তারিক ইখওয়ান সাফা
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
জনগুলি
وهذه البروج توصف بصفات شتى من جهات عدة ... نقول: منها ستة شمالية وستة جنوبية ... أما الستة الشمالية فهي: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة [= العذراء]. وإذا كانت الشمس في واحد منها يكون الليل أقصر والنهار أطول. وأما الستة الجنوبية فهي: الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت. وإذا كانت الشمس في واحد منها، يكون الليل أطول والنهار أقصر. وأما المستقيمة الطلوع فهي السرطان والأسد السنبلة والميزان والعقرب والقوس، وكل واحد منها يطلع في أكثر من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون هابطة من الشمال إلى الجنوب، ومن الأوج إلى الحضيض، والليل آخذ من النهار. وأما المعوجة الطلوع فهي الجدي والدلو والحوت والحمل والثور والجوزاء، وكل واحد منها يطلع في أقل من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون صاعدة من الجنوب إلى الشمال، ومن الحضيض إلى الأوج، والنهار آخذ من الليل ... ومن وجه آخر هذه البروج تنقسم أربعة أقسام منها ثلاثة ربيعية صاعدة في الشمال، زائدة النهار على الليل، وهي: الحمل والثور والجوزاء، وثلاثة صيفية هابطة في الشمال، آخذة الليل من النهار، وهي: السرطان والأسد والسنبلة. منها ثلاثة خريفية هابطة في الجنوب، زائدة الليل على النهار، وهي: الميزان والعقرب والقوس ، ومنها ثلاثة شتوية صاعدة من الجنوب، آخذة النهار من الليل، وهي: الجدي والدلو والحوت ...
فقد بان بهذا الوصف في هذا الشكل أن لو كانت البروج أكثر من اثني عشر، أو أقل من ذلك، لما استمرت فيه هذه الأقسام على هذا الوجه الذي ذكرنا. فإذا بواجب الحكمة كانت اثني عشر؛ لأن الباري، جل ثناؤه، لا يفعل إلا الأحكم والأتقن. ومن أجل هذا جعل الأفلاك كريات الشكل؛ لأن هذا الشكل أفضل الأشكال، وذلك أنه أوسعها وأبعدها من الآفات، وأسرعها حركة، ومركزه في وسطه، وأقطاره متساوية، ويحيط به سطح واحد، ولا يماس غيره إلا على نقطة، ولا يوجد في شكل غيره هذه الأوصاف، وجعل أيضا حركته مستديرة؛ لأنها أفضل الحركات» (3: 1، 115-119). «الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض، ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض، فيكون في دائم الأوقات نصف الفلك ستة أبراج مائة وثمانين درجة فوق الأرض، ويسمى يمنة، والنصف الآخر ستة أبراج مائة وثمانين درجة تحت الأرض، يسمى يسرة. وكلما طلعت درجة من أفق المشرق غابت نظيرتها في أفق المغرب من البرج السابع منه، فيكون في دائم الأوقات ستة أبراج طلوعها بالنهار، وستة طلوعها بالليل، ويكون في دائم الأوقات درجة في أفق المشرق، وأخرى نظيرتها في أفق المغرب، ودرجة أخرى في كبد السماء، وتسمى وتد العاشر، وأخرى نظيرتها منحطة تحت الأرض تسمى: وتد الرابع؛ فيكون الفلك في دائم الأوقات منقسما بأربعة أرباع، كل ربع منها تسعون درجة، فمن أفق المشرق إلى وتد السماء تسعون درجة يقال لها الربع الشرقي الصاعد في الهواء، ومن وتد السماء إلى وتد المغرب تسعون درجة يقال لها الربع الجنوبي الهابط، ومن وتد المغرب إلى وتد الأرض تسعون درجة يقال لها الربع الغربي الهابط في الظلمة، ومن وتد الأرض إلى وتد المشرق تسعون درجة يقال لها الربع الشمالي الصاعد» (3: 1، 126-127).
شكل 2-3 «والكواكب السيارة تدور حول الأرض مثلما تدور أيضا في البروج الاثني عشر؛ ودورة كل كوكب في هذه البروج تعبر عن سنة هذا الكواكب، مثلما يعبر دوران الشمس في البروج عن السنة الأرضية. ولكن من أجل اختلاف حركات الكواكب في السرعة والإبطاء، اختلفت أزمان أدوارها حول الأرض، ومن أجل اختلافها حول الأرض اختلفت أدوارها في فلك البروج. ومثل دوران الأفلاك بكواكبها حول الأرض كمثل دوران الطائفين حول البيت [الحرام]، ومثل اختلاف أدوارها حول الأرض كمثل اختلاف أشواط الطائفين حول البيت، وذلك أننا نرى الطائفين حول البيت منهم من يمشي الهوينى، ومنهم من يستعجل، ومنهم من يهرول، ومنهم من يسعى، فتختلف بحسب ذلك أشواطهم، وكلهم متوجهون في طوافهم نحوا واحدا وقصدا واحدا. ولكن إذا بلغ الماشي الركن العراقي، قد بلغ المستعجل الركن الشامي، والمهرول الركن اليماني، والساعي الحجر الأسود. بهذا السبب إذا طاف الماشي شوطا واحدا، فقد طاف الساعي أشواطا، فهؤلاء الطائفون، وإن اختلفت أشواطهم من أجل سرعة حركاتهم وإبطائها، فليس قصدهم إلا قصد واحد إلى جهة واحدة؛ فهكذا حكم الأفلاك وكواكبها في دورانها حول الأرض» (16: 2، 39-40).
