ذکر توجه مولانا السلطان هو واولاده وجميع العساكر إلى جهة البحيرة لحفر البحر المعروف بالطيرية وذلك لعمارة البلاد وشمول منفعتها.
ولما استقر مولانا السلطان هذه المدة بالديار المصرية لم تشغله مصلحة عن مصلحة، ولا بعيد عن قريب، ولا نازح عن دان فا زال يفكر في مهمات بلاد البحيرة، وأنها كانت في الزمن الأول مستخل ألديار المصرية وميرتها وأن الشراق والبور والخرس ) استولى عليها، وصارت مراعي لجمال المر بان ولمواشيهم وأهملت، وحدث بحديث هذا المكان المعروف بالطبرية، وأنه قد عمي واستد على طول الزمان ولا بقى يقدر على عمله وال ولا رعية، وأنه متى عمل على التراخي لم يفرغ منه في سنة، فيجي النيل وهو لم ينجز فيتربي الطين فيه وتبطل المصلحة. فمسير إلى ولاة الوجه البحرى بإحضار الرجال والعمالين والأبقار. فواعدهم على الخروج بنفسه الكريمة وعساكره. فخرج ومحبته الملك المنصور صاحب تماة - كما ذكرنا - والملوك أولاده، وجميع الأمراء والخواص، والجنود والجيوش. وتوجه في خامس المحرم، فوصل إلى المكان في يوم الخميس ثامنه. وفي آنوقت باشر العمل بنفسه، والركوب بنفسه، وقسم العمل على جميع الناس بالقصبة. واجتمع كل امير وكل مقدم بجماعته و ماليكه. واستأجروا جماعة قصدا منهم في المسابقة و إظهار الهمة والنهضة. و بذلى السلطان العطاء والانتقاد والإحسان. وشملت الطعومات لجميع من يباشر العمل المختص بمولانا السلطان. وباشر العمل بنفسه وبالسلاطين أولاده وماليه الخواص. وكانت من الأيام المشهودة من اجتماع العالم والرهج بالطباخاناة عنده كل مكان. وحضرت مغاني العرب وغيرهم من كل جهة. فنجز العمل في أيسر مدة. فكان ما عمل في مدة عشرة أيام ستة آلاف وخمسمائة قصبة طولا، وثلاثة أقصاب وأربعة عرضا، وقصبتان وأكثر نزولا على قدر الأماكن. وعاد في يوم الأحد ثامن عشر المحرم. وأعطى الساکر دستورة ليتوجهوا إلى إقطاعاتهم. ووصل السلطان إلى قلعته في يوم الأربعاء حادى وعشرين المحرم. وبلغ الله بعمل ذلك المنافع، وروی الشراق. ورغب الناس في الحضور إلى الزرع جاءوا من كل جهة. وعمرت بذلك بلاد واتسعت مزدرعات. وذلك بیركة هذه الحركة اللطيفة.
পৃষ্ঠা ২৫