(فدع عَنْك الْكِتَابَة لست مِنْهَا ... وَلَو سودت وَجهك بالمداد)
قَالَ الله ﷿ ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ فَإِن آنست يَا هَذَا من نَفسك فهما وصدقا ودينا وورعا وَإِلَّا فَلَا تتعن وَإِن غلب عَلَيْك الْهوى والعصبية لرأي أَو لمَذْهَب فبالله لَا تتعب
وَقَالَ فِي تَرْجَمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب وَهُوَ الَّذِي سنّ للمحدثين التثبت فِي النَّقْل وَرُبمَا كَانَ يتَوَقَّف فِي خبر الْوَاحِد إِذا ارتاب روى الْجريرِي عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن أَبَا مُوسَى سلم على عمر من وَرَاء الْبَاب ثَلَاث مَرَّات فَلم يُؤذن لَهُ فَرجع فَأرْسل عمر فِي أَثَره فَقَالَ لم رجعت قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول إِذا سلم أحدكُم ثَلَاثًا فَلم يجب فَليرْجع قَالَ لتَأْتِيني على ذَلِك بِبَيِّنَة أَو لَأَفْعَلَنَّ بك فجاءنا أَبُو مُوسَى منتقعا لَونه وَنحن جُلُوس فَقُلْنَا مَا شَأْنك فَأخْبرنَا وَقَالَ فَهَل سمع أحد مِنْكُم فَقُلْنَا نعم كلنا سَمعه فأرسلوا مَعَه رجل مِنْهُم حَتَّى أَتَى عمر فَأخْبرهُ
أحب عمر أَن يتَأَكَّد عِنْده خبر أبي مُوسَى بقول صَاحب آخر فَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الْخَبَر إِذا رَوَاهُ ثقتان كَانَ أقوى وأرجح مِمَّا انْفَرد بِهِ وَاحِد وَفِي ذَلِك حث على تَكْثِير طرق الحَدِيث لكَي يرتقي عَن دَرَجَة الظَّن إِلَى دَرَجَة الْعلم إِذْ الْوَاحِد يجوز عَلَيْهِ النسْيَان وَالوهم وَلَا يكَاد يجوز ذَلِك على ثقتين لم يخالفهما أحد
وَقد كَانَ عمر من وجله من أَن يُخطئ الصاحب فِي حَدِيث رَسُول الله يَأْمُرهُم أَن يقلوا الرِّوَايَة عَن نَبِيّهم وَلِئَلَّا يتشاغل النَّاس بالأحاديث عَن حفظ الْقُرْآن
1 / 61