندبا (وَابْنُوا مدائنكم) بِالْهَمْز وَتَركه جمع مَدِينَة وَهِي الْمصر الْجَامِع (مشرّفة) كعظمة لِأَن الزِّينَة إِنَّمَا تلِيق بالمدن دون الْمَسَاجِد الَّتِي هِيَ بيُوت الله (ش عَن ابْن عَبَّاس) وَفِي الْبَاب غَيره
(ابْنُوا الْمَسَاجِد وأخرجوا القمامة) بِالضَّمِّ الكناسة (مِنْهَا فَمن بنى لله بَيْتا) مَكَانا يُصَلِّي فِيهِ وَتَقْيِيد الْبَعْض بِالْجَمَاعَة لَا دَلِيل عَلَيْهِ (بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) سعته كسعة الْمَسْجِد عشر مرّات فَأكْثر كَمَا يفِيدهُ التنكير الدالّ على التَّعْظِيم والتكثير (وَإِخْرَاج القمامة مِنْهَا مُهُور الْحور الْعين) أَي نسَاء أهل الْجنَّة الْبيض الضخمات الْعُيُون يَعْنِي لمن يكنسها وينظفها بِكُل مرّة من كنسها زَوْجَة من حور الْجنَّة فَمن كثر كثر لَهُ وَمن قلل قلل لَهُ (طب والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة عَن أبي قرصافة) الْكِنَانِي حيدرة وَفِي إِسْنَاده جهلة لكنه اعتضد فَصَارَ حسنا
(أبن) أبعد (الْقدح) الْإِنَاء الَّذِي تشرب مِنْهُ (عَن فِيك) عِنْد الشّرْب ندبا وَلَا تشرب كشرب الْبَعِير (ثمَّ تنفس) فَإِنَّهُ أحفظ للْحُرْمَة وأنفى للتُّهمَةِ وَأبْعد عَن تغير المَاء وأنزه عَن القذارة (سموية) أَبُو بشر الْعَبْدي (فِي فَوَائده) الحديثية (هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي سعيد) الخدريّ وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا مَالك وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا
(أبن آدم) الْهمزَة للنداء (أطع رَبك) مالكك (تسمى) أَي إِذا أطعته تسْتَحقّ أَن تسمى بَين الْمَلأ الْأَعْلَى (عَاقِلا وَلَا تعصه فتسمى جَاهِلا) لأنّ ارْتِكَاب الْمعاصِي مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ السَّفه وَالْجهل لَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحِكْمَة وَالْعقل فعلامة الْعَاقِل الْكَفّ عَن مساخط الله وَلُزُوم مَا خلق لأَجله من الْعِبَادَة والعاقل من عقل عَن الله مَا أمره وَنَهَاهُ فَعمل على ذَلِك قيل لكسرى من أولى النَّاس بالسعادة قَالَ أقلهم ذنوبا قبل فَمن أقلهم ذنوبا قَالَ أتمهم عقلا (حل عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ مَعًا وَهُوَ ضَعِيف بل قيل مَوْضُوع
(ابْن آدم عنْدك مَا يَكْفِيك) أَي مَا يسدّ حَاجَتك على وَجه الكفاف (وَأَنت تطلب) أَي وَالْحَال أَنَّك تحاول أَخذ (مَا يُطْغِيك) أَي يحملك على الظُّلم ومجاوزة الْحُدُود الشَّرْعِيَّة والحقوق المرعية (ابْن آدم لَا بِقَلِيل) من الرزق (تقنع) أَي ترْضى والقناعة الرِّضَا بِمَا قسم (وَلَا من كثير تشبع) بل لَا تزَال شَرها نهما (ابْن آدم إِذا أَصبَحت) أَي دخلت فِي الصَّباح وَالْحَال أَنَّك (معافى) أَي سالما من الآلام والآثام (فِي جسدك) أَي بدنك (آمنا) بالمدّ (فِي سربك) بِكَسْر فَسُكُون نَفسك أَو بِفَتْح فَسُكُون مذهبك أَو بِفتْحَتَيْنِ مَنْزِلك (عنْدك قوت يَوْمك) مَا تقوم بِهِ كفايتك فِي يَوْمك (فعلى الدُّنْيَا العفاء) الْهَلَاك والدروس وَذَهَاب
