وأثنى على عباده المؤمنين بفضيلة الاقتصاد فقال: [والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما] الفرقان: 67.
وإذا كان الإسراف يوقع الأفراد والجماعات في مضار كثيرة كان واجبا على أولياء الأمور ودعاة الإصلاح أن يتعاونوا على الجهاد في هذا السبيل؛ حتى يبتعد الناس عن الإسراف في مآكلهم، ومشاربهم، وملابسهم، ومراكبهم، ومساكنهم، وأمتعة بيوتهم.
وحين يحذر من عواقب الإسراف، ويدعى إلى الاقتصاد_يبين أنه لا فضيلة في الاقتصاد إلا بعد أن يؤدي الرجل حق المال من نحو النفقات الواجبات عليه لأقاربه، والزكوات المفروضة لأهلها، وبعد أن يبسط يده بالإعانة على بعض المصالح العامة كإنشاء مساجد، أو مدارس، أو مستشفيات، أو ملاجىء، أو إعداد وسائل الاحتفاظ بسيادة الأمة والدفاع عن حقوقها(98).
ب_التوبة من التبعية الثقافية والفكرية: فمما يؤسف عليه، ويندى له جبين الحق ما يرى من حال كثير من مثقفينا ومفكرينا؛ فلا تراهم يرفعون بالإسلام رأسا، ولا يهزون لنصرته قلما، ولا يحفلون إلا بزبالة أفكار الغرب، ولا يثقون إلا بما يصدر من مشكاته.
إن كثيرا من هؤلاء الذين تخرجوا في المؤسسات الحضارية الغربية، وعاشوا في المجتمعات الإسلامية_يجهلون الإسلام جهلا كاملا.
ولا يعني ذلك الجهل أنهم لم يسمعوا بالإسلام، أو أنهم لم يحفظوا في صغرهم شيئا من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، أو أنهم لم يسجدوا لله يوما من الأيام سجدة، أو لم يعرفوا أخبار رسول الله"وصحابته الكرام_رضوان الله عليهم_.
لا، ليس الأمر كذلك، وإنما المقصود أن هؤلاء يجهلون نظرة الإسلام إلى الكون، والحياة، والإنسان.
ويجهلون حقائق الإسلام، وشرائعه الحكيمة، ومقاصده النبيلة.
ويجهلون قيم الإسلام، ومثله، وأخلاقه، وخصائص حضارته، وتطوراتها، ومراحلها.
ويجهلون أسباب تقدم المسلمين في التاريخ، وأسباب تأخرهم.
পৃষ্ঠা ৩৮