وكان لعيسى بن زيد دعاة في جميع الآفاق في كور العراقين والحجاز وتهامة والجبال، ووجه إلى مصر والشام دعاته، وطار صوته في الآفاق، وهم بالخروج غير مرة، فلم يتيسر له ذلك، إلى أن مات أبو الدوانيق في سنة مائة وتسع وخمسين، فهم عيسى بن زيد بالخروج، واشتد الطلب له بالكوفة والبصرة من ابن أبي الدوانيق، وبذل الأموال الكثيرة، ودس إليه الرجال وحبس خلقا كثيرا منهم.
وهم عيسى بن زيد بالخروج إلى أرض خراسان فوافى الري فلم يتهيأ له وانصرف إلى الأهواز، وكان أكثر مقامه بها، وانصرفت دعاته ببيعة الناس من كل بلد، وكان له جميع الآلة من الأسلحة والدواب، وأخذ من أصحابه الميعاد ليوم كذا وكذا فدس إليه ابن أبي الدوانيق رجلا من أصحابه، وبذل له سني الأموال مقدار مائتي ألف درهم، وضمن له نفيس الضياع، وعجل المال، فأنفذ إليه شربة سم فجعله في طعامه وهو بسواد الكوفة مما يلي البصرة، فسقاه، فمات من ذلك صلوات الله عليه في اليوم الثالث ودفن سرا لا يعلم قبره، وذلك في سنة ست وستين ومائة في شهر شعبان.
وكان عزمه عليه السلام على الخروج في غرة شهر رمضان، وهو يومئذ ابن خمس وأربعين سنة، وكان قد بويع وهو ابن ثلاثين سنة، وقد خالطه الشيب، وكان لا يختضب، وكان مربوعا من الرجال عريض ما بين المنكبين صبيح الوجه، أعلم رجل كان في زمانه، وأزهدهم، وأورعهم، وأفقههم وأسخاهم، وأشجعهم، وكان من أئمة الهدى صلوات الله عليه.
ومات ابن أبي الدوانيق لعنه الله في سنة سبع وستين ومائه بعده بأقل من سنة.
وكان الأمر من بعده إلى من هو شر منه موسى أطبق، وقتل موسى هذا جماعة من بني الحسن والحسين من العلماء والأخيار زيادة على عشرين رجلا، فقتلهم جميعا في أيام ولايته لعنه الله.
পৃষ্ঠা ৪৩৬