1 / 17
الْأَثر وَذَا من جَوَامِع الْكَلم البديعة والمواعظ السّنيَّة البليغة (عد هَب) وَكَذَا الْخَطِيب فِي التَّارِيخ (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه كَذَّاب
(ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم) أَي هُوَ مُتَّصِل بأقربائه فِي جَمِيع مَا يجب أَن يتَّصل بِهِ كنصرة ومشورة ومودّة وسرّ لَا فِي الْإِرْث فَلَا يدل على تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام (حم ق ت ن عَن أنس) بن مَالك (د عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (طب عَن جُبَير بن مطعم) بن عدي بن نَوْفَل الْقرشِي (وَعَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن (وَعَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) الصَّحَابِيّ الْكَبِير الشهير وَرَوَاهُ أَبُو يعلى أَيْضا وَزَاد بَيَان السَّبَب
(ابْن السَّبِيل) أَي الْمُسَافِر والسبيل الطَّرِيق سمي بِهِ للزومه لَهُ (أوّل شَارِب) قَالَ الديلمي (يَعْنِي) هُوَ مقدّم على الْمُقِيم فِي شربه (من) مَاء بِئْر (زَمْزَم) لعَجزه وَضَعفه بالاغتراب واحتياجه إِلَى إبراد حرّ مُفَارقَة الأحباب (طص عَن أبي هُرَيْرَة) وَرِجَاله ثِقَات لكنه فِيهِ نَكَارَة
(أَبُو بكر) عبد الله أَو عَتيق أَمِير الشَّاكِرِينَ الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق الفارّ مِنْهُ الشَّيْطَان (سيدا كهول أهل الْجنَّة) أَي الكهول عِنْد الْمَوْت إِذْ لَيْسَ فِي الْجنَّة كهول فَاعْتبر مَا كَانُوا عَلَيْهِ عِنْد فِرَاق الدُّنْيَا (من الأوّلين والآخرين) أَي النَّاس أَجْمَعِينَ (إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ) زَاد فِي رِوَايَة يَا عليّ لَا تخبرهما أَي قبلي ليَكُون إخباري لَهما أعظم لسرورهما وَسمي أَبُو بكر بالصدّيق لِأَنَّهُ صدق الْإِيمَان بِكُل الصدْق وَعمر بالفاروق لِأَنَّهُ يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل وأسماهما دليلان على مراتبهما من الله بالقلوب ومجرى الأوّل مجْرى صدق الْإِيمَان ومجرى الثَّانِي مجْرى وَفَاء الْحق وتنفيذه ذكره الْحَكِيم (حم ت) فِي المناقب (هـ) كلهم (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح (هـ عَن أبي جُحَيْفَة) السوَائِي وهب بن عبد الله أَو غَيره (ع والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك وَفِيه مختلط (طس عَن جَابر) بن عبد الله وَفِيه ضَعِيف (وَعَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي ضَعِيف أَيْضا
