তাওহিদ
التوحيد(الجعفي)
المفضل بن عمر
سيرته وتوحيده
1 توطئة :
في نهاية عام 1949 تقدم الأخ الفاضل محمد كاظم الكتبي إلى طبع كتاب التوحيد الذي أملاه الامام أبو عبد الله الصادق عليه السلام على تلميذه النجيب : المفضل بن عمر الجعفي ، وما ان نزل إلى الأسواق حتى تداولته الأيدي ، ونفذت نسخه الكثيرة في بضعة شهور ، وظل الأخ الكتبي يحدث نفسه بطبع الكتاب مرة ثانية ، ولكنه أحب هذه المرة أن يخرجه في حلة جديدة ، ويضيف إليه شرح ما غمض من تعابيره وأشكل من ألفاظه ومعانيه ، ثم وضع مقدمة له تبين أغراض الكتاب ومقاصده العالية ، وترجمة المفضل وعلاقته بسيده الإمام الصادق ، إلى غير ذلك من الموضوعات التي تمس الكتاب وتحوم حوله.
وقد تحدث إلى الأخ الكتبي بهذا الأمر ، وكلفني بأن أتولى ذلك بنفسي ، فلم أجد مناصا من ذلك ، وقمت بالمهمة على عجالة وسرعة ، ذلك لانشغال البال ، وكثرة الأعمال ، وانصراف الذهن إلى مهام أخرى ، واني لأرجوا ان أتفرغ له مرة ثانية ، فأزيد في شرحه وأوليه العناية التي هو أهلها.
وحسبي الآن هذه التعاليق البسيطة التي ارجو أن كون حافزا لغيرى من الأفاضل على درس كتاب التوحيد والقيام بشرحه شرحا مستفيضا.
পৃষ্ঠা ৩
2 حياة المفضل :
ولد أبو محمد وقيل أبو عبد الله المفضل بن عمر الجعفى الكوفي ، فيما بين أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري في مدينة الكوفة الآهلة يومئذ برواد العلم ، واقطاب الفكر الإسلامي.
ونستنتج من بعض الروايات ان المفضل عاصر الإمام الباقر واحتك به ، فأدرك الدولة الأموية .. ومن ثم اتصل بالامام الصادق ، وبعده بالامام موسى الكاظم ، وقد أخذ عنهما الحديث والرواية ، وكان أثيرا لديهما ، قريبا اليهما ، متوكلا عنهما ، متوليا لهما في قبض الأموال ، وتفويضه في ذلك تفويضا يدل على ثقة الجميع به واعتمادهم عليه ، وقد قال له الإمام الصادق مرة : ( اذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة ، فافتدها من مالي ) (1).
وعاصر بعد ذلك الإمام الرضا ، وفي أيامه توفي ، وكان ذلك في أخريات المائة الثانية من الهجرة ، عن عمر ناهز الثمانين سنة. ولما بلغ موته الرضا قال فيه هذه الكلمة الخالدة : ( كان الوالد بعد الوالد .. اما انه قد استراح ) (2)، وفي خبر آخر ان الرضا خاطب أحد أصحابه بقوله
পৃষ্ঠা ৪
( أما ان المفضل كان انسي ومستراحي ) (1).
ومن المؤكد ان المفضل توفى ، وهو لم يكن بطوس ولا ببغداد ، وانما كان بالكوفة ، فانها كانت مسقط راسه ، وبها كان وكيلا من قبل الامامين الصادق والكاظم ، وكان المفضل حيا حتى سنة 183 ه.
وهي السنة التي توفي بها الإمام الكاظم ، ولم يدم بعد ذلك إلا قليلا ، لا سيما وان الاخبار لم تكن متوفرة عن اتصاله بالامام الرضا مما ترجح عندنا وفاته بعد سنيات من موت الإمام الكاظم.
