জাতিগত মানসিক ঐতিহ্য এবং উন্নয়ন
السنن النفسية لتطور الأمم
জনগুলি
والصفات الخلقية والذهنية التي يتألف من اقترانها روح الشعب هي عنوان لخلاصة ماضيه وتراث أجداده وعوامل سيره، وفي بعض الأحيان تلوح تلك الصفات أول وهلة كثيرة التقلب لدى أفراد العرق الواحد، غير أن البحث الدقيق يدل على اتصاف معظم أفراد هذا العرق في كل وقت بصفات نفسية مشتركة ثابتة ثبات الصفات التشريحية التي تتخذ في تقسيم الأنواع، والصفات النفسية كالصفات التشريحية تنتقل بالوراثة انتقالا منتظما مستمرا.
ويتألف من اجتماع تلك العناصر النفسية التي تشاهد لدى جميع أفراد العرق ما نرى من الصواب تسميته بالخلق القومي، ومن مجموع تلك العناصر يتكون المثال المتوسط الذي نتمكن به من تعريف الشعب، ونحن إذا ما أخذنا، اتفاقا، ألف فرنسي أو ألف إنكليزي أو ألف صيني، فإننا نجد بينهم اختلافا كبيرا، ومع ذلك نراهم حائزين، بما ورثوه عن عرقهم، صفات مشتركة يمكن أن يستعان بها لتكوين مثال فرنسي أو إنكليزي أو صيني مماثل للمثال الخيالي الذي يعرضه العالم الطبيعي عندما يصف الكلب أو الفرس وصفا عاما، وإذا ما طبق مثل هذا الوصف على أجناس الكلب أو الفرس فإنه لا يشتمل على غير الصفات المشتركة بين هذه الأجناس، لا على الصفات التي يتميز بها كل جنس من هذه الأجناس.
والمثال المتوسط للعرق، الذي هو شيء من الكبر ومن التجانس لهذا السبب، يكون من الوضوح بحيث يستقر بنفس الباحث من فوره.
ونحن إذا زرنا شعبا غريبا أبصرنا أن الصفات الوحيدة التي يمكن أن تقف نظرنا هي الصفات المشتركة بين جميع سكان البلد المطاف فيه لتكرارها باستمرار، ونحن تفوتنا الفروق الفردية فيه لتكرارها القليل ، ونحن، فضلا عن تمييزنا الإنكليزي أو الإيطالي أو الإسپاني عند أول نظرة، لا نلبث أن نعزو إلى هؤلاء بعض الصفات الخلقية والذهنية التي هي عين الصفات الأساسية المذكورة آنفا، ونحن نرى الإنكليزي أو الغسكوني أو النورمندي أو الفلامندي من مثال حسن الاستقرار بذهننا فيمكننا وصفه بسهولة، وهذا الوصف يكون ناقصا في الغالب غير صحيح في بعض الأحيان عند تطبيقه على الشخص المنفرد، وهو يكون تاما عند تطبيقه على معظم أفراد عرق من تلك العروق، وما يكون في ذهننا من جهد لاشعوري لتعيين المثال الجثماني والنفسي في أمة ما هو في جوهره عين المنهاج الذي يقسم العالم الطبيعي به الأنواع.
ولذلك التماثل في المزاج النفسي عند معظم أفراد العرق الواحد أسباب فزيولوجية بسيطة جدا، وبيان الأمر أن كل إنسان لا يمثل بالحقيقة ثمرة آبائه القريبين فقط، بل يمثل ثمرة عرقه أيضا؛ أي جميع سلسلة أجداده. وقد أحصى العالم الاقتصادي مسيو شيسون مقدار ما يجري في عروق كل فرنسي من الدماء فوجد أنه دم عشرين مليونا من معاصري سنة 1000؛ ناظرا إلى اشتمال كل قرن على ثلاثة أجيال، ومن قوله: «إن سكان كل ناحية أو كل إقليم يشتركون في أجدادهم بحكم الضرورة إذن، وإن أولئك السكان من طينة واحدة وذوو طابع واحد، وإنهم صائرون، دائما، إلى المثال المتوسط بفعل تلك السلسلة الطويلة الثقيلة التي لم يكونوا غير حلقاتها الأخيرة، فنحن أبناء آبائنا وعرقنا معا، وليس الشعور وحده هو الذي يجعل لنا من الوطن أما ثانية، بل الخواص الجثمانية والوراثة تؤدي إلى ذلك أيضا.»
