তাতিম্মাত বায়ান ফি তারিখ আফগান
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
জনগুলি
وأما شير علي خان فبعدما علم بهروبهم عجل في تنظيم مدينة هرات، وجعل ابنه محمد يعقوب خان واليا عليها، وأخذ طريق بلخ من دون أن يتعرض للبلاد التي استولى عليها إخوته الذين هربوا من المعسكر، أو يظهر لهم غضبا، قصد أن يخدع أخاه الأكبر محمد أفضل خان، الذي كان ذا وجاهة عند الناس، وكانت قوته العسكرية أشد من سائر الإخوة ويقبض عليه، فلما وصل إلى حدود بلخ أرسل رقيما
12
يذكر فيه مخاطبا إياه: «إنك أنت الأخ الأكبر فيجب عليك أن تجتهد في إصلاح البلاد ورفع الفساد وجمع كلمة الإخوة، وأما أنا فأتعهد أن لا أنبذ أمرك وأن لا أخالف نصائحك، وأن لا أخرج من ربقة طاعتك.» ولما اطلع محمد أفضل على مضمون ذلك الرقيم انخدع وسار بنفسه إليه فلما تمكن من شير علي قبض عليه وهرب ابنه عبد الرحمن خان وقتئذ إلى بخارى، ودخلت ولاية بلخ تحت قبضته فجعل أحد إخوته المسمى بفيض محمد خان واليا عليها ورجع إلى كابل، ثم جند عسكرا وأرسله إلى كرم تحت رئاسة وزيره محمد رفيق؛ لمحاربة محمد أعظم، فانهزم محمد أعظم شقيق محمد أفضل من أول واقعة، وفر إلى الهند.
وبعد أن فرغ من أمرهما جعل ابنه إبراهيم خان الضعيف الرأي حاكما على مدينة كابل وذهب بنفسه إلى قندهار؛ لكي يقبض على شقيقه محمد أمين خان، وعند وصوله إلى كرات الغلجائي استقبله هناك شقيقه بعساكره فوقعت مناضلة بينهما قتل فيها ابنه محمد علي وشقيقه محمد أمين المذكور، وإثر هذه الواقعة استولت الوساوس على شير علي، وغلبت عليه الهموم والغموم، فترك أشغال الحكومة وإدارة العساكر، وانزوى في مدينة قندهار، ولما بلغ مسامع عبد الرحمن خان تغير حاله، وانزواؤه تحرك من بخارى إلى البلاد البلخية واستولى عليها بعد مناوشات جريئة بإعانة فيض محمد خان، وكان محمد أعظم خان المذكور الذي ترك البلاد الهندية لسوء معاملة الإنجليز قد انضم إلى عبد الرحمن في بلخ فاستفحل أمرهما وجمعا جيشا جرارا، وزحفا به إلى مدينة كابل، وقبل الوصول إليها وقعت محاربة بين عساكرهما وعساكر إبراهيم خان بن شير علي خان في «باج كاه» فانهزمت عساكره، فترك كابل خوفا وجبنا وفر إلى قندهار، وكان وقتئذ وزير شير علي خان «محمد رفيق خان» في كابل، فخرج يستقبلهما بغاية البشاشة، فدخلوا المدينة آمنين مستبشرين، ثم أرسل سرية إلى جلال آباد فافتتحوها، ولما اشتد الخطب، وعظم الأمر تنبه شير علي خان من نوم الغفلة، وأفاق من غشية الحزن، فجند جيوشه، وسار بها إلى كابل، وعندما اجتاز قزنة قابله محمد أعظم وعبد الرحمن بعسكر جرار في شيخ آباد، فاشتعلت نيران الحرب بينهما، وكانت الغلبة لمحمد أعظم، فانهزم شير علي ورجع إلى قندهار، ودخل محمد أعظم مدينة قزنة، وكان شقيقه محمد أفضل - المشار إليه سابقا - محبوسا فيها فأطلقه وسلم عليه هو وجميع العساكر بالإمارة، ولما تمت هذه الغلبة، وقفلوا إلى كابل رأى محمد رفيق خان يسعى في إثارة الفتن وإلقاء الشقاق بين الخوانين والأمراء؛ فأمر بخنقه جزاء لفتنته السابقة وخيانته لسيده، وتركه له، وسعيه في الفساد أخيرا.