3 كتب المفضل :
كان المفضل دائبا على الحضور في مدرسة الإمام الصادق ، وقد استقى الكثير من الأحاديث والعلوم عنه ، وعن ولده موسى الكاظم ، وعن حفيده ابى الحسن الرضا. وعند اختمار تلكم الأحاديث والمعارف في ذهنه وعند ما نضجت في عقله ووعاها حق الوعي ، استطاع ان يؤلف عددا من الكتب فيما لا تخرج مضامينها ومواضيعها عن حدود الشريعة الإسلامية وعن عظمة الخالق ، وعن الموجودات والخلائق.
وسنذكر هنا ما استطعنا الوقوف عليه من كتب المفضل وتآليفه.
وهي كما يلي :
1 كتاب الإهليلجة : هو من إملاء الإمام الصادق على المفضل في قصة تروى في اول الكتاب ومفادها : ان طبيبا حاج الامام في الإهليلجة ،
পৃষ্ঠা ৫
وفيها رد على الملحدين المنكرين للربوبية. وقد أوردها العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي في المجلد الثاني في التوحيد من ( بحار الأنوار ) مع الشرح والبيان ، وقال في الفصل الثاني من اول البحار : ( ان بعض علماء المخالفين نسب هذا الكتاب إلى الإمام الصادق ) وهذا مما يحقق نسبته إلى المفضل من إملاء الامام عليه ، وان داخل بعضهم ريب من ذلك!
2 كتاب كنز الحقائق والمعارف : هو نفس كتاب التوحيد ، ولا ندري من وضع هذا الاسم الجديد لكتاب التوحيد ، إلا أن الشيخ أغا بزرك قال : ( .. وسماه أي كتاب التوحيد بعض الفضلاء بكنز الحقائق والمعارف ) (1).. وهذا الاسم غير مطابق لمضامين الكتاب كل المطابقة.
3 الوصية : وهي التي أوصى بها الصادق تلميذه المفضل فيما يتعلق بأحوال المسلمين ، ومعايشهم ، وأهوائهم ، وما كان لهم ، وما سيكون ، وما في العالمين السفلي والعلوي من اسرار وخفايا.
وقد ظن الدكتور مصطفى جواد أن رسالة الوصية هذه هي نفس كتاب بدء الخلق الآنى ذكره ، وبعبارة أخرى هي نفس كتاب التوحيد بينما نرى أن الوصية رسالة خاصة ليست لها أية علاقة بكتاب التوحيد ، ونجد في بعض المصادر (2) قطعا مقتضبة من وصايا الصادق للمفضل
পৃষ্ঠা ৬
مما يؤكد صحة قولنا.
أما ما ذكره الرجالي الثبت البصير أحمد بن علي النجاشي المتوفى عام 450 هج من مؤلفات المفضل ، فهي :
4 كتاب ما افترض الله على الجوارح من الايمان : جوهر هذا الكتاب دال ومعروف من عنوانه وان كان تفصيل موضوعاته غير بين لدينا
5 كتاب الإيمان والإسلام : ويستفاد من النجاشي (1) ان هذا الكتاب هو نفس الكتاب السابق ، وتطرق إلى ذكره الشيخ أغا بزرك (2) إلا انه لم يشر إلى هذا المعنى ، بل عده مستقلا عن الكتاب السابق.
6 كتاب يوم وليلة : ولا يبعد أن يكون موضوع هذا الكتاب خاص في الأعمال المستحبة والأدعية التي سمعها المفضل ورواها عن أهل البيت فيما يتعلق باعمال اليوم والليلة.
