« أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله » (1).
فما كان جواب الفصحاء والبلغاء من العرب إلا أن قالوا إنه لسحر ويعجز من مثلنا أن يأتي به!
ويمكن النظر من ناحية اخرى إلى أن القرآن الكريم لم يتحد العلماء من ناحية الفصاحة والبلاغة فحسب ، بل تحداهم من ناحية المعنى أيضا ، لأنه يشتمل على البرنامج الكامل للحياة الانسانية ، ولو محص تمحيصا دقيقا ، لوجد أنه الأساس والأصل في مجالات الحياة الإنسانية كلها ، بما فيها الاعتقادات والأخلاق والأعمال التي ترتبط بالإنسان ، فإنه يعالج كل جانب من جوانبها بدقة تامة ، فهو من الله الحق.
هذا فضلا عن أن النبي صلى الله عليه وآله ، لم يتعلم القراءة والكتابة عند معلم ، لقد قضى ثلثي عمره وحياته الشريفة قبل دعوته في بيئة تفتقر إلى حضارة ، ولم تسمع بمدنية ، كانوا يعيشون في أرض صحراء قاحلة ، وجو مهلك ، ومع كل هذه الظروف والأحوال نجد القرآن الكريم يتحدى من طريق آخر ، وهو أنه انزل بصورة تدريجية مع ظروف متفاوتة مختلفة ، في أيام الفتن والأيام الاعتيادية ، في الحرب والصلح ، وفي أيام القدرة وأيام الضعف وغيرها ، خلال ثلاث وعشرين سنة.
فلو كان من صنع البشر ، لوجدوا فيه تناقضا وتضادا كثيرا ، وهذا ما يؤكده
পৃষ্ঠা ৩৯