তারিখ উম্মা কাসর রাশিদুন
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
জনগুলি
وفي الصباح زحف المسلمون يتقدمهم المرقال، وانتدب سعد القعقاع لقتل الفيل الأبيض الأكبر، كما انتدب آخرين لقتل الفيلة الأخرى وفقء عيونها، وحمي الوطيس واشتدت المعركة وقتل من الجانبين جمع كبير، ولكن الغلبة كانت للمسلمين، وقد أبلى فيها بنو أسد خير البلاء، واستمر القتال إلى ساعة متأخرة من الليل بل إلى الصباح، وكان القعقاع ينادي: إن الدائرة تكون لمن صبر ساعة، فاصبروا ساعة فإن النصر لمن صبر، واستمر القتال إلى الظهيرة، فأخذت كفة المسلمين ترجح، وأخذ الفرس يتقهقرون، وكان أول من زال عن موضعه من قواد الفرس «الهرمزان» و«الفيرزان»، ثم حمل هلال بن علقة بنفسه على القلب حيث رستم، فاستطاع أن يصل إليه ويقتله، فلما رأى قومه ذلك أخذوا يتسللون ويهربون وينهزمون، وأخذ ضرار بن الخطاب الراية الفارسية العظمى «درفش كابيان»، وانتهى اليوم والنصر معقود لواؤه للمسلمين، ويسمى هذا اليوم «يوم عماس»، وليلته «ليلة القادسية»، وبعد تمام الهزيمة وتضعضع الجند الفارسي أمر سعد بجمع الأسلاب والغنائم، وكانت لا تكاد تحصر، فقسمها سعد كما أمر الله، وهنأ الجند الإسلامي بهذا الفوز الباهر، وكتب إلى عمر يبشره ويبعث إليه بالخمس، وكان عمر يخرج كل يوم إلى ضواحي المدينة يتنسم الأخبار حتى يرده حر الظهيرة، فلما جاءه البشير لاقاه عمر وهو يسير سيرا حثيثا، فسأله عمر: من أين؟ فأخبره الرجل أنه آت من قبل سعد، فقال: يا عبد الله، حدثني ، فقال: هزم الله المشركين، وعمر يخب وراءه والرجل لا يعرفه حتى دخل المدينة، فإذا الناس يسلمون عليه بإمرة المؤمنين، فقال البشير: هلا أخبرتني رحمك الله يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لا بأس عليك يا أخي، وكان في كتاب سعد إلى عمر قوله: «أما بعد فإن الله نصرنا على أهل فارس، ومنحهم سنن من كان قبلهم من أهل دينهم بعد قتال طويل، ونزال شديد، وقد لقوا من المسلمين ما لم ير الراءون مثله، فلم ينفعهم الله بذلك بل سلبهموه ونقله عنهم إلى المسلمين، واتبعهم المسلمون على الأنهار وعلى ضفاف الآجام وفي الفجاج، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ، وفلان وفلان، ورجال من المسلمين لا نعلمهم الله بهم عالم كانوا يدوون بالقرآن إذا جن عليهم الليل دوي النحل، وهم آساد الناس لا تشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقي إلا بفضل الشهادة إذا لم تكتب لهم.»
وكانت هذه المعركة هي المعركة الفاصلة للفتح الإسلامي في بلاد فارس، وقد قتل فيها من أبطال فارس ورجالاتهم عدد عظيم، وأقام سعد بعدها بالقادسية شهرين ينتظر أمر عمر حتى جاءه الأمر بالسير إلى المدائن وفتحها، وتخليف النساء والعيال بالعتيق مع جند يحوطهم، وأمره أن يشركهم في كل مغنم ما داموا يخلفون المسلمين في عيالهم، ففعل. ثم سار سعد بالجيش يتتبع فلول المنهزمين عند «بروس»، ففتحوها وهزموا من فيها، ثم ساروا نحو «بابل» ففتحوها وهزموا من فيها أيضا، وهرب «الهرمزان» إلى الأهواز، و«الفيرزان» إلى نهاوند.
