فأجابه أبو جعفر بالباهتة: من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله.
أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، فجل فخرك بقرابة النساء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والأباء، ولا كالعصبة والأولياء، لأن الله تعالى جعل العم أبا وبدأ به على الولد الأدنى، ولو كان اختيار الله لهن على قدر قرابتهن لكانت آمنة أقربهن رحما وأعظمهن حقا، وأول من يدخل الجنة غدا، ولكن الله اختار لخلقه على قدر علمه الماضي منهم، فأما ماذكرت من فاطمة أم أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وولادتها، فإن الله لم يرزق من ولدها ذكرا ولا أنثى الإسلام، ولو كان أحد من ولدها رزق الإسلام بالقرابة لكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة، ولكن الأمر إلى الله، يختار لدينه من يشاء، قال الله تعالى: ?إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين?[القصص:56].
ولقد بعث الله نبيه محمدا وله عمومة أربعة، وأنزل عليه ?وأنذر عشيرتك الأقربين?[الشعراء:214]، فدعاهم فأنذرهم فأجابه اثنان أحدهما أبي، وأبى اثنان أحدهما أبوك، فقطع الله ولا يتهما ولم يجعل بينه وبينهما إلا ولا ذمة، ولا ميراثا.
وزعمت أنك ابن أخف الناس عذابا، وابن خير الأشرار، وليس في الكفر بالله صغير ولا في عذاب الله خفيف «ولا قليل»، ولا في الشر خيار، ولا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفخر بالشر، وسترد فتعلم، ?وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون?[الشعراء:227].
وأما ما فخرت به من أن فاطمة أم علي وأن هاشما ولده مرتين، وأن عبد المطلب ولده مرتين، فخير الأولين والآخرين رسول الله لم يلده هاشم إلامرة، ولا عبد المطلب إلا مرة، وزعمت أنك أوسط بني هاشم نسبا وأصرحهم أما وأبا...إلى آخر ما ذكره .
পৃষ্ঠা ৩৯৩