بسم الله الرحمن الرحيم
رب أعن
قال الشيخ الجليل الفاضل أبو حفص عمر بن مكي الصقلي النحوي:
الحمد لله الذي فضلنا باللسان العربي، والنبي الأمي، الذي آتاه جوامع الكلم، وفضله على جميع الأمم، وجعل معجزته قائمة، وآيته دائمة، بعد أن بعثه عند تناهي الفصاحة، وتكامل البلاغة ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ بالسيف القاهر، والحجة البالغة ﷺ.
فلما تمت الحجة، ووضحت المحجة، هجم الفساد على اللسان، وخالطت الإساءة الإحسان، ودُخِلت لغة العرب، فلم تزل كل يوم تنهدم أركانها، وتموت فرساها، حتى استبيح حريمها، وهجن صميمها، وعفت آثارها، وطفئت أنوارها، وصار كثير من الناس يخطئون وهم يحسبون أنهم مصيبون، وكثير من العامة يصيبون وهم لا يشعرون، فربما سخر المخطئ من المصيب، وعنده أنه قد ظفر بأوفر نصيب، وتساوى الناس في الخطإ واللحن إلا قليلًا.
وإنما يتميز أولئك القليل -على مابهم من تقصير- عند المباحثة والمكاتبة وقراءة الكتب ومواضع التحقيق. فأما عند المخاطبة والمحاورة فلا يستطيعون مخالفة [ما تداوله] الجمهور واستعمله الجم الغفير.
1 / 15