76

وإن قيل: إن هؤلاء لم يكونوا مرتدين، بل جهالا بالوجوب، وقد تقدم أن الأظهر في حق هؤلاء أنهم يستأنفون الصلاة على الوجه المأمور، ولا قضاء عليهم؛ فهذا حكم من تركها غير معتقد لوجوبها+(206).

وقال ابن القيم×في معرض حديث له عن مسألة قضاء الفرائض المتروكة، قال: =ومن أحكام التوبة أن من تعذر عليه أداء الحق الذي فرط فيه، ولم يمكنه تداركه، ثم تاب؛ فكيف حكم توبته؟ وهذا يتصور في حق الله_سبحانه_وحقوق عباده.

فأما في حق الله فكمن ترك الصلاة عمدا من غير عذر مع علمه بوجوبها، وفرضها، ثم تاب، وندم_فاختلف السلف في هذه المسألة، فقالت طائفة: توبته بالندم، والاشتغال بأداء الفرائض المستأنفة، وقضاء الفرائض المتروكة، وهذا قول الأئمة الأربعة وغيرهم.

وقالت طائفة: توبته باستئناف العمل في المستقبل، ولا ينفعه تدارك ما مضى بالقضاء، ولا يقبل منه، فلا يجب عليه، وهذا قول أهل الظاهر، وهو مروي عن جماعة من السلف+(207).

ثم شرع×في ذكر حجج كلتا الطائفتين (208).

وقال في آخر حديثه: =قالوا: وأما قولكم: هذا تائب نادم، فكيف تسد عليه طريق التوبة؟ ويجعل إثم التضييع لازما له، وطائرا في عنقه؟ فمعاذ الله أن نسد عليه بابا فتحه الله لعباده المذنبين كلهم، ولم يغلقه عن أحد إلى حين موته، أو إلى وقت طلوع الشمس من مغربها.

وإنما الشأن في طريق توبته، وتحقيقها هل يتعين لها القضاء؟ أم يستأنف العمل، وقبول التوبة؟

فإن ترك فريضة من فرائض الإسلام لا يزيد على ترك الإسلام بجملته، وفرائضه، فإذا كانت توبة تارك الإسلام مقبولة صحيحة لا يشترط في صحتها إعادة ما فاته في حال إسلامه_أصليا كان أم مرتدا_كما أجمع عليه الصحابة في ترك أمر المرتدين لما رجعوا إلى الإسلام بالقضاء_فقبول توبة تارك الصلاة، وعدم توقفها على القضاء أولى، والله أعلم+(209).

فتوبة تارك الصلاة_إذا_تكون بالندم، وبأداء الصلوات المستأنفة، ولا يؤمر بالقضاء.

পৃষ্ঠা ৭৬