তারিখ উম্মা কাসর রাশিদুন
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
জনগুলি
فأرسل سعد جماعة من الأشراف العقلاء منهم النعمان بن مقرن، وقيس بن زرارة، والأشعث بن قيس، وعاصم بن عمرو، وفرات بن حيان، وعمرو بن معديكرب، والمغيرة بن شعبة يدعون رستم، فلما وصلوا المدائن ودخلوا على «يزدجرد» سألهم عما جاء بهم، ودعاهم إلى غزو الفرس، فقال النعمان بن مقرن: «إن الله رحمنا، فأرسل إلينا رسولا يأمرنا بالخير وينهانا عن الشر، ووعدنا على إجابته خير الدنيا والآخرة، فلم يدع قبيلة إلا قاربه منها فرقة وتباعد عنه منها فرقة، ثم أمر أن نبتدئ بمن خالفه من العرب، فبدأنا، فدخلوا معه على وجهين: مكره عليه فاغتبط، وطائع فازداد، فعرفنا جميعا فضل ما جاء به على الذي كنا عليه من العداوة والضيق، ثم أمر أن نبتدئ بمن جاورنا من الأمم فندعوهم إلى الإنصاف، فنحن ندعوكم إلى ديننا، وهو دين حسن الحسن، وقبح القبيح كله، فإن أبيتم فأمر من الشر أهون من آخر شر منه الجزية، فإن أبيتم فالمناجزة، فإن أجبتم إلى ديننا خلفنا فيكم كتاب الله وأقمنا على أن تحكموا بأحكامه، ونرجع عنكم وشأنكم وبلادكم، وإن بذلتم الجزاء قبلنا منكم ومنعناكم، وإلا قاتلناكم.» فقال يزدجرد: «إني لا أعلم أمة في الأرض كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم؛ فقد كنا نوكل بكم قرى الضواحي فيكفونا أمركم، ولا تطمعوا أن تقوموا لفارس، فإن كان غرور لحقكم فلا يغركم منا، وإن كان الجهد فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم.» فقام قيس بن زرارة، فقال: «أما ما ذكرت من سوء الحال، فكما وصفت وأشد، ثم ذكر شيئا من عيش العرب ورحمة الله لهم بإرسال النبي
صلى الله عليه وسلم
كما قال النعمان، ثم قال ... اختر إما الجزية وأنت صاغر، أو السيف، وإلا فنج نفسك بالإسلام.» فقال يزدجرد: «لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم، لا شيء لكم عندي.»
ثم استدعى بوقر من تراب، وقال لجنده: احملوه على ظهر أشرف هؤلاء، ثم سوقوه حتى يخرج من باب المدائن، فقام عاصم بن عمرو فقال: أنا أشرفهم، وأخذ التراب فحمله وخرج إلى راحلته فركبها، ولما وصل إلى سعد قال له: أبشر، فوالله قد أعطانا الله إقليد ملكهم، ثم إن رستم خرج بجيشه الهائل الذي قيل إنه بلغ مائة ألف أو يزيدون من «ساباط»، فلما بلغ «كوثى» لقيه رجل من العرب، فقال له رستم: ما جاء بكم؟ وماذا تطلبون منا؟ قال: جئنا نطلب موعود الله، أرضكم وأبناءكم إن أبيتم أن تسلموا، قال رستم: فإن قتلتم قبل ذلك؟ قال: من قتل منا دخل الجنة، ومن بقي أنجزه الله وعده، فنحن على يقين، فقال رستم: قد وضعنا إذا في أيديكم، قال: ويحك يا رستم! إن أعمالكم وضعتكم فأسلمكم الله بها، فلا يغرنك ما ترى حولك، فإنك لست تجادل الإنس، إنما تجادل القضاء والقدر، فاستشاط وأمر فضربت عنقه، وخرج رستم من «كوثى» حتى نزل «برس»، فأخذ جنده يغصبون أموال الناس، ويقعون على النساء، ويشربون الخمور، حتى ضج الناس واشتكوا إلى رستم ، فخطب جنده وقال لهم فيما قال: «والله لقد صدق العرب، والله ما أسلمنا إلا أعمالنا والله للعرب في هؤلاء وهم لهم ولنا حرب أحسن سيرة منكم، إن الله كان ينصركم على العدو ويمكن لكم في البلاد بحسن السيرة وكف الظلم والوفاء بالعهود والإحسان، فأما إذا تحولتم عن ذلك لهذه الأعمال، فلا أرى الله إلا مغيرا ما بكم، وما أنا بآمن من أن ينزع الله سلطانه منكم.» ثم بعث الرجال فأتوه من اشتكي منه فضرب أعناقهم، ثم سار حتى نزل حيال «النجف» قرب «الخورنق»، ودعا أهل «الحيرة» فأوعدهم وهددهم، فقال ابن بقيلة أميرها: لا تجمع علينا اثنتين أن تعجز نصرتنا وتلومنا على الدفع عن أنفسنا وبلادنا، فسكت.