ثم سار سعد فافتتح «كوثى» و«ساباط» وساروا نحو «المدائن»، ولما رأوا إيوان كسرى تذكروا وعد رسول الله لهم بفتح إيوان كسرى، فقويت قلوبهم، ونادى ضرار بن الخطاب: الله أكبر، هذا أبيض كسرى، هذا ما وعد الله وصدق رسوله، وكبر وكبر المسلمون، وحاصر سعد المدينة في ذي الحجة من سنة 14ه، وكتب إلى عمر يبشره ويخبره ويستشيره في أمر فلاحي السواد، فجمع عمر أهل الشورى من المسلمين في المسجد، وخطبهم فقال: «إنه من يعمل بالهوى والمعصية يسقط حظه، ولا يضر إلا نفسه، ومن يتبع وينته إلى الشرائع ويلزم سبيل النهج ابتغاء ما وعد الله لأهل الطاعة أصاب أجره وظفر بحظه، وقد ظفر أهل الأيام والقوادس بما يليهم، وجلا أهله، وأتاهم من أقام على عهدهم، فما رأيكم فيما زعم أنه استكره وحشر، وفيمن لم يدع ذلك ولم يقم وجلا، وفيمن أقام ولم يدع شيئا ولم يحل، وفيمن استسلم؟» فأجمعوا على الوفاء لمن أقام وكف ولم يزده غلبه إلا خيرا، وأن من ادعى فصدق أو وفى فبمنزلتهم، وإن كذب نبذ إليهم وأعادوا صلحهم، وأن يجعل أمر من جلا إليهم، فإن شاءوا دعوهم وكانوا لهم ذمة، وإن شاءوا أتموا على منعهم من أرضهم، ولم يعطوا إلا القتال، وأن يخيروا من أقام واستسلم بهذا الجزاء والجلاء.
فكتب عمر إلى سعد بذلك، فخلى سعد عن الفلاحين، وأرسل إلى الدهاقين، ودعاهم إلى الإسلام أو الجزية ولهم الذمة، فتراجعوا إلى ديارهم، ولم يبق غربي دجلة سوادي إلا دخل ذمة المسلمين، وفرح الأعاجم بذلك، ولما اشتد الحصار على المدائن القريبة نزلها «يزدجرد» ولحق بالمدائن الشرقية، فرأى سعد أن يعبر النهر، فعبره هو وجمع من أبطال المسلمين، فلما رأى الفرس ذلك اضطرب يزدجرد، ورأى أن لا مفر له من الهرب والنجاة بنفسه، فقصد حلوان، ودخل سعد وإخوانه المدائن، وحلوا في القصر الأبيض، فصلى فيه، وقرأ قوله تعالى:
كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم .
ثم أخذ يجمع الأسلاب والغنائم، وأصاب الفارس اثني عشر ألفا، وصارت المدائن قاعدة الأعمال الحربية في العراق والمشرق، وأقيمت فيها أول جمعة في صفر من سنة 16ه، وبعث سعد بالأخماس وذخائر كسرى إلى عمر، ومنها بساط كان لكسرى طوله ستون ذراعا في ستين، ونفائس أخرى كثيرة، وأفاء الله على المسلمين ما كان لكسرى ولآله ، وما كان في بيوت النيران، وبعث عمر إلى سعد بولاية الصلاة على كل مسلم من ملل فارس، وولى على الخراج النعمان بن مقرن على ما سقت دجلة، وولى أخاه سويدا على ما سقى الفرات، ثم استعفياه، فولى على ذلك حذيفة بن أسيد، وجابر بن عمرو المزني، ثم عزلهما، وولى عملهما حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف.
