وعين سامي بمدرسة في الزمالك، وعينت رشيدة بمدرسة في الجيزة.
15
شملول وصبيحة هذان الحبيبان اللذان أبيا الظلم، وأبى معهما أهلوهم أن يستضعفوا في أرض قريتهم، فهاجروا إلى أرض الله الواسعة؛ ليجدوا مراغما كثيرا وسعة، وقد وجدوا ذلك الملجأ الفسيح عند أقاربهم في القاهرة. وانفتحت أمامهم أبواب الرزق يمثلون الإنسان حين يستكبر أن يعتو عليه إنسان مثله، ويمثل العاشقان منهما أسمى ما في الحياة من معاني الحب، تلك النسمة من نسائم الجنة التي شاء الله في عالي سمائه أن يرسلها مع آدم وحواء حين أمر بهما أن يتركا جنته الفيحاء إلى هجير الأرض.
فإذا ذلك الحب يصبح موئل البشرية وملاذها ومراحها ونداها، يرطب به سبحانه وتعالى عداوات البشر في تلك الحياة الدنيا التي تشابكت فيها المطالب وتصاخبت، فإذا أبناء آدم بعض لبعض عدو إلى يوم الدين.
حين احتجب الحب بين قابيل وهابيل قتل الأخ أخاه، وحين عاد الحب يتنفس في إحناء قابيل وارى سوأة أخيه. وهكذا بدأ الحب مع البغضاء في الأرض نسمة من نسائم الجنة لولاه لفنيت البشرية منذ عصورها الأولى، وانتهت الحياة.
شملول وصبيحة زوجان يشد كل منهما إلى الآخر منبت القرية والمهجر إلى القاهرة، ثم الزواج، فكانت بينهما مع الحب المودة كل المودة، والرحمة كل الرحمة، وسكن شملول إلى صبيحة، وأنجب لهما الزواج ماهر، ثم مختار. وكان شملول يعمل بالزمالك في متجر الفاكهة، ثم ما لبث أن أصبح صاحب المتجر جميعا، فكان يصحب ولديه إلى المدرسة الإعدادية بالزمالك، ويعود بهما في الظهيرة، وحين يعود هو إلى دكانه يتركهما بين يدي صبيحة ترقبهما في المذاكرة، ثم يصحبان التليفزيون إن راق لهما أن يصحباه أو ينزلان إلى أصدقائهما بينهم زملاء دراسة وجيران، وبينهم جيران غير زملاء.
وصبيحة حريصة دائما أن تعرف منهما في ملاينة ودون إثقال كل أبناء المدرسة وأسماء المدرسين.
وأخبرها ماهر، ثم أخبرها مختار بأسماء المدرسين الجدد الذين وفدوا إلى المدرسة، وذكر اسم سامي فيمن ذكر ولم تول الاسم أي اهتمام، وما كلمة سامي بالنسبة إليها. وكم من «سامي» في الحياة.
والعجيب أن سامي حين دخل الفصل الذي به ماهر، وسأل الطلبة عن أسمائهم، وقال ماهر: اسمه ماهر شملول القط لم يلتفت سامي إلى الاسم، على الرغم من أنه اسم ليس مثل كل الأسماء، ولكنه عبره دون التفات، وكذلك كان شأنه في فصل مختار أيضا، ومرت الأيام فلا بيت ماهر ومختار علما أن ابن الذي أخرجهم من ديارهم يدرس لابنيهما، ولا سامي يعرف أن من بين تلاميذه ذرية قوم عتا عليهم أبوه كل عتو.
وفي يوم، بينما كان سامي يدرس للفصل الذي فيه ماهر، وحين كان مواليا ظهره للفصل يكتب على السبورة تعالى إلى أذنه ضجة هامسة، فالتفت فجأة، فوجد ماهر محور هذه الضجة فاستدعاه. - تعال أنت.
অজানা পৃষ্ঠা