للفورية وذلك يقتضي عدم الخروج من العدة " وثانيهما " أنه حكاية الحديث تشعر به حيث قال " فراجعها الأول " ولم يقل تزوجها، ولا يخفى عليك ما في هذا التنزيل والتأييد، لأن إطلاق التزويج محمول على الصحيح والشهر والشهران مختلفان بين الظهار والطلاق لا بين الطلاق والتزويج، ثم تعقيب التزويج بالفاء يقتضي التعقيب والفورية بحسب الممكن لا مطلقا كما نبه عليه أهل العربية وصححوه في قولهم: تزوج فلان فلانة فولدت، فإن المراد به وجود الولادة في أول أوقات الامكان وذلك بعد مضي مدة الحمل لا عقيب التزويج بلا فصل، وكذلك قول القائل: دخلت بغداد فالبصرة، وأمثال ذلك كثير حينئذ. فيكون المراد من الخبر أنه تزوجها في أوقات الامكان شرعا وهو بعد انقضاء العدة بلا فصل. هذا إذا سلمنا دلالتها في مثل هذا المقام على الفورية. وعلى تقدير تسليم وقوع الشهر والشهرين بين التزويج والطلاق فيمكن انقضاء العدة بهما وبأقل منهما كما مر بيانه في تحقيق أقل المدة التي يمكن خروج المطلقة فيها باعتبار عدة الظهار.
وأما قوله " ثم طلقها فراجعها " فالكلام في الفاء هنا كالكلام في الأولى، فإن المراجعة بعد الطلاق ليس المراد بها هو العود إلى نكاحها بالعقد الأول وإنما المراد به التزويج، وأطلق عليه المراجعة من حيث إنها كانت زوجة له أولا فأقام عوده لها بعقد جديد مقام الرجوع وهو رجوع لغة، ولهذا جاء في مواضع عديدة من الأخبار إطلاق المراجعة إلى الزوجة في الطلاق النسبي بالمعنى الأخص بأن يراجعها بعقد جديد. فحمله في هذا الخبر على الرجوع الشرعي وإبقاء العدة الأولى في غاية السماجة (1) والبعد، على أنه يلزم ارتكاب المجاز في قوله " ثم طلقها " لأن الطلاق لا يتعقب النكاح الفاسد لأن تزوجها الثاني في العدة مما يوجب فساده والتحريم المؤبد إن كان دخل بها، أو كان عالما بذلك وإن لم يدخل بها كما تقدم في مباحث النكاح.
পৃষ্ঠা ৯