قال: فوثب الرشيد ومضى، فقعد غير ذلك المجلس وخرج الفضل وخرجنا معه وهو ينفخ غما.
فسكت مليا ثم قال:ويحك سمعت شيئا أعجب مما كنا فيه قط، والله لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملك.
وذكر في غير هذه الرواية: أنه لما انقضت مناظرة الرشيد يحيى عليه السلام سأل الرشيد الفقهاء عن أمانه وأمرهم بالنظر فيه.
فقال محمد بن الحسن الفقيه: بعث إلي أبو البحتري وإلى عدة من الفقهاء فيهم عبد الله بن صخر قاضي الرقة، فأتيناه، فقال:إن أمير المؤمنين باعث إليكم أمان يحيى بن عبد الله فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وقولوا الحق.
قال فغدونا فبدأ بنا في الإذن، فلما سلمنا وجلسنا ألقي الأمان إلينا فنظرنا فيه، فقلنا جميعا: ما نري فيه شيئا يخرجه من أمانه، فأخذه أبو البحتري ونظر فيه ثم قال: ما أراه إلا خارجا من أمانه، فأمرنا بالقيام فقمنا وانصرفنا، فلما كان من الغد بعث الرشيد بالأمان مع مسرور الخادم إلى أبي البحتري، فأتاه، فقال:إن أمير المومنين يقول لك إني ظننت أنك قلت في أمان يحيى بعض ما ظننته يقرب من موافقتي ولست أريد فيه إلا الحق، فأعد النظر فيه فإن رأيته جائزا فاردده، وإن لم تره جائزا فخزقه.
قال مسرور: فأبلغته الرسالة.
فقال: أنا على مثل قولي بالأمس.
فقلت له: هذا الأمان معي فنظر فيه ثم قال: ما أرى فيه إلا مثل ماقد قلته.
فقلت له: فخزقه إذن.
পৃষ্ঠা ৪৪৩