(أَبُو بكر) الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق (مني بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الرَّأْس) أَي هما مني فِي الْعِزَّة كَذَلِك أوهما من الْمُسلمين بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الْجَسَد أَو منزلتهما فِي الدّين كمنزلتهما فِي الْبدن أَو غير ذَلِك (ع عَن الْمطلب بن عبد الله ابْن حنْطَب) المَخْزُومِي ثِقَة ثَبت (عَن أَبِيه) عبد الله قيل لَهُ صُحْبَة وَقيل لَا (عَن جدّه) حنْطَب المَخْزُومِي من مسلمة الْفَتْح (قَالَ) أَبُو عَمْرو (بن عبد الْبر) فِي الِاسْتِيعَاب (وَمَاله غَيره) وَإِسْنَاده كَمَا قَالَه ابْن الْأَثِير وَغَيره ضَعِيف (حل عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ مَجْهُول واه (خطّ عَن جَابر ابْن عبد الله وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا قَالَ الهيتمي وَرِجَاله ثِقَات
(أَبُو بكر) الصدّيق (خير النَّاس) فِي رِوَايَة خير أهل الأَرْض (إِلَّا أَن يكون) أَي يُوجد (نبيّ) فَلَا يكون خير النَّاس يَعْنِي هُوَ أفضل النَّاس إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَالْمرَاد الْجِنْس (طب عد عَن سَلمَة) بن عَمْرو (بن الْأَكْوَع) وَيُقَال ابْن وهب بن الْأَكْوَع الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ ضَعِيف لضعف اسمعيل الْأَيْلِي
(أَبُو بكر صَاحِبي ومؤنسي فِي الْغَار) أَي الْكَهْف الَّذِي بجبل ثَوْر الَّذِي أويا إِلَيْهِ فِي خروجهما مُهَاجِرين (سدّوا كل خوخة) أَي كل بَاب صَغِير (فِي الْمَسْجِد) النَّبَوِيّ صِيَانة لَهُ عَن التطرّق (غير خوخة أبي بكر) تكريما لَهُ وإظهارا لتمييزه بَين الْمَلأ وَفِيه إلماح بِأَنَّهُ الْخَلِيفَة بعده (عَم عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الديلمي وَغَيره
(أَبُو بكر مني وَأَنا مِنْهُ) أَي هُوَ مُتَّصِل بِي وَأَنا مُتَّصِل بِهِ فَهُوَ كبعضي فِي الْمحبَّة والشفقة والطريقة (وَأَبُو بكر أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) أَي هُوَ فِي الْقرب مني
1 / 18
واللصوق بِي كالأخ من النّسَب (فر عَن عَائِشَة) وَهُوَ ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن جبلة
(أَبُو بكر) الصدّيق (فِي الْجنَّة وَعمر) الْفَارُوق (فِي الْجنَّة وَعُثْمَان) بن عَفَّان (فِي الْجنَّة وَعلي) بن أبي طَالب (فِي الْجنَّة وَطَلْحَة) بن عبيد الله التَّيْمِيّ (فِي الْجنَّة) قتل يَوْم الْجمل (وَالزُّبَيْر) ابْن الْعَوام حوارِي الْمُصْطَفى وَابْن عمته (فِي الْجنَّة) قتل يَوْم الْجمل (وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف) ابْن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ (فِي الْجنَّة وَسعد بن أبي وَقاص) مَالك بن أهيب الزُّهْرِيّ (فِي الْجنَّة وَسَعِيد ابْن زيد) الْعَدوي (فِي الْجنَّة) وَهُوَ من السَّابِقين الأوّلين زوج أُخْت عمر (وَأَبُو عُبَيْدَة) عَامر بن عبد الله (بن الجرّاح) أَمِين هَذِه الأمّة (فِي الْجنَّة) وَكَيف وَقد قتل أَبَاهُ غضب الله وَرَسُوله وتبشير الْعشْرَة لَا يُنَافِي مَجِيء تبشير غَيرهم أَيْضا فِي غير مَا خبر لأنّ الْعدَد لَا يَنْفِي الزَّائِد (حم والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن سعيد بن زيد) بن عَمْرو بن نفَيْل (ت عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف) الزُّهْرِيّ (أَبُو سُفْيَان) واسْمه الْمُغيرَة (بن الْحَرْث) ابْن عمّ النبيّ وَأَخُوهُ من الرَّضَاع
