قال إبراهيم بن رباح : أخبرني جماعة من القواد منهم سلم الأحدب، وكان يقول: إنه مولى المهدي، وكان مع طاهر بالرقة، قال:لما صار طاهر إلى الرافقة احتاج إلى مرمة المنازل السلطانية التي سكنها وأن يهدم بعضها فيوسع ما كان ضيقا، فأمر بذلك، فكان فيما أمر بهدمه منارة مرتفعة من الأرض بجص وآجر لم يرى لها معنى في وسط ذلك البناء، فلما هدمت أتاه القيم وهو مذكور، فقال:إني هدمت هذه المنارة فهجمت على رجل أقيم فيها، ثم بنيت عليه، فقام طاهر حتى صار إلى الموضع وأشرف عليه، فلما نظر إليه قال:نعم هذا يحيى بن عبد الله بن الحسن بلغنا أنه صبر أيام الرشيد هاهنا بالرافقة وأمر بدفنه رحمة الله عليه.
قال الأمير أبو الفضل بن الداعي رحمه الله: هذا الفعل من هارون يدل على حمقه وقلة تمييزه، وهب أنه قتل ابن عمه لأنه خاف على نفسه وملكه ولم يراقب الله عزوجل، فأية فائدة كانت في بناء منارة عليه.
[35] روى أبو العباس الحسني رضي الله عنه بإسناده عن يحيى بن خالد البرمكي، قال: بعث إلي هارون ذات ليلة بعد العتمة فصرت إليه، فقيل لي: إنه على السطح؛ فصعدت فإذا هو على كرسي جديد قاعد، وجهه نحو المشرق وظهره إلى المغرب، فوقفت بين يديه وسلمت فرد علي السلام ثم قال لي: صر إلى ذلك الموضع، فصرت إلى الموضع الذي أومأ إليه، فمارأيت إلا خيال بياض في صحن الدار فانصرفت إليه فقال:ماذا رأيت؟
فقلت : ما رأيت إلا خيال بياض في صحن الدار.
فقال لي: اجلس، فجلست بين يديه فمازلت أسامره ويجيبني عن كلامي حتى قال: إن هذا الصبح قد تنفس.
فقلت: يا أمير المؤمنين هذا العمود الأول، فقال لي: سر إلى ذلك الموضع فتطلع إلى الصحن فانظر ماذا ترى. قال: فعدت إلى الموضع فلم أر إلا خيال ذلك البياض قائما في صحن الدار.
فقال: أتدري ماذلك؟
قلت: لا.
পৃষ্ঠা ৪৪৮