7 كتاب علل الشرائع : والظاهر أن هذا الكتاب يبحث عن فلسفة الاحكام الشرعية ، وعن فوائدها ومنافعها ، وما أشبه ذلك ، وإذا تحقق هذا فالكتاب جليل في بابه لا بد أن يكون على جانب من الخطورة
8 كتاب فكر وهو الاسم الذي اصطلحه النجاشي (3) لكتاب التوحيد
পৃষ্ঠা ৭
9 كتاب بدء الخلق والحث على الاعتبار : هو نفس كتاب التوحيد وقد ظن بعض المتاخرين (1) ان هذا الكتاب مستقل بذاته ، وانا لا اقرهم على ذلك ، فان النجاشي يصرح قائلا : ( كتاب فكر كتاب في بدء الخلق والحث على الاعتبار ) (2) اي ان كتاب فكر هو كتاب يبحث في بدء الخلق والحث على الاعتبار ، لا سيما إذا علمنا ان حقيقة مضامين الكتاب لا تبحث إلا في الابداع والخلقة ، ويتجلى ذلك في قول الامام مخاطبا المفضل (3) ( نبدأ يا مفضل بذكر خلق الإنسان فاعتبر به ) وقوله ايضا (4): اعتبر يا مفضل ، وقوله كذلك (5): اعتبر يا مفضل باشياء خلقت لمآرب الإنسان ..
4 الاخبار المروية في حقه :
إذا تصفحت كتب الرجال ، وراجعت ما خطه المؤرخون في المفضل ، وجدت ما يدعوك إلى اكباره ، والإعجاب به ، وتقدير خدماته
পৃষ্ঠা ৮
الجلي لآل البيت ، وما كان له من المواقف المحمودة في الذب عنهم ، ونصرته لهم نصرة مؤمن بهم ، موقن بما لهم من الدرجات الرفيعة .. ولما عرف الأئمة منه ذلك بجلوه غاية التبجيل ، وقربوه من أنفسهم ، وانزلوه منزلة الخواص من أصحابهم الثقاة من بطانتهم.
فمن الاخبار المعربة عن شخصيته المحترمة ما رواه أبو حنيفة الجمال قال : مر بنا المفضل انا وختني (1) نتشاجر في ميراث لنا ، فوقف علينا ساعة ثم قال : تعالا معي إلى المنزل ، فاتيناه فأصلح بيننا باربعمائة درهم ، ودفعها الينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال : أما انها ليست من مالي ، ولكن الإمام الصادق أمرنى إذا تنازع رجلان في شيء ان اصلح بينهما ، وافتديهما من ماله ، فهذا من مال الامام أبي عبد الله (2).
ودخل المفضل مرة على الإمام الصادق ، فلما بصر به تبسم في وجهه ثم قال : إلي إلي يا مفضل فو ربى اني لأحبك وأحب من يحبك! .. يا مفضل لو عرف جميع أصحابى ما تعرف ما اختلف اثنان!. فقال له المفضل : يا ابن رسول الله لقد حسبت ان اكون قد أنزلت فوق منزلتي ..؟ فاجابه
পৃষ্ঠা ৯
الامام : ( بل أنزلت المنزلة التي انزلك الله بها .. ) (1).
وليس شيء ادل على واسع علم المفضل ، وخبرته الواسعة في احكام الشريعة ، من قول الفيض بن المختار للصادق : ( انى لأجلس في حلقات أصحابنا بالكوفة ، فأكاد اشك باختلافهم في حديثهم ، حتى ارجع إلى المفضل ، فيقضي من ذلك علي ما تستريح إليه نفسى ، ويطمئن إليه قلبي ) قال الإمام : ( اجل هو كما ذكرت ) (2).
وعد الشيخ الكفعمي (3) المفضل من البوابين (4) وقال : ( ان المراد
পৃষ্ঠা ১০
من باب الامام على ما يظهر من بعض قدماء الأصحاب هو بابه في العلوم والاسرار .. ) ومن كان اجدر من أصحاب الامام بالمفضل ، لنيل هذه المكانة ، وجعل الامام منه بابا لعلومه ومخبئا لاسراره.
عن هشام بن أحمد قال : دخلت على ابي عبد الله وانا أريد ان اسأله عن المفضل ، وهو في ضيعة له ، في يوم شديد الحر ، والعرق يسيل على صدره ، فابتدأنى بقوله : ( نعم العبد والله لا إله إلا هو المفضل بن عمر ) حتى احصيتها نيفا وثلاثين مرة يقولها ويكررها لي (1).
