أقول هذا ولا أجزم بأن في لبس الصوف رجعة إلى التقاليد المسيحية، ولكن القارئ عرف أن النبي محمدا كان يستحب لبس الصوف تواضعا، وأن النبي عيسى كان يستحب لبسه كذلك تواضعا، وأن الرهبان في المسيحية والزهاد في الإسلام كان يستحبون لبس الصوف، وفي مجموع ما أسلفنا من الشواهد مقنع لمن يرتاب في نسبة الصوفي إلى الصوف.
يضاف إلى ذلك ما روي من أن كلمة «صوفي» وردت في كلام منسوب إلى الحسن البصري وهو من التابعين فقد قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذ وقال: معي أربعة دوانق يكفيني ما معي،
63
ويشبه هذا قول سفيان: لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقائق الرياء،
64
ويؤيد هذا وذاك ما جاء في كلام بعض المؤلفين من أن مكة كانت خلت قبل الإسلام في وقت من الأوقات حتى كان لا يطوف بالبيت أحد وكان يجيء من بلد بعيد رجل صوفي فيطوف بالبيت ثم ينصرف
65
فاللفظة على ذلك قديمة، وقدمها يرجح نسبتها إلى من استحبوا الصوف من الأنبياء.
والفرض الثالث نسبتها إلى الصفاء، وليس هذا الفرض إلا حذلقة من بعض الصوفية الذين عبر أبو الفتح البستي عن غرورهم حين قال:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا
অজানা পৃষ্ঠা