وروى عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ إِن النَّاس يَقُولُونَ أَكثر أَبُو هُرَيْرَة وَلَوْلَا آيتان فِي كتاب الله مَا حدثت حَدِيثا ثمَّ يَتْلُو ﴿إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى﴾ - إِلَى قَوْله - ﴿الرَّحِيم﴾ إِن إِخْوَاننَا من الْمُهَاجِرين كَانَ يشغلهم الصفق فِي الْأَسْوَاق وَإِن إِخْوَاننَا من الْأَنْصَار كَانَ يشغلهم الْعَمَل فِي أَمْوَالهم وَإِن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يلْزم رَسُول الله ﷺ لشبع بَطْنه ويحضر مَا لَا يحْضرُون ويحفظ مَا لَا يحفظون اهـ
وَإِنَّمَا اشْتَدَّ إنكارهم على أبي هُرَيْرَة لِأَنَّهُ صحب النَّبِي ﷺ نَحوا من ثَلَاث سِنِين فَإِنَّهُ أسلم عَام خَيْبَر وأتى من الرِّوَايَة عَنهُ مَا لم يَأْتِ بِمثلِهِ من صَحبه من السَّابِقين الْأَوَّلين ذكر بَقِي بن مخلد أَنه روى خَمْسَة الآف حَدِيث وَثَلَاث مئة وَأَرْبَعَة وَسبعين حَدِيثا وَله فِي البُخَارِيّ أَربع مئة وَسِتَّة وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا وَعمر بعده ﵇ نَحوا من خمسين سنة وَكَانَت وَفَاته سنة تسع وَخمسين
قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي جَوَابه عَن طعن النظام فِي أبي هُرَيْرَة بإنكار بعض الصَّحَابَة عَلَيْهِ كَانَ عمر شَدِيد الْإِنْكَار على من أَكثر الرِّوَايَة أَو أَتَى بِخَبَر فِي الحكم لَا شَاهد لَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ يَأْمُرهُم بِأَن يقلوا الرِّوَايَة يُرِيد بذلك أَن لَا يَتَّسِع النَّاس فِيهَا فيدخلها الشوب وَيَقَع التَّدْلِيس وَالْكذب من الْمُنَافِق والفاجر والأعرابي
وَكَانَ كثير من جلة الصَّحَابَة وَأهل الْخَاصَّة برَسُول الله ﷺ كَأبي بكر وَالزُّبَيْر وَأبي عُبَيْدَة وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب يقلون الرِّوَايَة عَنهُ بل كَانَ بَعضهم لَا يكَاد يروي شَيْئا كسعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَهُوَ أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ
1 / 58