وإذا زاد زادت حتى يغلف قلبه؛ فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه [كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون] المطففين: 14+(58).
قال ابن الجوزي×: =يا بطال إلى كم تؤخر التوبة وما أنت في التأخير معذور؟ إلى متى يقال عنك: مفتون مغرور؟ يا مسكين ! قد انقضت أشهر الخير وأنت تعد الشهور، أترى مقبول أنت أم مطرود؟ أترى مواصل أنت أم مهجور؟ أترى تركب النجب غدا أم أنت على وجهك مجرور؟ أترى من أهل الجحيم أنت أم من أرباب القصور+(59).
وقال×: =ما هذه الغفلة وأنتم مستبصرون؟ ما هذه الرقدة وأنتم مستيقظون؟ كيف نسيتم الزاد وأنتم راحلون؟ كم آب من قبلكم ألا تتفكرون؟ أما رأيتم كيف نازلهم نازل المنون؟ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون+(60).
2_ الغفلة عن التوبة مما لا يعلمه العبد من ذنوبه: فكثير من الناس لا تخطر بباله هذه التوبة؛ فتراه يتوب من الذنوب التي يعلم أنه قد وقع فيها، ولا يظن بعد ذلك أن عليه ذنوبا غيرها.
وهذا من الأخطاء التي تقع في باب التوبة، والتي قل من يتفطن لها؛ فهناك ذنوب خفية، وهناك ذنوب يجهل العبد أنها ذنوب.
قال ابن القيم×: =ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه، ومما لا يعلم؛ فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه.
ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم؛ فإنه عاص بترك العلم والعمل؛ فالمعصية في حقه أشد+(61).
ولهذا قال النبي": =الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل+.
فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟
قال: =أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم+(62).
فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب، ومما لا يعلمه العبد.
وجاء عن النبي"=أنه كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ إنك أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت+(63).
পৃষ্ঠা ২২