وقد تكونت مواهبه ونمت في هذا الدور. وكان شغفه كبيرا بالأدب والمسرح منذ الصغر، فاستطاع أن ينظم الشعر وهو في سن العاشرة، وقد ظهرت له مقالات في الصحف وهو لم يغادر المدرسة الابتدائية، وكان محبا للصحافة فصرف أوقات العطلة في تحرير الجرائد المنزلية.
وكان مشغوفا بالشعر فقرأ كثيرا من دواوين الشعراء المتقدمين كالمتنبي والمعري وأبي نواس فارتقى شعره، وبدت قصائده طلية رشيقة في الترحيب بلاعبي الكرة من المدارس؛ فقد كان لاعب كرة بالمدرسة، وفي تكريمه المدرسين والاحتفال بهم آخر العام، وقد سموه في ذلك الحين بشاعر المدرسة الخديوية.
أما علاقته بالتمثيل فكانت قوية منذ الصغر؛ فقد ملك عليه هذا الفن جوارحه واستهوى قلبه، وساعد ميله هذا نموا وازدهارا تردده على «جوق» الشيخ سلامة حجازي لمشاهدة رواياته، وبلغ من شدة تعلقه بهذا الفن أن ألف فرقة تمثيلية عائلية كان هو بطلها ومؤلفها التمثيلي.
وكان نثره في هذه المرحلة من حياته حسن الأسلوب يتضمن موضوعات اجتماعية وأخلاقية تنبئ بمستقبل باهر في عالم الكتابة والتحرير، ولا ننسى في هذا المقام سلسلة مقالاته في الوطنية، وكذا مقالاته الانتقادية لعوائدنا السيئة، أما شعره فكان يتبع فيه أسلوب المتقدمين.
الطور الثاني: طور الانتقال (حياته في أوروبا)
قصد الفقيد «برلين» بعد التعليم الثانوي لتعلم الطب، ولكنه تركه لظروف خاصة، ثم سافر إلى فرنسا يدرس القانون متنقلا سنين بين باريس وليون. وكانت دراسته للقانون لا توافق مشاربه وأمياله؛ فكان يقضي جل وقته في المطالعات الأدبية الفرنسية نثرا ونظما.
وهذه السنون القليلة التي قضاها تيمور في أوروبا أثرت في تكوينه النفسي واتجاهه الأدبي؛ فقد كان عيشه في بيئة الحرية والديمقراطية والمساواة، في بيئة الاستقلال في الرأي والعمل والاعتماد على النفس، في بيئة الثورة الفكرية والعلم والنقد الصحيح ممزوجة بتلك المناظر الرائعة التي لم يألفها من قبل. وقد ظهر هذا التأثير في كتاباته نثرا ونظما. ومما ساعده على قيام ثورته الفكرية انصرافه بشغف شديد إلى المطالعة في آداب اللغة الفرنسية، وقد كان قلبه في ذلك الوقت غيورا على إصلاح المسرح المصري والأدب المصري؛ حيث رأى في فرنسا ما أعجبه وجعله يحس النقص الهائل والفرق العظيم بين أدبنا المصري والأدب الغربي؛ ولذا فقد غير كثيرا من مذاهبه القديمة التي أيقن بخطئها، وهذا أكبر داع جعله يهمل كتاباته في طوره الأول؛ لأن ما فيها من آراء قديمة يخالف مذهبه الجديد في طور انتقاله، ولأنها ليست في مستوى تفكيره الناضج الجديد.
وأهم ما كان يحلم بتحقيقه «تمصير الآداب» وجعلها تفيض بالصبغة المصرية والألوان المحلية، ودليلنا على ذلك ما نراه في رواياته المسرحية وقطعه النثرية من ظهور الروح المصرية بينة واضحة.
الطور الثالث
وبينما كان الفقيد بمصر يمضي بها إجازة الصيف؛ إذ أعلنت الحرب العظمى فلم يستطع العودة ليتم دروسه.
অজানা পৃষ্ঠা