والمؤثرات التي يخضع لها الفرد وتوجه سيره ثلاثة أنواع؛ فالنوع الأول، وهو أهمها لا ريب، هو تأثير الأجداد، والنوع الثاني هو تأثير الآباء القريبين، والنوع الثالث، وهو الذي يعتقد أنه أقوى العوامل مع أنه أضعفها على العموم، هو تأثير البيئات، وإذا عدوت الانقلابات المفاجئة العميقة التي تحدث في المحيط وجدت البيئات، وما تنطوي عليه من مختلف المؤثرات الفزياوية والأدبية التي يخضع الإنسان لها ما دام حيا ولا سيما في إبان تربيته، لا تؤدي إلى غير تغيير ضئيل، والبيئات لا تؤثر بالحقيقة إلا عندما تركمها الوراثة في صعيد واحد زمنا طويلا.
والإنسان، مهما كان صنعه، ممثل عرقه في كل وقت وقبل كل أمر إذن، ويتألف روح العرق من اجتماع ما يأتي به أفراد البلد الواحد من الأفكار والمشاعر حين يولدون، وهذه الروح، وإن كانت خفية في جوهرها، ظاهرة كثيرا في آثارها، وهي تسيطر على تطور الأمة بالحقيقة.
ويمكن تشبيه العرق بمجموع الخليات التي يتألف منها ذو الحياة، ووجه الشبه هو أن حياة مليارات الخليات هذه قصيرة جدا، وأن حياة الجسم الذي يتكون من اجتماعها طويلة إلى الغاية إذا ما قيست بتلك الحياة، وأن لتلك الخليات حياة شخصية وحياة مشتركة في الجسم الذي يتركب منها، وأن لكل فرد في العرق الواحد أيضا حياة قصيرة جدا وحياة مشتركة طويلة إلى الغاية، فهذه الحياة الطويلة هي حياة العرق الذي ولد منه ذلك الفرد فيساعد على دوامه، وهو تابع له على الدوام.
إذن، يجب عد العرق موجودا دائما محررا من الزمان، ولا يتركب هذا الموجود الدائم من الأفراد الأحياء الذين يتألف منهم في زمن معين فقط، بل يتركب أيضا من سلسلة الأموات الذين كانوا أجدادا له، ولا بد من الامتداد إلى العرق في الماضي وفي المستقبل معا لإدراك معناه الحقيقي، وإذ كان الأموات أكثر من الأحياء بما لا يحصى فإنهم أقوى من الأحياء بما لا يحصى، والأموات يسيطرون على دائرة اللاشعور الواسعة؛ تلك المنطقة الخفية التي يصدر عنها جميع مظاهر الذكاء والأخلاق، والشعب مسير بأمواته أكثر مما بأحيائه، وبالأموات وحدهم يقوم العرق، والأموات في القرن بعد القرن هم الذين أوجدوا أفكارنا ومشاعرنا، ومن ثم جميع عوامل سيرنا، والأجيال الغابرة تفرض علينا أفكارها فضلا عن مزاجها الجثماني، والأموات وحدهم هم سادة الأحياء بلا جدال، ونحن نحمل وزر خطايا الأموات ونقتطف ثمرة فضائلهم.
ولا يتطلب تكوين مزاج الأمة النفسي مثلما يتطلبه تكوين أنواع الحيوان من العصور الجيولوجية الطويلة التي لا يحصى لها عد، ومع ذلك فهو يحتاج إلى زمن غير قليل؛ فقد اقتضى إحداث ما تتألف منه روح عرقنا من المشاعر والأفكار انقضاء أكثر من عشرة قرون مع ضعف ما انتهى إليه عرقنا من ذلك حتى الآن،
অজানা পৃষ্ঠা