ثم أخذ سعد يتبع فلول الفرس الذين لجئوا إلى «جلولاء» وقد تحصنوا بخندقها، فهجم عليه القعقاع في صفر من سنة 16ه فقاتلهم قتالا مريرا وفتك بهم، فهرب قادتهم إلى «خانقين» فتبعهم المسلمون، وعلم سعد أن يزدجرد ترك «حلوان» إلى «الري»، فبعث من احتل «حلوان» وفتح «نينوى» و«الموصل»، وهكذا سيطر سعد على العراقين العربي والعجمي، وانحصر الفرس في بلادهم، فكتب سعد إلى عمر يسأله في لحاق الفرس إلى داخل بلادهم، فكتب إليه عمر ينهاه عن التوغل، وقال له في كتاب: «وددت أن بين السواد والجبل سدا حصينا من ريف السواد؛ فقد آثرت سلامة المسلمين على الفيء والأخماس.» ثم بلغ سعدا أن جمعا عظيما من الفرس تجمعوا للقائه بسهل «ماسبذان»، فأرسل إليهم ضرار بن الخطاب الفهري، فشتت شملهم وأقام بماسبذان مرابطا، وراح سعد يرتب أمور السواد ويتمم تخطيط الكوفة، كما سنرى تفصيله بعد. (3) في فتوح إيران
كانت أول هجمة عربية على أراضي القادسية هي محاولة العلاء بن عبد الله الحضرمي أمير البحرين الذي تولاها أيام الرسول وأبي بكر وعمر، فإنه لما رأى فتوح سعد بن أبي وقاص في العراق أراد هو أن يوجه إليهم بجند يغزونهم من البحر، فبعث ثلاث فرق لفتح الخليج الفارسي، على إحداها الجارود بن المعلى العبدي، وعلى الثانية السوار بن همام، وعلى الثالثة خليد بن المنذر بن ساوى، ولكن مما يؤسف له أن هذا العمل كان نوعا من المغامرة التي لم يستشر فيها الخليفة عمر؛ فقد كان يرهب البحر على العرب، ولا يرى أن يغامر العرب في الدخول إليه والمحاربة فيه، ولما سارت سفن المسلمين نحو «برسوبوليس» لقيهم الفرس في جمع عظيم، وحالوا دون وصول المراكب الإسلامية إلى الميناء، فقام خليد في الناس فقال: أما بعد فإن الله إذا أراد أمرا جرت به المقادير حتى تصيبه، وإن هؤلاء القوم لم يزيدوا بما صنعوا على أن دعوكم إلى حربهم، وإنما جئتم والسفن والأرض لمن غلب،
واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ، فأجابوه إلى ذلك، فصلوا الظهر، ثم ناشدهم فاقتتلوا قتالا شديدا، ودارت الدائرة على المسلمين، فهلك منهم السوار والجارود، ولما أراد المسلمون الرجوع إلى بلادهم عن طريق البر لم يمكنهم الفرس، فحصروهم من كل جانب، وبلغ عمر ما فعله العلاء، فغضب عليه أشد الغضب، وكتب إليه يعزله ويتوعده.
ثم كتب إلى سعد يؤمره على العلاء ويطلب إلى عتيبة بن غزوان أمير البصرة أن ينقذ المسلمين، فبعث إليهم اثني عشر ألف مقاتل، وجعل عليهم أبا سبرة بن أبي رهم، فسار حتى التقى بالفرس فقاتلهم حتى هزمهم واستخلص المسلمين المحصورين، وغنم مغانم كثيرة، واستأذن عتيبة عمر في الحج فأذن له، فلما قضى حجه استعفاه، فأبى أن يعفيه، وعزم عليه ليرجعن إلى عمله، فهلك في الطريق. وبعد أن تم لعتيبة استخلاص الجند الإسلامي علم أن الهرمزان الذي كان انهزم من القادسية ولجأ إلى الأهواز قد أخذ يهيئ جيشا لغزو المسلمين، كتب عتيبة إلى عمر يخبره بخبره، فكتب عمر إلى سعد أمير الكوفة أن يمد عتيبة بجيش، فبعث إليه فرقة من المقاتلين الأبطال، عليهم نعيم بن مقرن، ونعيم بن مسعود، وأمرهما أن يأتيا إلى «ميسان» حتى يكونا بين البصر، ويدعوا من يقيم هناك من العرب ليكونوا مع المسلمين في قتال الفرس، فتجمع الكل ولاقوا «الهرمزان» فهزموه، ودخل «خوزستان» وكتب فيها يطلب الصلح، فصولح على ما دون «الأهواز» و«مناذر» و«نهر تيري»، وكان ذلك الصلح في السنة السابعة عشرة، وكتب عتيبة بذلك إلى عمر، ووفد إليه وفدا من وجوه أهل البصرة وفيهم الأحنف بن قيس، فلما قدموا على عمر رحب بهم وسألهم حاجاتهم، فطلبوا لأنفسهم ما يريدون إلا الأحنف، فإنه قال: يا أمير المؤمنين ، إنك لقد يعزب عنك ما يحق علينا إنهاؤه إليك مما فيه صلاح العامة، وإنما ينظر الوالي فيما غاب عنه بأعين أهل الخير ويسمع بآذانهم، وإنا لم ننزل منزلا بعد منزل حتى أرزنا، وإن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حدقة البعير الفاسقة من العيون العذاب والجنان الخصاب، فتأتيهم ثمارهم ولم تخضد، وإنا معشر أهل البصرة نزلنا سبخة هشاشة زعقة نشاشة طرف لها في الفلاة، وطرف لها في البحر الأجاج.
অজানা পৃষ্ঠা