ثم جمع محمد أعظم عساكره، وسار بها إلى قندهار، فتلاقى مع الأمير شير علي خان في كلات الغلجائي فتصادم الجيشان، وتقاتلا، وأظهر شير علي خان في تلك الواقعة غاية البسالة والشجاعة، غير أن قوة قلبه ما استوجبت ثبات أقدام عساكره الذين غلب عليهم الجبن والخوف بسبب الانهزامات المتتالية، فاضطر إلى ترك قندهار والذهاب إلى هرات. وبعد بضعة أشهر ذهب بفرقة من الخيالة إلى بلخ، وجمع كثيرا من مقاتلي الأزبك والأفغانيين وزحف إلى كابل من طريق قوهستان الوعرة مصحوبا بفيض محمد خان فقابله عبد الرحمن خان في «بنج شير»، فتقاتل الجيشان فقتل فيض محمد خان. «كأن إقباله وإدباره ووفاقه ونفاقه كانت دواعي الموت وسكراته.» وانهزم شير علي تاركا مدافعه فوق الجبال، وأسرع إلى بلخ، ومنها إلى هرات، علما منه بأن عبد الرحمن سيتبعه بعساكره وقنع بها، وتوفي إثر هذه الواقعة محمد أفضل خان في كابل، وكان رجلا محبا للعلم والعلماء كارها للظلم والجور فخلفه شقيقه محمد أعظم خان.
وبعد أن استقر على منصة الإمارة أرسل ابن أخيه المتوفي عبد الرحمن خان إلى بلخ وجعله واليا عليها وعززه بإسماعيل خان بن محمد أمين خان المقتول؛ ليقدر على إطفاء الفتن التي حصلت هناك بين الأزبك والأفغانيين، ونصب ابنه محمد سرور خان واليا على قندهار، وجعل ابنه الآخر المسمى بعبد العزيز خان الذي كان عمره إذ ذاك ستة عشر عاما رئيسا على العساكر الموجودة فيها، وهذا الرئيس الشاب قد ساقه الغرور وحب الظهور إلى جمع العساكر وسوقها إلى هرات من دون علم أبيه، وعند وصوله إلى قرية كرشك صادمه محمد يعقوب خان بن شير علي بعساكره، فهجم الشاب الرئيس دفعة واحدة بمائتين من المشاة على قلب عسكر الخصم واستولى على مدفع، وجلس عليه بعد أن قتل طبجيته، فلما نظر جيش محمد يعقوب عدم وصول المدد له أحاطوا به، وأخذوه أسيرا فتشتت عساكره وانهزمت - كما هي عادة الشرقيين - عند فقد رئيسهم، فأسرع محمد يعقوب بعساكره إلى مدينة قندهار واستولى عليها بحيث لم يجد من يدافع عنها، فقوي قلب شير علي خان لهذه الغلبة، وجد فيه العزم والإرادة، وقصد تلك المدينة بخيالة «الجمشيدي» و«فيروز كوهي» وجمع منها العساكر المتفرقة وأسرع مع ابنه إلى كابل، فتقابل مع محمد أعظم خان في وادي مكر على بعد ستة فراسخ من قزنة، وأنشأ كل من العسكرين استحكامات وحفروا خنادق، وكان محمد أعظم عند سماعه بزحف شير علي قد أرسل إلى بلخ يطلب إسماعيل خان الخائن علما منه بأنه الخصم الألد لشير علي؛ لأنه قتل أباه وأهانه غاية الإهانة، فجاء بعسكر بلخ، وتوقف في قوهستان إلى أن تقابل العسكران في مكر، فهجم على مدينة كابل وفتحها ونادى فيها باسم شير علي خان ظنا منه بأنه سيجعله مكان أبيه واليا على قندهار.
