قال سليمان: فأتيت يعقوب بن داود فشاورته في ذلك فقال لي: اعمل، فإنها فرصة يمكن فيها العمل.
قال: فخرجت إلى أصحابي الزيدية فيهم أبو الحوراء، وكان فاضلا وصاح بالمهدي يوما وهو يخطب:
?ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ?[الصف:2، 3].
فأمر به فأدخل عليه، فقال:ما حملك على ما جاء منك؟
قال له: قول الله تعالى: ?وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه?[آل عمران:187] فاتق الله.
قال: ويلك من أنت؟
قال: رجل من المسلمين أمرتك بمعروف فاعرفه، ونهيتك عن منكر فأنكره.
قال: فضربه بعمود كان معه حتى غشي عليه عامة النهار، ودفعه إلى الربيع، وهؤلاء الذين كانوا من الزيدية، فقال لهم سليمان: كونوا على عدة، فإني أريد أن أنقب على هذا الرجل.
فأجابوه بأجمعهم، واحتالوا حتى نقبوا المطبق وانفتح الحصن، وخرج الحسن وعليه كساء أسود، وقد ضرب شعره منكبيه، وكان علاجهم في النقب نصف النهار لما أراد الله من إطلاقه وتسهيل أمره، فبعث موسى بن زياد في «استئجار» حمار، فأبطأ فأقبلت أنا والحسن نمشي ويتعقل لا يستطيع المشي، والناس يستحثونه، فقال: لست أقدر على الخطو.
فقالوا: أجهد نفسك واحمل عليها، ففعل، فلما انتهوا إلى قريب من الجسر أتي بحمارين فركب ومن معه، ومضيا جميعا حتى دخل إلى منزل كان في خان الشاهين، فنزل وأتي بابنه عبد الله وهو لا يعرفه، فسلم عليه واعتنقا جميعا يبكيان وسليمان يبكي، ثم تحمل بعد إلى الحجاز، فأقام بها على أمان المهدي؛ حتى هلك عليه السلام.
পৃষ্ঠা ৪১২