তারিক ইখওয়ান সাফা
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
জনগুলি
11
واغترا بقوله ... وأخرجاهما وذريتهما جميعا بعضهم لبعض عدو. وقيل لهم: اهبطوا منها ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين، فيها تحيون وفيها تموتون، ومنها تخرجون يوم البعث، إذا انتبهتم من نوم الجهالة واستيقظتم من رقد الغفلة ... فهل لك يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن تبادر وتركب معنا في سفينة النجاة التي بناها أبونا نوح، عليه السلام، فتنجو من طوفان الطبيعة قبل أن تأتي السماء بدخان مبين، وتسلم من أمواج بحر الهيولى ولا تكون من المغرقين؟» (44: 4، 18). «وتبادر قبل الفوات في فكاك نفسك من أسر الطبيعة ... وتخرجها من قعر الأجسام وظلمة الأجساد ونيران الشهوات المحرقة والغرور باللذات الجرمانية في جوار الشيطان، وتعمل كما يعمل النجباء بأن تصحب إخوانا لك نصحاء وأصدقاء كرماء، محبين لك وادين، مواظبين على نجاتك ونجاة نفوسهم، وأن ترغب في صحبتهم، وتسمع أقاويلهم وتفهم كلامهم بحضورك في مجالسهم، وتنظر في كتبهم لتعرف اعتقادهم، وتتخلق بأخلاقهم، وتتعلم علومهم، وتسير بسيرتهم العادلة، وتعمل بسنتهم الزكية، وتتفقه في شريعتهم العقلية» (44: 4، 33).
وهنالك إشارات متفرقة تعطينا لمحات عامة وغير وافية عن المسائل التنظيمية: «اعلم أيها الأخ، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه ينبغي لإخواننا، أيدهم الله حيث كانوا من البلاد، أن يكون لهم مجلس خاص يجتمعون فيه في أوقات معلومة، لا يداخلهم فيه غيرهم، يتذاكرون فيه علومهم، ويتحاورون فيه أسرارهم. وينبغي أن تكون مذاكرتهم أكثرها في علم النفس، والحس والمحسوس، والعقل والمعقول، والنظر والبحث عن أسرار الكتب الإلهية والتنزيلات النبوية، ومعاني ما تضمنها من موضوعات الشريعة. وينبغي أيضا أن يتذاكروا العلوم الرياضيات الأربعة، أعني العدد والهندسة والتنجيم والتأليف. وأما أكثر عنايتهم وقصدهم فينبغي أن يكون البحث عن العلوم الإلهية التي هي الغرض الأقصى» (45: 4، 41).
وهنالك معايير خاصة يمتحن عليها المرشحون للعضوية: «وينبغي لإخواننا، أيدهم الله، حيث كانوا في البلاد، إذا أراد أحدهم أن يتخذ صديقا مجددا أو أخا مستأنفا، أن يعتبر أحواله ويتعرف أخباره، ويجرب أخلاقه، ويسأله عن مذهبه واعتقاده، ليعلم هل يصلح للصداقة وصفاء المودة وحقيقة الأخوة أم لا؛ لأن في الناس أقواما طبائعهم متغايرة ... فمنهم خير وشرير، وكفور وشكور، وذو أمانة وغدار، وحليم وسفيه ... وما شاكل هذه الأخلاق المحمودة والمذمومة، مضادات بعضها لبعض ... فينبغي لك إذا أردت أن تتخذ صديقا أو أخا أن تنتقده كما تنتقد الدراهم والدنانير ... واعلم أن الخطب في اتخاذ الإخوان أجل وأعظم خطرا من هذه كلها؛ لأن إخوان الصدق هم الأعوان على أمور الدين والدنيا جميعا ... وهم أعز من الكبريت الأحمر. وإذا واحدا وجدت منهم فتمسك به، فإنه قرة العين ونعيم الدنيا وسعادة الآخرة؛ لأن إخوان الصدق نصرة على دفع الأعداء، وزين عند