ثم إن سعدا بعث عمرو بن معد يكرب الزبيدي وطليحة بن خويلد الأسدي يستكشفان خبر الجيش مع عشرة رجال، فلم يسيروا طويلا حتى رأوا العدو منتشرا على الطفوف والبقاع، فرجعوا إلا طليحة، فإنه ظل ماشيا حتى دخل بين العدو وعلم خبره، ورجع إلى سعد، فأخبر خبر القوم وأحوالهم، ثم إن رستم سار بجيوشه من أرض «الحيرة» حتى نزل «القادسية» عند «العتيق»، وهو جسر القادسية، وليس بينهم وبين المسلمين إلا النهر، وكان مع الفرس ثلاثة وثلاثون فيلا: ثمانية عشر فيلا مع رستم، وخمسة عشر فيلا مع الجالينوس، منها فيل سابور الأبيض.
ثم إن رستم بعث إلى سعد أن أرسل إلينا رجلا نكلمه، فبعث إليه ربعي بن عامر، فجاءه وقد جلس على سرير من ذهب، بسطت النمارق والزرابي من حوله، والوسائد المذهبة والأبسطة المزركشة تحيط بمجلسه، فأقبل ربعي على فرسه وسيفه في خرقة بالية، ورمحه مشدود بعصب، فلما انتهى إلى البساط الكسروي وطئه بفرسه، ثم نزل عنها وربطها بوسادتين شقهما وجعل الحبل بينهما، ثم أخذ عباءة فاشتملها، فأشاروا عليه بوضع سلاحه فأبى، وقال: لو أتيتكم فعلت ذلك بأمركم، ولكنكم أنتم دعوتموني، ثم أقبل يتوكأ على رمحه ويقارب من خطوه ويسير بخيلاء حتى دخل على رستم، فلما دنا منه جلس على الأرض، وركز رمحه على البساط، فقال له رستم: ما جاء بكم؟ فقال: الله جاء بنا لنخرج من شاء من العباد إلى عبادة الله، من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه، يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي، فقال رستم: قد سمعت مقالكم، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحب إليكم أيوما أو يومين؟ قال: بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساءنا، فقال: إن مما سن لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وعمل به أئمتنا ألا نمكن الأعداء من آذاننا، ولا نؤجلهم عند اللقاء أكثر من ثلاث بعد الأجل، اختر الإسلام وندعك وأرضك، أو الجزاء فنقبل ونكف عنك، وإن كنت عن نصرنا غنيا تركناك، وإن كنت محتاجا إليه منعناك، أو المنابذة في اليوم الرابع، ولسنا نبدؤك فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا أن تبدأنا، أنا كفيل بذلك عن أصحابي وعلى جميع من ترى، قال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمين كالجسد الواحد بعضهم من بعض يجير أدناهم على أعلاهم.
