بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين * (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) * [1 / الانعام: 6] لا تشرك بالله ولا نتخذ من دونه إلها ولا وليا، نحمده على ما خصنا به من نعمه، ودلنا عليه من طاعته، واستنقذنا به من الهلكة برحمته، وبصرنا من سبيل النجاة، وابتدأنا به من الفضل العظيم والاحسان الجسيم بمحمد البر الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم.

أرسله إلينا فكان كما قال عز وجل: * (لقد جاء كم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * [128 / التوبة: 9].

فبلغ - عليه وعلى آله الصلاة والسلام - رسالة ربه، ونصح لامته، وأدى ما ائتمن عليه، واحتج لله ودعا إليه بالموضعة البالغة والحكمة الجامعة، وأجهد نفسه، واجتهد في أمره، واحتمل

পৃষ্ঠা ৬

الأذى في دينه، واصطبر على كل محنة وبلوى، حتى قبضه الله عز وجل إليه وقد رضي فعله وشكر سعيه وغفر ذنبه، فقال سبحانه: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر...) * [2 / الفتح: 48].

[إتمام الرسول للحجة].

فمضى صلى الله عليه وآله وسلم وقد بين للأمة وأدى إليهم جميع ما يحتاجون إليه مما فرض الله عليهم في محكم تنزيله على لسان نبيه من الحلال والحرام والحدود والمواريث والأمر والنهي.

فقبض وليس لاحد على الله حجة بعدما كان منه صلى الله عليه وآله من البيان والشرح والأمر والنهي والترغيب والتحذير، وكذلك قال سبحانه - فيه وفي من كان قبله من الأنبياء -:

* (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * [165 / النساء: 4].

[ما خلف النبي من بعده] فترك صلى الله عليه وآله بين أظهرهم من كتاب الله الكريم حجة عليهم، وما فيه بيان ما يحتاجون إليه وما يعملون به، هدى وشفاء لما في الصدور، فيه أصل كل شئ وفرعه، كما قال سبحانه: * (.. ما فرطنا في الكتاب من شئ) * [38 / الانعام: 6]

পৃষ্ঠা ৭

وكيف يجوز أن يكون فيه تفريط، وهو جامع لما افترض الله سبحانه على عباده، وفي كل آية منه [لله] سبحانه وتعالى حجة وبيان لما حرم وأحل وحدد وفرض!؟

وقد حفظه الله، فلم تزل منه آية، ولم تذهب منه سورة، لما ذكرنا من إكمال الحجة على عباده، وذلك قوله عز وجل:

* (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * [9 / الحجر: 15] وقال سبحانه وتعالى: * (في لوح محفوظ) * [22 / البروج: 85] وقال سبحانه: * (وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) * [41 - 42 / فصلت: 41] فما حفظه الله سبحانه وتعالى فغير ضائع وما حاط (1) فغير ذاهب.

[تضييع أحكام الكتاب الكريم] فعند فقد الأمة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضيع الكتاب، وما افترض الله عز وجل عليهم، فلم يعمل بما أنزل الله تعالى فيه، ولم يلتفت إلى شئ مما جرت به الاحكام عليه.

[الاختلاف] واختلفت الأمور عند قبضه عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وانقصمت الظهور وبدت من الأقوام عليه وعلى عترته عليهم السلام ما كانوا يخفون من ضغائن الصدور.

পৃষ্ঠা ৮

[وضع الحديث] وتكلم كل بهواه، وجاء كل بحديث ينقض به حديث صاحبه وكل يزعم أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله، مع ما في ذلك من خلاف محكم التنزيل، وما في كتاب الله الجليل، يعلمون ذلك، وهم راضون في الحكم بغير ما فيه.

وقد أجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لهم: إنه سيكذب على كما كذب على من كان قبلي من الأنبياء، فما جاء كم عني فاعرضوه على كتاب الله عز وجل فما وافق كتاب الله عز وجل فهو مني وأنا قتله، وإن قالوا: لم يقله، وما خالف كتاب الله عز وجل فليس مني ولم أقله، وإن قالوا: قاله.

[نشوء الفرق] ثم افترقت هذه الأمة، بعد ما كان منها مما ذكرنا، على أربع فرق، كل فرقة تكفر الأخرى، في من يقوم مقام رسول الله:

فرقة تقول: نصب رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب للمسلمين إماما، نصبه نصبا ونصه نصا باسمه ونسبه، ودعا إليه، وحث عليه، وافترض طاعته.

وفرقة أخرى تقول: أومأ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام إيماء ودل عليه وأشار إليه، وقال فيه أقاويل تشهد له بالعدالة ويستوجب بأقلها الإمامة، واحتجت بحجج كثيرة فيه، وقد ذكرناها لك في كتاب غير هذا.

পৃষ্ঠা ৯

وفرقة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، والصلاة عماد الدين، فقلنا - عندما انتخبه رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي به إماما للصلاة -:

إنه خير أصحابه، وإنه حقيق بالإمامة!.

وأكثروا الحجج والخطب في أمر الصلاة، وسأذكر (2) ذلك والحجة عليهم فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقالت الفرقة الرابعة - وهي جل الناس - لا نعرف من هذه الأقاويل شيئا، لان رسول الله صلى الله عليه وآله قبض - يوم قبض - ولم ينصب أحدا، ولم يؤم إلى أحد، ولم يأمر أحدا بالصلاة ولا غيرها، فترك الأمة تختار لأنفسها من رأوا أنه أفضلهم وأحسبهم وأعلمهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وآله وعن كتابه.

وزعموا: أن ذلك فرض على كل إمام واجب، وأنه لا يحل للامام أن يعقد الإمامة لاحد بعده، لان في ذلك خلافا لرسول الله صلى الله عليه وآله ولما فعل، وأن من فعل ذلك كان ظالما مخطئا.

واحتجوا في ما ادعوه بأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله:

منها: زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لان تختاروا لأنفسكم أحب إلي من أن أولي عليكم واليا، إن أحسن كان

পৃষ্ঠা ১০