وقد نصَّ أحمدُ (١) على (٢) أن حقيقته قطع التشرف. في رواية المروذي (٣) وقد سأله: أي شيءٍ صدقُ التوكل على الله تعالى؟ قال: "ألا يكون في قلبه أحدٌ من الآدميين يطمع أن يجيئه بشيء" (٤).
وقد نص -أيضًا- على أن التعلق بالأسباب ليس من ضعف التوكل في رواية المروذي، وقد سأله عن رجل يريد سفرًا: أيما أحب إليك يحمل معه زادًا أو يتوكل؟ قال: (يحمل معه زادًا ويتوكل) (٥). فقد أمره بالتوكل مع السبب وهو الزاد.
ونقلت من خط أبي حفص البرمكي (٦): ......................................
_________
= ٣ - الأخذ بالأسباب المشروعة؛ مع توكل القلب على الله تعالى، بالإعتماد عليه سبحانه في جلب المصالح ودفع المضار، واعتقاد أن الأسباب تؤثر في مسبباتها وذلك يحدث بفعل الله ﷿.
وهذا هو القول الحق الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وهو المنهج الذي سار عليه سلف هذه الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان. ومن خالف هذا فهو مخطى أو ضال مبتاع. انظر تفصيل المسألة وأدلتها، ومناقشة المخالفين: التوكل على الله وعلاقته بالأسباب. د. عبد الله الدميجي (ص ١٦٣ - ١٩٢).
(١) يعني: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أبو عبد الله البغدادي، أحد الأئمة الأربعة المشهوربن (ت ٢٤١ هـ).
(٢) يلاحظ أن أرقام المخطوط سترقم تنازليًّا وليس تصاعديًّا كما هو المعتاد؛ لأن المخطوط قد ورد مقلوبًا في المجموع المضمن فيه. انظر ص ١٩.
(٣) أحمد بن محمد بن الحجاج، أبو بكر المروذي، نسبته إلى مرو الروذ من نواحي خراسان، حديث عن الإِمام أحمد، ولازمه، وكان من أجل أصحابه، وأقربهم إليه، وروى عنه مسائل كثيرة، وله تصانيف كثيرة (ت ٢٧٥ هـ) ترجمته في: تاريخ بغداد (١/ ٥٦) وطبقات الحنابلة لإبن أبي يعلى (٤/ ٤٢٣).
(٤) رواه: أبو بكر الخلال في كتاب الحث على التجارة (رقم ١١٨).
(٥) رواه: المروذي في كتاب الورع (رقم ٧٣) وعنه أبو بكر الخلال في كتاب الحث على التجارة (رقم ٩٥).
(٦) عمر بن أحمد بن إبراهيم، قال ابن أبي يعلى: كان من الفقهاء والأعيان، والنساك والزهاد، =
1 / 38