فالعفو عن كبيرة قد انقضت، ولم يتبعها مثلها أرجى من العفو عن صغيرة يواظب العبد عليها.
ومثال ذلك قطرات من الماء تقع على حجر متواليات؛ فإنها تؤثر فيه.
ولو جمعت تلك القطرات في مرة، وصبت عليه لم تؤثر.
ولذلك قال النبي": =أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل+(168).
ب_استصغار الذنب: فإن الذنب كلما استعظمه العبد صغر عند الله_تعالى_وكلما استصغره العبد كبر عند الله؛ فإن استعظامه يصدر عن نفور القلب منه، وكراهيته له.
وإنما يعظم الذنب في قلب المؤمن؛ لعلمه بجلال الله_تعالى_فإذا نظر إلى عظمة من عصى رأى الصغيرة كبيرة.
جاء في البخاري من حديث أنس÷: =إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر إن كنا لنعدها على عهد رسول الله"من الموبقات+(169).
وقال بلال بن سعد÷: =لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت+(170).
وقال الفضيل بن عياض×: =بقدر ما يصغر عندك الذنب يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله+(171).
وقال الأوزاعي×: =كان يقال: إن من الكبائر أن يعمل الذنب فيحتقره+(172).
ج_الفرح بالمعصية: كأن يفرح بفعلها، ويتمدح بها، كما يقول: أما رأيتني كيف مزقت عرض فلان، وذكرت مساويه حتى خجلته، أو أن يقول التاجر: أما رأيت كيف روجت عليه الزائف، وكيف خدعته، وغبنته؛ فهذا وأمثاله تكبر به المعاصي؛ فكلما غلبت حلاوة المعصية عند العبد كبرت، وعظم أثرها.
د_الاغترار بحلم الله: وستره، وإمهاله إياه، وهو لا يدري أن ذلك قد يكون مقتا؛ ليزداد بالإمهال إثما.
قال النبي": =إذا رأيت الله_عز وجل_يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب_فإنما هو استدراج+ الحديث(173).
قال ابن الجوزي×: =ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافي التقوى_وإن قل_إلا وجد عقوبته عاجلة أو آجلة.
পৃষ্ঠা ৬৫