وعند وصول هذا الخبر إلى عساكر محمد أعظم غلب اليأس عليهم، وحصل فيهم الفتور، وتفرقت كلمتهم وتشتت آراؤهم؛ لأنهم قد رأوا أنفسهم بين عسكرين، وعلموا أنه لا يمكن وصول الزاد إليهم، فعلم محمد أعظم أنه لا يجوز الاعتماد على هؤلاء العساكر الذين غلب عليهم الجبن، واستولى عليهم الفتور والخوف، خصوصا لما رأى جراءة خيالة الجميشيدي وهجومهم على أطراف المعسكر على الدوام، ففر إلى بلخ واجتمع بابن أخيه عبد الرحمن، ودخل شير على خان مدينة كابل بعد أن فارقها زمانا طويلا، واستقبله أهلها بكل بشاشة وسرور؛ لأنه كان محبوبا لدى الناس لسماحة أخلاقه وعدم ميله إلى الظلم بالطبع، ثم إن محمد أعظم وعبد الرحمن بذلا غاية الجهد في جمع العساكر من الأزبك والأفغان، وذهبا إلى قزنة عن طريق هزاره فبارزهما شير علي، وبعد مقاتلات شديدة انهزمت عساكر محمد أعظم وعبد الرحمن، وهربا إلى مدينة مشهد من بلاد إيران، وانفصل عبد الرحمن من عمه في تلك المدينة وذهب إلى بخارى وأقام بمدينة سمرقند وهو الآن بها، وتوفي محمد أعظم بمدينة نيسابور حين ذهابه إلى طهران، وكان عاقلا مدبرا محبا للعدل، ولكن أحوجته الضرورات والحوادث الكونية إلى الجور والظلم، وأما إيثاره ولده الشاب الذي كان في الحقيقة سببا لخيبته، وزوال ملكه بجعله إياه رئيسا لجيوش قندهار، فقد كان لعدم اعتماده على سرداري الأفغان وخوانينهم؛ لأنه قد تمكن منهم سوء الأخلاق بحيث إنهم ما كانوا يعدون الخيانة رذيلة، ولا يستنكفون من ارتكاب العار؛ لأن غالبهم - في خلال هذه الفتن - قد انتمى لكل من الحزبين المتحاربين أزيد من عشرين مرة، وكان متمذهبا بمذهب الصوفية القائلين بوحدة الوجود.
وبالجملة لما تمت السلطة في سنة 1285 للأمير شير علي خان بلا منازع، ولا ممانع، ذهب إلى مدينة أنبالة؛ إجابة لدعوة الحكومة الإنجليزية، فأيدت إنجلترا معاهدته العرقوبية السابقة التي وقعت بينها وبين أبيه دوست محمد خان بمواثيق أخرى هي في الحقيقة عبارة عن تمويهات ومخاتلات، ولما رجع نفي إسماعيل خان الخائن وإخوته إلى الهند، ثم خلع ابنه البطل محمد يعقوب خان من ولاية العهد وجعل أخاه عبد الله خان ولي عهده مع صغر سنه محبة لأمه. «ولبئست الشهوة التي تعمي البصائر وتضل العقول عن الرشاد.» وأما محمد يعقوب خان فقد ذهب إلى هرات وأظهر العصيان بها ولكن لم تمتد مدة هذا العصيان فإنه مع غلبته على عساكر أبيه لبى دعوته حينما دعاه إلى كابل، والأمير بدلا عن أن يجامله أودعه الحبس، ومع هذه كله لم ينل الأمير بغيته؛ لأن الموت قد أسرع بولي عهده الجديد، وفي سنة 1295 غلبت الوساوس والأوهام على رجال الإنجليز حينما رأوا وفود السفارة الروسية على الأمير فجهزوا سفارة مؤلفة من عدة مهندسين وألف خيال وأرسلوها إلى الإمارة الأفغانية فأبى الأمير إلا منعها لقطعهم المرتب الذي تعهدوا بدفعه كل شهر من مدة سنين بلا سبب؛ فاستشاطت الإنجليز غيظا وساقت العساكر إلى البلاد الأفغانية ظلما وجورا.
الفصل الرابع
في بيان الشعوب المختلفة الساكنة في الأقطار المعبر عنها باسم أفغانستان
অজানা পৃষ্ঠা