وقد حسب إخوان الصفاء بدقة سنة كل كوكب من الكواكب السيارة، فكوكب زحل وهو الأبعد: «يدور في البروج الاثني عشر في كل ثلاثين سنة بالتقريب دورة واحدة، يقيم في كل برج سنتين ونصف السنة، وفي كل درجة شهرا، وفي كل دقيقة اثنتي عشرة ساعة ... والمشتري يدور في البروج الاثني عشر في اثنتي عشرة سنة بالتقريب مرة واحدة يقيم في كل برج سنة، وفي كل درجتين ونصف شهرا، وفي كل خمس دقائق يوما وليلة ... المريخ يدور في الفلك مدة سنتين إلا شهرا واحدا بالتقريب، يقيم في كل برج خمسة وأربعين يوما، يزيد وينقص، ويقيم في كل درجة مقدار يوم وبعض يوم ... الزهرة تدور في البروج مثل دوران الشمس، غير أنها تسرع السير تارة فتسبق الشمس وتصير قدامها، وتارة تبطئ في السير فترجع وتصير خلفها ... حالات عطارد من الشمس مثل حالات الزهرة منها ... القمر يدور في البروج في كل سنة عربية اثنتي عشرة مرة، في كل شهر مرة، ويقيم في كل برج يومين وثلثا، وفي كل منزل يوما وليلة، وفي كل درجة ساعتين بالتقريب» (3: 1، 130-133).
أما دوران الشمس في البروج فهو السبب في تتابع الفصول على الأرض وتغييرات أرباع السنة: «الشمس تدور في البروج الاثني عشر في كل ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، وربع دورة واحدة، تقيم في كل برج ثلاثين يوما وكسرا، وفي كل درجة يوما وليلة وكسرا. تكون بالنهار فوق الأرض وبالليل تحت الأرض، وتكون في الصيف في البروج الشمالية في الهواء، وتقرب من سمت رءوسنا، وتكون في الشتاء في البروج الجنوبية، وتنحط في الهواء، وتبعد من سمت رءوسنا؛ وفي الأوج ترتفع في الفلك، وتبعد من الأرض، وفي الحضيض تنحط في الفلك، وتقرب من الأرض ...
إذا نزلت الشمس أول دقيقة من برج الحمل استوى الليل والنهار واعتدل الزمان، وانصرف الشتاء ودخل الربيع، وطاب الهواء وهب النسيم، فذابت الثلوج وسالت الأودية ... وطال الزرع ونما الحشيش ... ودرت الضروع، وتكونت الحيوانات وانتشرت على وجه الأرض ... إذا بلغت الشمس آخر الجوزاء وأول السرطان تناهى طول النهار، وقصر الليل، وأخذ النهار في النقصان وانصرف الربيع، ودخل الصيف، واشتد الحر وحمي الهواء ... ويبس العشب ... وأدرك الحصاد ونضجت الثمار وسمنت البهائم ... وإذا بلغت الشمس آخر السنبلة وأول الميزان استوى الليل والنهار مرة أخرى، وأخذ الليل في الزيادة على النهار، وانصرف الصيف ودخل الخريف، وبرد الهواء وهبت ريح الشمال، وتغير الزمان. وإذا بلغت الشمس آخر القوس وأول الجدي تناهى طول النهار، وأخذ الليل في الزيادة، وانصرف الخريف، ودخل الشتاء، واشتد البرد، وخشن الهواء، وتساقط ورق الأشجار، ومات أكثر النبات ... وإذا بلغت الشمس آخر الحوت وأول الحمل عاد الزمان كما كان في العام الأول، وهذا دأبه، ذلك تقدير العزيز العليم» (3: 1، 127-130). «فجسم العالم بأسره كري الشكل، وحركات أفلاكه كلها دورية، ونور الكواكب السماوية كلها ذاتي إلا القمر، وأجرام الكرة كلها شفافة إلا الأرض» (16: 2، 25-26). «اعلم أيها الأخ أن معنى قول الحكماء: العالم، إنما يعنون به السماوات السبع والأرضين، وما بينهما من الخلائق أجمعين، وسموه أيضا إنسانا كبيرا؛ لأنهم يرون أنه جسم واحد بجميع أفلاكه وأطباق سماواته وأركان أمهاته ومولداتها، ويرون أيضا أن له نفسا واحدة سارية قواها في جميع أجزاء جسمها كسريان نفس الإنسان الواحد في جميع أجزاء جسده» (16: 2، 24-25).