(سيدفتيان أهل الْجنَّة) أَي شبابها الأسخياء الكرماء إِلَّا مَا خرج بِدَلِيل آخر كالحسنين (ابْن سعد) فِي طبقاته (ك) فِي المناقب (عَن عُرْوَة) بن الزبير الثِّقَة الثبت الْفَقِيه (مُرْسلا) وَرَوَاهُ الْحَاكِم مَوْصُولا بِلَفْظ أَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث خير أَهلِي
(أَتَاكُم) جَاءَكُم أَيهَا الصحب (أهل الْيمن) طَائِفَة مِنْهُم وهم وَفد حمير قدمُوا بتبوك (هم أَضْعَف قلوبا) أعطفها وأشفقها (وأرق أَفْئِدَة) ألينها وأسرعها قبولا للحق فَإِنَّهُم أجابوا إِلَى الْإِسْلَام بِدُونِ محاربة والفؤاد وسط الْقلب أَو غشاؤه أَو عينه وَصفه بوصفين إِشَارَة إِلَى أنّ بِنَاء الْإِيمَان على الشَّفَقَة والرأفة على الْخلق (الْفِقْه) أَي الْفَهم فِي الدّين (يمانّ) أَي يمنى فالألف عوض عَن يَاء النِّسْبَة (وَالْحكمَة يَمَانِية) بتَخْفِيف الْيَاء وَالْألف عوض عَن يَاء النِّسْبَة وتشدّد فِي لغية نسب الْإِيمَان وَالْحكمَة إِلَى معادن نُفُوسهم ومساقط رُؤْسهمْ نِسْبَة الشَّيْء إِلَى مقرّه (ق ت عَن أبي هُرَيْرَة) مَرْفُوعا وَوَقفه الرَّافِعِيّ
(أَتَانِي) جَاءَنِي (جِبْرِيل) كفعليل وَفِيه ثَلَاثَة عشر وَجها (بالحمى) باؤه للتعدية وَهِي حرارة بَين الْجلد وَاللَّحم (والطاعون) بثرة مَعَ لَهب واسوداد من أثر وخز الجنّ (فَأَمْسَكت) حبست (الْحمى بِالْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّة لكَونهَا لَا تقتل غَالِبا (وَأرْسلت الطَّاعُون إِلَى الشَّام) لكَونه يقتل غَالِبا وَالشَّام كالرأس همزا وتخفيفا (فالطاعون شَهَادَة لأمتي) أمّة الْإِجَابَة (وَرَحْمَة لَهُم) بِشُرُوط (ورجس) أَي عَذَاب (على الْكَافرين) اخْتَار الْحمى أوّلا على الطَّاعُون واقرّها بِالْمَدِينَةِ ثمَّ دَعَا الله فنقلها إِلَى الْجحْفَة وَبقيت مِنْهَا بقايا بهَا (حم وَابْن سعد) فِي طبقاته (عَن أبي عسيب) بمهملتين كعظيم مولى النبيّ لَهُ صُحْبَة وَرِجَاله ثِقَات
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ) لي (بشر أمّتك) أمّة الْإِجَابَة (أَنه) أَي بِأَنَّهُ أَي الشان (من مَاتَ) حَالَة كَونه (لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) مَحَله نصب على الْحَال من ضمير مَاتَ أَي غير مُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَاقْتصر على الشّرك لظُهُوره فِي ذَلِك الْآن وَالْمرَاد مصدّقا بِكُل مَا جَاءَ بِهِ الشَّارِع (دخل الْجنَّة) أَي عاقبته دُخُولهَا وَإِن دخل النَّار (قلت يَا جِبْرِيل وَإِن سرق) أَي أيدخلها وَإِن سرق (وَإِن زنى قَالَ نعم) يدخلهَا وَإِن فعل ذَلِك مرَارًا (قلت وَإِن سرق وَإِن زنى قَالَ نعم قلت وَإِن سرق وَإِن زنى قَالَ نعم) كرّر الِاسْتِفْهَام ثَلَاثًا للاستثبات أَو استعظاما لشأن الدُّخُول مَعَ مُلَابسَة ذَلِك أَو تَعَجبا ثمَّ أكده بقوله (وَإِن شرب الْخمر) وَاقْتصر من الْكَبَائِر على ذَيْنك لأنّ الْحق إمّا لله أَو للْعَبد فَأَشَارَ بِالزِّنَا للأوّل وبالسرقة
1 / 19
