[ حكمة الكناية والاستعارة ] فصل: والذي قاله أبو جعفر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) (ا) أن المراد: بقدرتي وقوتي (2). قال أبو عبد الله: ليس هذا هو الوجه في التفسير، لانه يفيد تكرار المعنى، فكأنه قال: بقدرتي وقدرتي أو بقوتي وقوتي، إذ القدرة هي القوة والقوة هي القدرة (3)، وليس لذلك معنى في وجه الكلام، والوجه ما قدمناه من ذكر النعمة،
---
(1) قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) (سورة ص: 75) لا يفوتك أن القرآن (حسبما أوضحناه) يستعمل أفانين البلاغة كأبلغ خطيب، وقد جرت سنة البلغاء في كافة الامم على الاهتمام بصب الكلام مصبا محسوسا لتمثل عند المخاطب معانيهم كأنه يراها محسوسة لديه ومركوزة نصب عينيه، ولاجل البلغة إلى هذا الغرض المهم سلكوا سبل الكناية والاستعارة، إذ فيهما إقامة المحسوس مقام المعقول بعد ثبوت الملازمة أو المحاكاة بينهما نظير حكاية الاسد عن الشجاعة أو العقرب عن إيذاء الصديق، فعند التعبير بهما عن هذين المعنيين يتمثل المعقول محسوسا ونافذا في الخواطر، هذه حكمة الكنايات والاستعارات ومن ذلك استعارة اليد عن القوة والاحسان، إذ ليس في أعضائك عضو يقوم بخدمتك أو يظهر عملك وقولك مثل يديك، لذلك استحقت اليد أن يؤتى بها حاكية وممثلة عن القوة والبطش تارة، وعن الانعام والاحسان اخرى، كما ذهب إليه الشيخان الجليلان، وقد أوضحنا الامر في تأويل آية: (بل يداه مبسوطتان). ش. (2) الاعتقادات ص 23، مجمع البيان 4: 485، التوحيد: 153 / 1، 2. (3) فيه نظر. ش ظ.
--- [ 34 ]
পৃষ্ঠা ৩৩