তারিখ উম্মা কাসর রাশিদুন
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
জনগুলি
أما بعد، فهذه فتوح سيف الله في العراق، وهي - كما رأينا - فتوح خاطفة، فاز بها المسلمون بفضل عزم خالد وحنكته العسكرية وجرأته؛ فقد كان يقود الجيوش ويتقدمها بنفسه، ويبارز قواد خصومه فيفتك بهم ويشتت جموعهم. ومما هو جدير بالذكر أن العراق لم يكن غريبا عن المسلمين؛ فإن كثيرا منهم زاروه في الجاهلية واتصلوا بأعرابه وتاجروا إليهم. وقد كان العرب المقيمون فيه من بني تغلب وبكر وربيعة ذوي صلات بعرب الحجاز ونجد لعلاقاتهم الاقتصادية والدينية الجاهلية، وكان المظنون أن هؤلاء العرب سيقفون مع إخوانهم من عرب الحجاز ضد الفرس لجامعة اللغة ورابطة الدم، ولكن الفرس تمكنوا من اجتذابهم إليهم ظنا منهم أنهم سيفيدونهم في تشتت شمل المسلمين، ولكن خاب ظنهم فانكسروا هم وحلفاؤهم أمام الفتح الإسلامي الكاسح. ولا عجب في ذلك؛ لأن جيش خالد كان مؤلفا من خير قبائل العرب، بل من أفاضل المهاجرين والأنصار الذين أبلوا أفضل البلاء في غزوات النبي الكريم وحروب الردة ممن لم يدخل في قلوبهم زيغ ولا مرض، ولا اعتورهم شك في صدق الدعوة الإسلامية والتفاني في نشر لوائها عاليا والاندفاع في الحماسة لها؛ فقد كان في جيش خالد جماعة من كبار الصحابة والقراء، وكان خالد يعتز بهم ويفخر بقيادتهم، ويسأل الله دوما أن ينصره ببركتهم.
ولما بعث إليه أبو بكر يعفيه من قيادة العراق وأمره أن يستخلف المثنى بن حارثة الشيباني ويتوجه إلى الشام أحضر خالد صحابة رسول الله الذين كانوا في جيشه وأراد الانفصال بهم إلى الشام، فلم يقبل المثنى بن حارثة، وقال لخالد: والله لا أقيم إلا على إنفاذ أمر أبي بكر في استصحاب نصف الصحابة.
18
وقد كان لهؤلاء الصحابة الكرام، فضلا عن الفتح المادي للعراق، فتح روحي؛ فقد عملوا على نشر مبادئ الإسلام في المواطن التي حلوا فيها منذ زمن مبكر جدا. ويظهر أن قسما كبيرا من العرب وبعض الفرس - المقيمين في العراق - قد أعلنوا دخولهم في الإسلام، ولم يستقم على النصرانية إلا تغلب أو بعضها ونفر من تنوخ وإياد.
ويحدثنا الطبري أن خالدا حين ندب إلى الشام استخلف المثنى بن حارثة على من أسلم بالعراق من ربيعة وغيرهم، ولما سار خالد إلى الشام خرج المثنى من الحيرة حتى أتى بابل، فلقيه جيش هرمز في جيش كبير من الفرس واقتتلا قتالا شديدا وانهزم هرمز، وبلغت أخباره مسامع الملك «شهريران بن أردشير»، فاغتم لذلك أشد الغم، ثم إنه مرض ولم يطل عهده حتى مات، وكثرت الاختلافات الداخلية في بلاده، وصار غربي الفرات كله تحت السيطرة الإسلامية فانشغلوا عن المسلمين. ولما تم للمثنى فتح بابل ونشر سلطانه على ما بقي من أراضي العراق معه تأخر عليه رسل أبي بكر، فاستخلف على جيشه بشير بن الخصاصية وتوجه إلى المدينة يستأذن أبا بكر في الاستعانة بمن حسنت سيرته من أهل الردة، فلما وصل المدينة وجد أن أبا بكر قد مرض، فلما دخل على أبي بكر رحب به، وقال لعمر: إني لأرجو أن أموت يومي هذا، فإذا مت فلا تمسين حتى تندب الناس مع المثنى، ولا تشغلكم مصيبته عن أمر دينكم ووصية ربكم؛ فقد رأيتني يوم وفاة رسول الله وما صنعته، وما أصيب الخلق بمثله، وإذا فتح الله على أهل الشام فاردد أهل العراق إلى عراقهم، فإنهم أهله وولاة أمره، وأهل الجرأة عليهم. ثم توفاه الله فعمل عمر بوصيته كما سنرى تفصيله بعد في الفصل الخاص بعهد عمر (رضي الله عنه). (3-2) فتوح الشام
توطئة عن بلاد الشام في أواخر عهد البيزنطيين
كانت بلاد الشام تحت السيطرة البيزنطية، وكانت في أواخر عهدهم في حالة سيئة من النواحي الاقتصادية والسياسية والدينية، وكان السكان يلاقون ويلات جساما من الطغاة البيزنطيين. وقد أحس جيرانهم الفرس بفساد البلاد فأخذوا يشنون عليها الغارة تلو الغارة للسيطرة عليها ووضعها تحت حمايتهم، وقد كان الربع الأول من القرن السابع الميلادي فترة مشئومة على بلاد الشام؛ لأنها أصبحت ميدانا للحروب بين الفرس والروم، وقد رأى عاهلا المملكتين أن يضعا حدا لتلك الحروب، فعقد «شيرويه» إمبراطور الفرس صلحا مع «هرقل» إمبراطور الروم في سنة 628م، ورد إليه جميع من كانوا في حوزته من أسرى الروم، كما أعاد إليه خشبة الصليب المقدس التي كان القائد الفارسي «سربار» أخذها في حملته على القدس في سنة 614م، وقد استبشر الروم بعودة خشبة الصليب المقدس كثيرا، واحتفلوا بذلك احتفالات باهرة وبالغوا في تكريم هرقل الذي تم ذلك على يديه، فأدخلوه القسطنطينية في مظهر بهيج واحتفال كبير، ورأى هرقل أن يزور القدس ليشكر الله على تلك النعمة، واتخذ يوم الرد عيدا كنسيا ما يزال النصارى في سورية من روم وموارنة يحتفلون به في كل يوم 14 أيلول.
19
ولما دخل هرقل القدس طرد جميع من فيها من اليهود وحرم عليهم أن يقربوا منها، وأن تكون مسافتهم بعيدة عنها ثلاثة أميال، وهكذا استطاع هرقل أن يعيد إلى البلاد بعض هدوئها وطمأنينتها، ولكنه ما عتم أن انغمس في اللهو والعسف؛ فقد اتخذ مدينة حمص الجميلة مباءة للهوه وفسقه، وعاد الناس يقاسون منه ومن حكامه ما كانوا يلاقون منهم من ذي قبل، وبينما كان أهل الشام يعانون الويلات من فساد الإدارة البيزنطية على يد هرقل وعصابته إذا هم يسمعون بأنباء السيل الإسلامي العربي في جنوب بلاد الشام أواخر عهد رسول الله محمد
صلى الله عليه وسلم
অজানা পৃষ্ঠা