তারিক ইখওয়ান সাফা
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
জনগুলি
ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ... .
10
وهذا الملك وكله الله تعالى بإدارة الأفلاك، وحركات الكواكب، وما تحت فلك القمر من سائر الأركان ومولداتها من المعادن والنبات والحيوان أجمع» (39: 3، 322 و328). «اعلم أيها الأخ الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن أفعال الروحانيين لا يتهيأ لأحد من العالم الجسماني الوقوف عليها والمعرفة بها، إلا بعد معرفته بجوهر نفسه ، وكيفية فعلها في جسمه. وإذا عرف كيفية ذلك، ووقف عليه، تهيأ له بعد ذلك الوقوف على أحوال الروحانيين في العالم جميعا: العلوي بما فيه، والسفلي وما يحويه، وقاده ذلك إلى معرفة خالقه وتنزيه مبدعه، وفعله الذي فعله بذاته، وما أبدعه من موجوداته، وبمعرفة ذلك يكون كمال الإنسان ...
واعلم أيها الأخ، أيدك الله، أن دائرة العقل مرتبة من أمر الله تعالى لا يدركها خاطر نفساني، وأن الأنوار المضيئة مرتبة في أفق العقل الكلي بحيث لا يدركها حس ولا يتناولها لمس. فالدائرة الأولى هي البعيدة عنها أوهام المخلوقين من العالمين الروحاني والجسماني، اللطيف والكثيف، وهي موصوفة بالفعل الخاص بها، الصادر عنها، وهو العقل الذي عقل ما دونه من مجاوريه، فرجعت الأوهام قبل بلوغها غايته، ذاهلة عن بلوغ بعض ما في دائرته وسعة إحاطته ... وهي الدائرة الأولى الحاوية لجميع ما كان منها، ولذلك قيل له السابق. وكذلك دائرة النفس كالثاني التالي للسابق، وهي تالية الأول، ثم الثالثة وهي كالهيولى، والرابعة وهي كالطبيعة. وكذلك الدوائر الكائنة عن هذه الأصول، حتى تكون آخرها دائرة الأرض ...
واعلم أيها الأخ البار أن الباري سبحانه أوجد الزوجين الأولين [= العقل والنفس] اللذين هما أبوا الموجودات كلها بأسرها، وهما الدائرتان المحيطتان بما في عالم العلو والسفل، إحداهما: حائطة، والأخرى: محوطة ... ولذلك سمي (العقل) عقلا؛ لأنه عقل صور الموجودات بأسرها، وجاد عليها بخصائصها، وترتيبه له في مواضعها، وتكوينه إياها في أماكنها، فهو بالإشراق عليها وبما فاض عليها يتدلى إليها
11 ... ولما كان العقل كذلك، كانت النفس غير حائطة بكلية ما في العقل بلا واسطة له بكمال صفاته الموجودة، إلا ما أمدها به وأفاضه عليها الشيء بعد الشيء ولو كانت قابلة لجميع ما فيه دفعة واحدة لكانت لا فرق بينها وبينه، ولا فضل له عليها لاتساعها لما وسعه، وإحاطتها لما بلغه. وإنما هي حائطة بما دونها كإحاطة العقل بها ... وغير محيطة بكلية ما في العقل من الصور المعراة والجواهر المبرأة من الهيولى إلا بما يلقيه إليها ويمدها به.
ولما كان ذلك كذلك، صارت الطبيعة في كل لحظة وفي كل وقت من الأوقات، ومع كل حركة من الحركات الزمانية الطبيعية، تظهر شكلا ونوعا ولونا، فغرائبها لا تحصى وعجائبها لا تفنى، وهي تبديها الشيء بعد الشيء بحسب ما يلقى إليها ويفاض عليها من النفس الكلية ... فهي قوة صادرة باعثة لما تقدم لها في الوجود، كقوة حركة الدولاب التي تبدو أولا عن حركة أولى، وهي الحركة البهيمية المستعلمة في آلة الدولاب، وإيصالها من آلة إلى آلة أخرى، حتى تكون مرة حاطة لأواني الدولاب إلى قعر البئر فتملأ، ثم ترفعها على علو فيعود ما كان ممتلئا فارغا، ثم ممتلئا، فلا تزال كذلك ما دامت الحركة متصلة، فإذا بلغ المحرك المستخدم لتلك الدابة المحركة لتلك الآلة ما أراد من الملء والتفريغ، أمسك الحركة فوق الدولاب عن الرفع والحط. كذلك فعل الطبيعة، إنما هي حركة متصلة بها عن آلة فلكية محركة دورية، مربوطة بها النفس الكلية بقوة عقلية، تبدو عن مشيئة إلهية وعناية ربانية بأمر من هو لا يعلمه إلا هو» (49: 4، 198-203).
هذه هي الخطوط العامة لنظرية التكوين الصفائية، بسطنا فيها كل ما من شأنه يأن يعيننا على متابعة رحلتنا في فكر الإخوان. في الفصل القادم سوف نبسط أهم أفكار الإخوان العلمية والفلسفية التي أرادوها مدخلا لفهم العالم وكيفية عمله، بعد أن أطلعونا على نشأته وكيفية صدوره عن العلة الأولى.
الفصل الثاني
صفة العالم
অজানা পৃষ্ঠা