للثَّانِي والبشارة لُغَة اسْم لخَبر يُغير بشرة الْوَجْه مُطلقًا سارا أَو محزنا لَكِن غلب اسْتِعْمَاله فِي الأوّل وَصَارَ اللَّفْظ حَقِيقَة لَهُ بِحكم الْعرف حَتَّى لَا يفهم مِنْهُ غَيره وَاعْتبر فِيهِ الصدْق فَالْمَعْنى الْعرفِيّ للبشارة وَالْخَبَر الصدْق السارّ الَّذِي لَيْسَ عِنْد الْمخبر بِهِ علمه (حم ت ن حب عَن أبي ذرّ) الْغِفَارِيّ جُنْدُب بن جُنَادَة على الْأَصَح
(أَتَانِي جِبْرِيل فبشرني) بِأَن قَالَ لي (إِنَّه من مَاتَ من أمّتك لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) أَي وَشهد أَنَّك رَسُوله وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِأحد الجزأين عَن الآخر لما مّر (دخل الْجنَّة فَقلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق) وَإِن ارْتكب كل كَبِيرَة فَلَا بدّ من دُخُوله إِيَّاهَا إمّا ابْتِدَاء إِن عُفيَ عَنهُ أَو بعد دُخُوله النَّار حَسْبَمَا نطقت بِهِ الْأَخْبَار (ق عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَفِي الْبَاب غَيره أَيْضا
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد كن عجاجا) بِالتَّشْدِيدِ أَي رَافعا صَوْتك بِالتَّلْبِيَةِ (ثجاجا) بِالتَّشْدِيدِ أَي سيالا لدماء الْهدى بنخر الْبدن بِأَن تنحرها (حم والضياء) الْمَقْدِسِي وَالطَّبَرَانِيّ (عَن السَّائِب بن خَلاد) الخزرجيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد) صرّح باسمه هُنَا وَفِيمَا قبل تلذذا بِذكرِهِ) كن عجاجا بِالتَّلْبِيَةِ) أَي بقول لبيْك اللهمّ لبيْك أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة ولزوما لطاعتك بعد لُزُوم (ثجاجا بنحر الْبدن) المهداة أَو المجعولة أضْحِية فيسنّ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ فِي النّسك أَي للرجل (القَاضِي عبد الْجَبَّار فِي أَمَالِيهِ عَن أبي عمر) بن الْخطاب وَكَذَا الرَّافِعِيّ عَنهُ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي) عَن الله تَعَالَى أَمر ندب (أَن آمُر أَصْحَابِي) كَذَلِك (وَمن معي) عطفه عَلَيْهِ دفعا لتوهم أنّ مُرَاده بهم من عرف بِهِ لنَحْو طول مُلَازمَة وخدمة (أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ) إِظْهَار لشعائر الْإِحْرَام وتعليما للجاهل فِي ذَلِك الْمقَام (حم ٤ حب ك) وَصَححهُ (هق) كلهم فِي الْحَج (عَن السَّائِب ابْن خَلاد) الْأنْصَارِيّ الخزرجيّ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ لي أنّ الله يَأْمُرك أَن تَأمر أَصْحَابك أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا من شَعَائِر الْحَج) أَي من أَعْلَامه وعلاماته (حم ٥ حب ك عَن زيد بن خَالِد) الْجُهَنِيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ) لي (أنّ رَبِّي وَرَبك) المحسن إليّ وَإِلَيْك بجليل التربية (يَقُول لَك) أطنب بِزِيَادَة لَك للتّنْبِيه على كَمَال الاعتناء (تَدْرِي) بِحَذْف همزَة الِاسْتِفْهَام تَخْفِيفًا (كَيفَ رفعت ذكرك) أَي على أيّ حَال وَكَيْفِيَّة رفعته (قلت الله أعلم) أَي من كل عَالم (قَالَ لَا أذكر) مَجْهُول الْمُتَكَلّم (أَلا ذكرت) مَجْهُول الْمُخَاطب (معي) أَي كثيرا أَو عَادَة أَو فِي مَوَاطِن مَعْرُوفَة ومقامات مَوْصُوفَة (ع حب والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة) كلهم (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا وَحسنه الهيتمي