পৃষ্ঠা ১১
وسال أبو الحسن الكاظم بعض أصحابه فيما يقوله الناس في المفضل فاجابه! يقولون فيه هبه يهوديا او نصرانيا ، وهو يقوم بأمر صاحبكم قال الإمام : ( ويلهم ..!! ما اخبث ما انزلوه ..!! ما عندي كذلك ، وما لي فيهم مثله (1).
وصرح الشيخ المفيد (2) بأن المفضل ممن روى النص عن أبي عبد الله على ابنه أبي الحسن موسى ، وانه من شيوخ أصحابه وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين.
পৃষ্ঠা ১২
وذكر شيخ الطائفة الطوسي (1) ان المفضل من قوام الأئمة وكان محمودا عندهم محبوبا لديهم ، ثم انه كان من وكلائهم الذين مضوا على منهاجهم.
5 تضميد جروحه :
روينا للقارئ بعض الأخبار والأحاديث التي تدل على خطة المفضل الطيبة ، ومكانته السامية في نفوس آل البيت ، تلك المكانة التي دعت اعدائهم إلى نصب الشراك ، وإيقاعه فيها ، كرميه بالتهم والاباطيل وقذفه بالاكاذيب والافتراءات.
وإذا رجعنا إلى عصر الإمام الصادق ، للمسنا تشدد الحاكمين على آل البيت وأصحابهم. وكان أكثر الشيعة يلوذون بأئمتهم ، حفظا لظهورهم من سياط جلاوزة العباسيين وولاتهم الجائرين الذين لم يألوا جهدا في مطاردة أهل البيت ومن يمت اليهم بصلة.
ومن أجل ذلك اضطر الإمام الصادق ان يعمل بالتقية ، حتى صارت التقية هذه سياسة خاصة سار عليها هو وأصحابه جميعا ، وحتى انه كان يعيب خاصة أصحابه ، كى يبعد الشبه التي تحوم حولهم والتي طالما هددتهم بالموت والفناء. وقد فعل الامام ذلك بدافع الشفقة عليهم لاخفاء حالهم ، حتى لا يتعرض أصحابه للشر.
ولهذا فان الأحاديث المروية في ذم المفضل والقدح به ينبغي حملها
পৃষ্ঠা ১৩
على التقية وكذا ما ورد في حق امثاله من اجلاء الاصحاب ، بعد تحقق عدلهم وتواتر المدح لهم ... فقد روي عن عبد الله بن زرارة بن اعين انه قال له الامام أبو عبد الله : ( اقرأ والدك السلام وقل له : انما اعيبك دفاعا منى عنك ، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه ، لادخال الاذى فيمن نحبه ونقربه ، فيذمونه لمحبتنا له ، وقربه ودنوه منا ، ويرون ادخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه ، وان نحمد أمره. فانما اعيبك لانك رجل اشتهرت بنا وبميلك الينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس ، غير محمود الاثر لمودتك منا وميلك الينا ، فاحببت ان أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك .. الخ (1)
وهناك خبر أورده الكشي (2) ويستشف منه ان المفضل كان يؤمن بامامة إسماعيل بن الصادق ، ولا صحة لهذا الخبر اطلاقا ، لأن المفضل كان علما في الدعوة الى الإمام الكاظم ، حتى دعيت الفرقة المتمسكة بامامة الكاظم والتي اتبعت المفضل في رأيه دعيت هذه الفرقة ب ( المفضلية ) نسبة إليه .. قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى عام 548 ه :
( الموسوية او المفضلية : فرقة واحدة قالت بامامة موسى بن جعفر نصا عليه بالاسم ، حيث قال الصادق ( سابعكم قائمكم ).. ولما رأت الشيعة ان
পৃষ্ঠা ১৪
أولاد الصادق على تفرق ، فمن ميت في حال حياة أبيه لم يعقب ، ومن مختلف في موته ، ومن قائم مدة يسيرة ميت غير معقب. وكان موسى هو الذي تولى الأمر ، وقام بعد موت أبيه ، رجعوا إليه ، واجتمعوا عليه مثل المفضل بن عمر وزرارة بن أعين وعمارة الساباطي (1).
