ثم قال بعد أن سرد تلك الوجوه: =وسر هذه الوجوه أن المأمور به محبوبه، والمنهي عنه مكروهه، ووقوع محبوبه أحب إليه من فوات مكروهه، وفوات محبوبه أكره إليه من وقوع مكروهه، والله أعلم+(145).
13_ فعل المعاصي لا يسوغ المجاهرة بها أو الدعوة إليها: لأن ذلك أشنع في الجرم، وأبعد عن المعافاة.
قال النبي": =كل أمتي معافى إلا المجاهرين+(146).
وقال: =من دل على ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا+(147).
14_ فعل المعاصي لا يسوغ للإنسان بغض الطاعة وأهلها، وحب المعصية وأهلها: بل يجب عليه أن يجاهد نفسه على حب الطاعة وأهلها وإن كان مقصرا فيها ولم يلحق بأهلها، وأن يبغض المعصية وإن كان واقعا فيها ومعدودا من أهلها؛ فالمرء يحشر مع من أحب، ويؤجر على حب الخير وبغض الشر.
قال الشافعي×متواضعا:
أحب الصالحين ولست منهم
لعلي أن أنال بهم شفاعه
وأكره من تجارته المعاصي
ولو كنا سواء في البضاعه(148)
15_ إساءة فلان من الناس لا تسوغ للإنسان الإساءة، وإساءة الأمس لا تسوغ إساءة اليوم: فلا يسوغ للإنسان أن يسيء بحجة أن فلانا من الناس قد أساء؛ فكل مسؤول عن نفسه ، وكل نفس بما كسبت رهينة.
كذلك إساءة الإنسان في وقت ما_لا تسوغ له أن يسيء، أو أن يستسهل الإساءة في وقت آخر.
قال ابن حزم×: =لم أر لإبليس أصيد ولا أقبح من كلمتين ألقاها على ألسنة دعاته، إحداهما: اعتذار من أساء بأن فلانا أساء قبله.
والثانية: استسهال الإنسان أن يسيء اليوم؛ لأنه قد أساء أمس، أو أن يسيء في وجه ما؛ لأنه قد أساء في غيره.
فقد صارت هاتان الكلمتان عذرا مسهلتين للشر، ومدخلتين له في حد ما يعرف، ويحمل(149) ولا ينكر+(150).
পৃষ্ঠা ৬১