তারিক ইখওয়ান সাফা
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
জনগুলি
ويورد الإخوان حكاية رمزية تشير إلى أسلوبهم في الدعوة إلى مذهبهم واكتساب المريدين: «اعلم أنه في الزمان السالف ذكروا أنه كان رجلا من الحكماء عارفا بالطب، دخل إلى مدينة من المدن، فرأى عامة أهلها بهم مرض خفي لا يشعرون بعلتهم، ولا يحسون بدائهم الذي بهم. ففكر ذلك الحكيم في أمرهم كيف يداويهم ليبرئهم من دائهم ويشفيهم من علتهم التي استمرت بهم، وعلم أنه إن أخبرهم بما هم فيه لا يستمعون قوله ولا يقبلون نصيحته، بل ربما ناصبوه بالعداوة، واستعجزوا رأيه، واستنقصوا آدابه، واسترذلوا علمه. فاحتال عليهم في ذلك لشدة شفقته على أبناء جنسه، ورحمته لهم وتحننه عليهم، وحرصه على مداواتهم طلبا لمرضاة الله عز وجل، بأن طلب من أهل تلك المدينة رجلا من فضلائهم الذين كان بهم ذلك المرض، فأعطاه شربة من شربات كانت معه قد أعدها لمداواتهم، وسعطه بدخنة كانت معه لمعالجتهم، فعطس ذلك الرجل من ساعته، ووجد خفة في بدنه، وراحة في حواسه، وصحة في جسمه وقوة في نفسه. فشكر له وجزاه خيرا وقال له: هل لك من حاجة أقضيها لك مكافأة لما اصطنعت إلي من الإحسان في مداواتك لي؟ فقال: نعم، تعينني على مداواة أخ من إخوانك، قال سمعا وطاعة لك. فتوافقا على ذلك، ودخلا على رجل آخر ممن رأيا أنه أقرب إلى الصلاح، فخلوا به من رفقائه وداوياه بذلك الدواء، فبرأ من ساعته. فلما أفاق من دائه جزاهما خيرا وبارك فيهما وقال لهما: هل لكما حاجة أقضيها لكما مكافأة لما صنعتما إلي من الإحسان والمعروف؟ فقال: تعيننا على مداواة أخ من إخوانك. فقال: سمعا وطاعة لكما. فتوافقوا على ذلك، ولقوا رجلا آخر، فعالجوه وداووه بمثل الأول، فبرئ ... ثم تفرقوا في المدينة يداوون الناس واحدا بعد آخر في السر، حتى أبرءوا أناسا كثيرا، وكثر أنصارهم وإخوانهم ومعارفهم ... حتى أبرءوا أهل المدينة كلهم.
واعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن هذا مثل الأنبياء صلوات الله عليهم في بدء دعوتهم الناس ... وذلك أن النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في أول مبعثه ودعوته ابتدأ أولا بزوجته خديجة، عليها السلام، ثم بابن عمه علي، عليه السلام، ثم بصديقه أبي بكر، ثم مالك وأبي ذر وصهيب وبلال وسلمان وجبير وبشار وغيرهم، حتى التأموا تسعة وثلاثين رجلا وامرأة. ثم دعا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، أن يعز الله عز وجل، الإسلام بأحد الرجلين، إما بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب، فاستجيبت دعوته في عمر وأسلم، والتأموا أربعين رجلا، وأظهروا الدعوة» (44: 4، 14-16).
هذا الرقم الرباعي هو الذي يبني عليه إخوان الصفاء تنظيمهم، تيمنا بما روي عن النبي أنه قال: لا يزال في هذه الأمة أربعون رجلا من الصالحين على ملة إبراهيم الخليل عليه السلام: «ويقال إن من هؤلاء الأربعين رجلا أربعة منهم الأبدال. وإنما سموا الأبدال؛ لأنهم بدلوا خلقا بعد خلق، وصفوا تصفية بعد تصفية. وذلك أن هؤلاء الأربعين منتقون من جملة أربعمائة من الزاهدين العارفين المحققين، الأربعمائة منتقون من أربعة آلاف من المؤمنين التائبين المخلصين. وكلما مضى شخص من الأربعة قام في رتبته شخص من الأربعين. وإذا مضى شخص من الأربعين قام في رتبته شخص من الأربعمائة، وإذا مضى شخص من الأربعمائة ارتقى إلى منزلته شخص من الأربعة الآلاف، فبلغ مرتبته وقام مقامه، وكلما مضى شخص من الأربعة الآلاف ارتقى مكانه بدلا منه واحد من المؤمنين التائبين المخلصين، فبلغ درجته وقام مقامه» (9: 1، 377).
فمراتب تنظيم إخوان الصفاء أربع، ولكنها تقوم على قاعدة واسعة من الأنصار المهيئين للترقي إلى مرتبة الأعضاء العاملين، وهم الذين دعاهم النص بالمؤمنين التائبين المخلصين. وهذه القاعدة منتشرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي على ما يقوله لنا الإخوان، ولا نملك إلا تصديقهم فيما يقولون:
شكل 7-1 «واعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن لنا إخوانا وأصدقاء من كرام الناس وفضلائهم متفرقين في البلاد؛ فمنهم طائفة من أولاد الملوك والأمراء والوزراء والعمال والكتاب، ومنهم طائفة من أولاد الأشراف والدهاقين والتجار والتناء، ومنهم طائفة من أولاد العلماء والأدباء والفقهاء وحملة الدين، ومنهم طائفة من أولاد الصناع والمتصرفين وأمناء الناس. وقد ندبنا لكل طائفة منها أحدا من إخواننا ممن ارتضيناه في بصيرته ومعارفه، لينوب عنا في خدمتهم بإلقاء النصيحة إليهم بالرفق والرحمة والشفقة عليهم» (48: 4، 165).
وكل مرتبة من هذه المراتب لها سن معين ودرجة في العلم والرقي الروحي: «واعلم أيها الأخ البار الرحيم أن قوة نفوس إخواننا في هذا الأمر الذي نشير إليه ونحث عليه على أربع مراتب: أولها صفاء جواهر نفوسهم وجودة القبول وسرعة التصور، وهي مرتبة أرباب ذوي الصنائع في مدينتنا التي ذكرناها في الرسالة الثانية، وهي القوة العاقلة المميزة لمعاني المحسوسات، الواردة على القوة الناطقة بعد خمس عشرة سنة من مولد الجسد. وإلى هذا أشار [تعالى] بقوله:
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ...
3
وهم الذين نسميهم في رسائلنا إخواننا الأبرار الرحماء.
وفوق هذه المرتبة مرتبة الرؤساء ذوي السياسة، وهي مراعاة الإخوان، وسخاء النفس وإعطاء الفيض بالشفقة والرحمة والتحنن على الإخوان. وهي القوة الحكمية الواردة على القوة العاقلة بعد ثلاثين سنة من مولد الجسد. وإليه أشار بقوله تعالى:
অজানা পৃষ্ঠা