وكتب عدة من أهل الكوفة إلى الصادق قالوا : ( ان المفضل يجالس الشطار (2) وأصحاب الحمام (3) وقوما يشربون شرابا ، فينبغي ان
পৃষ্ঠা ১৫
تكتب إليه ، وتأمره أن لا يجالسهم ، فكتب إلى المفضل كتابا وختمه ودفعه اليهم ، وأمرهم ان يدفعوا الكتاب من أيديهم إلى المفضل. ولما جاءوا المفضل ، ودفعوا إليه الكتاب ، ففكه وقرأه ، فإذا فيه : ( بسم الله الرحمن الرحيم ... اشتر كذا وكذا وكذا ) ولم يذكر فيه قليلا ولا كثيرا مما تحدثوا به مع الامام ، فلما قرأ الكتاب دفعه إلى كل واحد من الذين جاءوا بالكتاب ، ثم قال : ما تقولون ..؟ قالوا هذا مال عظيم ادعنا حتى ننظر فيه ونجمعه ونحمله إليك ، ثم تدرك الانزال بعد ظهر في ذلك وأرادوا الانصراف فقال المفضل : تغدوا عندي ، فاجلسهم لغدائه ، ووجه المفضل إلى أصحابه الذين سعوا بهم ، فلما جاءوا إليه ، قرأ عليهم كتاب الصادق ، فرجعوا من عنده ، وحبس المفضل هؤلاء ليغدوا عنده فرجع الفتيان ، وحمل كل واحد منهم على قدر مقدرته الفا والفين وأكثر فحضروا واحضروا الفي دينار وعشرة آلاف درهم ، قبل ان يفرغ هؤلاء من صلاتهم. فقال لهم المفضل : تأمرونى ان اطرد هؤلاء من عندي! ..
পৃষ্ঠা ১৬
تظنون ان الله محتاج إلى صلاتكم وصومكم (1).
وذكر النوري (2) ان الشيخ الصدوق روى في من لا يحضره الفقيه عن المفضل بن عمر ، وقد قال الصدوق في مقدمة كتابه (3):
« ان لم اقصد قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى ايراد ما أفتى به ، واحكم بصحته ، واعتقد انه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول » ونحن إذا قرأنا هذا القول وضح لنا ان المفضل ممن يعتمد عليه الصدوق ولو كان غير مرضي عند الأئمة ، لما خفي على الصدوق القريب من زمانهم ولما أودع خبر المفضل في كتابه ، وجعله حجة فيما بينه وبين ربه.
وحكم المشهور فيما لو تلبس بصلاة الليل ، ولم يتم أربع ركعات ، وطلع الفجر ، قطعها وأنى بفريضة الصبح ان هذا الحكم المشهور مأخوذ من رواية للمفضل (4).
وكان ابن شعبة قد عقد في كتابه النفيس تحف العقول بعد
পৃষ্ঠা ১৭
أبواب مواعظ الأئمة وحكمهم على الترتيب عقد بابا في مواعظ المفضل ، ذكر فيه جملة من النصائح القيمة التي روي أكثرها عن الصادق .. ومما فيه عن المفضل قال أبو عبد الله وانا معه : يا مفضل كم أصحابك ..؟ فقلت : قليل.! فلما انصرفت إلى الكوفة أقبلت علي الشيعة تمزقني شر ممزق! وتأكل لحمي ، وتشتم عرضي! حتى ان بعضهم استقبلنى فوثب في وجهي. وبعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي! ورمانى الكثير منهم بالبهتان ، فبلغ ذلك أبا عبد الله ، فلما رجعت إليه في السنة الثانية كان اول ما استقبلنى به بعد تسليمه علي (1) ان قال : يا مفضل ما هذا
পৃষ্ঠা ১৮
الذي بلغني.؟ ان هؤلاء يقولون لك وفيك ، قلت : وما علي في قولهم قال : اجل بل ذلك عليهم. أيغضبون؟ بؤسا لهم! انك قلت ان اصحابك قليل ، لا والله ما هم لنا بشيعة ، ولو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك ولا اشمأزوا منه ، لقد وصف الله شيعتنا بغير ما هم عليه ، وما شيعة جعفر إلا من كف لسانه ، وعمل لخالقه ، ورجا سيده ، وخاف الله وفي آخر حديث الامام مخاطبا المفضل اما اني لو لا انى اخاف عليهم ان اغويهم بك لأمرتك ان تدخل بيتك وتغلق بابك ثم لا تنظر اليهم ما بقيت ولكن ان جاءوك فاقبل منهم فان الله قد جعلهم حجة على انفسهم واحتج (1) على غيرهم (2).
