المغالبة واما الجدل لاظهار الْحق فَإِن ذَلِك مَحْمُود لقَوْله تَعَالَى ﴿وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ انْتهى وَفِي (مُخْتَصر الصِّحَاح (للقرطبي جدل بِالْكَسْرِ جدلا أحكم الْخُصُومَة وجادله مجادلة وجدالا خاصمه انْتهى والمراء الْجِدَال والمخاصمة قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي (مُخْتَصر الصِّحَاح (ماريته اماريه مراء جادلته انْتهى وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والرهيب من المراء والجدال وَهُوَ الْمُخَاصمَة والمحاجبة وَطلب الْقَهْر بالغلبة والترهيب فِي تَركه للمحق والمبطل انْتهى فَعلمنَا أَن الْجِدَال والمراء مُتَرَادِفَانِ وَأَن الْعَطف فيهمَا عطف المترادفين انْتهى خلع عَلَيْهِ الْكَلَام الْبَاطِل خلعه الْجَهْل والتجهيل فَهُوَ يتعثر بأذيال التَّكْفِير لاهل الحَدِيث والتبديع لَهُم والتضليل قد طَاف على أَبْوَاب الآراء والمذاهب يَتَكَفَّف أَرْبَابهَا فانثنى بأخسر الْمَوَاهِب والمطالب عدل عَن الابواب الْعَالِيَة الكفيلة بنهاية المُرَاد وَغَايَة الاحسان فابتلي بِالْوُقُوفِ على الابواب السافلة المليئة بالخيبة والحرمان وَقد لبس حلَّة منسوجة من الْجَهْل والتقليد والشبهة والعناد فَإِذا بذلت لَهُ النَّصِيحَة ودعي إِلَى الْحق أَخَذته الْعِزَّة بالاثم فحسبه جَهَنَّم ولبئس المهاد فَمَا أعظم الْمُصِيبَة بِهَذَا وَأَمْثَاله على الْإِيمَان وَمَا أَشد الْجِنَايَة بِهِ على السّنة وَالْقُرْآن وَمَا أحب جهاده بِالْقَلْبِ وَالْيَد وَاللِّسَان إِلَى الرَّحْمَن وَمَا اثقل اجْرِ ذَلِك الْجِهَاد فِي الْمِيزَان وَالْجهَاد بِالْحجَّةِ وَاللِّسَان مقدم على الْجِهَاد بِالسَّيْفِ والسنان وَلِهَذَا امْر بِهِ تَعَالَى فِي السُّور المكية حَيْثُ لَا جِهَاد بِالْيَدِ انذارا وتعذيرا فَقَالَ تَعَالَى ﴿فَلَا تُطِع الْكَافرين وجاهدهم بِهِ جهادا كَبِيرا﴾ الْفرْقَان ٥٢ وامر تَعَالَى بجهاد الْمُنَافِقين والغلظة عَلَيْهِم مَعَ كَونهم بَين اظهر الْمُسلمين فِي الْمقَام والمسير فَقَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا النَّبِي جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم ومأواهم جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير﴾
1 / 26