هذا العالم الواحد المؤلف من تسعة أفلاك وإحدى عشرة كرة، ينقسم إلى قسمين: علوي وسفلي. الأول يمتد من أعلى الفلك المحيط هبوطا إلى أدنى فلك القمر، وهو يشتمل على الأجسام الكليات البسيطات التي هي الأفلاك والكواكب، والثاني يمتد من أدنى فلك القمر هبوطا إلى مركز الأرض، وهو يشتمل على الأمهات الكليات التي هي النار والهواء والماء والأرض، وتدعى أيضا الأركان الأربعة، كما يشتمل أيضا على الجزئيات المولدات التي هي المعادن والنبات والحيوان، وهذه الجزئيات تنتج عن الأركان الأربعة وتتولد منها. والأمهات الكليات أو الأركان الأربعة تتوضع داخل الهواء وكرة الأرض والماء؛ وكرة الهواء هي التي تحتوي على ركن النار؛ لأن سمك الهواء ينفصل بثلاثة طبائع متباينة، فالهواء الذي يلي فلك القمر هو نار سموم في غاية الحرارة ويدعى الأثير، والذي يليه في غاية البرودة ويدعى الزمهرير، والذي دونه معتدل المزاج يسمى النسيم (3: 1، 146) (17: 2، 65).
2
تتشارك أجسام العالم العلوي والعالم السفلي في كثير من الصفات. فالقمر، الذي هو أحد الأجسام الفلكية، يرى فيه اختلاف قبول النور والظلمة كما يرى في الأجسام الأرضية، وله ظل كظلالها، وهو غير مشف مثل الأرض؛ والأفلاك كلها تشارك الهواء والماء والبلور في الإشفاف، والشمس والكواكب تشارك النار في النور، وكلها يشارك الأرض في اليبس. ولكن أجسام العالم العلوي تختلف عن أجسام العالم السفلي في أنها لا تقبل الكون والفساد، والتغير والاستحالة، والزيادة والنقصان، كما تقبلها الأجسام التي تحت فلك القمر، وفي أن حركاتها كلها دورية. وهذه الأجسام الفلكية محفوظ نظامها وباقية أشخاصها ما دامت ثابتة على دورانها، فإذا وقفت عن الدوران وسكنت حركاتها تولد فيها السكون والبرودة وفسد نظامها، ومن فساد النظام يأتي البوار والبطلان. وهذا لا يحدث إلا إذا فارقت نفس العالم جسدها وعادت إلى باريها عندما تقوم القيامة الكبرى (16: 2، 46-47 و49). من هنا يدعو إخوان الصفاء العالم العلوي بعالم النظام والثبات، ويدعون العالم السفلي الذي هو دون الفلك القمر بعالم الكون والفساد؛ لأنه دائم التغير بالنشوء والبلى.
ويقول الإخوان في شرح تعبير «الكون والفساد» الذي يتكرر عبر الرسائل، إن «الكون» عبارة عن خروج الشيء من العدم إلى الوجود، أو من القوة إلى الفعل، والفساد عكس ذلك، أي عودة الشيء إلى العدم (15: 2، 13). وقالوا أيضا: «واعلم يا أخي بأن الكون والفساد هما ضدان لا يجتمعان في شيء واحد في زمان واحد؛ لأن الكون هو حصول الصورة في الهيولى، والفساد انخلاعها منها، فإذا فسد شيء منها لا بد أن يتكون شيء آخر؛ لأن الهيولى إذا انتزعت منها صورة ألبست أخرى. فإن كانت التي ألبست أشرف سمي كونا، وإن كانت أدون سمي فسادا. مثال ذلك أن يصير التراب والماء نباتا، ويصير النبات حبا وثمارا، والثمار والحب يصيران غذاء، والغذاء يصير دما ولحما وعظما، فيكون من ذلك حيوان. والفساد أن يحترق النبات فيصير رمادا، ويموت الحيوان فيصير ترابا. واعلم يا أخي أن جسدك، الذي تختص به نفسك، أحد الكائنات الفاسدات، وما هو بالنسبة إلى نفس إلا كدار سكنت أو كلباس ألبس، فلا تكونن كل همتك وأكثر عنايتك بتزويق هذه الدار وتطرية هذا اللباس، فإنك تعلم بأن كل مسكن يخرب وكل لباس لا بد أن يبلى. ولكن اجعل بعض أوقاتك للنظر في أمر نفسك [= روحك]، وطلب معرفة جوهرها، ومبدئها ومعادها، فإنها جوهرة خالدة أبدية الوجود، ولكن تنتقل لها حال بعد حال» (17: 2، 58-59).
অজানা পৃষ্ঠা