6 اتصال العرب بالثقافة اليونانية :
في مقال للباحث القدير والدكتور النبيه مصطفى جواد (3) تطرق إلى كتاب توحيد المفضل ، فحاول ان يثبت ان هذا الكتاب ليس للامام
পৃষ্ঠা ১৯
الصادق ، وانما هو للجاحظ ابى عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري!. فقال ان رسالة التوحيد هذه : ( تمثل النهضة العلمية التي بدأت على عهد المأمون ، واثمرت في أيام الجاحظ وغيره من الفلاسفة والمتكلمين ، وذلك لورود الأسماء اليونانية فيه مثل « قوسيموس » (1) وغير ذلك ).. وقد خفي على ذهن الدكتور الثاقب ان العرب لم يكونوا بمعزل عن الثقافات اليونانية المختلفة ، فقد اتصلوا بها منذ العصر الجاهلي حتى بزوغ فجر الإسلام ..
فهذا الحارث بن كلدة (2) كان من ثقيف أهل الطائف ، رحل إلى أرض فارس ، وأخذ الطب من أهل تلكم الديار من جنديسابور وغيرها في الجاهلية ، وجاد في هذه الصناعة ، وطب بأرض فارس ، وعالج فيها كثيرا ، وشهد أهل تلكم الأرض ممن رآه بعلمه ، واشتهر طبه
পৃষ্ঠা ২০
بين العرب (1).. وهذا الآخر النضر بن الحارث وهو ابن خالة النبي سافر إلى البلاد الفارسية كأبيه ، واجتمع مع الأفاضل والعلماء بمكة وغيرها ، وعاشر الأحبار والكهنة ، واشتغل وحصل من العلوم القديمة أشياء جليلة القدر ، واطلع على علوم الفلسفة واجزاء الحكمة ، وتعلم من أبيه أيضا ما كان يعلمه من الطب وغيره (2)
وحتى بعد الإسلام بوقت غير طويل ظل العرب متصلين بالثقافة اليونانية .. فقد كان الحكيم الأمير خالد بن يزيد بن معاوية الأموي المتوفى عام 85 ه من أعلم قريش بفنون العلم ، وله كلام في صنعة (3) الكيمياء والطب .. وقد ترجمت له جمهرة كبيرة من الكتب الفلسفية والطبية والكيماوية .. وخالد هذا أول من عنى بعلوم الفلسفة عناية تامة ، وكان قد أمر باحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مصر ويتفصح بالعربية ، وقد اخذ هؤلاء بدورهم من نقل الكتب في اللسان اليوناني
পৃষ্ঠা ২১
والقبطي إلى العربى (1).
ويحكى ان ماسرجويه البصري (2) كان عالما في الطب ، وكان في أيامه كتابه في الطب هو كناش (3) من أفضل الكنانيش ، الفها اهرون ابن أعين (4) في اللغة السريانية ، فنقلها ماسرجويه إلى العربية ، وهى تحتوي على ثلاثين مقالة ، وزاد عليها ماسرجويه مقالتين (5).
পৃষ্ঠা ২২