وكأنه اعتبره كلاما لأبي الدرداء لا حديثا نبويا شريفا يرويه، إذ يقول: ... عن أبي قلابة أن أبا الدرداء كان يقول: "إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى القرآن وجوها".
وهذا الحديث لا يبتعد في اتجاهه عن الحديث الآخر الذي يحث على تعلم معاني الألفاظ القرآنية والإلمام بمعرفة غريبها. وقد روي عن أبي هريرة وغير ولفظه: "اعربوا القرآن والتمسوا غريبه".
والقريب من الذهن أن هذا الحديث ومثله مما وضع قصد الحث على الاهتمام بهذه المادة، ومما نعلمه من أسباب الوضع في الحديث الترغيب والترهيب.
ونضيف إلى هذا، أن الذي أورد الحديث مقاتل بن سليمان وهو كذاب.
غير أن السيوطي بدا عليه الاهتمام بهذا الحديث. وقد نقل في تفسيره له تأويلين اثنين:
التأويل الأول: يرجع إلى المعنى اللغوي للفظة وجوه. يعني أن يرى الباحث للفظ الواحد معاني متعددة في مواضع من القرآن.
التأويل الثاني: يلتحق بالتفسير الإشاري، حيث إن المقصود بالوجوه فيه "استعمال الإشارات الباطنة، وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر".
ولعل تأليف الحكيم الترمذي يلتحق بهذا المفهوم للوجوه والنظائر، وكذلك ما نلمسه في تفاسير الشيعة عند اعتبارهم أن للقرآن ظاهرا وباطنا.
ثم إن السيوطي عاد إلى التأويل الأول، ليبين انعكاس احتمال اللفظ القرآني لوجوه متعددة على نفسية الناظر في القرآن. فإذا الوجوه تصبح كالحاجز المانع للباحث عن الخوض في التفسير. وهذه الفكرة ترتبط ارتباطا وثيقا بموقف المانعين عن الخوض في التفسير. "فقلت لأيوب (وهو من رجال السند عن أبي الدرداء
1 / 27