الأخلاء، وأركان يعتمد عليهم عند الشدائد والبلوى ...» (45: 4، 43-45). «واعلم يا أخي أن الإنسان كثير التلون قليل الثبات على حال واحد؛ وذلك أنه قل من الناس من تحدث له حال من أحوال الدنيا أو أمر من أمورها؛ من غنى إلى فقر، أو من فقر إلى غنى، أو من حضر إلى سفر، أو من عزوبة إلى تزويج، أو من ذل إلى عز ... إلا ويحدث له خلق جديد وسجية أخرى، ويتغير خلقه مع إخوانه، ويتلون مع أصدقائه، إلا إخوان الصفاء الذين ليست صداقتهم خارجة من ذاتهم. وذلك أن كل صداقة تكون لسبب ما، فإذا انقطع ذلك السبب بطلت تلك الصداقة، إلا صداقة إخوان الصفاء فإن صداقتهم قرابة رحم، ورحمهم أن يعيش بعضهم لبعض، ويرث بعضهم بعضا. وذلك أنهم يرون ويعتقدون أنهم نفس واحدة في أجساد متفرقة، فكيفما تغيرت حال الأجساد بحقيقتها فالنفس لا تتبدل ولا تتغير، كما قال القائل:
وفي الجسم نفس لا تشيب بشيبه
ولو أن ما في الوجه منه خراب
يغير مني الدهر ما شاء غيرها
فأبلغ أقصى العمر وهي كعاب» (45: 4، 47-48).
ويبدو أن الدعاة يخضعون لتدريب خاص على كيفية مخاطبة وإقناع الشرائح المختلفة من الناس. وهذا ما نجد أثرا له في الرسالة 48 التي أفردت حيزا لهذه المسألة. فقد أفردوا فصلا في كيفية خطاب المتفلسفين الشاكين في أمر الشريعة، وفصلا في خطاب الشاكين في أمر النفس، وفصلا في خطاب الملوك والسلاطين، وفصلا في مخاطبة أهل العلم الغافلين عن أمر النفس، وفصلا في مخاطبة المتشيعين نقتطف فيما يأتي بعض فقراته التي نفهم منها أن هنالك صلة وثيقة بين الإخوان والمتشيعين، ولكنها لا تصل حد التماثل، وهم يخاطبونهم هنا كإحدى الجماعات التي يرغبون في استمالتها: «قد جمع الله بيننا وبينك أيها الأخ البار الرحيم في أسباب شتى وخصال عدة ... فمن إحدى تلك الخصال والأسباب التي تؤكد المودة بين الأصدقاء ملة الإسلام التي هي آكد الأسباب ...
ومما يجمعنا وإياك أيها الأخ البار الرحيم محبة نبينا، عليه السلام، وأهل بيت نبينا الطاهرين، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خير الوصيين، صلوات الله عليهم أجمعين. ومما يجمعنا وإياك حرمة الأدب والخروج من جملة العوام، وهو العماد لما نحن بسبيله ونشير إليه. ومما يجمعنا وإياك من الأخلاق الجميلة والأفعال الحميدة وحرية النفس وصفاء جوهرها، وهي التي تدعونا إلى مكاتبتك ومراسلتك، وما نرجو منه النفع لك فيما يستقبل من الأمر، والله يؤيدك وإيانا وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد. وقد أنفذنا إليك أخا من إخواننا ممن قد ارتضيناه في بصيرته وحمدنا طريقته في دينه وأخلاقه. وأنت أيدك الله تعرف حقه وما يجب من حرمته وتوصله إليك على خلوة من مجلسك وفراغ من قلبك، وتصغي إليه فيما يقول، وتسمع منه ما ألقينا إليك من أسرارنا وما نشير إليه من علمنا، ليتبين لك مذهبنا، وتفهم اعتقادنا في أمر الدين والدنيا جميعا. فإذا سمعت أقاويلنا وفهمت معانيها ... أجبتنا عن رأيك فيما أشرنا إليه ... لا محتشما ولا متهيبا ... والله يوفقك للصواب» (48: 4، 195).
অজানা পৃষ্ঠা