وهذا خطأ يجب على المسلم أن يحذره ويتجنبه؛ فترك أحد الواجبين ليس مسوغا لترك الآخر، والذم الوارد في النصوص إنما هو لترك المعروف، لا للأمر بالمعروف.
قال_تعالى_: [لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون] المائدة: 77_78.
فانظر كيف نعى الله عليهم ترك التناهي مع أنهم مشتركون في المنكر؛ فلا يجوز للمسلم أن يجمع بين إساءتين، وإلا لتعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال ابن حزم×: =ولو لم ينه عن الشر إلا من ليس فيه شيء منه، ولا أمر بالمعروف إلا من استوعبه_لما نهى أحد عن شر، ولا أمر بخير بعد النبي"+(177).
وقال النووي×: =قال العلماء: ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال، ممتثلا ما يأمر به، مجتنبا ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به، والنهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه؛ فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه، وينهاها، ويأمر غيره، وينهاه؛ فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟ +(178).
قال سعيد بن جبير×: =لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر+(179).
قال الإمام مالك×معلقا على قول سعيد بن جبير: =وصدق سعيد؛ ومن ذا الذي ليس فيه شيء+(180).
وقال الحسن لمطرف بن عبدالله: =عظ أصحابك.
فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل!
قال: يرحمك الله، وأينا يفعل ما يقول؟ يود الشيطان أنه قد ظفر منا بهذا؛ فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن منكر+(181).
وقال الطبري×: =وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة، فإن أراد أنه الأولى فجيد، وإلا فيستلزم سد باب الأمر بالمعروف إذا لم يكن هناك غيره+(182).
পৃষ্ঠা ৬৭