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي خضر) بِفَتْح فَكسر لِبَاس أَخْضَر (تعلق) بِالْقَافِ محرّكا مشدّدا (بِهِ) أَي الْخضر (الدرّ) اللُّؤْلُؤ الْعِظَام يَعْنِي تمثل لي بِتِلْكَ الْهَيْئَة الْحَسَنَة وَذَلِكَ الْمنْهَج المعجب وَكَانَ يَأْتِيهِ على هيئات متكثرة (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد عَن ابْن مَسْعُود) وَضَعفه
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِذا تَوَضَّأت) أَي غسلت أعضاءك الْأَرْبَعَة بِالنِّيَّةِ (فخلل لحيتك) أَي أَدخل المَاء فِي أصُول شعرهَا وَنبهَ بِهِ على ندب تَخْلِيل كل شعر يجب غسل ظَاهره فَقَط (ش عَن أنس) بن مَالك رمز المُصَنّف لحسنه وَلَا يصفو عَن نزاع
(أَتَانِي جِبْرِيل بِقدر) بِكَسْر فَسُكُون إِنَاء يطْبخ فِيهِ (فَأكلت مِنْهَا فَأعْطيت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (قوّة) أَي قدرَة (أَرْبَعِينَ رجلا فِي الْجِمَاع) زَاد أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد وكل رجل من أهل الْجنَّة يُعْطي قوّة مائَة (ابْن سعد)
1 / 20
فِي الطَّبَقَات (عَن صَفْوَان بن سليم) الزُّهْرِيّ الْمدنِي التَّابِعِيّ (مُرْسلا) وأسنده أَبُو نعيم وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي أوّل مَا أُوحِي إليّ) بِبِنَاء أوحى للْمَفْعُول (فعلمني الْوضُوء) بِالضَّمِّ (وَالصَّلَاة) الْأَذْكَار الْمَعْرُوفَة وَالْأَفْعَال الْمَشْهُورَة المفتتحة بِالتَّكْبِيرِ المختتمة بِالتَّسْلِيمِ (فَلَمَّا فرغ الْوضُوء) أَي أتمه (أَخذ غرفَة من المَاء فنضح بهَا فرجه) يَعْنِي رش بِالْمَاءِ الْإِزَار الَّذِي يَلِي مَحل الْفرج من الْآدَمِيّ فَينْدب ذَلِك لدفع الوسواس (حم قطّ ك) وَكَذَا الْحَرْث ابْن أبي أُسَامَة (عَن أُسَامَة بن زيد) حب الْمُصْطَفى وَابْن حبه (عَن أَبِيه زيد بن حَارِثَة) الْكَلْبِيّ مولى الْمُصْطَفى وَفِيه ضَعِيف ومتروك الكعبي
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي ثَلَاث) أَي ثَلَاث لَيَال (بَقينَ من ذِي الْقعدَة) بِفَتْح الْقَاف وتكسر (فَقَالَ) لي (دخلت الْعمرَة) أَي أَعمالهَا (فِي) أَعمال (الْحَج) لمن قرن فيكفيه أَعمال الْحَج عَنْهُمَا أَو دخلت فِي وقته وأشهره بِمَعْنى أَنه يجوز فعلهَا فِيهَا أَو مَعْنَاهُ سُقُوط وجوب الْعمرَة بِوُجُوب الْحَج وَلكُل وجهة هُوَ موليها (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) أوّل خراب الدُّنْيَا وانقراض أهل الْإِيمَان فَلَيْسَ الحكم خَاصّا بِهَذَا الْعَام بل بِكُل عَام (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ حسن (قلت) كَمَا قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين (هَذَا) أَي قَوْله فِي ثَلَاث إِلَى آخِره (أصل) يسْتَدلّ بِهِ (فِي) مَشْرُوعِيَّة (التَّارِيخ) وَهُوَ تَعْرِيف الْوَقْت يَعْنِي هُوَ من جملَة أُصُوله لَا أَنه مُنْفَرد بِالْأَصَالَةِ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد عش مَا شِئْت) من الْعُمر (فَإنَّك ميت) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف (وأحبب من شِئْت فَإنَّك مفارقه) بِمَوْت أَو غَيره وَمَا من أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ ضيف وَمَا بِيَدِهِ عَارِية والضيف مرتحل وَالْعَارِية مُؤَدَّاة (واعمل مَا شِئْت) من خير أَو شرّ (فَإنَّك مجزىّ بِهِ) بِفَتْح أوّله أَو ضمه أَي مقضي عَلَيْك بِمَا يَقْتَضِيهِ عَمَلك (وَاعْلَم) بِصِيغَة الْأَمر إِفَادَة لغيره مَا علم للدلالة على أَنه علم وَعمل (أَن شرف الْمُؤمن) علاهُ ورفعته (قِيَامه بِاللَّيْلِ) أَي تَهَجُّده فِيهِ (وعزه) قوّته وغلبته على غَيره (استغناؤه) اكتفاؤه بِمَا قسم لَهُ (عَن النَّاس) أَي عَمَّا فِي أَيْديهم أَو عَن سُؤَالهمْ مِمَّا فِي أَيْديهم (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (ك) فِي الرَّقَائِق (هَب) كلهم (عَن سهل ابْن سعد بن مَالك) الخزرجيّ السَّاعِدِيّ (هَب عَن جَابر) بن عبد الله (حل عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ ضَعِيف لضعف زَافِر
(أَتَانِي آتٍ) أَي ملك وَفِيه إِشْعَار بِأَنَّهُ غير جِبْرِيل (من عِنْد رَبِّي) أَي برسالة بأَمْره وَلَيْسَت هِيَ عندية مَكَان (فخيرني بَين أَن يدْخل) بِضَم أوّله أَي الله (نصف أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (الْجنَّة وَبَين الشَّفَاعَة) فيهم (فاخترت الشَّفَاعَة) لعمومها إِذْ بهَا يدخلهَا وَلَو بعد دُخُول النَّار كل من مَاتَ مُؤمنا كَمَا قَالَ (وَهِي) أَي وَالْحَال أَنَّهَا كائنة أَو حَاصِلَة (لمن مَاتَ) من هَذِه الأمّة وَلَو مَعَ إصراره على كل كَبِيرَة لكنه (لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) أَي وَيشْهد أَنِّي رَسُوله وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِأحد الجزأين كَمَا مرّ (حم عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَرِجَاله ثِقَات (ت حب عَن عَوْف بن مَالك) بن أبي عَوْف (الْأَشْجَعِيّ) وَحسنه التِّرْمِذِيّ
(أَتَانِي آتٍ من عِنْد رَبِّي ﷿ فَقَالَ من صلى عَلَيْك من أمّتك) الْإِضَافَة للتشريف (صَلَاة) أَي طلب لَك من الله دوَام التشريف ومزيد التَّعْظِيم ونكرها ليُفِيد حُصُولهَا بأيّ لفظ كَانَ لَكِن لفظ الْوَارِد أفضل (كتب الله) قدّر أَو أوجب (لَهُ بهَا عشر حَسَنَات) أَي ثَوَابهَا مضاعفا إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة لِأَن الصَّلَاة لَيست حَسَنَة وَاحِدَة بل حَسَنَات متعدّدة (ومحا) أَي أَزَال (عَنهُ عشر سيئات) جمع سَيِّئَة أَي قبيحة (وَرفع لَهُ) فِي الْجنَّة بهَا (عشر دَرَجَات) رتب عالية فِيهَا
1 / 21