ثم خلا رستم برؤساء قومه، فقال: ما ترون؟ هل رأيتم كلاما قط أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل؟ قالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك لهذا الكلب، أما ترى ثيابه؟ فقال: ويحكم! لا تنظروا إلى الثياب، ولكن انظروا إلى الكلام والرأي والسيرة، إن العرب لتستخف باللباس والمأكل، وينظرون إلى الأعمال ويصونون الأحساب، ليسوا مثلكم في اللباس، فلما كان الغد بعث رستم إلى سعد أن أرسل إلينا ذلك الرجل، فبعث إليهم حذيفة بن محصن، فأقبل في نحو من ذلك الزي حتى وقف أمام رستم وهو على عرشه، فقال له: أين صاحبنا الذي جاء بالأمس؟ فقال: إن أميرنا يحب أن يعدل بيننا في الشدة والرخاء، فهذه نوبتي، ثم كلمه بمثل ما تكلم به ربعي، ثم ذهب، فلما كان اليوم الثالث طلبوا شخصا يكلمونه، فبعث إليه سعد بالمغيرة بن شعبة، فلما قدم عليه دخل وجلس معه على السرير، فوثبوا عليه وأنزلوه، فقال: ويحكم! كانت تبلغنا عنكم الأحلام ولا أرى قوما أسفه منكم، إنا معشر العرب سواء، لا يستعبد بعضنا بعضا إلا أن يكون محاربا، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى، وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض، وأن هذا الأمر لا يستقيم فيكم فلا نصنعه، ولم آتكم ولكن دعوتموني، اليوم علمت أن أمركم مضمحل وأنكم مغلوبون، وأن ملكا لا يقوم على هذه السيرة، ثم تكلم بكلام طويل شبيه بما قاله أخواه السابقان وذهب، فخلا رستم بقومه وتذاكروا طويلا، ثم أجمعوا على الحرب والمنابذة، وأن يعبروا نهر العتيق، فعبروا.
وعبأ «رستم» جيشه وجعل بينه وبين «يزدجرد» بريدا يخبره بالحوادث توا، وعبأ سعد جنده وأرسل القصاص يحضون الناس على الاستشهاد في سبيل الله، وأمرهم بقراءة «سورة الأنفال»، وخطبهم سعد فقال: الزموا مصافكم، فإذا صليت الظهر فإني مكبر، فإذا كبرت فكبروا واستعدوا، وإذا كبرت الثانية فكبروا والبسوا عدتكم، وإذا كبرت الثالثة فكبروا ونشطوا الناس، وإذا كبرت الرابعة فارجعوا حتى تخالطوا عدوكم، وقولوا: «لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم» وكان ذلك في محرم سنة 14ه، فلما كبر سعد تكبيرته الرابعة خرج أهل النجدات ونشب القتال وعظم جهاد المسلمين، فأبلوا أحسن البلاء، ولم يكن أشد عليهم من الفيلة، فدارت رحى الحرب على بني أسد والفيلة تفتك بهم، فأرسل سعد إلى عاصم بن عمرو زعيم بني تميم أن ينظر حيلة للفيلة، فنادى رماة قومه فقال لهم: افقئوا أعين الفيلة عنهم بالنبل، وقال لآخرين: استدبروا الفيلة فاقطعوا وضنها - حازم أقتابها - ففعلوا ذلك، وصاحت الفيلة، فقتل أصحابها، واستمرت المعركة إلى أن غربت الشمس، فانفض الجيشان، وكان هذا اليوم أول يوم من أيام القادسية، ويسمى «يوم أرماث»، وتسمى ليلته «ليلة الهدأة»؛ لأنه لم يحصل فيها قتال، وعني سعد في الليل بالجرحى، فوكل بهم من يواسيهم ويداويهم، وبالقتلى من يدفنهم، ولما أصبح الصباح عبأ جيشه كما كان بالأمس، وبينما كان يهيئ جنده للزحف رأى مددا أقبل عليه من عند أبي عبيدة عامر بن الجراح بأمر عمر بن الخطاب، وكان على المدد هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الملقب بالمرقال، ومعه القعقاع بن عمرو، فضربت بذلك حقوب المسلمين، ولم يكد القعقاع يصل حتى برز يطلب النزال، فنزل إليه ذو الحاجب صاحب وقعة الجسر، ونادى يا لثارات أبي عبيد وأصحاب الجسر، ثم تضاربا فقتل القعقاع ذا الحاجب، واستبشر المسلمون بقتله، ثم حمي الوطيس وألبس المسلمون إبلهم الأقتاب المجللة المرقعة يتشبهون بالفيلة، فلقيت فيها خيل الفرس ما لاقت خيول المسلمين من الفيلة، وأظهر القعقاع في ذلك اليوم جرأة رائعة، واستمر القتال إلى منتصف الليل، وتسمى هذه الليلة «الليلة السوداء»، ويسمى يومها «يوم أغواث»، وهو اليوم الثاني من أيام القادسية.
অজানা পৃষ্ঠা