وقد قال بعض الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة، وربما كان العقاب العاجل معنويا، كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب ! كم أعصيك، ولا تعاقبني ! فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري؟ ! أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟ + (80).
قال ابن الجوزي×: =الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي؛ فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة، وربما جاءت مستعجلة+(81).
وقال: =قد تبغت العقوبات، وقد يؤخرها الحلم، والعاقل من إذا فعل خطيئة بادرها بالتوبة؛ فكم مغرور بإمهال العصاة لم يمهل.
وأسرع المعاصي عقوبة ما خلا عن لذة تنسي النهى، فتكون كالمعاندة والمبارزة، فإن كانت توجب اعتراضا على الخالق، أو منازعة له في عظمته، فتلك التي لا تتلافى، خصوصا إذا وقعت من عارف بالله؛ فإنه يندر إهماله+(82).
وقال: =فالحذر الحذر من عواقب الخطايا، والبدار البدار إلى محوها بالإنابة؛ فإن لها تأثيرات قبيحة إن أسرعت، وإلا اجتمعت وجاءت+(83).
يا من غدا في الغي والتيه
وغره طول تماديه
أملى لك الله فبارزته
ولم تخف غب معاصيه(84)
8_ اليأس من رحمة الله: فمن الناس من إذا أسرف على نفسه بالمعاصي، أو تاب مرة أو أكثر فعاد إلى الذنب مرة أخرى_أيس من رحمة الله، وظن أنه ممن كتب عليهم الشقاوة؛ فاستمر في الذنوب، وترك التوبة إلى غير رجعة.
وهذا ذنب عظيم، وقد يكون أعظم من مجرد الذنب الأول الذي ارتكبه؛ لأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون؛ فليجدد التوبة، وليجاهد نفسه في ذات الله حتى يأتيه اليقين.
هذا وقد مر قبل قليل أن الله_عز وجل_حذر من القنوط من رحمته، ومر كلام بعض السلف حول هذا المعنى.
পৃষ্ঠা ২৮