وقد كان هذا التعصب الطبقي في الهند صداع المصلحين، حتى إن «طاغور» الأديب الهندي الكبير قال ذات مرة: إنه يود لو أن زلزالا يهدم جميع المعابد ويحطم جميع الآلهة الهندية حتى ينسى الهندوكيون ديانتهم التي فرقت بينهم؛ فيعودوا إلى ديانة جديدة تعمل للتوفيق لا للتفريق.
والمتأمل لحال فلسطين هذه الأيام يحس كأن الأديان قد جاءت للتفريق لا للتوفيق؛ لأن فلسطين قد «تهندت» بفضل الاستعمار الإنجليزي.
إن لكل أمة تقاليدها الحسنة، ولكن لها أيضا تقاليدها السيئة في التعصب والاستعراض، والعالم في حاجة إلى دعاية بشرية جديدة؛ كي يعرف سكان هذا الكوكب أنهم بشر قبل أن يكونوا هندوكيين أو منبوذين أو مسيحيين أو مسلمين أو يهودا أو زنوجا أو بيضا، وأنهم يستوون في الحقوق.
لقد كان غاندي يكافح عدوين: العدو الأول هو تقاليد بلاده التي حرمت على المنبوذين الحقوق البشرية، ولذلك فتح لهم المعابد، ثم جاء «نهرو» فعين واحدا منهم وزيرا، أما العدو الثاني فهو بالطبع هؤلاء المستعمرون الإنجليز.
وعلى كل شاب أن يتخلص من هذه الاستعراضات، وأن يعرف ويعلن أن وطنه ليس فوق الأوطان، وأن البشر سواء مهما اختلفوا في الدين أو المذهب أو اللون أو اللغة، وأن الإخاء هو ديانتهم الأولى.
الفصل السادس والثلاثون
الحب دين العالم
من أغرب الظواهر الاجتماعية في تاريخ البشر أن الأديان جميعها دعت إلى الخير والبر والإخاء والحب، ولكن البشر لم يعرفوا مع ذلك من الحقد والغضب ومن القتال والانتقام، مثلما عرفوا من الفوارق الدينية، فإن تاريخ أوروبا حافل بالحروب الدينية التي فتكت بالرجال والنساء والأطفال ودمرت البيوت وحطمت الدول، وكذلك الحال في الشرق حتى ليقف القارئ لتاريخ هذه الحروب والخلافات المذهبية الدموية متسائلا: كيف انقلبت دعوة الحب التي تدعوها جميع الأديان إلى دعوة الحقد التي تصطبغ بالدماء؟
ليس شك في أنها انقلبت هذا الانقلاب المشئوم؛ لأن الأديان قد أسيء فهمها حتى صار المؤمن بأحدها يعتقد أن له حق الامتياز على غيره من الذين لم يؤمنوا إيمانه، ولم ينطقوا بدعائه ولم يسجدوا بصلاته.
ولكن مع هذا الفهم السيئ الذي يتفشى بين كثير من الناس نجد أفرادا لهم عقول كالمصابيح، قد استضاءت وأضاءت.
অজানা পৃষ্ঠা