وَابْن الْقَاسِم إِنَّمَا سَأَلَ مَالِكًا لأجل تحديث اللَّيْث بذلك فَيُقَال إِمَّا أَن يكون مَا قَالَه مَالك مُخَالفا لما فعله اللَّيْث وَنَحْوه أَو لَيْسَ بمخالف بل يكره أَن يتحدث بذلك لمن يفتنه ذَلِك وَلَا يحملهُ عقله كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود مَا من رجل يحدث قوما حَدِيثا لَا تبلغه عُقُولهمْ إِلَّا كَانَ فتْنَة لبَعْضهِم
وَقد كَانَ مَالك يتْرك أَحَادِيث كَثِيرَة لكَونهَا لَا يُؤْخَذ بهَا وَلم يَتْرُكهَا غَيره فَلهُ فِي ذَلِك مَذْهَب وَغَايَة مَا يعْتَذر لَهُ أَن يُقَال كره أَن يتحدث بذلك حَدِيثا يفتن المستمع الَّذِي لَا يحمل عقله ذَلِك وَأما إِن قيل إِنَّه كره التحدث بذلك مُطلقًا فَهَذَا مَرْدُود
ولنرجع إِلَى الْمَقْصُود وَهُوَ بَيَان تروي جُمْهُور الصَّحَابَة فِي أَمر الرِّوَايَة فَنَقُول
قَالَ مُسلم فِي صَحِيحه حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد وَسَعِيد بن عَمْرو الأشعثي جَمِيعًا عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ سعيد أخبرنَا سُفْيَان عَن هِشَام بن حُجَيْر عَن طَاوس قَالَ جَاءَ هَذَا إِلَى ابْن عَبَّاس يَعْنِي بشير بن كَعْب فَجعل يحدثه فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس عد لحَدِيث كَذَا وَكَذَا فَعَاد لَهُ ثمَّ حَدثهُ فَقَالَ لَهُ عد لحَدِيث كَذَا وَكَذَا فَعَاد لَهُ
فَقَالَ لَهُ مَا أَدْرِي أعرفت حَدِيثي كُله وَأنْكرت هَذَا أم أنْكرت حَدِيثي كُله وَعرفت هَذَا فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس إِنَّا كُنَّا نُحدث عَن رَسُول الله ﷺ إِذْ لم يكن يكذب عَلَيْهِ فَلَمَّا ركب النَّاس الصعب والذلول تركنَا الحَدِيث عَنهُ
1 / 66